التحكم في المشاعر






أدركت.. أنني سأقابل في المستقبل، مواقف سلبية وتحديات وصعوبات كثيرة..
أن هذه الأشياء لن تنتهي أبدا، لأنها جزء من هذه الحياة..
فكان اختياري هو: أن أتعلم كيف أواجه هذه المواقف حين تحدث..
أن أتعامل مع الحياة كما هي.. فما الممتع في الحياة إذا لم تكن فيها تحديات؟ لو كان اليوم كالأمس، فأين روعة الحياة؟ لو لم تكن هناك صعوبات، فأين متعة النجاح والفوز؟
تعلمت أن أغير طريقة تفكيري، كي أستطيع التعامل مع الحياة..
فدعونا نتغير معا في (برمج عقلك)..
-- -- -- -- -- -- -- -- -- -- -- -- -- -- -- -- --





هل ساعات بتنتابك مشاعر، بيكون نفسك تتخلص منها؟
هل حاسس إن المشاعر يمكن التحكم فيها؟

طيب.. عايز تتحكم في مشاعرك؟
هو ده موضوع النهاردة....
يا ترى ممكن؟
بعض الناس بتعتقد إن المشاعر أشياء لا يمكن التحكم فيها.. وإن الحزن، التعاسة، الخوف... إلخ، كلها مشاعر لا يمكن التحكم فيها أبدا.. لأنها مرتبطة بأحداث معينة بتحصل لنا.. وهي السبب في شعورنا بالمشاعر دي..
طيب.. أقول لك حاجة؟
المشاعر دي كلها.. ممكن نتحكم فيها ونطلع الإحساس اللى احنا عايزينه..
عارفين ليه؟

عشان المشاعر دي كلها (الإيجابية والسلبية) موجودة جوانا احنا..
مش في العالم الخارجي!

في أحد اللقاءات التلفزيونية (ربما رأيتم هذه الحلقة في برنامج شبابيك) كنت أتكلم عن التحكم في المشاعر.. ويبدو أن المعد اللامع "هيثم دبور" قد جاءته فكرة عبقرية.. وهي أنه (دون أن أعرف؟) طلب من المذيعين أن يقوموا باستفزازي كي أفقد التحكم في أعصابي وأنفجر غاضبا..!
كانت فكرة لطيفة..
فتخيل معي شخصا يتكلم عن التحكم في المشاعر، ثم ينفجر غاضبا!

راح المذيعون يقاطعونني.. يسألون أسئلة سخيفة.. لا ينتبهون لما أقول..

وفي النهاية قال لي "إياد" (أم هي "سلمى"؟):
- لقد يئسنا.. نحن نحاول أن نستفزك دون جدوى.. كيف استطعت أن تتحكم في غضبك؟

سؤال وجيه حقا.. إلا أن إجابته أسهل من السهولة ذاتها..

اختيارك أنت!

أهم الأسباب التي تجعل من المستحيل أن تتحكم في مشاعرك، هي هذه الاعتقادات السلبية:
- لا يمكن التحكم في المشاعر.

- من المفروض أن أتضايق كي أشعر بالمشكلة.

- لو تحكمت في مشاعري سأكون باردا عديم الإحساس.

- الذي يتحكم في مشاعره، ليس إنسانا!
بعض الناس يرفضون أصلا فكرة التحكم في المشاعر.. لأنه من الإنسانية (من وجهة نظرهم) أن تشعر بهذه المشاعر السلبية..
في الحقيقة.. من الإنسانية أن يكون لك اختيارات في حياتك..
فحياتك مبنية على اختياراتك في الحياة.. وهذه الاختيارات هي التي تصنع حياتك كلها..
فلو اخترت أن تشعر بهذه المشاعر السلبية دون أن تحاول معالجة هذا..
فمن الحماقة، أن تشكو من أنك غير سعيد!
لو أردت أن تتحكم في مشاعرك..
ابدأ في التخلص من القائمة السابقة.. واستبدلها بهذه القائمة:

- يمكنني التحكم في مشاعري..
- لو كنت سعيدا، سيكون ذهني أكثر صفاءّ لحل كل مشاكلي.
- لو تحكمت في مشاعري، سأكون ناجحا وستقوى علاقاتي مع الناس.
- حين أتحكم في مشاعري، فهذا دليل قوي على أنني إنسان.. ولست كالحيوانات التي تعيش بالغريزة وحدها!
هذه هي الخطوة الأولى..
أن تزيل كل العقبات الداخلية التي تعيق تحكمك في مشاعرك وأحاسيسك..

