إنها أطرف وأمتع الحكايات عن ذلك الشاعر / الظاهرة الماجدي بن ظاهر ، لأنها غدت رواية على ألسن الكثير من الرواة الشعبيين .
لم يكن بن ظاهر قد قال شعرا بعد ، ولانعرف كم كان عمره عندما حدثت الحادثة ، ولم يعثر الباحثون على تاريخ محدد لمولده ولا لوفاته ، وقد تجمعت الروايات والحكايات الحقيقية ، وتلك التي قد تكون خرافية عن حياته وشعره . ولأن المخيلة البشرية شاسعة ، ولأنه لا يوجد تدوين وتوثيق علمي لتاريخ شعرنا الشعبي القديم ، فقد نسج الخيال الشعبي حول بن ظاهر العديد من القصص والحكايات التي تحمل كل واحدة منها مغزى ومعنى من خلال بضعة أبيات عميقة الدلالة ، أصبحت بمثابة الحكم والأمثال بين الناس .

كان بن ظاهر عائدا من ( ضنك ) في عمان ، وهي موضع خصيب ، يقع في الطريق بين ( العين ) و (عبري ) ، حيث كان يمتلك نخيلا هناك ، وكان يسير على جمل ، وخلفه جمل آخر يحمل أمتعته ، هذا الطريق هو طريق قوافل معروف يربط بين داخل عمان الصحراوي و ساحل الإمارات الشمالي .

وصل شاعرنا إلى ( رملة العنيج ) وهي موضع يقع اليوم إلى الشرق من العين قرب الهير في الطريق إلى ( الشويب ) و ( الذيد ) وفي العنيج نزل بن ظاهر بمطيتيه إلى هور ، وهو مكان منخفض من الأرض ، فترجل وسار ما شيا على قدميه , وفجأة سمع صوتا غامضا خلفه , عبارة عن همهمة من دون كلام واضح .التفت , فإذا به يرى امرأة , اعتقد في البداية أنها بدوية , لكنها في الحقيقة كانت ( أرضية ) أي جنية .

كانت الجنية خرساء ، وفي اللهجة ( بلمة ) ، ولاحظ أنها عطشى ،
فناولها ماء من قربته , بعد أن ارتوت لاحظ أنها تنظر إلى التمر , فعرف أنها جائعة , ففتح الجراب وناولها شيئا من التمر .

بعد أن ارتوت وشبعت ، حدث لها أمر غريب ، إذ تكلمت ولم تعد خرساء , ونطقت بدعاء لابن ظاهر لابن ظاهر , كان الدعاء هو أن يمنح الله هذا الرجل شيئا عظيما في حياته , لأنه أنقذها من الموت المحتم .

وصل بن ظاهر إلى أهله في ( سيح الغريف ) وبعد أيام فإذا به يقول الشعر ، وقد استغرب أهله وصحبه منه , فلم يعرفوه شاعرا يقول شعرا بهذا العمق والجزالة والجمال , واستنكروا عليه ذلك ، ولكن وكما تقول الحكاية ، كان ذلك إلهاما للشاعر بسبب كرمه ومساعدته للجنية الخرساء .

واليوم لمن يود أن يعرف ، هناك موضع مازال يسمى بنفس التسميه القديمة هو (( هور البلمه )) يعرفه أهل الشويب ، ويسمى بهذا الاسم بسبب ( جنية بن ظاهر ) .