الانسان مخلوق اجتماعي لا يستطيع العيش منفرداً بوحده أو منعزلاً عن بني جنسه ، ومن هنا جاءت حاجته الماسة والملحة الى اتخاذ اصدقاء محيطين به يؤانسونه ويشاركونه افراحهه ويواسونه باتراحهه .

وقبل أن التقي بك واجالسك أستطيع أن أعرف من انت ؟ تقول لي كيف ؟ وهل لديك فراسة ؟ أقول لك : قل لي من تُصاحب أقل لك من أنت ! ..

أما سمعت المثل الذي يقول : الصاحب ساحب ، والمثل الآخر يقول : الطيور على أشكالها تقع .

ويقول الشاعر : من خالط العطار نال من طيبه .. .. ومن خالط الحداد نال السوائدا

الإنسان إجتماعي بطبعه لا بد له من مخالطة بني جنسه فهو بخيارين إما أن يصاحب فيؤثر أو يتأثثر والخيار الثاني أن لا يصاحب فيعيش في سجن العزلة ويقيد بأغلالها .

وأنا أطرح عليك سؤالاً حاول أن تجيب عليه قبل أن اجيبك ، ما هو أول عمل قام به النبي صلى الله عليه وسلم حينما قدم المدينة المنورة ؟ .

الجواب المؤاخاة بين المهاجرين والانصار , هذه المؤاخاة أول خطوة لبناء مجتمع فاضل صالح قائم على اساس الاخوة في الله لا على أساس النفعية والمصلحة وأغراض دنيوية زائفة .

وأنا أطرح عليك سؤالاً ثانياً حاول أن تجيب عليه قبل أن اجيبك .. ما هي أول كلمة قالها الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة حينما التقى بهم ؟ .

الجواب : " يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الارحام " . رواه أحمد والترمذي .

هذه الكلمات النبوية ركائز تركبت منها اللحمة الاجتماعية وتعايشت وتفاعلت بالحياة في جو يسوده الود والمحبة والسلام .

وقد طلب النبي موسى عليه السلام من الله عز وجل الصحبة (اختيار الصديق) لأهميتها وضرورتها قال تعالى :" وأجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيراً ونذكرك كثيراً " . طه _29 _ 32

ولما بعث الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم أوجد له صاحباً صادقاً وفياً مخلصاً اسمه ابو بكر الصديق رضي الله عنه .

وقد علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال : " لا تصاحب الا مؤمناً ولا يأكل طعامك الا تقي " . رواه ابو داوود

أي انتقي الاصدقاء الاخيار ولا تصاحب الفساق والاشرار ولا تقرب عليك فتدخله بيتك ويأكل طعامك إلا من عرف بالتقوى .

فالبيئة والصحبة مهمة جداً للإنسان ولهذا تجد القرآن الكريم يعلنها بصورة واضحة بارزة للجميع : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " . التوبة _ 119

وقال الامام علي رضي الله عنه : عليكم بالاخوان فإنهم عدة في الدنيا والآخرة ألا تسمع الى قول أهل النار : " فما لنا من شافعين ولا صديق حميم " .

هل عرفت قيمة الصديق والاصحاب ؟ والآن قل لي من هم أصحابك ؟ هل هم أخيار ام أشرار ؟ .

وتذكر بأن كلمة صديق جاءت من أحرف لها معنى وهي : ص = الصدق ، د = دم واحد ، ي = يد واحدة ، ق = قلب واحد .

هل وجدت الصديق الحقيقي ؟ الذي تكون معه كما تكون وحدك ، وهو الذي يقبل عذرك ويسامحك ويسد مسدك في غيابك ويكمل نقصك ويبصرك بعيبك وينشر حسنتك ويدفن سيئتك .


قصة وفاء صديق :

قال الجندي لرئيسه : صديقي لم يعد من ساحة المعركة سيدي ..

أطلب منكم السماح لي بالذهاب والبحث عنه , قال الرئيس : الاذن مرفوض ! لا اريدك أن تخاطر بحياتك من أجل رجل من المحتمل أنه قد مات .

" ذهب الجندي .. دون أن يعطي أهميّة لرفض رئيسه ..

وبعد ساعة عاد وهو مصاب بجرحٍ مميت حاملاً جثة صديقه !

كان الرئيس معتزاً بنفسه فقال : لقد قلت لك أنه قد مات !

" قل لي أكان يستحق منك كل هذه المخاطرة للعثور على جثّته ؟ .

أجاب الجنديّ محتضرا ً: بكل تأكيد سيدي ، عندما وجته كان لا يزال حياً وأستطاع أن يقول لي : كنت واثقاً بأنك ستأتي ! .

ولقد أنصف من قال : الصديق الحقيقي هو الذي يأتيك حتى عندما يتخلى عنك الجميع .


لا خير في خل يخون خليله .. .. ويلقاه من بعد المودة بالجفا

وينكر عيشاً قد تقادم عهده .. .. ويكشف سراً كان بالامس قد خفا

سلام على الدنيا اذا لم يكن بها .. .. صديقاً صدوقاً صادق الوعد منصفاً

ابحث عن الصحبة الصالحة فستجدها وعندها عض عليها بالنواجذ فهو منحة إلهية وهبة تستحق التثمين .