أكّدت دراسة نشرها المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي التابع لكلية كينغز اللندنية، بشراكة مع «بي بي سي»، أمس، أن جماعات إرهابية في مختلف أنحاء العالم نفّذت نحو 664 هجمة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أسفرت عن مقتل 5042 شخصا في 14 بلدا، أي بمعدل ثلاث هجمات يوميا.

ويهدف التقرير نقلا عن الشرق الأوسط اللندنية، إلى رصد أنشطة الجماعات الإرهابية والمتطرفة من خلال تغطية شهر واحد من النشاط الإرهابي في جميع أنحاء العالم، وذلك باستخدام حالات الوفاة كمؤشر على وجودها وطريقة عملها. ويفيد التقرير بأنه على الرغم من صعوبة مقارنة نشاط الجماعات المتطرفة حاليا مع الفترات السابقة، فإنه من الواضح أن الجماعات الإرهابية العنيفة هي جماعات طموحة ومعقدة ومتطورة، تتمتع بوجود جغرافي واسع.



كما تسلط الدراسة الضوء على ثلاث نتائج أساسية، تشمل حجم المعاناة البشرية التي سببتها عمليات إرهابية، وضرورة إعادة تقييم تقديرات المجتمع الدولي وأصحاب القرار والأكاديميين لاتجاهات الفكر الإرهابي التطرفي، والتحولات النوعية التي تمر منها مختلف التنظيمات من حيث وسائل الترهيب والأهداف والغايات.



وتشير نتيجة التقرير الأولى إلى التكلفة البشرية الكبيرة والعدد المتزايد من الأرواح التي يحصدها الإرهاب. فخلال شهر واحد فقط تسبب الإرهابيون في مقتل 5042 شخصا. وعلى عكس الأصوات التي تردد بوضوح أن التقارير الإعلامية تبالغ في تقييمها لخطر الجماعات الإرهابية، فإن التقرير يؤكد على أن أغلب الهجمات الإرهابية التي شكلت أساس الدراسة الاستطلاعية لم تحظ باهتمام كاف من طرف وسائل الإعلام الغربية. وفي الواقع، لم تهتم وسائل الإعلام العالمية بالتفجيرات الانتحارية التي أسقطت 38 شخصا في دول غربية بشكل كاف، باستثناء الدول التي شهدت هذه العمليات.



أما في ما يتعلق بنتيجة التقرير الثانية، فتدعو إلى ضرورة إعادة تقييم التقدير العام للاتجاهات الإرهابية. فمنذ أقل من أربع سنوات كان يعتقد على نطاق واسع أن فترة الفكر الإرهابي المتطرف قد انتهت. ومع ذلك، ونتيجةً للفرص التي خلفتها الثورات العربية والزخم الذي سببته تنظيمات إرهابية مثل تنظيم داعش، فإنه يبدو أن الإرهابيين الآن أقوى وأكثر نشاطا من ذي قبل. وبناء على ذلك، وباعتبار «حركة التطرف» حركة عالمية، فإنه يصعب القضاء عليها من خلال هجمات طائرات من دون طيار فقط - مهما كانت فعاليتها في الفتك بقيادة تنظيم القاعدة.



أما الاستنتاج الأخير الذي توصل إليه التقرير فيفيد بأن الفكر الإرهابي ككل والجماعات الإرهابية في طور التحول. فعلى الرغم من اختلاف توجهاتها ومناهجها، يتضح أنها تبنت استراتيجيات تركز على الاستحواذ على الأراضي وإقامة أشكال حكم تتحدى الدول القائمة. كما أنها تظهر ديناميكية أكبر ووحشية مفرطة - ولعل تنظيم داعش و«بوكو حرام» خير دليل على ذلك.



وفي سياق متصل، أكد التقرير أن قيادة الحركة العالمية لتنظيم القاعدة تعرضت لتحد بشكل واضح وصريح، وهو ما يعني أن الجماعات الإرهابية قد تحارب بعضها بعضا في المستقبل بدلا من محاربة من تعتبرهم أعداء.



وبهدف إلقاء نظرة عالمية على الإرهاب، اعتمد التقرير على جمع حالات الوفاة التي سببتها أنشطة الجماعات الإرهابية والتي رصدتها البيانات خلال شهر نوفمبر 2014. وقام مركز كينغز لدراسة التطرف والعنف السياسي بالتعاون مع «بي بي سي» بتجميع موارد فكرية وصحافية ومهنية هائلة. وفي ما يلي أهم نتائج رصد التقرير للمعاناة البشرية الهائلة التي يتسبب فيها الإرهاب بشكل مستمر.



بينما يعد تنظيم داعش هو الأكثر فتكا وسط الجماعات الإرهابية، والصراع في سوريا والعراق حصد أكبر عدد من الوفيات، أدّت الهجمات التي شنتها جماعات إرهابية أخرى في 12 دولة غير سوريا والعراق إلى وقوع نحو 800 حالة قتل في نيجيريا وأفغانستان خلال شهر واحد.



وتوضح نتائج الرّصد أن 51 في المائة من ضحايا الإرهاب من المدنيين، وقد ترتفع هذه النسبة إلى 57 في المائة إذا تم ضم المسؤولين الحكوميين ورجال الشرطة وغيرهم من الأشخاص غير المقاتلين إلى الضحايا. علاوة على ذلك، وباعتبار اختلاف السياق والمكان، فإن الغالبية العظمى من ضحايا الجماعات الإرهابية مسلمون.



وتشير البيانات التي حصل عليها المركز إلى أن وسائل العنف والترهيب التي تعتمدها الجماعات الإرهابية عرفت نقلة نوعية في الفترة السابقة.



ويؤكد التقرير أن أكثر من 60 في المائة من حالات الوفاة المسببة بهجمات إرهابية نفّذتها تنظيمات لا علاقة رسمية لها بتنظيم القاعدة. وفي حين أن تنظيم القاعدة والجماعات التابعة له – خصوصا جبهة النصرة في سوريا وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية – لا تزال تلعب دورا مهما، فإن التعامل مع الجماعات الإرهابية وتنظيم القاعدة على أنهما الشيء نفسه أقل صحة من ذي قبل، وفقا لآخر المعطيات.