الشريعة بين الثابت والمتغير

الدين هو نمط حياه .. يلتزم به الانسان .. فهما و سلوكا .. وفق مراد الله .

و الدين .. عقيده و شريعه .

العقيده هى ما عقد فى القلب .. فلا يكون هناك حاجه .. لمعاوده استعمال العقل بشأنه .

و نعنى بالعقيدة أصول الإيمان.. الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر... إلى آخره،

اما الشريعة فهي المنهج الربانى الذى يضبط علاقة الناس بالله وعلاقتهم بعضهم ببعض،

هذا المنهج جاء به القرآن وجاءت به السنة النبوية .

شرح الفقهاء المنهج واستنبطوا فيما لا نص فيه

فكوّنوا الفقه الإسلامي،

فالشريعة هي وحي الله،

أما الفقه فهو عمل العقل الإسلامي في فهم هذا الوحي والاستنباط منه لضبط وقائع الحياة وفق أمر الله تعالى ونهيه كما يفهمها العالِم المسلم، ولذلك قد يختلف الفقهاء بعضهم مع بعض

والفقه منه ما هو قطعي ومنه ما هو ظني،

ومنه ما هو من الأصول ومنه ما هو من الفروع،

منه ما هو من الكليات ومنه ما هو من الجزئيات،

فداخل هذا الفقه توجد الشريعة الإسلاميه ..

فالشريعة هي الجزء الثابت الذي لا خلاف عليه، ويمثل مجموعة معينة من الأحكام القطعية ..

وهذه الأحكام هي التي عليها مدار بقية الأحكام .. وما يجري من اجتهادات فرعية لا بد من أن تكون في إطار هذه الأصول الكلية .. بحيث لا تتصادم ولا تتناقض معها .. فهذا شأن الفقه مع الشريعة.

وعندما نقول بأن الدين عقيدة وشريعة،

نعنى بالعقيدة أصول الإيمان.. الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر... إلى آخره،

وهذه لا تغير فيها، حيث إن الله واحد وسيظل واحدا، الله بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، هذه أشياء ثابتة في آخرها جنة ونار، هذه لا تغير فيها،

ولذلك الثبات أصل في العقيدة،

اما الشريعة فتجمع بين الثبات والتطور أو الثبات والمرونة أو الثبات والتغير،

**** الثابت فى الشريعه

اولا : مقاصد الشريعه ، و تهدف إلى تحقيق مقاصد معينة

مثل المحافظة على الدين، المحافظة على النفس، المحافظة على النسل، المحافظة على العقل، المحافظة على المال،

وهو ما يطلق عليه الكليات الخمس، هذه مقاصد لا تختلف ولا تتغير بتغير الزمان والمكان.

وتضبط القواعد الكلية أحكام الشريعة والاستنباط منها،

ثانيا : القواعد الشرعيه

مثل : أن الأمور بمقاصدها، المشقة تجلب التيسير، لا ضرر ولا ضرار، الضرورات تبيح المحظورات، العادة محكمة

.. قضايا كثيرة اسمها القواعد الشرعية،

هذه أيضا ثابتة لأنها مبنية على استقراء أحكام كثيرة حتى قُننت هكذا

ثالثا : الأحكام قطعية الثبوت قطعية الدلالة، وهذه لا مجال للاجتهاد فيها،

لا يدخلها التطور ولا التغير ولا التجديد، وهي التي تمثل الثوابت، ونقصد بها الثوابت الشرعية،

إذ إن الصلوات خمس والزكاة ركنان من أركان الإسلام، والزكاة تصرف في كذا وكذا.. وهناك الحج مرة في العمر، والزنا محرم، والربا محرم... وكذا،

هذه أحكام ثابتة لا تختلف باختلاف الزمان ولا المكان ولا بتغير العصر ولا تغير البيئة،

هي في القرن الأول مثل القرن الخامس عشر مثل القرن الخمسين.. هذه أحكام ثابتة،

**** المتغير ( المرن ) فى الشريعه

اولا : الفروع

معظم أحكام الشريعة فرعيات اختلفت فيها الأفهام،

وتنوعت في الاستنباط منها المدارس المختلفة،

المذاهب السنية الأربعة ومذاهب الشيعة ومذهب الإباضية ومذهب الظاهرية والأئمة والفقهاء الذين ليس لهم مذهب متبوع،

اختلف هؤلاء وهذا الاختلاف من رحمة الله بالأمة؛ لأنه يعطيها فرصة للاختيار،

فقد يصلح رأي لزمن ولا يصلح لآخر، ويصلح لبلد ولا يصلح لآخر، ويصلح في حالة ولا يصلح في أخرى.