لأن السبب الحقيقي الذي يعوق تحقيقك لأحلامك هو (كما نعلم) اعتقادك أنك لا تستطيع تحقيق أحلامك!
اكتب لي المواقف التي حدثت في حياتك،
واعتقدت فيها أن التحكم في المشاعر مهم..

هل تعرف أناسا لا يستطيعون التحكم في مشاعرهم؟

هل من المهم حقا أن نتحكم في مشاعرنا؟


فالبعض لا يريدون التحكم في مشاعرهم أساسا!!
آه والله!



في اعتقادي هذا شيء لطيف.. لو كانت حياتك رائعة دون أن تتحكم في مشاعرك، فاستمر على هذا المنوال!


لكن لا تأتِ شاكيا من أنك تتوتر قبل الامتحان أو أن حياتك توقفت حين تركتك حبيبتك!


كما قلنا في الحلقة الأولى..
فإن البعض يعتبرون أن هذه هي طبائع الأمور.. لابد أن أتوتر وأكاد أجن قبل الامتحان، ولابد أن تتوقف حياتي وأكتئب حين تتركني حبيبتي.. أي أن هذه هي المشاعر التي تعتقد أنك (يجب) أن تشعر بها في هذه المواقف.. وأنت من يحدد هذه ال(يجب)!



وفي الحلقة الماضية..
تكلمنا عن طرق أخرى ستساعدنا، إذا أردنا التحكم في مشاعرنا..



واليوم نواصل الكلام..


هل تواجه صعوبة في التعرف على أشخاص جدد؟
هل تتوتر قبل الامتحانات؟
هل ستشعر باكتئاب إذا تخلّى عنك حبيبك؟
كما قلنا من قبل..
المشاعر تحدث لنا نتيجة تفاعلنا مع الأحداث التي تحدث حولنا..
وطريقة نظرنا للأحداث هي التي تحدد هذا الشعور..



في هذا العدد سنتكلم عن طريقة جديدة..
وهي: أن نشعر بالشعور، بشكل مختلف!



حد فاهم حاجة؟
شعور مختلف



هل ذهبت من قبل للملاهي؟
هل تحب الألعاب الخطرة هناك؟
لو كانت الإحابة: نعم..
فأنت تقوم بالضبط بما أريد قوله..
يصف البعض شعورك وأنت في إحدى هذه الألعاب الخطرة كالتالي:
- روحي بتنسحب
- باحس بكركبة في معدتي
- باحس بقلبي بيقع
- باحس إن نفسي اتقطع
هل سمعت أو شعرت بشيء كهذا؟
في لعبة الصاروخ أو التوب سبين (top spin)، ترتفع فجأة في الهواء، فينسحب الدم إلى قدميك، فيعطيك هذا الشعور الذي تكلمنا عنه..



لكن.. هل هذا الشعور جيد أم سيء؟
البعض يحب هذا الشعور.. بينما البعض يكرهه!
كيف؟ مع أنه نفس الشعور.. هل هو جيد أم سيئ؟؟
الإجابة هي:
هذا يتوقف على (الطريقة التي تشعر بها)!



فمن يحبون الألعاب الخطرة، يعتبرون أن هذا الشعور هو: متعة المغامرة!
أما من يكرهون هذه الألعاب، فيعتبرون أن هذا الشعور هو: الإحساس بالخطر!
حد فاهم حاجة؟
مش مهم، نخش على المثال اللي بعده...



لو كنت مارا بجوار شيء يحترق.. هل ستأخذ نفسا عميقا؟
الإجابة معروفة طبعا..
لأن إحساس دخول الدخان في قناتك التنفسية، شعور سيئ..
لكنّ المدخنين..
يستنشقون الدخان ويتحملون هذا الألم، لأنهم ينظرون لهذا الشعور نظرة مختلفة.. فهذا الشعور هو: متعة التدخين أو المذاق الأصلي للتبغ أو ما إلى ذلك!!



فاهمين حاجة؟
مش مهم.. خش على اللي بعده..



