أسهم في هذه المعالجات النفسية بالصبر للتخلص من القلق والاكتئاب (الغم والهم وألم المصائب) بعض العلماء . ومما طرحوه من عناصر كثيرة أشير إلى فحوى ما لديهم جميعا دون تكرار،

فمن ذلك:
- أن يعلم أن الدنيا دار ابتلاء، وأنها ذات أحوال، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه.
- أن يعلم أن المصيبة ثابتة في القدر السابق ولابد من وقوعها. وهذا العلم بالنسبة للإنسان بعد أن تقع..
- أن يعلم أن الله ارتضاها له، واختاره لها، فالعبودية تقتضي رضاه بما قسم له.
- أن يعلم أن المصائب رغم خشونتها فهي دواء نافع سيق إليه من الحكيم الخبير.
- أن يعلم أن المصيبة ما جاءت إليه لتهلكه بل لامتحان صبره واختباره فإن من سنن الله اختبار عباده وتربيتهم على السراء والضراء والنعمة والبلاء.
- أن يقدر وجود أكثر من تلك المصيبة، ويلحظ أن ما أبقاه الله عليه مثل ما أصيب به أو أفضل.
- أن ينظر في حال من ابتلى بمثلها، أو بأكثر منها، فيهون عليه مصابه بالتأسي، أو بالتخفيف عنه.
- أن يشهد الجزاء والثواب على الصبر، من تكفير السيئات ورفع الدرجات، وأن يرزق الخلف الحسن عنها، وأن فوات ثواب الصبر أعظم من المصيبة.
- أن يراعى حق الله في البلاء وهو الرضا، أو على الأقل الصبر. فأحد هذين واجب عليه.
- أن يلحظ أن تشديد البلاء هو من خصائص الأخيار والصالحين .
- أن الجزع لا يرد المصيبة بل يضاعفها، وأنه يشمت عدوه ويسيء صديقه ويغضب ربه ويضعف نفسه.. وأنه وإن بلغ في الجزع غايته فمآله أن يصبر صبر الاضطرار الذي لا حمد عليه ولا ثواب (الصبر عند الصدمة الأولى).

كما أن هناك درجات للصبر، فأدناها (التصبر) وهو يحصل بتكلف وتحمل على كره. ثم (الصبر) وهو ثمرة التصبر. ثم (الاصطبار) وهو ما يصدر سجية ويرافقه استبشار باختيار الله له. وهو أبلغ من الصبر.

==================

التعامل مع المصائب


هذه نقاط يسيره تستطيع من خلالها أن تتقن فن التعامل مع المصائب :-

1-إحسان الظن بالله ..


أسمى وأعظم فعل رأيته .. هو إحسان الظن بالله .. فكيف ذلك؟
أن تعلم أن لله في كل أمره هو مقدره حكمة .. وأن تعلم أن الله ما جعلك في هذه المحنة أو الحزن إلا حباً فيك .. فأراد أن يبتليك ليطهرك من ذنوبك فيدخلك جنة الرضوان ..
وإليك كلمتين أتمنى أن تجعلها صدى لنبضات قلبك فلا تنساها ..
من خلقه الله للجنة أتته هداياها من المكاره
ومن خلقه الله للنار أتته هداياها من الشهوات


2- الصبر

قد تطول كلماتي في هذا الجزء ..فلما للصبر من شأن عظيم في تخيف الألم والحزن ..
فكيف الصبر ؟؟!!

اصبر ... في كتم الهم وعدم الشكوى للناس >>> ودع شكاتك لله –تعالى- .
اصبر ... في عدم التبرم من القضاء والقدر

اصبر ... في ارسال عبارات ايجابيه لنفسك ... كـ ( أنا أقوى من الهم، أنا سعيد ،...إلخ) >>لهذه الطريقة تاثير بالغ وواضح..

واعلم أن الله مع الصابرين لقوله –تعالى- :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } إن كنت مع الله في السراء فلن يدعك الله –عزوجل- وحيداً في الضراء
وإن كنت في الضراء قد أيقنت أنك عرفت الله حق معرفته ولا تتركه بعد زوال المحنة فلن يخيب ظنك فيه ..