ثانيا : منطقة العفو

هناك منطقة في الشريعة اسمها منطقة العفو .. ما معنى منطقة العفو؟

هي منطقة ليس فيها نصوص ملزمة، ليس فيها أوامر ولا نواهٍ تلزمنا بشيء، الله أرادها هكذا

كما جاء في بعض الأحاديث: "إن الله حد حدودا فلا تعتدوها، وفرض فرائض فلا تضيعوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وترك أشياء رحمة منه من غير نسيان فلا تبحثوا عنها".

تركها عمدا كما جاء في الحديث

: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم في كتابه فهو حرام، وما تركه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئا"، ثم تلا قول الله تعالى: ( (ومَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيا.(

من هنا أخذنا تسمية هذه المنطقة المسكوت عنها، واسمها منطقة العفو

منطقة فراغ من التشريع المُلزم،

فنستطيع أن نملأها بالقياس على المنصوص عليه، أو نملأها بمراعاة المصلحة المرسلة .. بمراعاة الاستحسان .. بمراعاة العرف.. أدلة كثيرة فيما لا نص فيه، وهذا من رحمة الله عز وجل

الخلاصه ..

يمكن للشريعة الإسلامية أن تجمع بين مفهوم الثبات والمرونة في ذات الوقت،

ويعني ذلك وجود ثبات في الأهداف ومرونة في الوسائل، ثبات في الأصول ومرونة في الفروع، ثبات في الكليات ومرونة في الجزئيات؛

ولذلك فإن الفقيه المجتهد في مشاكل وقضايا الأمة والمجتمع في زماننا هذا يجد أمامه فرصة لذلك؛

فكما أن هناك أمورا ثابتة هناك أمور قابلة للتغير،

والشريعة صالحة لكل زمان ومكان بأصولها قطعا، لأن التفاصيل يمكن أن تتغير،

الأربعة قرون الأولى كان فيها اجتهاد على كل مستوى،

وحتى الآن حقيقةً الاجتهاد مستمر على الرغم من أنه قد يضيق في بعض الأحيان ويتسع في بعض الأحيان،

ويزعم بعض الزاعمين أن باب الاجتهاد قد أغلق .. ولكن الاجتهاد ما زال مستمرا.

وردا على من يقول بأن الجانب البشري الاجتهادي من الفقه الإسلامي هو فقط القابل للتغير

أما الجانب الإلهي ويعنون بها النصوص فهي لا تقبل التغير،

أقول لهؤلاء ما معنى الجانب البشري والجانب الإلهي؟

هل يعني الجانب الإلهي النصوص .. النصوص لا بد من أن يفهمها بشر،

هناك نص من القرآن أو نص من السنة، كيف نأخذ هذا النص؟ لا بد من أن يفهمه البشر،

قال تعالى " أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا "

ما معنى لامستم النساء؟ هل لمس البشرة ووضع اليد، أم الملامسة كما قال ابن عباس: الملامسة والمس واللمس في القرآن كناية عن الجماع، إن الله كريم يكني عما شاء بما شاء.

هل هذا اللفظ يدل على الحقيقة أو يدل على المجاز؟

إذن فالمسألة ليست مسألة الجانب الإلهي والجانب البشري، إنما مسألة قطعي وظني،

القطعي الذي لا مجال للاجتهاد فيه، والظني هو مجال للاجتهادات المستمرة،

لا يستطيع أحد أن يوقف اجتهاد البشر في النصوص الظنية، فواحد يضيق وواحد يوسع، واحد ييسر وواحد يشدد،

واحد ينظر إلى مقصد النص وفحواه وواحد ينظر إلى ظاهر النص وحرفيته،

هذه طبيعة البشر في فهمهم النصوص مهما اختلفت.

ويفهم بعض الناس كلمة الاجتهاد في مورد النص

بأن النص أي الدليل الشرعي يعني الآية أو الحديث.

وهنا أود أن أوضح أن قول الأصوليين والفقهاء لا اجتهاد في مورد النص،

يعنى النص الأصولي الذي لا يحتمل وجها آخر في تفسيره؛ فالنص الأصولي ليس هناك اجتهاد إذا ورد،

اما غير ذلك فلا بد أن نجتهد.. هل نقبل النص أو لا نقبله، هل الحديث صحيح أم ضعيف؟

قد يختلف هذا في قبول الراوي، وقد يقول هذا: لا الراوي عندي غير ثقة،

قد يأخذ هذا بالمرسل وهذا لا يأخذ بالمرسل،

قد يقدم هذا الحديث على عمل أهل المدينة، ويقدم مالك عمل أهل المدينة على الحديث، وهكذا..

فقبول النص في فهم النص، والنص إذا كان بمعنى الدليل الشرعي أي إنه إذا كان عندنا آية واحدة، وجب الاجتهاد في فهمه .. كيف آخذه ولا أعرف ماذا يراد بهذا النص،

إنما النص الذي يقولون بأنه لا اجتهاد معه هو النص الأصولي على أرجح الأقوال وهو ما لا يحتمل وجها آخر في فهمه أو تفسيره .