السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أخواتي أخواني الموضوع طويل لكنه بالفعل مفيد جداً

فتوى/ ورد سؤال إلى اللجنة الدائمة للإفتاء هذا نصه:
" تبرعتُ لمشروع خيري خوفاً وخجلاً من الرئيس المباشر في العمل, ولو ترك المجال لي لم أتبرع ولو بنصف قرش, فهل لي ثواب كامل على عملي هذا كما لو كنت تبرعت لهذا المشروع من حسن خاطر واختيار مني, مع الدليل ؟؟

فأجابت اللجنة: " إذا كان الأمر كما ذكرت فأنت لا تؤجر على هذا المبلغ؛ لأنك لم تقصد به وجه الله, وإنما قدمته لوجه صاحبك خوفاً منه, وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " أ.ه [فتاوى للموظفين والعمال,صفحة 66]


هل سبق أن حصل معك موقف مشابه لهذا الموقف ؟؟؟

هل سبق أن قمت بأي عمل خيري لمجرد أنك عاجز عن قول كلمة " لا " ؟؟؟

تذكر جيدًا, وأنا واثق أنك ستتذكر أكثر من موقف

بما تشعر عندما تقول " لا " ؟؟؟

هل هي كلمة سهلة ويسيرة عليك ؟؟؟

هل تشعر بالذنب أو الارتباك عن التلفظ بها ؟؟؟

لنفرض أن صديق أو زميل طلب منك تقديم مساعدة ما !!! تُكلفك من الجهد والوقت الشيء الكثير, بينما أنت بحاجة للراحة أو لا ترغب بتقديم هذه المساعدة لسبب ما !!!

هل تشعر في مثل هذا الموقف بالتورط وبدلاً من الرد بشكل مباشر بأن تقول:

" أعتذر, لا أستطيع مساعدتك, إنني أود ذلك, لكنني مشغول الآن "

هل تجد نفسك في مثل هذا الموقف ترد بأكاذيب وتختلق أعذارًا, وربما تقوم باختلاق قصص معقدة لا تمت للوقع بصله, حتى تتخلص من هذا الموقف ؟؟؟

هل تُسبب لك هذه المواقف الضغط والتوتر, وتولد لديك مشاعر سيئة, مثل الحقد, والضغينة, والألم ؟؟؟

هل تقوم بعمل أشياء لا تريد القيام بها لمجرد أنك عاجز عن قول كلمة " لا " ؟؟؟



هل تقدم المساعدة للآخرين, وتظهر أنك تفعل ذلك بسعادة وارتياح, بينما أنت في قرارة نفسك تشعر أن هذا ليس عدلاً ؟؟؟


هل تشعر أنك مُجبر أو مضطر للتقديم المساعدة للآخرين ؟؟؟

هل تواجه صعوبة في إظهار مشاعرك ؟؟؟

هل تبذل قصار جهدك لاسترضاء شخص ما !!!, على الرغم من كونه سمج الأخلاق بدرجة كبيرة أو طماعاً أو كريهاً ؟؟؟

إذا كانت الإجابة بنعم فإنك بذلك تضع نفسك في موضع يجعلك ضعيف حيث أنك لم تتعلم تقويم الآخرين والتمييز بينهم, ولم تتعلم حماية نفسك ومشاعرك الخاصة, مما يعني أنك يجب أن تقول " نعم " وأنت مقطب الجبين كابت الغضب ؟؟؟؟

مسببات ذهنية تجعلنا نقول "نعم" بدلاً من قول " لا "

1/ رغبتنا في أن نبدو لطفاء.

2/ رغبتنا في أن نجعل الآخرين يحبوننا ويقبلوننا ويحترموننا.

3/ خشيتنا فقدان الأصدقاء والأحباب أو أفراد الأسرة أو الوضع الاجتماعي أو الوظيفي.

4/ شعورك بأنه ليس من حقنا قول " لا ".



