الكفر فساد أخلاقي ينتج فسادا عقديا الكفر قضية أخلاقية, فالكفر فساد أخلاقي وليس فقط فساداً فكرياً؛ لأن الدين أخلاق أصلاً, فالكفر ليس حكايته معتقد بل أخلاق وسلوكيات سيئة, فالكفار الذين وصفهم الله في القرآن كفروا فضل الله عليهم أولاً، وأيضاً كفروا فضل الناس عليهم, فينافقون ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض ويقولون أننا مصلحين، وهم بخلاء وكذابون وتحرِّكهم المصالح ويدَّعون الأخلاق ويمنعون الماعون ويعتدون ويقتلون ومختالون فخورون متكبرون..إلخ, ولا ينطبق الحكم إلا باكتمال الصفات على أي شيء. حتى الخلل العقدي عند الكافر أساسه أخلاقي لأنه مبني على جحود وعدم شكر, وهذا عدم أخلاق ونسبة للفضل إلى من ليس له الفضل.



والأخلاق يحسها الجميع ويعرفها, وهذا الدين بني على المعروف الذي لا يلتبس على أحد وهو الخلق الفاضل, والكفر بني على المنكر الذي ينكره كل أحد وهو فساد الأخلاق, والدين أخلاق مع الخالق و المخلوقين والمخلوقات, ولا يكتمل خلق الإنسان حتى تكتمل هذه الحلقات الخلُقية الثلاث –مع الخالق, مع المخلوقين, مع المخلوقات- وإلا فعنده نقص أخلاقي مهما بلغ مستوى خلقه مع الناس أو مع البيئة والحيوانات أو تعظيمه لله بينما هو سيء مع المخلوقين والمخلوقات, وهكذا. لأن الخير واحد ولا يجتمع الخير مع الشر إلا في حالة اللبس.


القرآن ما ذكر الكافرين والمشركين إلا وذكر معهم سوء أخلاق, أي لم يذكر سوء أخلاقهم مع الخالق إلا وذكر سوء أخلاقهم مع المخلوقين, و الكتاب من عنوانه, وكذلك عندما تكلم عن الأمم السابقة المكذبة بالأنبياء من تطفيف أو قطع طريق أو عمل الفاحشة والشذوذ الجنسي أو الظلم ..إلخ. سوء الأخلاق واحد, ولا يمكن أن يكون إنسان حسن الأخلاق مع الله وسيء الأخلاق مع الناس أو العكس.

وإذا كان الإنسان حسن الخلق مع الناس فعلاً دون نفاق فليس من المستحيل أن يغير ويعدل تعامله مع ربه إذا تذكر وفهم, وحينها يكون بحاجة إلى تبيين وتوضيح أكثر يزيل عنه الأفكار والشبهات السيئة. إذا وُجِد ملحد متواضع و طيب ويحب الخير فغالبا ستكون شبهته أن الله غير أخلاقي والدين غير أخلاقي, ولابد أنك ستجده غير سعيد بإلحاده, وإذا أزيلت هذه الشبهة عنه يكون الباب مفتوحاً أمامه ليحب الله ويؤمن به بإذن الله.