يقولون إن الإنسان مفطور على الحزن والألم..

ولعل بكاء المولود حين يلفظه رحم أمه

حين يخرج من ضيق إلى ذلك الكون الفسيح ،

أنما هو تعبير عن الألم..


يوخزه الشيطان فيصيح

لم يبدأ المولود استقباله للحياة بضحكة أو ابتسامه..

إنما يعد المولود طبيعياً حين يصرخ ويصرخ..

فإن لم يفعل ذلك.. فإن الخبراء في ذلك لا يعدونه طبيعياً..

ولعل قدراته العقلية لم تهيئه لتلمس ماينتظره من ألم مرارة وكد..

تلك الصرخة المدوية التي تسر الأطباء والأمهات،

إنها تعبير صادق عن حجم المعاناة التي تنتظر ذلك المولود..

وأن الحياة ليست فرحاً وأنساً ومتعاً..

ولن تكون الحياة كما نشتهي أو نريد نحن،

فهناك آخرون تضطرنا مسيرة الحياة لأن نرافقهم بعض دروبهم..

ولاندري هل ستكون الرحلة معهم أقل ألماً ومعاناة أم لا ..

وهناك حاجات ورغبات وأمنيات وتطلعات..

والحقيقة المرة التي لا بد أن نعرفها والتي صدقناها كثيراً

ولكنها اليوم أكذوبة الحياة أن لكل مجتهد نصيباً..

وأن من جد وجد.. ومن زرع حصد.. فقد نزرع أطيب البذور ،

ونسقيها بماء قلوبنا ، ولانحصد إلا هشيماً تذروه الرياح!!..

وهناك أيضاً أشياء أو أشخاص نحبهم ونتعلق بهم

ونحلم أننا بهم أو معهم سنقهر الحزن والألم..

ولكننا قد نكتشف أن لذة الحب البسيطة تتطلب المزيد من الألم والحزن..

وهناك تصورات في أذهاننا عن أنفسنا وأعزائنا

وعالمنا قد تصطدم بأرض الواقع المرير..

فالواقع اليوم وفي عصرنا هذا ليس جميلاً..

ولا نظيفاً.. ولانزيهاً.. ولا بريئاً..

فتتكرر أسطوانة الحزن مرة ومرات..


أيها الحزن ما بالك تسكن قلوبنا ولا تعتزم الرحيل ولو لبضع سنوات؟..

هل أنت خيارنا المفروض علينا.. أم نحن خيارك؟..

هل أنت أحد مكونات ذواتنا فنقبلك؟..

أم أنت فيروس تريد أن تفتك بنا فنرفضك؟..

أيها الحزن القابع في قلوبنا.. سنقتلك.. نعم سنقتلك..

حتى لو عدت إلى الحياة مرة أخرى في دواخلنا؟؟!..

ولكن هل عرفت كيف سنقتلك؟؟!..

سنقتلك بالصبر والاحتساب والابتهال إلى الله والرضا بقضاء الله وقدره..

فهي مسكنات لآلامنا وأحزاننا..

نمنح معها ذواتنا وقتاً لتسعد وتهنأ..

وعزاؤنا أن الأجر على قدر المشقة..

وأن الحياة لن تدوم.. إذاً فلن تدوم أحزاننا