تقول الكاتبة المبدعة " كورين سويت " :
" إن من يقول " نعم " طوال الوقت, بدلاً من " لا " عندما يريد قولها, لا يكون عادة سعيد جدًا, ولا يشعر أيضاً بالرضا عن

نفسه, وقد تبدو الحياة مليئة بالأعباء, وما يثير الحزن هو شعوره بأنه ينبغي عليه تجنب الآخرين وعزلهم عن حياته, بدلاً

من أن يتعلم كيف يتعامل معهم جيدًا "


لماذا يجب أن نتعلم كيف نقول " لا " بفعالية ؟؟؟

1/ لأننا لا نرغب بضياع حقوقنا المادية والمعنوية, (وقد نوهم أنفسنا أننا نعفو عن الناس برغبة منا بينما نحن عاجزين عن أخذ حقوقنا).

2/ لأننا لا نريد أن نكون ضعيفي القدرة على إدارة حياتنا الزوجية وتربية أولادنا.

3/ لأننا لا نريد أن نفشل في أي عمل إداري يتطلب الحزم مع المرؤوسين.

4/ لأننا لا نريد أن تضعف قدرتنا على إبداء مشاعرنا السلبية والبوح بها, مثل: الغضب والانزعاج والملل وغيرها, والتي قد تتراكم علينا وتسبب لنا الكآبة والإحباط.

5/ لأننا عندما لا نضع لأنفسنا حدودًا مع الآخرين حتى مع أقرب الأقربين إلينا, فإننا بذلك سنجعل أنفسنا عرضة للاستغلال وإساءة التعامل من قِبَل الآخرين, واستغلال الآخرين لنا يعني أننا نحيا لكي يطأ الآخرون على رؤوسنا بأقدامهم المتسخة, ولا يعد ذلك بالطبع موضعاً لاحترام الذات والثقة بها, ولكنه بالتأكيد موضوع الخنوع والذلة, ولذلك يجب أن نضع حدودًا لذواتنا, وأن تلتزم بها بشكل صارم, وهذا لن يتحقق إلا إذا كنا سنتعلم قول " لا " بشكل فعال.



/ لأن الشخص الضعيف الذي يستغله الجميع ليس نمط جيد ولا يمثل نموذج مثالي, وغالباً صاحب الشخصية الضعيفة لا يعمل الخير لأنه يحب عمل الخير ويحتسب الأجر عن الله, بل لأنه لا يستطيع قول " لا ", وغالباً ما يشعر بالامتعاض والاستياء بعد القيام بعمل يساعد فيه الآخرين.

7/ لأننا نواجه في حياتنا اليومية مواقف تتطلب منا البوح بمشاعرنا وإصدار قرارات سلبية والتلفظ بها, ما الذي يحدث عندما نكبت هذه المشاعر ونتظاهر بعدم وجودها, في الحقيقة عادة ما تظهر المشاعر السيئة بشكل أو بآخر, وذلك لأن المشاعر لا تختفي, حيث إنها تكون دفينة مكبوتة لأننا نكبتها أملاً في أن تختفي ولكنها تظهر بشكل أو بآخر وقد تظهر بشكل عنيف, كما يقال: " أتق شر الحليم إذا غضب ", وقد نكبت مشاعرنا ثم ننفجر لسبب تافه, كما يقال: " القشة التي قصمت ظهر البعير".





إن قول لا بشكل فعال يجلب لك احترام الذات, وبالتالي الاحترام والقبول من قبل الآخرين.

إذا تعلمت كيف تقول " لا " بفعالية سيأتيك شعور بالتحرر التام من سيطرة الآخرين واستغلالهم لك, فطالما كنت واقع تحت وطأة داء استرضاء الآخرين.

إذا وجهتك صعوبة في قول " لا " فمن المحتمل أن تواجه صعوبة في إظهار شخصيتك الحقيقة, ومن السهل أن يلازمك الخوف والقلق, وتصبح عرضة للتشتت والإحباط.

إن عدم قدرتك على قول كلمة " لا " يعد عادة, يمكن القضاء عليها, ولكن ليس بسهولة, أو بين عشية وضحاها, وإنما مع الوقت والجهد, والإصرار يمكنك أن تفعل ذلك.




سأضع النقاط على الحروف
إننا إن كنا دمية يتلاعب بها الآخرون ستكون مواقفنا أكثر تخاذل وتبعية وانهزامية.

إنه لضرب من ضروب الخيال أن تكون شخصاً لطيفاً دائماً.