أمسكت كوب اللبن كي أشرب منه.. فوجدت أنه حمضان!
يع ع ع.. هكذا قلت لنفسي..
وحين سألت: اللبن ده حمضان؟
فأجابني: لا.. إنه لبن رائب!
فشربت منه فوجدت أنه لبن رائب ممتاز!
هل طعم اللبن الحامض جميل أم سيئ؟
إنه يعتمد على نظرتك أنت له..
قد تعطي الإحساس معنى: طعم اللبن الفاسد المضر.
أو معنى: طعم اللبن الرائب المريح للمعدة!
هل فهمتم قصدي؟
عايز تقول إيه برضه؟
ما أريد قوله هو:
أن
الكثير من المشاعر والأحاسيس التي نشعر بها، قد لا يكون لها معنى، إلا المعنى الذي نعطيه لها..








قد تكون هذه الطريقة مناسبة في السيطرة على بعض المشاعر..
لو تركتك حبيبتك..

ستشعر (بشيء ما) في داخلك..
قد تعطيه معنى: هذا شعور قلبي المكسور..
أو تعطيه معنى: هذا شعور فقد شيء اعتدت عليه أو شعور كسر كرامتي..



وأنت داخل الامتحان..
ستشعر (بشيء ما) في داخلك..



قد تعطيه معنى: هذا توتر وعدم ثقة، ربما لم أذاكر جيدا..
بل أعطِه معنى: هذه شعور الرغبة في الإنجاز ورهبة مواجهة الامتحان الذي انتظرته طويلا..



حين تتعرف على أشخاص جدد..
ستشعر (بشيء ما) في داخلك..



قد تعطيه معنى: هذا شعور قلة الثقة.. ربما أنا أقل منهم..
أو تعطيه معنى: هذا شعور الإقدام على مغامرة جديدة وتحدٍ جديد.. ياله من شعور ممتع!



حين توبخك والدتك أو والدك..
ستشعر (بشيء ما) في داخلك..



قد تعطيه معنى: هذا شعور بالإهانة لابد أن أوقفه..
أو تعطيه معنى: هذا الشعور يرفع درجاتي في الجنة، لأنني أتحمل هذا الشعور من أجل مرضاة الله!





الخلاصة
بعض المشاعر التي تنتابنا..
قد لا يكون لها معنى، إلا المعنى الذي نعطيه نحن لها..
فالشخص الشجاع يشعر بالخوف مثلنا تماما..
لكنه يعتبر هذا الشعور (متعة المغامرة) ويستمتع به!


يمكننا ترويض مشاعرنا بعدّة طرق.. ذكرنا بعضها في هذا الموضوع..
هل هناك طرق أخرى تستخدمها في السيطرة على مشاعرك غير المرغوبة؟

مازلنا نتحدث عن التحكم في المشاعر أيها السادة..
المشكلة هنا هي أننا حين نكون تعساء.. يكون سبب تعاستنا أننا نفكر في سبب تعاستنا!!
وغالبا ما يكون سبب تعاستنا شيئا في الماضي.. أو شيئا في المستقبل!



في الماضي: تتذكر شيئا حدث لك في الماضي وسبب لك ألما.. حين تفكر فيه سيفسد كل أوقاتك الجميلة!


في المستقبل: تفكر دائما في المصيبة التي لم تحدث بعد وتنتظر حدوثها.. هذا سيفسد عليك كل اوقاتك الجميلة ايضا!


ما الحل؟
الحل هو أن تفكر في الحاضر!



ركز فيما أنت فيه الآن في هذه اللحظة.. لو كنت تعيسا الآن, ففكر في أنك محظوظ لأنك جالس أمام كمبيوتر لا يعرف الكثيرين كيف يستخدمونه, وتقرأ مقالا في موقع "مجله الابتسامه" الجميل.. أليس هذا شيئا جميلا ويدعو للتفاؤل والثقة؟


فكر في اللحظة الحالية, أو في لحظات جميلة.. لأن ما تفكر فيه هو ما يحدد حالتك الشعورية.
تصرف بشكل معاكس



هل أنت متضايق؟
إذن لماذا أنت عابس؟!!
لو كانت متضايقا فلا تمارس طقوس الضيق المعتادة.. لا تجلس في انطواء دون أن تكلم أحدا.. وتظل مكشرا راسما ملامح الحزن والأسى على وجهك.. فهذا يزيد الطين بلة لو شئت رأيي!



