النتائج 1 إلى 1 من 1
- 05-01-2015, 08:58 PM #1
ما معنى الصلاة والسلام على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟.
ما معنى الصلاة والسلام
على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟.
الحمد لله
أولاً :
أما " الصلاة على النبي صل الله عليه وسلم "
فمعناها -
عند جمهور العلماء - : من الله تعالى : الرحمة ، ومن
الملائكة : الاستغفار ، ومن الآدميين : الدعاء ، وذهب
آخرون – ومنهم أبو العالية من المتقدمين ، وابن القيم من
المتأخرين ، وابن عثيمين من المعاصرين –
إلى أن معنى "
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم "
هو الثناء عليه
في الملأ الأعلى ، ويكون دعاء الملائكة ودعاء المسلمين
بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم بأن يثني الله تعالى
عليه في الملأ الأعلى ، وقد ألَّف ابن القيم – رحمه الله –
كتاباً في هذه المسألة ، سمّاه " جلاء الأفهام في فضل
الصلاة والسلام على خير الأنام " وقد توسع في بيان
معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأحكامها
، وفوائدها ، فلينظره من أراد التوسع .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" قوله : " صلِّ على محمد " قيل : إنَّ الصَّلاةَ مِن الله :
الرحمة ، ومن الملائكة : الاستغفار ، ومن الآدميين : الدُّعاء .
فإذا قيل : صَلَّتْ عليه الملائكة ، يعني : استغفرت له .
وإذا قيل : صَلَّى عليه الخطيبُ ، يعني : دعا له بالصلاة .
وإذا قيل : صَلَّ عليه الله ، يعني : رحمه .
وهذا مشهورٌ بين أهل العلم ، لكن الصحيح خِلاف ذلك ، أن
الصَّلاةَ أخصُّ من الرحمة ، ولذا أجمع المسلمون على جواز
الدُّعاء بالرحمة لكلِّ مؤمن ، واختلفوا : هل يُصلَّى على غير
الأنبياء ؟ ولو كانت الصَّلاةُ بمعنى الرحمة لم يكن بينهما
فَرْقٌ ، فكما ندعو لفلان بالرحمة نُصلِّي عليه .
وأيضاً : فقد قال الله تعالى :
( أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )
البقرة157 ،
فعطف " الرحمة " على " الصلوات " والعطفُ يقتضي المغايرة فتبيَّن
بدلالة الآية الكريمة ، واستعمال العلماء رحمهم الله للصلاة
في موضع والرحمة في موضع : أن الصَّلاة ليست هي الرحمة .
وأحسن ما قيل فيها : ما ذكره أبو العالية رحمه الله أنَّ
صلاةَ الله على نبيِّه : ثناؤه عليه في الملأ الأعلى .
فمعنى " اللَّهمَّ صَلِّ عليه " أي : أثنِ عليه في الملأ الأعلى
، أي : عند الملائكة المقرَّبين .
فإذا قال قائل : هذا بعيد مِن اشتقاق اللفظ ؛ لأن الصَّلاة
في اللُّغة الدُّعاء وليست الثناء : فالجواب على هذا : أن
الصلاة أيضاً من الصِّلَة ، ولا شَكَّ أن الثناء على رسول الله
صلى الله عليه وسلم في الملأ الأعلى من أعظم الصِّلات ؛
لأن الثناء قد يكون أحياناً عند الإنسان أهمُّ من كُلِّ حال ،
فالذِّكرى الحسنة صِلَة عظيمة .
وعلى هذا فالقول الرَّاجح : أنَّ الصَّلاةَ عليه تعني : الثناء
عليه في الملأ الأعلى " انتهى .
" الشرح الممتع " ( 3 / 163 ، 164 ) .