إن الاعتقاد بأنك إنسان لطيف 100% اعتقاد وهمي وحيلة نفسية لمحاولة تدعيم وتعزيز تقدير الذات والثقة بالنفس, إن هذا الاعتقاد يعد دفاعاً ضد انتقاد الآخرين لك, ( فتقول في نفسك كيف ينتقدوني وأنا لطيف, وأنا قد فعلت كذا من اجلهم وضحيت بوقتي وجهدي في سبيل راحتهم )

إن كنت تعتقد أنك مميز لأقصى حد, وانتقدك أي شخص فإنك تشعر بأنك قد تعرضت لهجوم أو أصبت بجرح عميق, وربما عندما يأتيك أي انتقاد مهما كان بسيط, قد يسبب لك موجة عارمة من مشاعر الغضب وقلة الثقة بالنفس.

فإذا كنت تتصرف بشكل لطيف مع كل من حولك دون الوضع بعين الاعتبار كيف يتصرفون تجاهك, وطريقة معاملتهم لك, فإنك قد تصبح شخص غير ذي قيمة أي أخرق.

إنك لست إنسان خدوم, بل سلبي؛ لأنك تقدم الخدمة على مضض ولذلك فإنك تكبت مشاعرك الحقيقية وبعد فترة تثور ثائرتك لأتفه الأسباب, ثم بعد ذلك تقوم بالاعتذار بكل سماجة.
إن الذين ينكرون مشاعرهم ينتهي بهم الحال إلى التشوه والزيف الكامل ونجد أن من يسترضي الآخرين ويتخطى رغباته واحتياجاته وبدلاً من ذلك يُسرف في إعطاء الآخرين ما يحبه بينما يحرم نفسه منه.

من المعروف أننا نفرغ مشاعرنا الدفينة أو السلبية على أشخاص أو أشياء أخرى أمنه بالنسبة لنا مثل الأولاد أو غيرهم, أن المشاعر السلبية المكبوتة تسلبنا قوتنا وتركيزنا وتسبب لنا القلق الدائم, يجب عينا أن نتعرف عليها ونتقبلها ونخرجها بدون أي تردد أو إحراج, حتى لا نجعل استجابتنا للحياة سلبية وغير مرنة, فلا يجب علينا أن نتقيد بماضينا, كما لا يجب علينا تكرر أحداثه,قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ " صحيح مسلم


الخطوات العملية لقول " لا " بفعالية


1/ قرر أنك بحاجة إلى القدرة على قول " لا " بشكل أكثر من المعتاد وخاصة عندما تقول " نعم " وأنت في قرارة نفسك تميل لقول " لا ".

2/ توقع أن تنتابك مشاعر جديدة أو غير مريحة كنتيجة لذلك, ويجب عليك أن ترحب بهذه المشاعر وتتقبلها, بعض الأشياء قد تشعرك بالإحراج وعدم الألفة في البداية, ومع الممارسة تكون أكثر من عادية.

3/ أستبدل قول " نعم", بقول: ( سأفكر بالأمر, لا أعلم, الموضوع صعب جدًا ).

4/ جرب وحاول فمجرد محاولة واحدة ستحدث اختلاف وإن لم يكن بشكل مرضي.

5/ اجعل الأمور معلقة إذا طلب منك شخص طلب وكان يصعب عليك قول " لا "
فقل: ( سأرد عليك لاحقاً, أعطني وقد حتى أتأكد من مدى إمكانياتي على القيام بهذه المهمة ), وعندئذ يجب عليك التفكير فقط في كيفية إبلاغ الطرف الآخر برفضك بأقصى حد من الفعالية.

6/ ارفض بشكل غير مباشر, مثلاً: إن طلب منك شخص القيام بمهمة الساعة الثامنة قل: ( أعتقد أني مرتبط بموعد الساعة الثامنة , فأنت لم تتلفظ بالرفض لكن كلامك يحمل في مضمونه الرفض ).

7/ التلميح غير المباشر.

8/ تعلم كيف تقولها بأسلوب دبلوماسي.

9/ تعلم كيف تقول " لا " دون تمهيد أو إبداء مبررات؛ لأنها الطريقة المجدية مع بعض الشخصيات.

