كيف تسعد اسرتك ؟

الخالق الذي أوجد الإنسان ويعلم ما ينفع الإنسان في سلوكه مع زوجه وأهل بيته لتكون حياته سديدة رشيدة جاء بذلك في قرآنه ، والله الذي علم أن صلاح المجتمعات يقتضي نوعاً ما من المعاملات ، جاء بهذه المعاملات سواء في البيع أو في الشراء أو في التداول أو في التزاور أو في الجلوس على الطرقات أو في الاستدانة من الآخرين أو في طلب المعونة من المحيطين وكل أمر قدَّره ودبَّره تدبيراً عظيماً {لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} الكهف49

فصلاح أمرنا بالرجوع إلى هدى حَبيب الله ومُصطفاه وأنتم ترون اليوم ماذا حدث للأنظمة الدنيوية؟ فهذا النظام الشيوعي قد سقط برمَّته لأنه من وضع بني الإنسان ، وهذا النظام الرأسمالي يوشك أن ينحط ويسقط برمَّته لأنه ليس في تطبيقه سعادة ولا عدالة لبني الإنسان ، إذاً أين السعادة؟ في اتباع القرآن وفي هدى النبي العدنان

وقد عرف صلى الله عليه وسلم الحال الذي نحن فيه الآن ورأى الفتن المحيطة بنا ومن حولنا ودلَّنا على الروشتَّة الربانية التي فيها إصلاح حالنا فقال صلى الله عليه وسلم: {ألا إنها سَتَكُونُ فتن كَقِطعِ الَّليْلِ المُظْلِم} وهي ما نراه يبيع الأخ فيها أخاه ويدنِّس عرضه طمعاً في دراهم قليلة لا تنفعه في دنياه ويخسر ضميره بسبب قروش قليلة قد لا يُعجِّل له العمر بصرفها ، وإذا صرفها ينفقها فيما يُغضب الله

رأى صلى الله عليه وسلم بنورانيته وبما أطلعه الله عليه ، رأى كل هذه الفتن فقال: {أَلاَ إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ، قِيلَ: مَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ نَبَا مَا قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ، وَمَنِ ابْتَغَى? الْهُدَى? فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ، وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ، وَهُوَ الذكْرُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ الصرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، هُوَ الَّذِي لاَ تَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاءُ وَلاَ تَلْتَبِسُ بِهِ الأَلْسُنُ، وَلاَ تَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلاَ يَخْلُقِ عَنْ كَثْرَةِ الرَّد، وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتَّى قَالُوا: { إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً{1} يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ}، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمَلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دُعِيَ إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مسْتَقِيمٍ}{1}

فيا إخواني المسلمين العجب أن الله جعل في بيوتنا جميعاً وفي متناولنا جميعاً تعاليم السماء ووحي الأنبياء وقوانين إصلاح جميع الأشياء لكنه يحتاج منا إلى العمل بقوله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} القمر40

فنحن نحتاج لأن نتدبره ، نحن جميعاً والحمد لله نقرأ القرآن ولكننا نقرأه إما طلباً للأجر والثواب وإما تنفيذاً لأمر الله ولكننا مطالبون بأن نقرأه ونتدبره لنعمل به ، فمن تدبر القرآن وأحكامه وعمل به في نفسه وفي بيته سيكون هذا البيت سعيداً بأمر الله ، لأن الله قال وهو أصدق القائلين: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً - هذا في الدنيا أما في الآخرة - وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} النحل97

فمن ترك العمل بكتاب الله مع زوجه وولده ، ومشى على حسب حظه أو حظهم وهواه أو أهوائهم كان في حياته تعب وغم وشقاء ونكد لأن الله قال وهو أصدق القائلين: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً} طه124
وذكره هو القرآن الكريم

وهكذا الأمر في أعمالنا وفي بيوتنا وفى مصانعنا وأشغالنا وفى شوارعنا وفي مجتمعاتنا وفى كل مكان نكون فيه ، نحن جميعاً نحتاج ليس إلى وضع المصاحف في صالون المنزل أو في السيارة أو على المكتب كواجهة لكن نحتاج أن ننقل معانيه إلى صدورنا ونترجمها في سلوكنا وأفعالنا ، حتى يكون الرجل منا صورة لمعاني القرآن كما كان صلى الله عليه وسلم قدوتنا قرآناً يمشي بين الناس أو يمشى على الأرض ، كما قال فيه الواصفون