النوم آية من آيات الله، وهو معجزة تشهد على عظمة الخالق سبحانه وتعالى ودقة صنعه وإتقانه، ويقول العلماء بعد سنوات طويلة من البحث: إن النوم عملية معقدة جداً وهي ضرورية لاستمرار الحياة، ومن دون النوم لا وجود للحياة.



وقد ذكر الله سبحانه وتعالى لنا في القرآن الكريم ظاهرة النوم في معرض الامتنان علينا، والبيان لنا بأن هذه الظاهرة آية من آياته؛ وهذا البيان يدلنا على أمور كثيرة منها: إثبات أن النوم ضروري للإنسان، ومنها حصول الضرر لمن يخالف الفطرة التي جبل الله الخلق عليها من التمتع بالنوم، ومنها أن عدم النوم بالمقدار الذي يحتاجه الإنسان منه قد يفضي إلى الهلاك. إلى غير ذلك من المعارف حول هذه الظاهرة مما كان الإنسان في عصر تنزل القرآن الكريم على جهل تام بها؛ وما ذلك إلا لكونها مصنفة وإلى زمن قريب مع الأسرار الكونية، التي لا يحيط بها علما إلا الله جل وعلا.



يقول تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ}.. [الروم : 23]. وهنا نتوقف قليلاً ونتوقع ماذا يمكن أن يأتي بعد هذه الكلمات الإلهية الرائعة، فالآية تحدثنا عن آية النوم أي معجزة النوم، لأن كلمة (آية) تعني (معجزة)، أي أن تفسير الآية هو: ومن معجزاته نومكم في الليل وفي النهار.



ويقول تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا}.. [الفرقان : 47]. ويقول كذلك وهو أصدق القائلين: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا}.. [النبأ : 9]. ويقول جل وعلا: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.. [الزمر : 42]. وقال جل جلاله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}.. [القصص : 72].



وذكر الدكتور عبدالحفيظ الحداد في احدى أبحاثه عن النوم: " أنه من آيات الله التي اكتشفها العلماء الطبيعيون في ظاهرة النوم أن ملايين الخلايا في المخ تنفصل عن مقابلاتها حالة النوم وتتصل فتتماس ببعضها البعض حالة اليقظة، فالحادثة شبيهة بمفصل مجمع كهربائي ذي أسلاك اتصال تعد بالملايين وكل منها يؤدي وظيفة خاصة يتصل بناحية من أنحاء المدينة العظيمة، وإذا كان كل ذي حياة مما نعرف من الأحياء بحاجة إلى النوم فمن الذي يدبر أمر الأحياء وهي نائمة فاقدة شعورها الظاهر.



إن منطق حقائق هذا الكون يهدينا إلى ضرورة وجود موجود عظيم حي لا تأخذه سنة ولا نوم. سباتا: السبات أصله الراحة والسكون. قال الزجاج: السبات: أن ينقطع أي الحي عن الحركة والراحة في بدنه. فقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} أي وجعلنا نومكم راحة لكم. تقول لغة: سبت يسبت إذا نام لينال ما يحتاجه من الراحة.



وقد أثبت علماء الأحياء أن استرخاء الجسم في حالة النوم يساعد على تنظيم الدورة الدموية ومدها بالنشاط الجديد، ليساعد ذلك على طرد ما علق في أنحاء الجسم من مواد ضارة كان الأرق أو اليقظة الطويلة السبب في علوقها وترسبها".