10/ إذا ألحَّ عليك شخص للقيام بعمل ما وأخذ يحاول أقناعك كل ما عليك فعله هو مواصلة قول: "لا" "لا" "لا" , ولا تدخل معه في حوارات طويلة لشرح الأسباب, فأنت لا توفق على شيء معين وهذا بحد ذاته يكفي, ولست بحاجة لتبرير أو تفسير لسبب رفضك, ومن المهم أن تعرف كيف تقولها, فربما تحتاج إلى التظاهر بالغضب أو قولها بفظاظة.

11/ مع بعض الأشخاص خصوصاً المقربين, يجب أن تقول " لا " بهدوء وأدب ,ويجب أيضاً أن تثبت على موقفك.

12/ انتظر حتى يطلب منك الآخرون المساعدة, توقف عن التدخل في حياة الآخرين أو القلق تجاه مشاكلهم.

13/ استغرق الوقت الكافي للتفكير, عندما يطلب منك أي شخص عمل أي شيء من أجله !!!, فبإمكانك قول: ( دعني أفكر في الأمر, سأفكر وأرد عليك لاحقاً )

إن هذه العبارة تمنحك وقتاً للتفكير وتحديد ما إذا كنت تستطيع أو ترغب حقاً في تقديم المساعدة أو لا ترغب, وبذلك تكون قد تعلمت قول لا تدريجياً.

14/ أحياناً في التعامل مع من لهم فضل عليك, قد يكون الرد عليهم برد صريح بصنع فجوه في العلاقة بينكم, في هذه الحالة قد تلجأ للملاطفة النفسية حيث تلاطف الشخص الذي تتحدث إليه قبل وبعد ردك السلبي بغرض تخفيف حدة ردة الفعل, ولكن مع الالتزام بقول " لا " بحزم.

إن كان يصعب عليك قول " لا " وجهاً لوجه, فبإمكانك قولها عن طريق الهاتف, أو عن طريق رسالة نصية أو البريد الإلكتروني.

عندما نقول " لا " باستخدام مثل هذه الوسائل فإننا نحاول حماية أنفسنا من ردة الفعل الانفعالية المباشرة, حيث أننا لا نرغب في رؤية الألم أو الضيق أو الغيظ على الآخرين تجاه ردة فعلنا, وربما لا نستطيع تحمل المواجهة العاطفية التي قد تجعلنا نشعر بالذنب أو الألم النفسي.




همسات أخيره

1/ إن لديك الحق الكامل, وأبسط حق من حقوقك أن تقول " لا ".

2/ إن قول " لا " ليس من قبيل الوقاحة وقلة الذوق.

3/ سوف يحترمك الآخرون إذا قلت " لا ".

4/ سوف يزداد حبك لنفسك إذا استطعت تعلم قول " لا " بشكل فعال.

5/ حتى إن قلت " نعم " فيمكنك أن تغير قرارك وتقول " لا ".

6/ يجب أن لا تقول " نعم " على حساب راحتك الشخصية.

7/ يجب أن لا ينتابك الخوف أو التوتر من رفض بعض الأمور.

8/ يجب أن لا تتصرف بتخاذل وطريقة انهزامية.

9/ يجب أن تعلم أن مجارات الآخرين على مضض قد تؤدي إلى عذاب نفسي.

10/ يمكن مساعدة الآخرين في حدود معينة وفي ظل وجود حدود نفسية قوية, وأن يكون هذا شيئاً تفعله، كخيار حقيقي وبرغبة صادقه منك.

11/ استمتع بحياتك تعلم التفكير ملياً في مشاعرك والتوافق معها.

12/ تقبل مشاعرك, وتعلم إداراتها, وتقبلها كجزء من آدميتك ولا تتهرب من المشاعر الصعبة أو السيئة وتعلم التنفيس عنها, اعترف بغضبك وتعامل معه وعبر عن شعورك بالملل.

13/ تخلص من الصدقات التي تستنزف طاقتك.

14/ تبوأ مقعد القيادة في سفينة حياتك.

15/ تعامل مع الآخرين بشكل لائق, لا تستجد حب الآخرين أو استحسانهم, وحافظ على علاقتك متوافقة.

16/ قد يدمرنا مبدأ طلب المثالية والكمال بلا جدوى.