وطريقة جد جميلة إن أصابتك محنة وحزنت منها ... ردد هذه الآيات فلها من المواساة شيء عجيب ..

قال تعالى: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156 ) أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157 )} البقرة

وتذكر هذه الآيات لقوله –تعالى- :
{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ،إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً }(الشرح5 : 6 )
{وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (هود : 115 )

وقال العشماوي في شعره :

أيا شاعر الأحزان صبراً على الأسى..............فبالصبر والتقوى تهون المواجع



3-مقابلة الإساءة بالإحسان ..


قال تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت : 34 )

أتممت مثاليتك بهذا الأمر البسيط والله إن فعله بسيط وأثره في النفوس لجد كبير ..
قد لا تسمح لك نفسك أن تصبر على أهانتها ولكن ما أعظمك إن صبرت فأنت من صبر على ما هو أكثر ..

وأعجب وسيلة لتهدئة نفسك وكظماً لغيظك .. ردد هذه الآية : { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران : 134 )

بشارة: إلى من يعفوا عن الناس لله ويسامح .. بإذن الله يكون ممن يدخلون الجنة بلا حساب ولا عقاب



4-الاحتساب

بعد كل ما قدمته من بذل لله في حسن ظن وصبر في سبيله وإحسان فلا تضع ذلك هباء منثوراً فاجعله في ميزانك .. فتكون ممن ثقلت موازينهم –إن شاء الله-


5-انشغال الفكر بالآخرة

فالفكر الذي يجول في الدنيا لا يجنى منه سوى الهم والحزن ..
ومن جال فكره في الآخرة كان من الفائزين .. فليس للدنيا شيء عنده ..
فهمومها لحظات لابد لها أن تزول ..
ومصائبها وإن اشتدت ما هي إلا سويعات يدفنها كف الزمن ..


وأخيراً وليس آخراً .. لابد لنا أن نعلم أنا خلقنا لذلك ..فقد قال –تعالى- : { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} (الملك : 2 )


وإليكم أخواني واخواتي أسبابًا ثلاثة لتحقيقه:

أسباب الصبر على البلاء

يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه مدارج السالكين: «هذه ثلاثة أشياء تبعث المتلبس بها على الصبر في البلاء:
إحداها: «ملاحظة حسن الجزاء»: وعلى حسب ملاحظته والوثوق به ومطالعته، يخف حمل البلاء لشهود العوض، وما أقدم أحد على تحمل مشقة عاجلة إلا لثمرة موجلة، فالنفس موكلة بحب العاجل، وإنما خاصة العقل: تلمح العواقب، ومطالعة الغايات، وأجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يدرك بالنعيم، وأن من رافق الراحة فارق الراحة، وحصل على المشقة وقت الراحة، فإنه على قدر التعب تكون الراحة.

على قدر أهل العزم تأتي العزائم

وتأتي على قدر الكريم الكرائم

ويكبر في عين الصغير صغيرها

وتصغر في عين العظيم العظائم

والقصد: أن ملاحظة حسن العاقبة تعين على الصبر فيما تتحمله باختيارك وغير اختيارك.

والثاني: «انتظار روح الفرج»: يعني راحته ونسيمه ولذته، فإن انتظاره ومطالعته وترقبه يخفف حمل المشقة، ولا سيما عند قوة الرجاء؛ فإنه يجد في حشو البلاء من روح الفرج ونسيمه وراحته ما هو خفي الألطاف، وما هو فرج معجل وبه وبغيره يفهم معنى اسمه: «اللطيف».

وكم لله من لطف خفي

يدق خفاه عن فهم الذكي

والثالث: «تهوين البلية» بأمرين:

أحدهما: أن يعد نعم الله عليه وأياديه عنده، فإذا عجز عن عدها، وأيس من حصرها، هان عليه ما هو فيه من البلاء ورآه – بالنسبة إلى أيادي الله ونعمه – كقطرة من بحر.

الثاني: تذكر سوالف النعم التي أنعم الله بها عليه، فهذا يتعلق بالماضي، وتعداد أيادي المنن: يتعلق بالحال، وملاحظة حسن الجزاء، وانتظار روح الفرج، يتعلق بالمستقبل، وأحدهما في الدنيا، والثاني يوم الجزاء».