حدث لي موقف سيئ.. أعتبره من أسوأ المواقف التي حدثت لي في حياتي..


فكرت في الموضوع بشكل إيجابي.. واستخلصت الدرس المستفاد مما حدث وعرفت أنني استفدت الكثير من هذه التجربة..


وفي هذه الأثناء, عزمني بعض الشباب الذين كنت أحاضرهم, على رحلة...
كان من المفترض أن أقول: هو ده وقته؟
إلا أنني قلت: طالعين إمتى يا شباب؟
ذهبت للرحلة وضحكت ورقصت ولعبت كالأطفال..
وكانت من أجمل الرحلات التي استمتعت بها في حياتي..
فقط لأنني قررت ذلك!



أعترف أن الشباب تعجبوا من الطفولة والهزار المضحك الذي قمت به.. إلا أنني استفدت كثيرا, لأنني خرجت من حالة شعورية قررت أنني لا أريدها!
فضّي المشاعر!
يقول البعض إن كتم المشاعر شيء سيئ..
طبعا هي شيء سيئ جدا.. وتكلمنا عن هذا الموضوع في الحلقة الأولى..



فرغ المشاعر داخلك بأي صورة إيجابية..


يمكنك أن تلعب أي نوع من أنواع الرياضة.. لي صديق اسمه د."عمرو الجزار" هو بطل جامعة القاهرة في كمال الأجسام.. قال لي في لقاء تليفزيوني أجريته معه إن أفضل أوقات التدريب, كانت حين كان يشعر بمشاعر سلبية..


أي أنه كان يخرج طاقته السلبية في صورة تدريب ورفع أثقال!


هذه طريقة جميلة لو أردت رأيي.. لو لعبت الرياضة كي تخرج الشحنات السلبية التي بداخلك كلما شعرت بالضيق, لذهب ضيقك ولأصبح جسدك رائعا!!


شيء بسيط جدا.. لكن هل ستقوم به؟


طريقة أخرى للتخلص من المشاعر السلبية المتراكمة:
البكاء!



هل البكاء قليلا سيريحك؟ إذن ابكِ وأخرج كل الطاقة السلبية التي بداخلك وتخلص منها إلى الأبد..


وخذ مني هذه النصيحة الشخصية:
لو أردت أن تبكي, فإن أفضل وقت للبكاء هو: وقت الصلاة.. ابكِ وأنت بين يدي الله فإن هذه أروع لحظة قد تمر عليك في حياتك.
الخلاصة
تكلمنا عن التحكم في المشاعر طوال أربع حلقات.. أهذا يكفي؟



بقي أن أقول شيئا أخيرا..


افترض أنني أعلمك قيادة السيارات..
(كيف تدير المارش- كيف تنحرف يمينا– كيف تركن- كيف ترجع إلى الخلف......)
لكن أنت من يحدد.. إلى أين أنت ذاهب بهذه السيارة!!
أليس كذلك؟



علمتكم هنا التحكم في المشاعر..
بإمكانك أن تستخدم هذه الأداة بشكل يجعل حياتك رائعة..
وقد تسيء استخدامها..



فلو رسبت في الامتحان مثلا..
يمكنك أن تتحكم في مشاعرك, ولا تشعر بأي شيء سلبي في الموضوع.. عادي جدا!
إلا أنك من المفروض أن تستغل هذه المشاعر السلبية في إعطائك دافعا كي تنجح...



الناجحون هم أناس يخافون من الفشل!


إذن فالمشاعر السلبية (الخوف مثلا) مفيدة أحيانا..
لذلك فعلينا أن نتعامل مع مشاعرنا بحرص.. وأن نستغلها كي تجعلنا أكثر نجاحا في الحياة..
أليس كذلك؟



في انتظار ردودكم وتعليقاتكم..
نريد أن نعرف كيف يمكننا التحكم في مشاعرنا السلبية
أو استغلالها لصالحنا..



في انتظار آرائكم..


إلى هنا نتوقف عن الحديث في هذا الموضوع..
وفي الحلقة القادمة سنتكلم في موضوع جديد تماما..



وتذكروا دائما..
أننا نعيش في هذه الحياة مرة واحدة فقط..
فلماذا لا ندعها تكون أفضل حياة ممكنة؟.