ثانياً :
وأما معنى
" السلام عليه صلى الله عليه وسلم " :
فهو
الدعاء بسلامة بدنه – في حال حياته - ، وسلامة دينه
صلى الله عليه وسلم ، وسلامة بدنه في قبره ، وسلامته يوم القيامة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
قوله : " السلام عليك " : " السَّلام " قيل : إنَّ المراد
بالسَّلامِ : اسمُ الله ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" إنَّ اللَّهَ هو السَّلامُ " كما قال الله تعالى في كتابه :
( الملك القدوس السلام ) الحشر/23 ، وبناءً على هذا
القول يكون المعنى : أنَّ الله على الرسول صلى الله عليه
وسلم بالحِفظ والكَلاءة والعناية وغير ذلك ، فكأننا نقول :
اللَّهُ عليك ، أي : رقيب حافظ مُعْتَنٍ بك ، وما أشبه ذلك .
وقيل : السلام : اسم مصدر سَلَّمَ بمعنى التَّسليم ، كما
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا
تسليما ) الأحزاب/56
فمعنى التسليم على الرسول صلى الله عليه وسلم :
أننا ندعو له بالسَّلامة مِن كُلِّ آفة .
إذا قال قائل : قد يكون هذا الدُّعاء في حياته عليه الصَّلاةُ
والسَّلامُ واضحاً ، لكن بعد مماته كيف ندعو له بالسَّلامةِ
وقد مات صلى الله عليه وسلم ؟
فالجواب :
ليس الدُّعاءُ بالسَّلامة مقصوراً في حال الحياة ،
فهناك أهوال يوم القيامة ، ولهذا كان دعاء الرُّسل إذا عَبَرَ
النَّاسُ على الصِّراط : " اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ " ، فلا ينتهي
المرءُ مِن المخاوف والآفات بمجرد موته .
إذاً ؛ ندعو للرَّسول صلى الله عليه وسلم بالسَّلامةِ من هول الموقف .
ونقول - أيضاً - : قد يكون بمعنى أعم ، أي : أنَّ السَّلامَ
عليه يشمَلُ السَّلامَ على شرعِه وسُنَّتِه ِ، وسلامتها من
أن تنالها أيدي العابثين ؛ كما قال العلماءُ في قوله تعالى :
( فردوه إلى الله والرسول ) النساء/59 ،
قالوا : إليه في حياته ، وإلى سُنَّتِهِ بعد وفاته .
وقوله : " السلام عليك " هل هو خَبَرٌ أو دعاءٌ ؟ يعني : هل
أنت تخبر بأن الرسولَ مُسَلَّمٌ ، أو تدعو بأن الله يُسلِّمُه ؟
الجواب : هو دُعاءٌ تدعو بأنَّ الله يُسلِّمُه ، فهو خَبَرٌ بمعنى الدُّعاء .
ثم هل هذا خطاب للرَّسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ كخطابِ النَّاسِ بعضهم بعضاً ؟ .
الجواب :
لا ، لو كان كذلك لبطلت الصَّلاة به ؛ لأن هذه الصلاة لا
يصحُّ فيها شيء من كلام الآدميين ؛ ولأنَّه لو كان كذلك
لجَهَرَ به الصَّحابةُ حتى يَسمعَ النبي صلى الله عليه وسلم
، ولردَّ عليهم السَّلام كما كان كذلك عند ملاقاتِهم إيَّاه ،
ولكن كما قال شيخ الإسلام في كتاب " اقتضاء الصراط
المستقيم " : لقوَّة استحضارك للرسول عليه الصَّلاةُ
والسَّلام حين السَّلامِ عليه ، كأنه أمامك تخاطبه .
ولهذا كان الصَّحابةُ يقولون : السلام عليك ، وهو لا
يسمعهم ، ويقولون : السلام عليك ، وهم في بلد وهو في
بلد آخر ، ونحن نقول : السلام عليك ، ونحن في بلد غير
بلده ، وفي عصر غير عصره " انتهى .
" الشرح الممتع " ( 3 / 149 ، 150 ) .
والله أعلم .