النتائج 1 إلى 1 من 1
- 16-11-2014, 07:49 PM #1
والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله
اَلْحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِاِحْسَانٍ اِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَبَعْدُ؟ فَقَدْ سَاَلَنِي بَعْضُ الْاِخْوَةِ؟ مَاهِيَ عُقُوبَةُ السَّارِقِ فِي الشَّرِيعَةِ الْاِسْلَامِيَّة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي لَااَسْتَطِيعُ اَنْ اُعْطِيَكَ الْجَوَابَ فَوْراً؟ فَلَا بُدَّ اَنْ نُبَيِّنَ اَنَّ فِي عُقُوبَاتِ الشَّرِيعَةِ الْاِسْلَامِيَّةِ مَايُسَمَّى حُدُوداً؟ وَمَايُسَمَّى تَعْزِيرَاتٍ؟ وَالْحَدُّ هُوَ عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ مِنَ اللهِ شَرْعاً؟ لَايَجُوزُ النُّقْصَانُ مِنْهَا؟ وَلَا الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا؟ وَوَرَدَتْ هَذِهِ الْعُقُوبَةُ بِنُصُوصٍ صَرِيحَةٍ لَاتَحْتَمِلُ اِلَّا مَعْنىً وَاحِداً؟ فَحِينَمَا يَقُولُ اللهُ تَعَالَى مَثَلاً{اَلزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَة( فَكَلِمَة مِائَة هُنَا لَاتَحْتَمِلُ 101 جَلْدَة؟ وَلَاتَحْتَمِلُ 99 جَلْدَة اَيْضاً؟ فَهَذَا نَصٌّ قَطْعِيٌّ فِي مُرَادِ اللهِ مِنْ عَدَدِ هَذِهِ الْجَلْدَة؟ وَلَايَحْتَمِلُ اِلَّا مَعْنىً وَاحِداً؟ وَلَامَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيه؟ نَعَمْ اَخِي فَهَذِهِ الْعُقُوبَةُ الَّتِي مِقْدَارُهَا مِائَةَ جَلْدَة؟ تُسَمَّى حَدّاً؟ نَعَمْ اَخِي وَهُنَاكَ مَايُسَمَّى اَيْضاً فِي الشَّرِيعَةِ الْاِسْلَامِيَّةِ بِحَدِّ الْحَرَابَةِ اَوْ حَدِّ مُحَارَبَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَالسَّعْيِ فِي الْاَرْضِ فَسَاداً؟ وَهُنَاكَ مَايُسَمَّى اَيْضاً بِحَدِّ الرِّدَّةِ عَنْ دِينِ الْاِسْلَام؟ وَحَدِّ شُرْبِ الْخَمْرِ؟ وَحَدِّ قَذْفِ الْمُحْصَنِينَ الْمُؤْمِنِينَ الْغَافِلِينَ وَالْمُحْصَنَاتِ مِثْلَهُمْ اَيْضاً؟ وَحَدِّ السَّرِقَةِ؟ وَحَدِّ الزِّنَى؟ وَهُوَ الرَّجْمُ حَتَّى الْمَوْتِ لِمَنْ يَخُونُ زَوْجَتَهُ اَوْ تَخُونُ زَوْجَهَا؟ وَهُوَ الْجَلْدُ مِائَةَ جَلْدَةٍ لِمَنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ الزَّوَاج؟ فَاِذَا سَبَقَ لَهُ اَوْ لَهَا الزَّوَاجُ؟ فَالرَّجْمُ حَتَّى مَوْتِهِمَا حَتَّى وَلَوْ كَانَا مُطَلَّقَيْنِ اَوْ اَرْمَلَيْنِ؟ وَلَكِنْ لَايَجُوزُ رَجْمُهُمَا اَوْ جَلْدُهُمَا اَبَداً اِلَّا بِشُرُوطٍ صَعْبَةٍ جِدّاً؟ بَلْ هِيَ شِبْهُ مُسْتَحِيلَةٍ اِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَحِيلَة؟ وَهِيَ وُجُودُ الشُّهُودِ الْاَرْبَعَةِ عَلَيْهِمَا ذَوُو الْاَقْوَالِ الْمُتَطَابِقَةِ كَمَا سَيَاْتِي؟ اِلَّا اِذَا اَقَرَّا وَاعْتَرَفَا بِزِنَاهُمَا اَرْبَعَ مَرَّاتٍ مُتَتَالِيَةٍ اَوْ مُتَفَرِّقَةٍ اَمَامَ الْقَاضِي؟ نَعَمْ اَخِي وَهُنَاكَ مَايُسَمَّى اَيْضاً بِحَدِّ اللّوَاطِ وَالسِّحَاقِ عَلَى ضَوْءِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاللَّاتِي يَاْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ اَرْبَعَةً مِنْكُمْ؟ فَاِنْ شَهِدُوا فَاَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ اَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلَا(وَالْآيَةُ هُنَا تَحْتَمِلُ مَعْنَى السِّحَاق مِنِ امْرَاَةٍ مَعَ امْرَاَةٍ اُخْرَى مِثْلِهَا؟ وَتَحْتَمِلُ مَعْنَى الْخِيَانَةِ الزَّوْجِيَّةِ اَيْضاً مِنْ زَوْجَةٍ مَعَ رَجُلٍ عَشِيقُهَا اَوْ زَبُونُهَا؟ فَاِذَا اَخَذْنَا الْآيَةَ عَلَى مَعْنَى الْخِيَانَةِ الزَّوْجِيَّةِ؟ فَقَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُمْ وَلَهُنَّ سَبِيلاً بِالْجَلْدِ وَالنَّفْيِ مِنَ الْاَرْضِ خَارِجَ الْبِلَادِ وَالتَّغْرِيبِ سَنَةً كَامِلَةً اَوْ بِالسَّجْنِ دَاخِلَ الْبِلَادِ اَوْ خَارِجَهَا سَنَةً كَامِلَةً لِمَنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهَا الزَّوَاج وَبِالرَّجْمِ حَتَّى الْمَوْتِ لِمَنْ سَبَقَ لَهُمْ وَلَهُنَّ الزَّوَاجُ وَلَكِنْ بِشُرُوطٍ تَعْجِيزِيَّةٍ كَمَا ذَكَرْنَا لَا تَسْمَحُ لِلْقَاضِي بِعُقُوبَتِهِمَا اِلَّا اِذَا اَقَرَّا عَلَى اَنْفُسِهِمَا بِالْفَاحِشَة؟ ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى{وَاللَّذَانِ يَاْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا؟ فَاِنْ تَابَا وَاَصْلَحَا فَاَعْرِضُوا عَنْهُمَا؟ اِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيمَا(وَهَذِهِ الْآيَةُ اَيْضاً تَحْتَمِلُ مَعْنَى الزِّنَى الْمَعْرُوفِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْاَةِ اللَّذَيْنِ لَمْ يَسْبِقْ لَهُمَا الزَّوَاج؟ وَلَكِنَّهَا اَيْضاً تَحْتَمِلُ مَعْنَى اللّوَاطِ بَيْنَ رَجُلٍ وَرَجُلٍ مِثْلِه؟ وَالْاَذَى الْمَقْصُودُ فِي الْآيَةِ يَكُونُ بِالضَّرْبِ الْمُؤْذِي غَيْرِ الْقَاتِلِ بِالنِّعَالِ وَالْاَحْذِيَةِ لَهُمَا فِي حَالِ عَدَمِ وُجُودِ الشُّهُودِ الْاَرْبَعَة وَفِي حَالِ عَدَمِ الْاِقْرَار؟ فَاِذَا اَقَرَّا عَلَى اَنْفُسِهِمَا اربع مرات اَوْ شَهِدَ عَلَيْهِمَا اَرْبَعَةٌ اَقْوَالُهُمْ مُتَطَابِقَة لَاشُبْهَةَ فِيهَا؟ فَبِالْجَلْدِ الْمُؤْذِي غَيْرِ الْقَاتِل 100 جَلْدَة لِمنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ اَوْ لَهَا الزَّوَاج؟ وَبِالرَّجْمِ الْمُؤْذِي الْقَاتِلِ حَتَّى الْمَوْتِ لِمَنْ سَبَقَ لَهُ الزَّوَاجُ مِنْهُمَا سَوَاءٌ كَانَا زَانِيَيْنِ اَوْ لَائِطَيْنِ اَوْ سَاحِقَيْن؟ نَعَمْ اَخِي وَهُنَاكَ مَايُسَمَّى اَيْضاً بِحَدِّ الْقَذْفِ اَوْ رَمْيِ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنِينَ الرِّجَالِ اَمْثَالِهِنّ؟نعم اخي وَالْقَذْفُ اَوِ الرَّمْيُ هُوَ بِمَعْنَى اَنْ يَتَّهِمَ اِنْسَانٌ آخَرَ بِالزِّنَى اَوِ اللّوَاطِ اَوِ السِّحَاقِ اَوْ نِكَاحِ الْمَحَارِمِ دُونَ بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ اَوْ دَلِيلٍ شَرْعِيّ؟ فَهَذَا يُعَاقَبُ بِعُقُوبَةٍ مُقَدَّرَةٍ مَحْدُودَةٍ مِنَ الْحَدِّ الشَّرْعِيِّ مِقْدَارُهَا ثَمَانُونَ جَلْدَة؟ اِلَّا{الَّذِينَ يَرْمُونَ اَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ اِلَّا اَنْفُسُهُمْ(فَاِذَا اتَّفَقَ اَنْ كَانَ لَهُمْ شُهَدَاءُ ثَلَاثَة مَعَ اَنْفُسِهِمْ؟ فَيُصْبِحُ الْمَجْمُوعُ اَرْبَعَة مَعَ اَقْوَالٍ مُتَطَابِقَةٍ لَاشُبْهَةَ فِيهَا وَلَاشَكَّ؟ وَهَذَا صَعْبٌ جِدّاً اَنْ يَتَّفِقَ اِلَّا فِي اَحْوَالٍ نَادِرَةٍ جِدّاً؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ ياْمُرُ الْقَاضِي بِالزَّوْجَةِ الْخَائِنَةِ اَنْ تُرْجَمَ حَتَّى الْمَوْتِ وَلَايَثْبُتُ لَوَرَثَتِهَا شَيْءٌ مِنَ مَهْرِهَا؟ نَعَمْ اَخِي وَلَايَكُونُ ذَلِكَ اِلَّا اِذَا اتَّفَقَ وُجُودُ الشُّهُودِ الْاَرْبَعَة وَاِلَّا {فَشَهَادَةُ اَحَدِهِمْ(وَهُوَ زَوْجُهَا{اَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللهِ اِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِين؟ وَالْخَامِسَةُ اَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ اِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِين(فَاِذَا سَكَتَتِ الزَّوْجَةُ وَلَمْ تُدَافِعْ عَنْ نَفْسِهَا؟ فَمَعْنَى ذَلِكَ اَنَّهَا خَائِنَة؟ فَيَاْمُرُ الْقَاضِي بِهَا هُنَا اَيْضاً اَنْ تُرْجَمَ حَتَّى الْمَوْتِ وَاِلَّا{وَيَدْرَاُ عَنْهَا الْعَذَابَ(وَهُوَ عَذَابُ الرَّجْمِ لِاَنَّ فِيهِ مُعَانَاة مِنْ سَكَرَاتِ الْمَوْت{اَنْ تَشْهَدَ اَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ اِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِين؟ وَالْخَامِسَةَ اَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا اِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِين(فَعِنْدَ ذَلِكَ يُفَرِّقُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بِمَعْنَى يُطَلّقُهُمَا رَغْماً عَنْهُمَا وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ حُرْمَةً اَبَدِيَّةً وَلَايَجُوزُ لَهُ اَنْ يُعَاوِدَ الزَّوَاجَ مِنْهَا؟ لَكِنَّهُ يَنْجُو مِنْ عُقُوبَةِ الْقَذْفِ؟ وَتَنْجُو هِيَ اَيْضاً مِنْ عُقُوبَةِ الرَّجْمِ؟ وَمَعَ الْاَسَف فَاِنَّ مَهْرَهَا الْمُتَقَدِّمَ وَالْمُتَاَخِّرَ يَثْبُتُ لَهَا شَرْعاً وَتَحْصَلُ عَلَيْهِ كَامِلاً حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ خَائِنَة؟ وَلَكِنَّهَا سَتُغَرَّمُ بِهِ مِنْ حَسَنَاتِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَنْ قَامَتْ بِخِيَانَتِهِ ثُمَّ تُلْقَى فِي جَهَنَّمَ{اِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامَا؟ اِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَامَا} نَعَمْ اَخِي وَاَمَّا شَارِبُ الْخَمْرِ؟ فَقَدْ جَلَدَهُ اَبُو بَكْرٍ اَرْبَعِينَ جَلْدَة؟ وَجَلَدَهُ عُمَرُ ثَمَانِينَ جَلْدَة؟ فَقَالَ الْاِمَامُ عَلِيّ اِنَّ الْجَلْدَاتِ الثَّمَانِينَ اَحَبُّ اِلَى قَلْبِي؟ فَقِيلَ لَهُ لِمَاذَا يَا بْنَ عَمِّ رَسُولِ الله؟ فَقَالَ لِاَنَّ شَارِبَ الْخَمْرِ اِذَا سَكِرَ هَذَى مِنَ الْهَذَيَانِ وَهُوَ التَّخَبُّطُ فِي اَفْعَالِهِ وَاَقْوَالِه؟ وَاِذَا هَذَى افْتَرَى كَمَا يَفْتَرِي قَاذِفُ وَرَامِي الْمُحْصَنِينَ وَالْمُحْصَنَات؟ وَحَدُّ الِافْتِرَاءِ لَيْسَ اَرْبَعِين؟ وَاِنَّمَا ثَمَانُونَ كَمَا هُوَ حَدُّ الْقَذْفِ وَالرَّمْيِ وَالِافْتِرَاءِ عَلَى اَعْرَاضِ النَّاس؟ نَعَمْ اَخِي وَاَمَّا مَاعَدَا ذَلِكَ مِنَ الْعُقُوبَاتِ؟ فَاِنَّهَا تُعْتَبَرُ عُقُوبَاتٍ تَعْزِيرِيَّةً فِي الشَّرِيعَةِ الْاِسْلَامِيَّةِ؟ وَلَايَجُوزُ شَرْعاً اَنْ تَبْلُغَ مِقْدَارَ الْحُدُودِ الَّتِي شَرَعَهَا الله؟ وَاَرْجُو اَلَّا اَكُونَ نَسِيتُ شَيْئاً مِنْ هَذِهِ الْحُدُود؟ نَعَمْ اَخِي وَكَلِمَةُ تَعْزِيرِيَّة بِمَعْنَى اَنَّ وَلِيَّ الْاَمْرِ الْقَاضِي هُوَ الَّذِي يُقَدِّرُهَا حَسَبَ الْحَالَةِ وَحَسَبَ الْاَشْخَاص؟ نَعَمْ اَخِي وَكَلِمَةُ تَعْزِيِرِيَّة تَحْتَمِلُ الْمَعْنَى مِنَ التَّوْبِيخِ فِي اللُّغَة الْعَرَبِيَّة؟ وَلَكِنَّهَا اَيْضاً تَحْتَمِلُ عَكْسَ مَعْنَى التَّوْبِيخِ اَوْ ضِدَّهُ وَهُوَ الْمَدْحُ وَالثَّنَاءُ وَالنُّصْرَة بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله{فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوه(فَهَلْ يَقُولُ عَاقِلٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ اَنَّ عَزَّرُوهُ بِمَعْنَى وَبَّخُوه؟ بَلْ اِنَّهَا بِمَعْنَى آزَرُوهُ وَسَاعَدُوهُ وَنَاصَرُوهُ وَمَدَحُوهُ وَاَثْنَوْا عَلَيْهِ؟ نَعَمْ اَخِي وَتَكُونُ الْعُقُوبَةُ التَّعْزِيرِيَّةُ الَّتِي يُقَدِّرُهَا الْقَاضِي حَسَبَ الْحَالَةِ وَالْاَشْخَاص؟ فَاَحْيَاناً يَكُونُ اِنْسَانٌ مَا لَهُ مَكَانَتُهُ الِاجْتِمَاعِيَّة وَقَدْ اَخْطَاَ فِي حَقّكَ اَخِي؟ فَاِذَا عَبَسْتَ فِي وَجْهِهِ؟ فَاِنَّهُ يَشْعُرُ بِاَنَّهُ اَخْطَاَ وَلَنْ يَعُود؟ فَعُبُوسُكَ فِي وَجْهِهِ اَخِي؟ هُوَ عُقُوبَةٌ تَعْزِيرِيَّةٌ لَه؟ وَرُبَّمَا تُكَلّمُهُ بِلُطْفٍ اَخِي وَتَقُولُ لَهُ مَثَلاً اَنْتَ اِنْسَانٌ مُحْتَرَمٌ لَايَلِيقُ بِكَ اَنْ تَفْعَلَ هَذَا الْفِعْلَ؟ فَيَرْتَدِعُ خَجَلاً وَحَيَاءً مِنَ اللهِ وَمِنْكَ؟ فَهَذَا الْخَجَلُ وَالْحَيَاءُ الَّذِي جَلَبْتَهُ لَهُ مِنْ كَلَامِكَ اللَّطِيفِ مَعَهُ؟ هُوَ اَيْضاً عُقُوبَةٌ تَعْزِيرِيَّةٌ لَه؟ نَعَمْ اَخِي وَبَعْضُ النَّاسِ لَايَرْتَدِعُونَ اِلَّا بِشَيْءٍ مِنَ الشِّدَّة؟ فَهَذِهِ الشِّدَّةُ اَيْضاً هِيَ عُقُوبَةٌ تَعْزِيرِيَّة؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ التَّعْزِيرَ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ مُعَيَّنٌ كَالْحُدُودِ الَّتِي شَرَعَهَا الله؟ وَلِذَلِكَ كَانَ لَابُدَّ لِلْقَاضِي اَنْ يُقَدِّرَهُ بِاَقَلَّ مِنَ الْحَدِّ حَتَّى لَايَكُونَ ظَالِماً عَلَى مَنْ لَايَسْتَحِقُّ الْحَدّ؟ وَهَذَا شَرْطٌ ضَرُورِيٌّ حَتَّى تَصِحُّ تَسْمِيَتُهُ تَعْزِيراً؟ وَاِلَّا فَاِنَّهُ عُقُوبَةُ حَدٍّ ظَالِمَةٌ عَلَى مَنْ لَايَسْتَحِقُّهَا وَلَيْسَ عُقُوبَةَ تَعْزِيرٍ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهَا دُونَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا؟ نَعَمْ اَخِي وَلَابُدَّ لِي بَعْدَ هَذِهِ الْمُقَدِّمَة اَنْ اَتَحَدَّثَ الْآن عَنِ الشُّرُوطِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْ اَجْلِ اِقَامَةِ حَدِّ السَّرِقَة وَهُوَ قَطْعُ يَدِ السَّارِق؟ نَعَمْ اَخِي كَانَ الْاَصْمَعِيُّ عَالِماً كَبِيراً مِنْ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّة يَمْشِي فِي الصَّحْرَاء؟ فَجَاءَ اَعْرَابِيٌّ وَسَاَلَهُ قَائِلاً يَااَصْمَعِيّ؟ مَاهِيَ عُقُوبَةُ السَّرِقَة؟ فَقَالَ الْاَصْمَعِيّ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمَائِدَة{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا اَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللهِ؟ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيم؟ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَاَصْلَحَ فَاِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ؟ اِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيم(فَقَالَتْ لَهُ اَعْرَابِيَّة مَنْ اَنْتَ؟ فَقَالَ اَنَا الْاَصْمَعِيّ؟ فَقَالَتْ اَنْتَ صَاحِبُ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّة؟ هَلْ اَنْتَ مِنْ اَقْطَابِهَا؟ فَقَالَ نَعَمْ وَلَااُزَكِّي نَفْسِي وَلَااُزَكِّي عَلَى اللهِ اَحَداً؟ فَقَالَتْ لَهُ بَلْ اَنْتَ لَاتَفْقَهُ فِي اللُّغَةِ شَيْئاً؟ فَقَالَ لَهَا لِمَاذَا؟ فَقَالَتْ لَايُمْكِنُ اَنْ يَقُولَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ نَفْسِهِ غَفُورٌ رَحِيم؟ فَاَيْنَ الْغُفْرَانُ وَالرَّحْمَةُ مِنَ النَّكَالِ وَقَطْعِ يَدِ السَّارِق؟ وَلَايُمْكِنُ اَنْ يَقُولَ اللهُ عَنْ نَفْسِهِ فِي الدُّنْيَا اَنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم؟ فَكَيْفَ تَتَنَاسَبُ عِزَّتُهُ وَحِكْمَتُهُ وَقُوَّتُهُ وَجَبَرُوتُهُ مَعَ مَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَاَصْلَح؟ اِلَّا مَاكَانَ مِنْ قَوْلِ عِيسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ{اِنْ تُعَذّبْهُمْ فَاِنَّهُمْ عِبَادُك؟ وَاِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَاِنَّكَ اَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم(بِمَعْنَى اَنَّ بَابَ التَّوْبَةِ يَكُونُ مُغْلَقاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَايَبْقَى لِلظَّالِمِينَ ذَرَّةٌ مِنَ الْاَمَلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ اِلَّا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذّبُ مَنْ يَشَاء(وَلَايَبْقَى لِلظَّالِمِينَ ذَرَّةٌ مِنَ الْاَمَلِ فِي النَّجَاةِ مِنْ اَبَدِيَّةِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ اِلَّا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنَ الْاِيمَانِ بِلَا اِلَهَ اِلَّا الله مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله؟ نَعَمْ اَخِي فَرَاجَعَ الْاَصْمَعِيُّ نَفْسَهُ وَقَالَ لَهَا؟ قَاتَلَكِ اللهُ مَااَذْكَاكِ؟ وَكَلِمَة قَاتَلَكِ؟ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهَا حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ عَلَيْهَا اَنْ يُقَاتِلَهَا اللهُ لَا؟ وَاِنَّمَا الْمُرَادُ مِنْهَا التَّعَجُّب؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[ثَكِلَتْكَ اُمُّكَ يَامُعَاذ(فَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا دُعَاءَ الرَّسُولِ عَلَى مُعَاذٍ اَنْ يَحْتَرِقَ قَلْبُ اُمِّهِ عَلَيْهِ لَوْعَةً وَحُزْناً عَلَى فِرَاقِهِ لَا؟ وَاِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ التَّعَجُّبِ اَيْضاً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ سَارَّة زَوْجَةِ اِبْرَاهِيم{قَالَتْ يَاوَيْلَتَى اَاَلِدُ وَاَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخَا؟ اِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيب(وَكَلِمَة يَاوَيْلَتَى لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهَا حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ عَلَى نَفْسِهَا بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ وَالْهَلَاك؟ فَلَايَجُوزُ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِ اَبَداً اَنْ يَدْعُوَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْوَيْلِ اِلَّا مِنْ بَابِ التَّعَجُّبِ كَمَا يَعْرِفُ ذَلِكَ عُلَمَاءُ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ جَيِّداً؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الرِّوَايَةَ الَّتِي زَوَّرَهَا الرَّوَافِضُ قَبَّحَهُمُ اللهُ فِي دُعَاءِ الْاِمَامِ جَعْفَرَ لِلشَّيْخَيْنِ اَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ جَمِيعاً مَرْدُودَةٌ عَلَيْهِمْ فِي الْمَعْنَيَيْنِ الظَّاهِرِيِّ وَالْبَاطِنِيِّ مَعاً؟ فَبَدَلَ اَنْ يَدْعُوَ لَهُمَا اِذَا بِهِ يَدْعُو عَلَيْهِمَا فِي الْمَعْنَى الْبَاطِنِي الْخَبِيثِ الْحَقِيرِ عِنْدَ الشِّيعَة؟ وَلْنُسَلّمْ جَدَلاً وَافْتِرَاضِيّاً اَنَّ الْاِمَامَ جَعْفَر اَرَادَ مِنْ دُعَائِهِ لَهُمَا التَّقِيَّةَ؟ وَاَنَّهُ مَااَرَادَ اِلَّا الدُّعَاءَ عَلَيْهِمَا كَمَا يَزْعُمُون؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّنَا نَحْتَجُّ عَلَى الشِّيعَةِ بِقَوْلِنَا اَنَّهُ مَااَرَادَ حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ عَلَيْهِمَا وَلَوْ دَعَا عَلَيْهِمَا كَمَا تَزْعُمُونَ بِمَعْنَاكُمُ الْبَاطِنِي الشَّيْطَانِي الْخَبِيث؟ وَدَلِيلُنَا عَلَى ذَلِكَ هُوَ قَوْلُ زَوْجَةِ اِبْرَاهِيم{يَاوَيْلَتَى(فَاِنَّهَا مَااَرَادَتْ حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ عَلَى نَفْسِهَا؟ وَاِنَّمَا اَرَادَتِ التَّعَجُّبَ مِنْ قُدْرَةِ الله؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهَا فِي نَفْسِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ{اِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيب( وَدَلِيلُنَا عَلَى ذَلِكَ اَيْضاً هُوَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ لِمُعَاذ{ثَكِلَتْكَ اُمُّك(فَاِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام مَااَرَادَ حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ عَلَى مُعَاذ؟ وَاِنَّمَا اَرَادَ التَّعَجُّبَ مِنْ مُعَاذ كَيْفَ غَابَ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى{مَايَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ اِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد(وَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[ثَكِلَتْكَ اُمُّكَ يَامُعَاذ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ وَوُجُوهِهِمْ اِلَّا حَصَائِدُ اَلْسِنَتِهِمْ؟ وَدَلِيلُنَا عَلَى ذَلِكَ اَيْضاً هُوَ قَوْلُ الْاَصْمَعِيّ وَهُوَ مِنْ اَكَابِرِ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ لِلْمَرْاَة{قَاتَلَكِ الله(فَاِنَّهُ مَااَرَادَ بِذَلِكَ حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ عَلَيْهَا؟ وَاِنَّمَا اَرَادَ التَّعَجُّبَ مِنْ ذَكَائِهَا وَفِطْنَتِهَا اِلَى مَا لَمْ يَفْطَنْ اِلَيْهِ هُوَ؟ وَلِذَلِكَ اِنْ صَحَّ الْمَعْنَى الْبَاطِنِي الْخَبِيث الَّذِي تُفَسِّرُونَ بِهِ دُعَاءَ الْاِمَامِ جَعْفَرعَلَى الشَّيْخَيْنِ اَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَلَنْ يَصِحّ؟ فَاِنَّنَا لَنْ نُسَلّمَهُ لَكُمْ بِحَقِيقَتِهِ اَبَداً وَلَوْ صَحّ؟ وَهَذِهِ هِيَ الْاَدِلَّةُ مَوْجُودَةٌ اَمَامَكُمْ؟ لِاَنَّ الْاِمَامَ جَعْفَر مَااَرَادَ حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ عَلَيْهِمَا وَلَوْ عَلَى الْمَعْنَى الشَّيْطَانِي الْبَاطِنِي الْخَبِيثِ الْحَقِيرِ الَّذِي تَزْعُمُونَه؟ وَاِنَّما اَرَادَ التَّعَجُّبَ مِنْ فَضْلِهِمَا وَتَقْوَاهُمَا وَاِيمَانِهِمَا وَعَدْلِهِمَا وَذَكَائِهِمَا؟ وَدَلِيلُنَا فِي ذَلِكَ اَيْضاً هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى{قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً اِنْ اَرَادَ اَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ بْنَ مَرْيَمَ وَاُمَّهُ وَمَنْ فِي الْاَرْضِ جَمِيعَا(فَهَلْ اَرَادَ سُبْحَانَهُ هُنَا حَقِيقَةَ الْهَلَاكِ لِلْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَام وَلِلْمُؤْمِنِين؟ فَلَوْ اَرَادَ ذَلِكَ حَقِيقَةً فَلَنْ يَنْجُوَ الْمَسِيحُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مِنْ اَبَدِيَّةِ الْعَذَابِ فِي النَّار؟ لِاَنَّ حَقِيقَةَ الْهَلَاكِ لَاتَاْتِي اِلَّا بِمَعْنَى الْاَبَدِيَّةِ فِي الْعَذَاب؟ وَقَدْ تَاْتِي بِمَعْنَى الْمَوْت؟ وَلَكِنَّهُ لَايَكُونُ مَوْتاً اَبَدِيّاً؟ نَعَمْ اَخِي وَكَذَلِكَ كَلِمَة دَاعِشْ حِينَمَا نُطْلِقُهَا عَلَيْهِمْ؟ فَلَيْسَ مُرَادُنَا مِنْهَا التَّنَابُزُ بِالْاَلْقَابِ كَمَا تَتَّهِمُنَا بِذَلِكَ دَاعِش؟ وَاِنَّمَا الْمُرَادُ مِنْهَا التَّعَجُّبُ مِنْ جَهْلِهِمْ وَتَزَمُّتِهِمْ وَتَشَدُّدِهِمْ وَسَخَافَةِ عُقُولِهِمْ وَاَعْمَالِهِمُ الْوَحْشِيَّةِ الَّتِي لَايَسْتَحِقُّونَ بِسَبَبِهَا لَقَبَ الدَّوْلَةِ الْاِسْلَامِيَّة؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنِّي لَااَلُومُ دَاعِشَ بِسَبَبِ جَهْلِهَا بِقَدْرِ مَااَلُومُ الدُّوَلَ الْعَرَبِيَّةَ وَالْاِسْلَامِيَّةَ الْمُثَقَّفَةَ جَيِّداً بِنُورِ الْعِلْمِ وَالْبَصِيرَةِ وَالْحِكْمَة؟ بِسَبَبِ اسْتِهْتَارِهَا فِي اِقَامَةِ دَوْرَاتٍ تَدْرِيبِيَّةٍ فِي مَوْضُوعِ التَّكْفِيرِ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهُ وَمَنْ لَايَسْتَحِقُّه؟ فَلَقَدْ سَمِعْنَا عَنْ اِقَامَةِ دَوْرَاتٍ تَدْرِيبِيَّةٍ فِي مَوْضُوعِ عَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ بِرِعَايَةِ قَنَاةِ الْبَصِيرَة بَارَكَ اللهُ بِعُلَمَائِهَا وَمَشَايِخِهَا وَجَزَاهُمُ اللهُ خَيْراً؟ لَكِنْ هَلْ سَمِعْتُمْ يَوْماً مِنَ الْاَيَّامِ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ عَنْ اِقَامَةِ دَوْرَةٍ تَدْرِيبِيَّةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَوْضُوعِ التَّكْفِير؟ مَعَ الْعِلْمِ اَنَّهُ مَوْضُوعٌ خَطِيرٌ جِدّاً عَلَى عَقِيدَةِ الْمُسْلِم؟ لِاَنَّ مَنْ كَفَّرَ مُسْلِماً بِغَيْرِ حَقٍّ؟ فَقَدْ بَاءَ بِهَا وَرَجَعَتْ عَلَيْه؟ نَعَمْ اَخِي وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْاَصْمَعِيَّ رَحِمَهُ الله اَخْطَاَ فِي الْآيَة؟ وَكَانَ مِنَ الصَّوَابِ اَنْ يَقُول{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا اَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ الله وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيم؟ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَاَصْلَحَ فَاِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ؟ اِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيم(نَعَمْ اَخِي فَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مُجْمَلَة بِمَعْنَى اَنَّهَا تَحْتَاجُ اِلَى تَفْصِيلٍ وَتَوْضِيحٍ اَكْثَر؟ وَهَذِهِ هِيَ وَظِيفَةُ السُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ الْمُطَهَّرَةِ وَهِيَ الْبَيَان؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاَنْزَلْنَا اِلَيْكَ الذّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَانُزِّلَ اِلَيْهِمْ(مِنَ الْقُرْآن؟ نَعَمْ اَخِي فَالرَّسُولُ الْكَرِيمُ وَظِيفَتُهُ الْبَيَانُ لِمَا قَالَهُ الْقُرْآنُ فِي عُقُوبَةِ السَّارِقِ وَالسَّارِقَةِ وَهِيَ اَنْ تُقْطَعَ اَيْدِيَهُمَا؟ فَلَابُدَّ اَنْ تَكُونَ هُنَاكَ اسْتِثْنَاءَات بِمَعْنَى اَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَيْسَتْ عَلَى اِطْلَاقِهَا فِي الْقَطْعِ وَلَكِنْ بِشُرُوط كَمَا سَيَاْتِي؟ وَلَابُدَّ لَكَ اَخِي اَنْ تُلَاحِظَ مَلْحَظاً مُهِمّاً؟ وَهُوَ اَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدَّمَ الرَّجُلَ عَلَى الْمَرْاَةِ فِي عُقُوبَةِ السَّرِقَة؟ وَاَمَّا فِي عُقُوبَةِ الزِّنَى؟ فَقَدَّمَ سُبْحَانَهُ الْمَرْاَةَ عَلَى الرَّجُل؟ وَلَابُدَّ لَكَ اَنْ تُلَاحِظَ اَنَّ حَرْفَ الْوَاوِ بَيْنَ السَّارِقِ وَالسَّارِقَةِ؟ وَالْوَاوِ الْاُخْرَى بَيْنَ الزَّانِيَةِ وَالزَّانِي؟ لَاتُفِيدُ كُلٌّ مِنْهُمَا التَّرْتِيبَ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ اَقْوَالِ الْعُلَمَاء؟ بِمَعْنَى اَنَّهَا لَاتُفِيدُ فِي مَعْنَاهَا اَنْ نَبْدَاَ اَوّلاً بِعُقُوبَةِ الرَّجُلِ فِي السَّرِقَة ثُمَّ الْمَرْاَة وَالْعَكْسُ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلزِّنَى؟ لَكِنْ لَابُدَّ اَنْ يَكُونَ هُنَا فِي آيَةِ السَّرِقَة وَفِي آيَةِ الزِّنَا اَيْضاً مَلْحَظُ اهْتِمَامٍ رَبَّانِي اَوْ مَلْحَظ بَلَاغِي؟ فَحِينَمَا يَقُولُ الْقُرْآنُ الْكَرِيم{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ(فَاِنَّهُ يُقَدِّمُ السَّارِقَ عَلَى السَّارِقَةِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الرَّجُلَ اَقْدَرُ عَلَى السَّرِقَةِ غَالِباً مِنَ الْمَرْاَة؟ وَاَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلزِّنَا؟ فَالرَّجُلُ لَايَتَجَرَّاُ غَالِباً عَلَى الزِّنَا اِلَّا بِمُوَاطَاَةٍ مِنَ الْمَرْاَةِ وَتَشْجِيعٍ لَهُ وَتَحْرِيضٍ عَلَى الْاِقْبَالِ عَلَيْهَا حِينَمَا تَتَدَلَّعُ وَتَتَغَنَّجُ اَمَامَهُ وَتَتَكَسَّرُ فِي الْمَشْيِ اِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ اَسَالِيبِ الْاِغْوَاءِ وَالْاِغْرَاء؟ فَتَجْعَلُ لَهُ بِذَلِكَ مَرْتَعاً وَسَبَباً اِلَيْهَا؟ فَانْظُرْ اَخِي اِلَى بَلَاغَةِ الْقُرْآنِ حِينَمَا يَقُول{اَلزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا(فَمَا مَعْنَى السَّرِقَة يَااَخِي؟ نعم اخي عَلَيْكَ اَنْ تَلْتَقِطَ اَنْفَاسَكَ وَتَسْتَرِيحَ لِنَبْدَاَ بِمَوْضُوعِ الْمُشَارَكَةِ هُنَا عَلَى بَرَكَةِ الله؟ نَعَمْ اَخِي؟ اَلسَّرِقَةُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى الِاخْتِلَاس؟ بِمَعْنَى اَنْ تَاْخُذَ شَيْئاً خِلْسَة اَوْ خُفْيَة؟ وَالسَّرِقَةُ نَوْعَان؟ سَرِقَة مَادِّيَّة؟ وَسَرِقَة مَعْنَوِيَّة؟ اَمَّا السَّرِقَة الْمَعْنَوِيَّة؟ فَقَدْ يَكُونُ اثْنَانِ يَتَكَلَّمَانِ فِي اَسْرَارٍ شَخْصِيَّةٍ تَخُصُّهُمَا؟ فَيَاْتِي شَخْصٌ ثَالِثٌ وَيَسْرِقُ هَذِهِ الْاَسْرَار حِينَمَا يَسْتَمِعُ اِلَيْهِمَا مُتَجَسِّساً عَلَى حَدِيثِهِمَا وَيُفْشِيهَا؟ اَوْ يَسْرِقُ ثُمَّ يُفْشِي اَسْرَاراً عَسْكَرِيَّةً اَوْ مَادِّيَّةً اَوْ زِرَاعِيَّةً اَوْ تِجَارِيَّةً اَوْ صِنَاعِيَّةً اَوْ طِبِّيَّةً اَوْ فَنِّيَّةً تَعِبَ صَاحِبُهَا فِي تَحْضِيرِهَا ثُمَّ يَبِيعُهَا فِي السُّوقِ الْبَيْضَاءِ اَوِ السَّوْدَاء وَقَدْ يَنْجُو بِفَعْلَتِه؟ وَاَمَّا شَيَاطِينُ الْجِنِّ فَلَا يَنْجُونَ بِفَعْلَتِهِمْ اِذَا سَرَقُوا شَيْئاً مِنَ الْاَسْرَارِ السَّمَاوِيَّةِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِاُمُورِ الْغَيْبِ وَالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِد؟ اِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَاَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِب( وَكَلِمَة اِلَّا هُنَا هِيَ اسْتِثْنَاء مُنْقَطِع بِمَعْنَى اَنَّ السَّمَاءَ تَبْقَى مَحْفُوظَةً بِمَا فِيهَا مِنْ اَسْرَارِ الْغَيْبِ حَتَّى مِنَ الشَّيْطَانِ الْمَارِدِ الَّذِي يَسْتَرِقُ السَّمْعَ أيْ يُصْغِي اِلَى مَايَدُورُ مِنْ اَحَادِيثَ وَاَخْبَارٍ فِي السَّمَوَاتِ وَيَسْرِقُهُ وَيُخَبِّئُهُ لِيَحْفَظَهُ فِي ذَاكِرَتِهِ لِيَنْقُلَهُ لَاحِقاً اِلَى اِخْوَانِهِ الشَّيَاطِين لَوْلَا اَنَّ الشِّهَابَ الثَّاقِبَ يَكُونُ لَهُ بِالْمِرْصَادِ وَيَقْتُلُه؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ السَّحَرَةَ وَالْمُنَجِّمِينَ وَالْمُشَعْوِذِينَ وَالْكُهَّانِ وَالْعَرَّافِينَ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الطَّالِعَ وَالْحَظَّ وَالْاَبْرَاجَ اَوْ يَضْرِبُونَ بِالْمَنْدَلِ ثُمَّ يَزْعُمُونَ اَنَّهُمْ يَسْتَعِينُونَ بِالْجِنِّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ هُمْ كَاذِبُون لماذا؟ لِاَنَّ مَنْ هُوَ اَقْوَى وَاَكْبَرَ مِنْهُمْ مِنْ كِبَارِ شَيَاطِينِ الْجِنِّ مِنَ الْمَرَدَةِ الْاَقْوِيَاء لَايَعْلَمُونَ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْبِ كُلّهِ شَيْئاً؟ بَلْ لَايَتَجَرَّؤُونَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ مِنْ مَصْدَرِهِ الْاَصْلِي وَهُوَ السَّمَوَاتُ الْعُلَى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ الْجِنِّ قَبْلَ اَنْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْقُرْآنِ وَحِينَمَا كَانُوا شَيَاطِين{وَاَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَدَا(أيْ يَتَرَصَّدُهُ لِيَقْتُلَه؟ نَعَمْ اَخِي وَسَنَتَحَدَّثُ عَنِ السَّرِقَةِ الْمَادِّيَّةِ لَاحِقاً؟ وَاَمَّا مَفْهُومُ السَّرِقَةِ فِي الِاصْطِلَاحِ الشَّرْعِي الْاِسْلَامِي؟ فَهُوَ اَخْذُ مَالٍ مُعَيَّنٍ لَاحَقَّ لَهُ فِيهِ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ؟ بِمَعْنَى اَنْ يَاْخُذَ السَّارِقُ مَالاً؟ بِمَعْنَى اَنْ يَاْخُذَ شَيْئاً مُتَقَوَّماً؟ بِمَعْنَى شَيْئاً لَهُ قِيمَة؟ بِمَعْنَى اَنَّهُ لَوْ سَرَقَ بَصَلَةً مِنَ الْبَصَلِ الْمَعْرُوفِ مَثَلاً؟ فَهَذِهِ لَاقِيمَةَ لَهَا؟ فَلَابُدَّ لَهُ اَنْ يَسْرِقَ قِيمَةً مَالِيَّةً مُقَدَّرَة حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْعُقُوبَةَ كَمَا سَيَاْتِي؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَقَدْ قَدَّرَ الْفُقَهَاءُ قَدِيماً هَذِهِ الْقِيمَةَ الْمَالِيَّةَ الَّتِي تُوجِبُ الْعُقُوبَةَ عَلَى السَّارِقِ بِرُبْعِ دِينَارٍ ذَهَبِيّ؟ فَلَايَجُوزُ قَطْعُ يَدِ السَّارِقِ بِاَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ ذَهَبِي؟ وَاَمَّا فِي اَيَّامِنَا فَعَلَيْكَ اَخِي الْقَاضِي الشَّرْعِي فِي دَوْلَةٍ اِسْلَامِيَّةٍ تُقِيمُ حُدُودَ اللهِ اَنْ تَنْتَبِهَ جَيِّداً؟ اِلَى اَنَّ رُبْعَ دِينَارٍ ذَهَبِيّ؟ كَانَ فِي الْمَاضِي يُطْعِمُ اُسْرَةً كَامِلَة؟ بِسَبَبِ مَاكَانَ لَهُ مِنْ قُوَّةٍ شِرَائِيَّةٍ كَبِيرَة؟ وَاَمَّا فِي اَيَّامِنَا؟ فَرُبَّمَا قَلَّتْ اَوْ ضَعُفَتْ قُوَّتُهُ الشِّرَائِيَّة؟ فَلَابُدَّ لَكَ اَخِي الْقَاضِي اِذَا اَرَدْتَّ اَنْ تَقْطَعَ يَدَ السَّارِقِ؟ مِنْ حَسَابِ القُوَّةِ الشِّرَائِيَّةِ لِنِصَابِ الْمَالِ الْمَطْلُوبِ لِقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَكَيْفَ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ؟ مِنْ اَجْلِ تَعَادُلِهَا مَعَ القُوَّةِ الشِّرَائِيَّةِ فِي اَيَّامِنَا؟ وَلِذَلِكَ اَخِي الْقَاضِي فَاِنَّ النِّصَابَ الْمُسْتَحَقَّ مِنْ اَجْلِ تَنْفِيذِ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ؟ يَخْتَلِفُ مِنْ زَمَانٍ اِلَى زَمَان؟ وَلِذَلِكَ لَايُمْكِنُنَا بِحَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ اَنْ نُفْتِيَ بِرُبْعِ دِينَارٍ ذَهَبِيٍّ فِي اَيَّامِنَا؟ فَقَدْ يَكُونُ النِّصَابُ اَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِكَثِير؟ بَلْ نُحَدِّدُ النِّصَابَ الْمَطْلُوبَ مِنْ اَجْلِ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ؟ بِمَا يُعَادِلُ الْقُوَّةَ الشِّرَائِيَّةَ الَّتِي كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله؟ وَلِذَلِكَ اَقُولُ وَبِاللهِ التَّوْفِيق؟ اِنَّ النِّصَابَ هُوَ مِقْدَارٌ مُعَيَّنٌ مِنَ الْمَال؟ وَرَدَ فِي حَدِيثِ رَسُولِ الله[لَاقَطْعَ بِاَقَلَّ مِنْ رُبُعِ دِينَار(نَعَمْ اَخِي رُبُعُ دِينَارٍ كَانَتْ لَهُ قِيمَتُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله؟ وَاَمَّا فِي اَيَّامِنَا؟ فَمِنَ الْجَائِزِ اَنَّهُ لَاقِيمَةَ لَه؟ وَلِذَلِكَ لَابُدَّ مِنَ الِاسْتِعَانَةِ بِعُلَمَاءِ الِاقْتِصَادِ وَتَدَاوُلِ الْعُمُلَاتِ؟ مِنْ اَجْلِ تَحْدِيدِ النِّصَابِ الْمَطْلُوبِ مِنَ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ الَّذِي يَجْعَلُ السَّارِقَ مُسْتَحِقّاً لِعُقُوبَةِ الْقَطْعِ؟ فَلَابُدَّ اَنْ يَكُونَ لِلنِّصَابِ قِيمَةٌ مَالِيَّةٌ مُحْتَرَمَةٌ حَتَّى يَسْتَحِقَّ السَّارِقُ الْقَطْعَ؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَنِ السَّرِقَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ؟ وَنَاْتِي الْآنَ اِلَى السَّرِقَةِ الْمَادَّيَّة وَهِيَ اَنْوَاع؟ مِنْهَا السَّرِقَة؟ وَالْغَصْبُ؟ وَالْخَطْفُ؟ وَالِاخْتِلَاسُ؟ وَالطَّرُّ؟ وَالنَّبْشُ؟ نَعَمْ اَخِي؟ اَمَّا السَّرِقَة؟ فَهِيَ اَنْ تَاْخُذَ الْمَالَ خِلْسَةً دُونَ عِلْمِ صَاحِبِهِ؟ بِمَعْنَى اَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ الَّذِي تَسْرِقُهُ لَايَعْلَمُ بِكَ وَلَايَرَاكَ وَلَايَشْعُرُ بِكَ اَنَّكَ تَسْرِقُهُ وَهَذِهِ هِيَ السَّرِقَة؟ وَاَمَّا الْغَصْبُ؟ فَهُوَ اَنْ تَاْخُذَ الشَّيْءَ مِنْ صَاحِبِهِ عُنْوَةً وَقُوَّة؟ بِمَعْنَى رَغْماً عَنْهُ؟ اَوْ لَكَ اَخِي مَكَانَة اَوْ مَرْكَز اَوْ جَاهٌ اَوْ سُلْطَان فَتَسْتَوْلِي عَلَيْهِ بِقُوَّتِكَ الْمَادِّيَّةِ اَوِ الْمَعْنَوِيَّةِ رَغْماً عَنْهُ؟ فَهَذَا يُسَمَّى غَصْباً؟ وَاَمَّا الْخَطْفُ؟ فَمَثَلاً حِينَما تَكُونُ تَاجِراً اَخِي؟ فَتَعْرِضُ بِضَاعَتَكَ عَلَى مَدْخَلِ الدُّكَّانِ؟ فَيَاْتِي اِنْسَانٌ وَيَاْخُذُ شَيْئاً مِنْهَا وَيَجْرِي بِهِ رَاكِضاً سَرِيعاً؟ اَوْ مَثَلاً سَيِّدَةٌ وَاقِفَةٌ فِي السُّوقِ مَعَهَا مِحْفَظَةٌ اَوْ حَقِيبَة؟ فَيَاْتِي اِنْسَانٌ مَا وَيَخْطُفُهَا مِنْ يَدِهَا وَيَذْهَبُ بِهَا؟ فَهَذَا هُوَ الْخَطْفُ؟ وَاَمَّا الِاخْتِلَاسُ؟ فَهُوَ اَنْ تَكُونَ اَخِي مُؤْتَمَناً عَلَى الْمَالِ فِي صَنْدُوقٍ اَوْ خَزِينَة؟ فَتَخْتَلِسُ مِنْهُ؟ بِمَعْنَى تَاْخُذُ شَيْئاً مِنْهُ؟ فَهَذَا يُسَمَّى اخْتِلَاساً؟ وَاَمَّا الطَّرُّ فَهُوَ النَّشْلُ وَهُوَ كَلِمَة مَاْخُوذَة مِنْ طَرَّ الْمَال بِمَعْنَى نَشَلَهُ بِجَمِيعِ اَنْوَاعِ النَّشْلِ وَاَسَالِيبِ السَّرِقَةِ وَاَدَوَاتِهَا وَسَكَاكِينِهَا الَّتِي تَخْلَعُ الْاَبْوَاب وَتُمَزّقُ الْاَجْسَادَ وَالثّيَاب وَمَفَاتِيحِهَا الَّتِي لَاتَخْطُرُ عَلَى بَال وَالَّتِي تَفُكُّ اَصْعَبَ اَنْوَاعِ الشِّيفْرَاتِ الْمُقْفَلَةِ فِي الْبُيُوتِ وَالْمَحَلَّاتِ وَالْاَمَاكِنِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ وَالسَّيَّارَات وَمَا ثُقُلَ وَمَاخَفَّ حِمْلُهُ مِنَ الْمَسْرُوقَات وَاَضْرِبُ لَكَ مَثَلاً بَسِيطاً عَلَى الطّرِّ كَاَنْ تَكُونَ اَخِي مَثَلاً وَاقِفاً فِي زَحْمَةٍ خَانِقَةٍ فِي الْاُوتُوبِيسِ اَوِ الْبَاصِ فَيَاْتِي اِنْسَانٌ مَا مِنْ وَرَائِكَ وَيَسْتَلُّ مِنْ جُيُوبِكَ الْمَالَ اَوِ الْمُوبَايْلَ اَوِ الْمِحْفَظَةَ الَّتِي تَحْوِي اَمْوَالَكَ وَبِطَاقَتَكَ الشَّخْصِيَّةَ وَاَوْرَاقَكَ الْمُهِمَّةَ وَقَدْ تَشْعُرُ بِهِ وَقَدْ لَاتَشْعُرُ وَقَدْ تَتَمَكَّنُ مِنَ الْقَبْضِ عَلَيْهِ وَقَدْ لَاتَتَمَكَّن؟ وَاَمَّا النَّبْشُ فَهُوَ اَنْ يَنْبُشَ السَّارِقُ الْقُبُورَ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَسْرِقَ اَكْفَانَ الْمَوْتَى؟ نَعَمْ اَخِي وَهُنَاكَ اَيْضاً مَايُسَمَّى سَرِقَة بِالتَّرَاضِي اَوْ بِالِاسْتِغْلَال اَوْ بِالِاسْتِعْبَادِ بِلُقْمَةِ الْعَيْشِ اَوِ الِاسْتِعْبَادِ الْجِنْسِيِّ الَّذِي يَسْرِقُ الْقُلُوبَ وَيَجْعَلُهَا تَمِيلُ اِلَى الْفَاحِشَةِ مِنْ اَجْلِ تَحْصِيلِ الْمَال اَوْ بِالنَّصْبِ اَوْ بِالِاحْتِيَالِ اَوْ بِالتَّزْوِيرِ اَوْ بِالْغُبْنِ وَهِيَ الرِّبَا وَالْيَانَصِيب اَوِ الْقِمَار وَالِاحْتِكَار وَالرِّشْوَة وَالْغِشّ وَالْاَيْمَانِ الْكَاذِبَةِ الْفَاجِرَةِ الَّتِي يَقْتَطِعُونَ بِهَا مِنْ حُقُوقِ النَّاس وَكُلُّهَا تَنْدَرِجُ تَحْتَ مُسَمَّى اَكْلِ اَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ؟ وَلَهَا جَمِيعُهَا عُقُوبَة تَعْزِيرِيَّة وَلَيْسَتْ مَوْضُوعَ مُشَارَكَتِنَا الْآن؟ نَعَمْ اَخِي وَلِكُلِّ مِنْ هَذِهِ الْاَنْوَاعِ مِنَ السَّرِقَةِ عُقُوبَتُهُ الْخَاصَّةُ الَّتِي تَخْتَلِفُ عَنْ عُقُوبَةِ الْآخَر؟نَعَمْ اَخِي اَمَّا الْغَاصِبُ وَالنَّابِشُ وَالطَّرَّارُ النَّشَّالُ؟ فَلَايَنْجُو وَاحِدٌ مِنْهُمْ جَمِيعاً مِنْ قَطْعِ يَدِهِ اِذَا تَحَقَّقَتْ جَمِيعُ الشُّرُوطُ الْمَطْلُوبَةُ مِنْ بِدَايَةِ الْمُشَارَكَةِ اِلَى نِهَايَتِهَا دُونَ الْاِخْلَالِ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ مِنْهَا وَدُونَ اِهْمَالِهِ وَدُونَ الِاسْتِهْتَارِ وَلَوْ بِشَعْرَةٍ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوط وَعَلَى رَاْسِهَا النَّجَاةَ الْكُبْرَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ في قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[اِدْرَؤُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ مَااسْتَطَعْتُمْ(كَمَا سَيَاْتِي؟ بِمَعْنَى اَنَّ السَّارِقَ عِنْدَ اللهِ كَالْغَرِيقِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِقَشَّة؟ فَكَمَا اَنَّ الْغَرِيقَ قَدْ يَنْجُو بِهَذِهِ الْقَشَّةِ مِنَ الْغَرَقِ بِفَضْلِ الله؟ فَكَذَلِكَ السَّارِقُ يَنْجُو بِفَضْلِ اللهِ اَيْضاً مِنْ قَطْعِ يَدِهِ بِهَذِهِ الْقَشَّةِ وَلَوْ كَانَتْ بِحَجْمِ شَعْرَةٍ مِنَ الشُّبْهَةِ الَّتِي يَحْكُمُ بِهَا الْقَاضِي بِنَجَاتِهِ مِنَ الْقَطْعِ وَاِنْ كَانَ لَايَنْجُو مِنَ الْعُقُوبَةِ التَّعْزِيرِيَّة؟ وَهَذَا الْكَلَامُ يَنْطَبِقُ عَلَى الْقَاتِلِ اَيْضاً فَاِنَّهُ يَنْجُو مِنْ حَبْلِ الْمَشْنَقَةِ وَعُقُوبَةِ الْاِعْدَامِ اِذَا كَانَ هُنَاكَ شَعْرَةٌ مِنَ الشُّبْهَةِ فِي احْتِمَالِ بَرَاءَتِهِ وَلَمْ تَتَوَفَّرْ عِنْدَ الْقَاضِي الْاَدِلَّةُ الْكَافِيَةُ لِاِدَانَتِهِ وَاِنْ كَانَ لَايَنْجُو مِنْ رَقَابَةِ الدَّوْلَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ اِطْلَاقِ سَرَاحِهِ؟ وَحَتَّى وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مُذْنِباً يَسْتَحِقُّ الْاِعْدَام؟ فَاِنَّهُ يَنْجُو اَيْضاً اِذَا حَكَمَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِدِيَةِ اَهْلِ الْقَتِيلِ اَوْعَفْوِهِمْ؟ نَعَمْ اَخِي وَكَذَلِكَ الزَّانِي يَسْتَطِيعُ النَّجَاةَ مِنَ الرَّجْمِ اَوِ الْجَلْدِ بِشُبْهَةٍ كَمَا سَيَاْتِي؟ نعم اخي وَاَمَّا الْمِسْكِينُ الْوَحِيدُ الَّذِي لَايَنْجُو مِنْ جَلْدِهِ ثَمَانِينَ وَرَدِّ شَهَادَتِهِ وَالطَّعْنِ بِهَا وَاِسْقَاطِ اَكْثَرِ حُقُوقِهِ الْمَدَنِيَّةِ وَلَوْ شَفَعَ لَهُ النَّاسُ جَمِيعاً؟ وَلَوْ تَعَلَّقَ بِالْقَشَّةِ وَبِالشَّعْرَة؟ بَلْ وَلَوْ تَعَلَّقَ بِاَسْتَارِ الْكَعْبَة؟ بَلْ وَلَوْ تَعَلَّقَ بِعَرْشِ الرَّحْمَن؟ فَهُوَ الرَّامِي الْمُعَمِّرُ الْقَاذِفُ وَقَائِدُ الدَّبَّابَةِ وَسَائِقُهَا؟عَفْواً اَخِي اَقْصِدُ مِمَّنْ يَتَطَاوَلُ مِنْهُمْ عَلَى اَعْرَاضِ النَّاسِ كَمَا سَيَاْتِي فِي نِهَايَةِ الْمُشَارَكَة؟ نَعَمْ اَخِي وَاَمَّا السَّارِقُونَ فَاِنَّهُمْ يَسْتَطِيعُونَ النَّجَاةَ مِنْ حَدِّ الْقَطْعِ لَا مِنَ التَّعْزِيرِ اِذَا كَانَ اتِّهَامُ النَّاسِ لَهُمْ بِصِيغَةِ اَخَذَوا مِنَّا وَلَمْ يَتَّهِمُوهُمْ بِصِيغَةِ سَرَقَوا مِنَّا؟ فَاِذَا لَمْ تُسْعِفُوهُمْ ايها الاخوة وَتُنْقِذُوهُمْ مِنَ الْقَطْعِ وَلَوْ بِشُبْهَةٍ صَغِيرَةٍ جِدّاً فَلَا يَنْجُو وَاحِدٌ مِنْهُمْ مِنْهُ؟ قَدْ يَقُولُ قَائِل اُرِيدُ اَنْ اَفْهَمَ اَيُّهَا الْاِخْوَة مَاذَا سَتَخْسَرُونَ مِنْ جُيُوبِكُمْ اِذَا قُلْتُمْ لِلشَّرِطَةِ اَوْ النِّيَابَةِ الْعَامَّةِ قَبْلَ اَنْ يَصِلَ الْاَمْرُ اِلَى الْقَضَاء اَخَذَ مِنَّا هَذَا الْمُتَّهَمُ اَمْوَالَنَا؟ وَمَاذَا سَتَرْبَحُونَ اِذَا قُلْتُمْ سَرَقَ مِنَّا اَمْوَالَنَا؟ فَرُبَّمَا تَعُودُ اِلَيْكُمْ اَمْوَالَكُمُ الْمَسْرُوقَةُ؟ وَلَكِنَّكُمْ سَتَعِيشُونَ فِي خَوْفٍ وَقَلَقٍ وَرُعْبٍ وَفَزَعٍ شَدِيدٍ مِنْ عِصَابَاتِ السَّرِقَةِ وَالْمَافْيَا الَّتِي رُبَّمَا تَنْتَقِمُ مِنْكُمْ بِسَبَبِ قَطْعِ يَدِ فَرْدٍ مِنْ اَفْرَادِهَا؟ اَوْ رُبَّمَا يَنْتَقِمُ مِنْكُمُ السَّارِقُ نَفْسُهُ مَهْمَا طَالَتِ الْاَيَّام؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ تَابِعْ مَعِي الْمُشَارَكَة مِنْ بِدَايَتِهَا اِلَى نِهَايَتِهَا لِتَعْرِفَ الْجَوَاب؟ نَعَمْ اَخِي وَاَمَّا الْمُخْتَلِسُ فَلَايَجُوزُ قَطْعُ يَدِهِ بِسَبَبِ وُجُودِ شُبْهَة وَهِيَ اَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ قَدْ وَثِقَ بِهِ وَائْتَمَنَهُ فَخَانَ هَذِهِ الْاَمَانَة؟ فَتَقَعُ الْمَلَامَةُ عَلَى مَنْ وَثِقَ بِهِ وَائْتَمَنَهُ؟ وَلَاتَقَعُ عَلَى الْخَائِنِ اِلَّا بِعُقُوبَةٍ تَعْزِيرِيَّة لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الَّذِي وَثِقَ بِهِ وَائْتَمَنَهُ لَمْ يَفْعَلْ مَايَكْفِي مِنْ اَجْلِ الْحِفَاظِ عَلَى اَمْوَالِه؟ اِذْ كَانَ لَابُدَّ لَهُ مِنْ فَرْضِ رَقَابَةٍ صَارِمَةٍ عَلَيْهِ قَبْلَ اَنْ يَخْتَلِسَ اَمْوَالَه؟ وَلِذَلِكَ لَايَلُومَنَّ اِلَّا نَفْسَهُ بِسَبَبِ تَقْصِيرِهِ وَاسْتِهْتَارِه؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُول{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنّ(فَاَيْنَ ذَهَبَ هَذَا الْمُسْتَهْتِرُ بِبَقِيَّةِ الظَّنِّ الَّذِي لَمْ يَاْمُرْ سُبْحَانَهُ بِاجْتِنَابِهِ؟ بَلْ اَمَرَ بِمُلَاحَقَتِهِ وَلَوْ بِخَيْطٍ رَفِيعٍ مِنْ اَجْلِ الْوُصُولِ اِلَى الْحَقِيقَة؟ وَلَايَكُونُ ذَلِكَ اِلَّا بِفَرْضِ الرَّقَابَةِ الصَّارِمَةِ عِنْدَ حُصُولِ الشَّكِّ وَعَلَى مَبْدَاٍ شَرْعِيٍّ صَحِيحٍ وَهُوَ سُؤَالُ الْمُخْتَلِسِ مِنْ اَيْنَ لَكَ هَذَا؟ ثُمَّ مَايُدْرِينَا اَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ هُوَ الَّذِي قَامَ بِالِاخْتِلَاسِ بِنَفْسِهِ ثُمَّ اتَّهَمَ مَنِ ائْتَمَنَهُ وَوَثِقَ بِهِ؟ ثُمَّ مَايُدْرِينَا اَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ قَامَ بِذَلِكَ الِاخْتِلَاسِ مِنْ اَجْلِ اَنْ تُعَوِّضَ عَلَيْهِ شَرِكَاتُ التَّاْمِينِ هَذَا الِاخْتِلَاسَ الْمَزْعُوم؟ ثُمَّ مَايُدْرِينَا اَنَّ هُنَاكَ تَوَاطُئاً بَيْنَ صَاحِبِ الْمَالِ وَبَيْنَ مَنِ ائْتَمَنَهُ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَاس؟ نَعَمْ اَخِي وَاَضْرِبُ لَكَ مُثَلاً آخَر؟ فَلَوْ اَنَّكَ اَدْخَلْتَ اِنْسَاناً مَا تَثِقُ فِيهِ اِلَى حَدِيقَةِ بَيْتِكَ اَوْ اِلَى بُسْتَانِكَ؟ ثُمَّ ذَهَبْتَ مِنْ اَجْلِ تَحْضِيرِ فِنْجَانٍ مِنَ الشَّايِ اَوِ الْقَهْوَةِ لَهُ؟ فَغَافَلَكَ خِلْسَةً وَاخْتَلَسَ شَيْئاً مِنَ الثّمَارِ عَلَى الْاَشْجَارِ وَقَطَفَهَا وَاَكَلَ مِنْهَا؟ فَهَلْ نُفْتِي بِقَطْعِ يَدِهِ وَلَوِ اخْتَلَسَ شَيْئاً مِنْ هَذِهِ الثّمَارِ وَخَبَّاَ مِنْهَا فِي جُيُوبِهِ وَاَخَذَهَا مَعَهُ اِلَى بَيْتِه؟ نَعَمْ اَخِي لَايُمْكِنُنَا اَنْ نُفْتِيَ بِذَلِكَ حَتَّى وَلَوْ كَانَ لِاَمْوَالِكَ حِرْزٌ وَاقِي فِي بَيْتِكَ اَوْ حَدِيقَتِكَ فَسَرَقَ مِنْهَا لِمَاذَا؟ لِاَنَّكَ ائْتَمَنْتَهُ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ ائْتِمَانَكَ لَهُ هُوَ حِرْزٌ وَاقِي لَهُ اَيْضاً يُنْجِيهِ مِنْ عُقُوبَةِ الْقَطْعِ وَاِنْ كَانَ لُايُنْجِيهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ التَّعْزِيرِيَّة؟ فَلِمَاذَا يَنْجُو مِنْ عُقُوبَةِ الْقَطْعِ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ لِاَنَّ ائْتِمَانَكَ لَهُ وَوُثُوقَكَ فِيهِ هُوَ الْحِرْزُ الْوَاقِي الْاَقْوَى بِكَثِيرٍ مِنْ حِرْزِ الثّمَارِ اَوِ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ الَّذِي كُنْتَ تَحْتَفِظُ بِهِ فِيه؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّهُ يَنْجُو مِنَ الْقَطْعِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّكَ حِينَمَا اَدْخَلْتَهُ اِلَى بَيْتِكَ ائْتَمَنْتَهُ وَوَثِقْتَ بِهِ؟ وَهَذَا مَعْنَاهُ اَنَّكَ جَعَلْتَ مِنَ الْمُخْتَلِسِ حِرْزاً وَاقِياً لِبَيْتِكَ وَمَكْتَبِكَ وَشَرِكَاتِكَ وَاَمْوَالِك؟ فَاِذَا اَفْتَيْنَا بِقًطْعِ يَدِهِ فَمَعْنَى ذَلِكَ اَنَّنَا نَعْتَدِي كَمَا يَعْتَدِي السَّارِقُ عَلَى هَذَا الْحِرْزِ الْوَاقِي لِاَمْوَالِك؟ وَلِذَلِكَ لَايُمْكِنُنَا الْاِفْتَاءُ اِلَّا بِعُقُوبَةٍ تَعْزِيرِيَّةٍ لِلْمُخْتَلِسِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُول{لَيْسَ عَلَى الْاَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْاَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى اَنْفُسِكُمْ اَنْ تَاْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ اَوْ مِنْ بُيُوتِ اَوْ اَوْ اَوْ اَوْ اِلَى اَنْ قَالَ سُبْحَانَهُ اَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ(مِنْ خَزَائِنِ الْاَمْوَالِ فِي الشَّرِكَاتِ وَالْمَكَاتِبِ وَالْبُيُوتِ الَّتِي ائْتَمَنَكُمْ صَاحِبُ الْمَالِ عَلَيْهَا بِدَلِيلِ اَنَّهُ اَعْطَاكُمْ مَفَاتِحَهَا؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ كَوْنَهُ اَعْطَاكُمْ مَفَاتِحَهَا؟ يُوحِي بِاَنَّهُ سَمَحَ لَكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ مُلْكِيَّتِهَا وَشَيْءٍ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهَا؟ وَهَذِهِ هِيَ بِالضَّبْط اَلشُّبْهَةُ الْقَوِيَّةُ الَّتِي تَجْعَلُ الْمُخْتَلِسَ يَنْجُو مِنْ عُقُوبَةِ الْقَطْعِ لِيَدِهِ وَهِيَ مُلْكِيَّتُهُ لِهَذِهِ الْمَفَاتِح؟ لِاَنَّ مُلْكِيَّتَهُ لَهَا تُوحِي بِاَنَّهُ حُرٌّ فِي شَيْءٍ مِنَ التَّصَرُّفِ بِخَزَائِنِهَا وَاِنْ كَانَ مَحْدُوداً؟ ثُمَّ يَقُولُ سُبْحَانَه{اَوْ صَدِيقِكُمْ(فَاِذَا ائْتَمَنْتَ صَدِيقَكَ اَخِي عَلَى اَمْوَالِكَ؟ فَلَيْسَ عَلَيْهِ جُنَاحٌ اَنْ يَاْكُلَ شَيْئاً مِنْ هَذِهِ الْاَمْوَالِ اِذَا احْتَاجَ اِلَيْهَا؟ اِلَّا اِذَا بَلَغَ اَكْلُهُ حَدَّ الْاِسْرَاف؟ بدليل قوله تعالى{كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَاتُسْرِفُوا اِنَّهُ لَايُحِبُّ الْمُسْرِفِين؟ وَهَذِهِ هِيَ الشُّبْهَةُ الْاُخْرَى اَيْضاً وَالَّتِي تَمْنَعُ الْقَطْعَ عَنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مُسْرِفاً اَوْ لَمْ يَكُنْ مُسْرِفاً فَقَدْ يَكُونُ مُحْتَاجاً؟ وَلِذَلِكَ يُكْتَفَى مَعَهُ بِعُقُوبَة تَعْزِيرِيَّة شَدِيدَة اِذَا اَخَذَ الْاَمْوَالَ وَصَرَفَهَا بِاِسْرَافٍ وَتَبْذِير؟ وَبِعُقُوبَةٍ تَعْزِيرِيَّةٍ خَفِيفَة اِذَا اَكَلَ مِنَ الطَّعَامِ بِاِسْرَافٍ كَعُبُوسِكَ فِي وَجْهِهِ اَخِي مَثَلاً لماذا؟ لِاَنَّهُ لَمْ يَاْخُذِ الْاِذْنَ مِنْكَ مِنْ اَجْلِ الْاِسْرَافِ لِنَفْسِهِ اَوِ الزِّيَادَةِ لِيُطْعِمَ غَيْرَهُ مِنْ اَوْلَادِهِ الْمُحْتَاجِينَ مَثَلاً؟ وَخَاصَّةً اِذَا كُنْتَ اَخِي لَاتَمْلِكُ طَعَاماً كَافِياً لِاِطْعَامِهِ وَاِطْعَامِ زَوْجَتِكَ وَاَوْلَادِكَ؟ فَجَاءَ وَاَكَلَهُ كُلَّهُ وَلَمْ يُبْقِ لَكُمْ شَيْئاً؟ فَهَذَا الطَّعَامُ الْفَقِيرُ بِحَاجَةٍ اِلَى اِذْنٍ مِنْكَ؟ وَلَوْلَا وُجُودُ الْعَوْرَاتِ فِي الْبُيُوت مَاكَانَ بِحَاجَةٍ اِلَى اِذْنِكَ فِي طَعَامِ ضِيَافَتِهِ الَّذِي يَكْفِيهِ هُوَ فَقَطْ مِنْ دُونِ اِسْرَاف؟ وَالطَّعَامُ عَوْرَةٌ مِنَ الْعَوْرَات؟ وَلِذَلِكَ فَهُوَ بِحَاجَةٍ اِلَى هَذَا الْاِذْنِ فِي جَمِيعِ الْاَحْوَال بِدَلِيلِ هَذِهِ الْآيَة وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَبِالْوَالِدَيْنِ اِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى؟ اِلَى اَنْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَابْنِ السَّبِيل( وَهُوَ الضَّيْف الْمُقِيم؟ وَهُوَ اَيْضاً الْمُسَافِرُ الْمُنْقَطِعُ؟ وَكِلَاهُمَا ضَيْفٌ عِنْدَكَ يَااَخِي لَهُ حَقٌّ عَلَيْكَ؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَه( وَهَذَا يَحْتَاجُ اِلَى تَفْصِيلٍ اَكْثَرَ لَاتَتَّسِعُ الْمُشَارَكَةُ لَه؟ وَالْخُلَاصَةُ اَنَّنَا لَانُفْتِي بِالْقَطْعِ لِلْمُخْتَلِسِ عَمَلاً بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[اِدْرَؤُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ مَااسْتَطَعْتُمْ] ؟ وَاَرْجُو اخي اَنْ تَقَرَاَهَذِهِ المشاركة اَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ حَتَّى تَفْهَمَهَا؟ فَاِنْ صَعُبَ عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْهَا فَاسْاَلِ الْعُلَمَاءَ الْمُخْتَصِّين؟ نَعَمْ اَخِي وَاَمَّا الْخَطْفُ فَلَهُ اَحْوَال؟ فَاِنْ كَانَتْ سَيِّدَةٌ مَا مَثَلاً وَاقِفَةٌ وَهِيَ تَحْتَضِنُ حَقِيبَةَ يَدِهَا بِقُوَّةٍ اِلَى صَدْرِهَا؟ فَجَاءَ الْخَاطِفُ وَخَطَفَهَا مِنْهَا رَغْماً عَنْهَا ثُمَّ جَرَى بِهَا رَاكِضاً؟ فَهَذَا لَايَنْجُو مِنْ قَطْعِ يَدِهِ اِذَا تَوَافَرَتِ الشُّرُوطُ الْمَطْلُوبَة فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَة؟ اِلَّا اِذَا اتَّهَمَتْهُ هَذِهِ السَّيِّدَةُ اَمَامَ النِّيَابَةِ الْعَامَّةِ اَوِ الشَّرِطَةِ بِقَوْلِهَا اَخَذَ مِنِّي الْحَقِيبَة وَلَمْ تَقُلْ سَرَقَ مِنِّي؟ فَاِذَا قَالَتْ اَخَذَ مِنِّي فَاِنَّهُ يَنْجُو مِنَ الْقَطْعِ وَلَايَنْجُو مِنَ الْعُقُوبَةِ التَّعْزِيرِيَّة؟ وَاَمَّا اِذَا قَالَتْ سَرَقَ مِنِّي فَاِنَّهُ لَايَنْجُو مِنْ قَطْعِ يَدِهِ فِي الدَّوْلَةِ الْاِسْلَامِيَّةِ الَّتِي تُقِيمُ حُدُودَ الله؟ نَعَمْ اَخِي وَاَضْرِبُ لَكَ مِثَالاً آخَر؟ لَوْ اَنَّ سَيِّدَةً مَا تَمْشِي بِاسْتِهْتَارٍ وَهِيَ تُمْسِكُ حَقِيبَةَ يَدِهَا بِاسْتِهْتَارٍ وَبِخِفَّةٍ دُونَ اَنْ تَقْبِضَ عَلَيْهَا بِقُوَّة؟ فَجَاءَ خَاطِفٌ وَخَطَفَ مِنْهَا الْحَقِيبَةَ وَاَخَذَ يَجْرِي بِهَا؟ فَاِنَّهُ يَنْجُو مِنْ عُقُوبَةِ الْقَطْعِ سَوَاءٌ قَالَتْ اَخَذَ مِنِّي اَوْ قَالَتْ سَرَقَ مِنِّي لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ لَمْ يَخْطِفْ حَقِيبَتَهَا مِنْ حِرْزٍ مَكَانِيٍّ قَوِيٍّ كَصَدْرِهَا الَّذِي تَضُمُّهَا اِلَيْه؟ وَاِنَّمَا خَطَفَهَا مِنْ مَكَانٍ ضَعِيفٍ حَمَلَتْ بِهِ حَقِيبَتُهَا وَهُوَ يَدُهَا؟ فَاسْتِهْتَارُهَا هَذَا جَعَلَهَا تَثِقُ بِالْمَارَّةِ جَمِيعاً اَنَّهُمْ لَنْ يُؤْذُوهَا؟ فَوُثُوقُهَا هَذَا وَائْتِمَانُهَا لِلْمَارَّةِ عَلَى اَغْرَاضِهَا هُوَ الشُّبْهَةُ الَّتِي تَمْنَعُ تَطْبِيقَ حَدِّ السَّرِقَةِ عَلَى الْخَاطِفِ الَّذِي خَطَفَ حَقِيبَتَهَا وَاِنْ كَانَ لَايَنْجُو مِنَ الْعُقُوبَةِ التَّعْزِيرِيَّة؟ وَلِذَلِكَ نَقُولُ لِهَذِهِ السَّيِّدَة مَاالَّذِي يَدْعُوكِ اِلَى اتِّهَامِ النَّاسِ بِالسَّرِقَةِ اِنْ كُنْتِ تَثِقِينَ فِيهِمْ وَتَاْتَمِنِينَهُمْ؟ فَاِذَا كُنْتِ مُسْتَهْتِرَةً فِي ثِقَتِكَ بِالنَّاسِ؟ فَمَعْنَى ذَلِكَ اَنَّكِ تَثِقِينَ بِهِمْ خَبْطَ عَشْوَاءَ كَيْفَمَا اتَّفَق؟ فَمَعْنَى ذَلِكَ اَنَّكِ مُسْتَهْتِرَةٌ فِي الْحِفَاظِ عَلَى حَقِيبَتِكِ وَاَغْرَاضِكِ الشَّخْصِيَّةِ وَمُقْتَنَيَاتِكِ؟ فَعَفْواً سَيِّدَتِي؟ فَلَا يُمْكِنُنَا نَحْنُ اَيْضاً اَنْ نَكُونَ مَسْتَهْتِرِينَ فِي اَعْضَاءِ النَّاسِ وَنَقْطَعَ اَيْدِيَهُمْ وَلَوْ خَطَفُوا مِنْكِ مَاخَطَفُوا؟ فَلَا تَلُومِينَ اِلَّا نَفْسَكِ قَبْلَ اَنْ تَلُومِي غَيْرَكِ؟ نَعَمْ اَخِي وَاَضْرِبُ لَكَ مَثَلاً آخَر؟ لَوْ اَنَّكَ تَبِيعُ فِيمَا يُسَمَّى بَسْطَة فِي السُّوق؟ فَجَاءَ خَاطِفٌ وَاَخَذَ مِنْ اَغْرَاضِكَ مَايُسَاوِي قِيمَةَ رُبْعِ دِينَارٍ ذَهَبِي بِقُوَّتِهِ الشِّرَائِيَّةِ فِي اَيَّامِنَا ثُمَّ هَرَبَ وَجَرَى بِهَا؟ وَلَكِنَّ النَّاسَ تَمَكَّنُوا مِنَ الْقَبْضِ عَلَيْه؟ فَهَلْ يُقْطَع؟ طَبْعاً لَا يَااَخِي؟ لِاَنَّ الْبَسْطَةَ الَّتِي تَفْرِشُهَا فِي الطَّرِيقِ اَوْ عَلَى عَرَبَةٍ مَكْشُوفَة؟ لَيْسَ لَهَا حِرْزٌ وَاقِي يَحْمِيهَا؟ وَاَمَّا اِذَا كُنْتَ اَخِي تَبِيعُ الْحُلْوِيَّاتِ مَثَلاً عَلَى عَرَبَةٍ مُغْلَقَةٍ بِبَيْتٍ زُجَاجِيٍّ يَحْمِيهَا مِنَ الذُّبَاب؟ فَجَاءَ اِنْسَانٌ وَخَطَفَ مِنْهَا مَجْمُوعَةً مِنْ عُلَبِ الْبَقْلَاوَة الْمَخْتُومَة مَثَلاً؟ فَسَوَاءٌ قَامَ بِكَسْرِ الزُّجَاجِ اَوْ لَمْ يَكْسِرْهُ؟ فَاِنَّهُ يُقْطَعُ اِذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا الْمَالِيَّة مُحْتَرَمَة؟ اِلَّا اِذَا كَانَ جَائِعاً؟ وَاِلَّا اِذَا اتَّهَمَهُ بِائِعُ الْحَلْوَى بِقَوْلِهِ اَخَذَ مِنِّي وَلَمْ يَقُلْ سَرَقَ مِنِّي الْحَلْوَى فَلَايُقْطَعُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ؟ وَلَايُقْطَعُ اَيْضاً اِذَا كَانَ شَرِيكاً لِبَائِعِ الْحَلْوَى فِي مَاِلِهِ وَتِجَارَتِهِ؟ وَلَايُقْطَعُ اَيْضاً اِذَا كَانَ اَبَاً اَوِ ابْناً لِبَائِعِ الْحَلْوَى كَمَا سَيَاْتِي؟ نَعَمْ اَخِي وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ بِالشُّرُوطِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَطْلُوبَةِ مَنْ قَامَ بِالْخَطْفِ مِنْ بَسْطَةٍ مَفْرُوشَةٍ عَلَى مَدْخَلِ مَحَلٍّ تِجَارِيٍّ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْمَحَلَّ التِّجَارِي لَهُ حِرْزٌ وَاقِي يَحْمِيهِ مِنْ حَوْلِهِ وَهُوَ جُدْرَانُه وَلَوْ لَمْ يَكُنْ يَحْمِيهِ عِنْدَ الْمَدْخَل لِمَاذَا؟ لِاَنَّنَا اِذَا اَفْتَيْنَا بِعَدَمِ الْقَطْعِ بِسَبَبِ عَدَمِ وُجُودِ الْحِرْزِ الْوَاقِي عِنْدَ الْمَدْخَلِ؟ فَكَيْفَ السَّبِيلُ اِلَى اَنْ يَعْرِضَ الْبَائِعُ بِضَاعَتَهُ اَمَامَ النَّاس؟ فَمَعْنَى ذَلِكَ اَنَّنَا نُحَارِبُ الْبَائِعَ فِي لُقْمَةِ عَيْشِهِ وَهَذَا لَا يَقُولُ بِهِ عَاقِل؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّنَا نُفَضِّلُ اَنْ نَقْطَعَ يَدَ الْخَاطِفِ السَّارِقِ الْخَائِنِ اِذَا تَوَافَرَتِ الشُّرُوطُ عَلَى اَنْ نُحَارِبَ الْبَائِعَ الشَّرِيفَ الْعَفِيفَ فِي لُقْمَةِ عَيْشِهِ الْحَلَال؟ فَاِذَا اَرَدْتَّ اَخِي الْبَائِعَ اَنْ تَتَفَضَّلَ عَلَى السَّارِقِ بِشَرَفِكَ وَعَفَافِكَ فَلَايَكْفِي؟ فَتَفَضَّلْ عَلَيْهِ بِاِحْسَانِكَ اَيْضاً؟ وَلَاتَقُلْ اَمَامَ الشَّرِطَةِ سَرَقَ مِنِّي؟ بَلْ قُلْ اَخَذَ مِنِّي؟ وَبِذَلِكَ يَنْجُو السَّارِقُ مِنْ قَطْعِ يَدِهِ؟ وَاِلَّا فَاِنَّهُ رُبَّمَا يَنْتَقِمُ مِنْكَ يَوْماً مِنَ الْاَيَّامِ شَرَّ انْتِقَام؟ لِاَنَّكَ كُنْتَ السَّبَبَ فِي حِرْمَانِهِ عُضْواً عَزِيزاً غَالِياً عَلَيْهِ وَهُوَ يَدُهُ الَّتِي يَاْكُلُ وَيَشْرَبُ بِهَا اَوْ يَدُهُ الْيُسْرَى الَّتِي يَقُومُ بِتَنْظِيفِ شَرْجِهِ بِهَا عِنْدَ الدُّخُولِ اِلَى الْمِرْحَاض؟ وَهَذِهِ هِيَ نَصِيحَتِي لَكَ اَخِي وَذَنْبُكَ عَلَى جَنْبِكَ اِنْ لَمْ تَفْعَلْ وَخَاصَّةً اِذَا كُنْتَ تَعِيشُ فِي دَوْلَةٍ اِسْلَامِيَّةٍ تُقِيمُ حُدُودَ اللهِ وَلَكِنَّهَا مُسْتَهْتِرَةٌ لَاتَاْمَنُ فِيهَا عَلَى حَيَاتِكَ بِسَبَبِ ضَعْفِ الْاَجْهِزَةِ الْاَمْنِيَّةِ الْمُسْتَاْجَرَةِ وَرَقَابَتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَكُنْ يَوْماً مِنَ الْاَيَّام عَلَى مُسْتَوى الْاَمَلِ وَالتَّفَاؤُلِ وَالطُّمُوحِ الشُّعَيْبِي الْمُوسَوِي الْمَطْلُوبِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{اِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَاْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْاَمِين{اِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبِّي( فَمَا بَالُكَ اَخِي اِذَا كُنْتَ تَعِيشُ فِي دَوْلَةِ الْعِصَابَاتِ وَالْمِيلِيشْيَات؟وَمَعَ ذَلِكَ اَقُولُ لَكَ اَخِي اِنَّ لِي كَلَاماً آخَرَ وَوُجْهَةَ نَظَرٍ اُخْرَى مُخْتَلِفَة اَرْجُو اَنْ تُتَابِعَهَا فِي نِهَايَةِ الْمُشَارَكَة؟ وَاَرْجُو مِنْكَ اَنْ تَخْتَارَ مِنْ كَلَامِي مَاتَقْتَنِعُ بِهِ وَيَرْتَاحُ اِلَيْهِ قَلْبُك؟ فَلَسْتُ مَعْصُومَةً مِنَ الزَّلَل؟ وَاَرْجُوكَ اَخِي اَنْ تَاْخُذَ مِنْ مُشَارَكَتِي وَتَرُدَّ عَلَيْهَا بِمُشَارَكَةٍ اُخْرَى بِعُنْوَان اَلرَدُّ عَلَى الْاُخْتِ غُصُون؟ نَعَمْ اَخِي فَمَاهِيَ قِصَّةُ هَذِهِ السَّرِقَة؟ وَمَتَى يُقَامُ حَدُّ السَّرِقَة؟ وَمَاهِيَ شُرُوطُ اِقَامَتِه؟ نَعَمْ اَخِي وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَنِ الشَّرْطِ الْاَوَّلِ وَهُوَ اَنْ تُقْطَعَ يَدُ السَّارِقِ اِذَا سَرَقَ قِيمَةً مَالِيَّةً مُحْتَرَمَةً فِي اَيَّامِنَا تُسَاوِي الْقُوَّةَ الشِّرَائِيَّةَ لِرُبْعِ دِينَارٍ ذَهَبِي فِي اَيَّامِ رَسُولِ الله؟ فَلَايَجُوزُ شَرْعاً قَطْعُ يَدِ السَّارِقِ بِاَقَلَّ مِنْ هَذِهِ الْقِيمَةِ بَلْ يُقْطَعُ بِمَا يُسَاوِيهَا اَوْ اَكْثَرَ مِنْهَا؟ نَعَمْ اَخِي وَاَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي الَّذِي يَجْعَلُ يَدَ السَّارِقِ مُبَاحَة بِشَرْط اَنْ يَجْتَمِعَ مَعَ الشُّرُوطِ الْاُخْرَى السَّابِقَةِ وَاللَّاحِقَةِ فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَة وَاَرْجُو اَلَّا اَكُونَ قَدْ نَسِيتُ مِنْهَا شَيْئاً؟ فَهُوَ اَنْ يَكُونَ السَّارِقُ مُكَلَّفاً؟ بِمَعْنَى اَنْ يَكُونَ السَّارِقُ بِالِغاً عَاقِلاً رَاشِداً؟ فَمِنَ الْجَائِزِ اَنْ يَكُونَ السَّارِقُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ اَصْلاً كَالْمَجْنُونِ مَثَلاً؟ وَاَمَّا الصَّبِيُّ اَوِ الطّفْلُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ الِاحْتِلَامِ؟ فَلَا نَقُولُ عَنْهُ فَاقِدَ الْعَقْلِ؟ وَاِنَّمَا نَعْتَبِرُهُ قَاصِراً عَقْلِيّاً؟ بِمَعْنَى اَنَّ لَدَيْهِ قُصُورٌ عَقْلِي؟ وَلِذَلِكَ فَهُوَ مُكَلَّفٌ؟ لِاَنَّهُ رُبَّمَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ قَبْلَ اَنْ يَبْلُغَ الِاحْتِلَامَ اَوْ تَبْلُغَ الْحَيْضَ؟ وَاَمَّا الْمَجْنُونُ فَهُوَغَيْرُ مُكَلَّف؟ لِاَنَّ مَنَاطَ اللهِ فِي التَّكْلِيفِ هُوَ الْعَقْلُ؟ وَهُوَ مَفْقُودٌ عِنْدَ الْمَجْنُون؟ وَلِذَلِكَ فَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّف؟ نَعَمْ اَخِي وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ الرُّشْدِ لَايُقَامُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ مِنْ حَدِّ السَّرِقَةِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ مُكَلَّفاً؟ وَاِنَّمَا يُعَاقَبُ عُقُوبَةً تَعْزِيرِيَّةً كَالْاِصْلَاحِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْاَحْدَاثِ مَثَلاً؟ لِاَنَّ لَدَيْهِ مِنَ الْقُصُورِ الْعَقْلِيِّ الَّذِي قَدْ يَمْتَدُّ بِهِ اِلَى سِنّ 25 سنة؟ فَاِذَا احْتَجَّ عَلَيْنَا الْاِمَامُ الْاَعْظَمُ اَبُو حَنِيفَةَ بِاَنَّ مَنْ بَلَغَ 25 سَنَة قَدْ يَكُونُ جَدّاً وَلِذَلِكَ فَاِنِّي اَسْتَحِي اَنْ اَحْجُرَ عَلَيْهِ اِذَا كَانَ يُبَذّرُ اَمْوَالَهُ تَبْذِيرَ الشَّيَاطِين؟ فَاِنَّنَا نَقُولُ لَهُ رَحِمَكَ اللهُ اَيُّهَا الْاِمَامُ الْاَعْظَم وَطَيَّبَ اللهُ ثَرَاك؟ وَلَكِنَّ هَذَا لَايَمْنَع اَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ قُصُورٌ عَقْلِيٌّ حَتَّى وَلَوْ كَانَ جَدّاً؟ بِدَلِيلِ اَنَّهُ يُبَذّرُ اَمْوَالَهُ تَبْذِيرَ الشَّيَاطِينِ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَال؟ نَعَمْ اَخِي فَلَوْ اَنَّ مَجْنُوناً سَرَقَ مِنْكَ؟ فَاِذَا كَانَ لِهَذَا الْمَجْنُونِ مَالٌ؟ فَاِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ لِيَعُودَ عَلَيْكَ بِمَا سَرَقَ مِنْكَ؟ وَلَكِنْ لَايُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ السَّرِقَة لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّف؟ لِمَاذَا غَيْرُ مُكَلَّف؟ لِاَنَّهُ مَجْنُون؟ وَلِاَنَّ الْعَقْلُ مَنَاطُ التَّكْلِيفِ بِمَعْنَى اَسَاسُ التَّكْلِيفِ عِنْدَ الله؟ وَالْاَسَاسُ عِنْدَ الْمَجْنُونِ مَفْقُود؟ نَعَمْ اَخِي فَكُلَّمَا كَانَ عَقْلُكَ كَبِيراً؟ كَانَتْ مَسْؤُولِيَّتُكَ عِنْدَ اللهِ اَعْظَم؟ فَاِذَا شَكَرْتَ اللهَ عَلَى نِعْمَةِ الْعَقْلِ الَّتِي اَنْعَمَهَا عَلَيْكَ؟ فَاِنَّكَ تَكُونُ بِذَلِكَ اَفْضَلَ مِنَ الْمَجْنُونِ عِنْدَ الله؟ بَلْ اَنْتَ الْقِلَّاوِي عِنْدَ الله وَلَيْسَ الْمَجْنُون؟ وَاِنْ كُنْتُ لَااُحَبِّذُ كَلِمَةَ قِلَّاوِي الَّتِي يَقُولُهَا الْعَوَام وَخَاصَّةً مِنَ الْمُتَصَوِّفَة الْحَمْقَى الْاَغْبِيَاء؟ بَلْ اِنَّ الصَّوَابَ اَنْ نَقُولَ رَبَّانِي وَلَيْسَ قِلَّاوِي؟ نَعَمْ اَخِي فَاِذَا سَخَّرْتَ عَقْلَكَ وَذَكَاءَكَ لِلْفَسَادِ اَوْ لِلشَّرِّ؟ فَاِنَّكَ سَتَتَمَنَّى يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَوْ كُنْتَ فِي الدُّنْيَا مَجْنُوناً غَيْرَ مُكَلَّفٍ حَتَّى تَنْجُوَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ كَمَا يَنْجُو الْمَجْنُون؟ نَعَمْ اَخِي فَالْعَقْلُ نِعْمَةٌ كُبْرَى مِنْ نِعَمِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ وَلِذَلِكَ لَايَجُوزُ الِاعْتِدَاءُ عَلَى الْعَقْلِ بِسَبَبِ الْغَيْبُوبَة كَاَنْ تَشْرَبَ مَاحَرَّمَهُ اللهُ مِنَ الْخَمْرِ وَالْمُخَدِّرَاتِ وَالتَّدْخِينِ وَغَيْرِهَا؟ لِاَنَّهَا تَسْتُرُ الْعَقْلَ وَتَجْعَلُهُ ضَائِعاً فِي مَتَاهَاتٍ مِنْ غَيْبُوبَةِ الشَّيْطَانِ عَنْ ذِكْرِ اللهِ لَاتَدْرِي اَخِي مَتَى سَتَصْحُو مِنْهَا؟ فَقَدْ يُدْرِكُكَ الْاَجْلُ وَلَمْ تَصْحُ مِنْهَا بَعْدُ؟ وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْاِسْلَامُ الْخَمْرَ؟ لِاَنَّهُ يُؤَدِّي اِلَى غَيْبُوبَةِ الْعَقْلِ وَتَعْطِيلِ هَذِهِ النِّعْمَةِ الْكُبْرَى وَهِيَ الْعَقْل؟ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ خَمْراً؟ لِاَنَّهَا بِسَبَبِ سُكْرِهَا تُخَامِرُ الْعَقْلَ بمعنى تَسْتُرُ الْعَقْلَ وَتُغَطّيهِ وَتَحْجُبُهُ وَتَجْعَلُهُ فِي غَيْبُوبَة؟ كَمَا اَنَّ الْحِجَابَ الشَّرْعِيَّ مِنَ الْخِمَارِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؟ لِاَنَّهُ يُغَطّي الرَّاْسَ وَيَجْعَلُهُ كُلَّهُ اَوْ بَعْضَهُ فِي غَيْبُوبَةٍ عَنْ اَعْيُنِ النَّاس؟ نَعَمْ اَخِي فَاِذَا فَقَدْتَّ عَقْلَكَ؟ فَاِنَّ الْحَيَوَانَ يُصْبِحُ اَفْضَلَ مِنْكَ عِنْدَ الله؟ لِاَنَّ الْحَيَوَانَ تَضْبِطُهُ الْغَرِيزَة؟ وَاَمَّا اَنْتَ اَخِي فَلَا يَضْبِطُكَ اِلَّا عَقْلُك؟ فَلَوْ جَلَبْتَ اَخِي نَعْجَةً صَغِيرَةً وَوَضَعْتَهَا عَلَى سَطْحِ بَيْتِكَ؟ فَاِنَّهَا لَاتَرْمِي بِنَفْسِهَا اِلَى الشَّارِعِ؟ اِلَّا اِذَا رَمَيْتَهَا اَخِي بِنَفْسِكَ رَغْماً عَنْهَا؟ وَاَمَّا لَوْ وَضَعْتَ ابْنَكَ الطّفْلَ الصَّغِيرَ وَتَرَكْتَهُ يَحْبُو عَلَى السَّطْحِ؟ فَاِنَّهُ سَيَرْمِي بِنَفْسِهِ دُونَ اَنْ يَشْعُر لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الطّفْلَ اِنْسَان؟ وَالْاِنْسَانُ مِنَّا لَايَضْبِطُهُ وَلَايَحْمِيهِ اِلَّا عَقْلُهُ الْمُكْتَمِلُ نُمُوّاً؟ وَاَمَّا الطّفْلُ فَاِنَّ عَقْلَهُ غَيْرُ مُكْتَمِلٍ وَلَمْ يَنْمُو بَعْدُ وَيُعَانِي مِنَ الْقُصُورِ الْعَقْلِيِّ الَّذِي يَحْتَاجُ مَعَهُ اِلَى مَنْ يُرَاقِبُهُ مِنْ وَالِدَيْهِ وَغَيْرِهِمْ لِيَحْمِيَهُ مِنْ خَطَرِ الْمَوْتِ وَالسُّقُوط؟ وَاَمَّا الْغَرِيزَةُ فَاِنَّ اللهَ يَخْلُقُهَا مَعَ الْاِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ مَعاً؟ وَلَكِنَّهَا تَكُونُ ضَعِيفَةً جِدّاً عِنْدَ الْاِنْسَان؟ وَقَوِيَّةً جِدّاً عِنْدَ الْحَيَوَان؟ لِاَنَّ اللهَ خَلَقَ الْحَيَوَانَ حَتَّى يَعْتَمِدَ عَلَى غَرِيزَتِهِ بِالدَّرَجَةِ الْاُولَى وَاِنْ كَانَ لَهُ عَقْلٌ يُنَاسِبُه؟ وَاَمَّا الْاِنْسَانُ فَاِنَّ اللَهَ خَلَقَهُ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى عَقْلِهِ بِالدَّرَجَةِ الْاُولَى وَاِنْ كَانَتْ لَهُ غَرِيزَةٌ ضَعِيفَةٌ لَاتُنَاسِبُهُ غَالِباً وَقُصُورٌ عَقْلِيٌّ اَيْضاً لَايُنَاسِبُهُ مَبْدَئِيّاً حَتَّى يَكْتَمِلَ عَقْلُهُ وَيُصْبِحَ رَاشِداً؟ وَلَيْسَ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامَ الَّذِي نَقُولُهُ اَنَّنَا نَتَجَاهَلُ دَوْرَ الْمَلَائِكَةِ الَّتِي تَحْمِي الْاِنْسَانَ صَغِيراً وَكَبِيراً بِاَمْرِ اللهِ لَهَا بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{لَهُ مُعَقّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ اَمْرِ الله(نَعَمْ نَحْنُ لَانُنْكِرُ ذَلِكَ؟ وَلَكِنَّ الْوَالِدَيْنِ لَايَسْتَطِيعَانِ اَنْ يَعْتَمِدَا اِلَّا عَلَى اللهِ وَحْدَهُ مِنْ اَجْلِ حِمَايَةِ طِفْلِهِمَا الصَّغِيرِ مِنْ خَطَرِ الْمَوْت؟ وَهَذَا الِاعْتِمَادُ عَلَى اللهِ لَايَمْنَعُهُمَا مِنَ الْاَخْذِ بِالْاَسْبَابِ وَالِاحْتِيَاطَاتِ الَّتِي اَمَرَ اللهُ بِهَا مِنْ اَجْلِ حِمَايَةِ طِفْلِهِمَا؟ وَاِلَّا فَاِنَّ الْقَضَاءَ وَالْقَدَرَ لَايَاْتِي سَلِيماً عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَى طِفْلِهِمَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَسْتَهْتِرَانِ فِيهَا فِي حِمَايَةِ طِفْلِهِمَا؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى [وَاِذَا اَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلَا مَرَدَّ لَه(فَلَا الْمَلَائِكَة؟ وَلَا الْمُعَقِّبَاتُ مِنَ الْمَلَائِكَة؟ وَلَا الْجِنّ؟ وَلَا مُحَمَّد؟ وَلَا مُوسَى؟ وَلَاعِيسَى؟ وَلَامَرْيَمُ؟ وَلَافَاطِمَة؟ وَلَا شِيعْتَكْ فِي خَطَرْ يَاعَلِي؟ وَلَا الْحَسَنُ؟ وَلَا الْحُسَيْنُ؟ وَلَا الْاَئِمَّة الِاثْنَي عَشَرِيَّة؟ وَلَا اَحَدَ مِنْ مَخْلُوقَاتِ اللهِ اَبَداً يَسْتَطِيعُ اَنْ يَرُدَّ اِرَادَةَ اللهِ بِقَوْمٍ سُوءاً؟ نَعَمْ اَخِي وَنُتَابِعُ مَعَ قِصَّةِ الْمَجْنُون؟ فَاِذَا سَرَقَ الْمَجْنُونُ وَعِنْدَهُ مَال؟ فَكَيْفَ يَكُونُ عِنْدَهُ مَال؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي اَحْيَاناً يَكُونُ مَجْنُوناً وَيَمْلِك؟ كَيْفَ ذَلِك؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي نَعَمْ فَقَدْ يَمُوتُ اَبُوهُ فَيُصْبِحُ الْمَجْنُونُ يَتِيماً يَمْلِكُ الْمَالَ الَّذِي وَرِثَهُ عَنْ اَبِيهِ وَلَكِنَّهُ لَايَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيه فَلَا بُدَّ اَنْ يَكُونَ هُنَاكَ وَصِيٌّ شَرْعِيٌّ عَلَيْهِ وَعَلَى اَمْوَالِهِ الَّتِي وَرِثَهَا؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَاَمَّا اِذَا سَرَقَ الطّفْلُ فَالطّفْلُ لَيْسَ مَجْنُوناً وَلَكِنَّهُ قَاصِرٌ عَقْلِيّاً فَكَيْفَ يَتَعَامَلُ مَعَهُ الْقَاضِي الشَّرْعِي فِي الدَّوْلَةِ الْاِسْلَامِيَّةِ الَّتِي تُقِيمُ حُدُودَ الله؟ نَعَمْ اَخِي اِذَا لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الطّفْلِ مَالٌ؟ يُضَمَّنُ وَلِيُّهُ اَوْ وَصِيُّهُ بِهَذَا الْمَالِ الْمَسْرُوقِ وَيَدْفَعُهُ مِنْ جَيْبِهِ؟ فَاِذَا كَانَ لَهَذَا الطّفْلِ مَال؟ وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِك؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي رُبَّمَا مُاتَ اَبُوهُ اَوْ مَاتَتْ اُمُّهُ وَوَرِثَ هَذَا الطّفْلُ عَنْهُمَا اَمْوالاً فَلايَمْلِكُ حُرِّيَّةَ التَّصَرُّفِ فِيهَا اِلَّا بِوُجُودِ الْوَصِيِّ الشَّرْعِيِّ عَلَيْهِ كَاَبِيهِ اَوْ اُمِّهِ اَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَازَالُوا عَلَى قَيْدِ الْحَيَاة؟ نَعَمْ اَخِي فَاِذَا كَانَ هَذَا الشَّيْءُ الْمَسْرُوقُ الَّذِي سَرَقَهُ هَذَا الطّفْلُ مَازَالَ قَائِماً وَلَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ هَذَا الطّفْلُ؟ فَاِنَّهُ يُرَدُّ بِذَاتِهِ؟وَاَمَّا اِذَا اسْتَهْلَكَ الطّفْلُ هَذَا الْمَالَ الْمَسْرُوقَ بِمَعْنَى صَرَفَهُ اَوْ اَتْلَفَهُ اَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ؟ فَاِمَّا اَنْ يَضْمَنَهُ بِمَعْنَى يُرْجِعَهُ اِلَى صَاحِبِهِ الَّذِي سَرَقَهُ مِنْهُ بِالْمِثْلِ اَوْ بِثَمَنِهِ اَوْ بِقِيمَتِهِ الَّتِي يُقَدِّرُهَا الْقَاضِي اَوِ الْمُخَمِّنُ الشَّرْعِي؟ وَلَابُدَّ مِنْ وُجُودِ هَذَا الِاخْتِصَاصِ فِي التَّخْمِينِ الشَّرْعِي فِي جَمِيعِ مَجَالَاتِ الْحَيَاةِ حَتَّى تَكُونَ لَهُ كَلِمَةُ الْفَصْلِ وَالْفَتْوَى الْاَخِيرَة الَّتِي نَرْجِعُ اِلَيْهَا؟ لِاَنَّنَا نَحْنُ الْعُلَمَاءَ لَانَمْلِكُ جَمِيعَ هَذِهِ الِاخْتِصَاصَات؟ بَلْ لَانَسْتَطِيعُ اَنْ نُحَدِّدَ النِّصَابَ الْمَالِي الْمُحْتَرَمَ الْمَطْلُوبَ شَرْعاً مِنْ اَجْلِ قَطْعِ يَدِ السَّارِق؟ فَلَابُدَّ مِنَ الِاسْتِعَانَةِ بِالِاخْتِصَاصِيِّينَ فِي تَدَاوُلِ الْعُمْلَاتِ فِي كُلِّ بَلَد بَارَكَ اللهُ فِيهِمْ وَجَزَاهُمُ اللهُ خَيْراً؟ فَقَدْ جَاءَ رَجُلٌ اِلَى الشَّيْخ مُحَمَّد عُبْدُهُ رَحِمَهُ الله وَاَرَادَ اَنْ يُحْرِجَهُ اَمَامَ الْحَاضِرِين؟ فَقَالَ لَهُ كَمْ رَغِيفاً مِنَ الْخُبْزِ يُنْتِجُهُ الْمَخْبَزُ الَّذِي تَشْتَرِي مِنْهُ خُبْزَكَ يَااِمَام؟ فَتَنَاوَلَ الشَّيْخُ مُحَمَّد عَبْدُو سَمَّاعَةَ الْهَاتِفِ وَاتَّصَلَ عَلَى الْفَرَّانِ وَقَالَ لَهُ كَمْ كَمِّيَّةُ الطَّحِينِ عِنْدَكَ فِي الْمَخْبَز؟ فَتَعَجَّبَ السَّائِلُ وَقَالَ يَااِمَام اَسْاَلُكَ سُؤَالاً بَسِيطاً عَنْ كَمِّيَّةِ الْخُبْزِ فَتَعْجَزُ عَنِ الْاِجَابَة بَلْ اِنَّكَ تَسْتَعِينُ بِالْخَبَّازِ حَتَّى يُعْطِيَكَ الْاِجَابَة فَمَابَالُكَ اِذَا سَاَلْتُكَ عَنْ كِبَارِ مَسَائِلِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيّ؟ فَقَالَ لَهُ الْاِمَام اَلَيْسَ اللهُ تَعَالَى يَقُول {وَاسْاَلُوا اَهْلَ الذِّكْرِ(بِمَعْنَى اَهْلَ الِاخْتِصَاص{ اِنْ كُنْتُمْ لَاتَعْلَمُون(وَالْخَبَّازُ هُوَ مِنْ اَهْلِ الذّكْرِ؟ وَاَنَا اُنَفّذُ اَمْرَ اللهِ وَاَسْاَلُهُ كَمَا اَمَرَنِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ لِاَنَّ صِنَاعَةَ الْخُبْزِ لَيْسَتْ مِنِ اخْتِصَاصِي؟ نَعَمْ اَخِي فَاِذَا كَانَ السَّارِقُ صَبِيّاً مُمَيِّزاً وَتَجَاوَزَ السَّابِعَة؟ فَاِنَّ الشَّرِطَةَ تَقْبِضُ عَلَيْهِ وَتَذْهَبُ بِهِ اِلَى مَايُسَمَّى الْاِصْلَاحِيَّة اَوِ الْاَحْدَاث؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّنَا نَرْجُو اللهَ مِنْ هَذِهِ الْاَحْدَاث اَوِ الْاِصْلَاحِيَّة اَنْ يَكُونَ فِيهَا اِصْلَاحٌ لِهَذَا الطّفْلِ؟ وَاَنْ يُعَامَلَ الْمُعَامَلَةَ الْحَسَنَةَ؟ وَاَنْ يُنَشَّاَ فِيهَا عَلَى التَّرْبِيَةِ الْاِسْلَامِيَّةِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي يُرَبَّى فِيهَا عَلَى الْاَمَانَةِ وَالْاَخْلَاق؟ وَاِلَّا فَاِنَّنَا نَسْمَعُ عَنْ تَجَاوُزَاتٍ مُخْزِيَةٍ لَااَخْلَاقِيَّةٍ تَحْصَلُ فِي هَذِهِ الْاَحْدَاث بِسَبَبِ ضَعْفِ الرَّقَابَةِ الصَّارِمَةِ عَلَيْهَا وَغِيَابِهَا نِهَائِيّاً اَحْيَاناً مِنَ الْمُسْتَهْتِرِينَ وَالْقَائِمِينَ عَلَيْهَا وَالْمَسْؤُولِينَ فِي الدَّوْلَة؟ بَلْ اِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُصْبِحُ شَيْطَاناً اَخْرَسَ بِمُجَرَّدِ اَنْ تَرْشِيَهُ وَتَدْفَعَ لَهُ مَبْلَغاً مِنَ الْمَالِ حَتَّى يُغَطّيَ وَيَسْتُرَ عَلَى هَذِهِ التَّجَاوُزَاتِ اللَّااَخْلَاقِيَّة وَمَا خَفِيَ كَانَ اَعْظَم؟ نَعَمْ اَخِي فَلَابُدَّ اَنْ يَكُونَ السَّارِقُ مُكَلَّفاً مِنْ اَجْلِ قَطْعِ يَدِهِ وَلَايَكْفِي اَنْ يَكُونَ مُكَلَّفاً وَلَكِنَّهُ قَاصِرٌ عَقْلِيّاً؟ بَلْ لَابُدَّ اَنْ يَكُونَ رَاشِداً أيْ لَايَكُونُ مَجْنُوناً وَلَايَكُونُ صَبِيّاً صَغِيراً اَوْ طِفْلاً كَبِيراً ذَا قُصُورٍ عَقْلِيّ؟ نَعَمْ اَخِي وَالصَّبِيُّ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْاُنْثَى قَبْلَ الْبُلُوغ؟ قَدْ يَقُولُ قَائِل وَكَيْفَ يِصِحُّ تَسْمِيَةُ الْكَبِيرِ طِفْلاً؟ واقول لك اخي بدليل قوله تعالى{وَاِذَا بَلَغَ الْاَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُم} نَعَمْ اَخِي وَاَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي الَّذِي يَجْعَلُ السَّارِقَ مُسْتَحِقّاً لِلْقَطْعِ؟ فَقَدْ اَشَرْنَا اِلَيْهِ سَابِقاً فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَة وَضَرَبْنَا لَهُ بَعْضَ الْاَمْثِلَةِ وَلَكِنِّي اَجِدُ نَفْسِي مُضْطّرَّةً اَنْ اَعُودَ اِلَيْهِ هُنَا لِاَنَّهُ يَحْتَاجُ اِلَى مَزِيدٍ مِنَ الْاِيضَاح؟ وَهُوَ اَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمَسْرُوقُ مَوْضُوعاً فِي حِرْزِ مِثْلِهِ؟ بِمَعْنَى حِرْزٍ وَاقِي يَلِيقُ بِهِ وَيُنَاسِبُهُ اَوْ يُمَاثِلُهُ؟ وَالْحِرْزُ هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي تَحْفَظُ فِيهِ اَمْوَالَكَ اَوْ اَغْرَاضَكَ اَخِي؟ وَطَبْعاً فَاِنَّ الشَّيْءَ الْغَالِي لَهُ حِرْزٌ وَاقِي خَاصّ يَخْتَلِفُ عَنْ حِرْزِ الشَّيْءِ التَّافِهِ الرَّخِيص؟ وَاَضْرِبُ لَكَ مَثَلاً يَااَخِي حَتَّى تَفْهَمَ كَلَامِي جَيِّداً؟ فَمَثَلاً لَوْ كَانَ عِنْدَكَ اَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ اَخِي؟ فَاِنَّكَ اِمَّا اَنْ تَضَعَهَا فِي الْبُنُوك؟ اَوْ فِي خَزْنَةٍ كَبِيرَةٍ عِنْدَكَ فِي الْبَيْتِ؟ اَوِ الْمَكْتَب ِ؟اَوِ الْمَحَلِّ التِّجَارِي؟ ثُمَّ تُقْفِلُ عَلَيْهَا اِلَى غَيْرِ ذَلِك؟ فَالظَّرْفُ هُنَا يُنَاسِبُ الشَّيْءَ الْمَظْرُوف؟ بِمَعْنَى اَنَّ الْخَزْنَةَ هُنَا تُنَاسِبُ هَذِهِ الْاَمْوَالَ الْكَثِيرَةَ لِتَضَعَهَا فِيهَا ثُمَّ تُقْفِلَ عَلَيْهَا؟ وَاَمَّا اَنْ تَاْتِيَ اَخِي بِخَزْنَة كَبِيرَة طَوِيلَة عَرِيضَة مِنْ اَجْلِ اَنْ تَضَعَ فِيهَا مَبْلَغاً تَافِهاً يُسَاوِي مِائَةَ لَيْرَةٍ سُورِيَّةٍ مَثَلاً؟ فَاسْمَحْ لِي هُنَا اَخِي اَنْ اَقُولَ لَكَ اَنَّ الظَّرْفَ هُنَا لَايُنَاسِبُ الْمَظْرُوفَ وَلَايَتَنَاسَبُ اَيْضاً مَعَ الْعُقُوبَةِ الَّتِي اَمَرَ اللهُ بِهَا مِنْ اَجْلِ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَالسَّارِقَة(اِلَّا اِذَا ادَّعَيْتَ كَذِباً وَزُوراً عَلَى السَّارِقِ اَمَامَ النِّيَابَةِ الْعَامَّةِ وَالْقَضَاءِ اَنَّكَ وَضَعْتَ اَمْوَالاً كَثِيرَةً فِي هَذِهِ الْخَزْنَةِ قَامَ السَّارِقُ بِسَرَقَتِهَا لَاحِقاً؟ وَلَكِنَّكَ فِي حَقِيقَةِ الْاَمْرِ لَمْ تَضَعْ اِلَّا مَبْلَغاً تَافِهاً لَايَسْتَحِقُّ اَنْ نَقْطَعَ يَدَ السَّارِقِ مِنْ اَجْلِهِ؟ فَهُنَا اَدْعُو اللهَ تَعَالَى مِنْ كُلِّ قَلْبِي اَنْ يَقْطَعَ لِسَانَكَ وَيُخْرِسَهُ وَيُلْجِمَهُ وَاَنْ يَنْجُوَ السَّارِقُ مِنْ قَطْعِ يَدِهِ؟ لِاَنَّكَ اَخَذْتَ اَكْثَرَ مِنْ حَقّك؟ وَاَتَمَنَّى مِنَ الْقُضَاةِ الْمُحْتَرَمِينَ اَنْ يَنْتَبِهُوا لِهَذِهِ الْمَسْاَلَةِ الْخَطِيرَةِ جَيِّداً؟ لِاَنَّهُ يَامَا فِي السِّجْنِ مَظَالِيم؟ وَقَدْ يَكُونُ الْمُدَّعِي مُحْتَالاً وَيَخْلُقُ مِنَ الْحَبَّةِ قُبَّة عند اتِّهَامَهُ لِلسَّارِقِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُتَّهَمِينَ وَشَكْوَاهُ عَلَيْهِمْ وَيُفَلْفِلُهَا ويُبَهِّرُهَا وَيَحْمِلُهَا اِلَى الشرطة و النيابة والْقَضَاءِ بَارِدَةً وَسَاخِنَةً مِنْ اَجْلِ اَنْ تُعَوِّضَ عَلَيْهِ شَرِكَاتُ التَّاْمِينِ مَالَيْسَ حَقّاً لَهُ؟ فَاِيَّاكَ اَخِي الْقَاضِي اَنْ تُسَارِعَ اِلَى تَصْدِيقِ اَمْثَالِ هَؤُلَاءِ مِنْ شَيَاطِينِ الْاِنْسِ اِلَّا اِذَا جَاؤُوا بِالشُّهُودِ وَقَدَّمُوا اَدِلَّةً قَاطِعَةً دَامِغَة؟ وَحَتَّى وَلَوْ جَاؤُوا بِشُهُودِ الْاَرْضِ وَحَتَّى وَلَوْ جَاؤُوا بِاَدِلَّةٍ كَوْنِيَّةٍ قَاطِعَة؟ فَاِنَّ أيَّ شُبْهَةٍ مُقْنِعَةٍ تَدْحَضُ اَدِلَّتَهُم وَتُضْعِفُ مَوْقِفَهُمْ وَلَوْ قَلِيلاً مِمَّا قَدْ يَخْطُرُ عَلَى بِالِكَ اَخِي الْقَاضِي؟ فَاِنَّهَا تَكُونُ لِمَصْلِحَةِ الْمُتَّهَمِ مَهْمَا كَانَتْ صَغِيرَة وَلَوْ لَمْ يَسْتَفِدْ مِنْهَا شَيْئاً اِلَّا التَّخْفِيفَ مِنْ عُقُوبَتِهِ فَكَفَى؟ كَمَا وَيَجُوزُ لَكَ شَرْعاً اَخِي الْقَاضِي اَنْ تُطْلِقَ سَرَاحَهُ لِعَدَمِ تَوَفُّرِ الْاَدِلَّةِ الْكَافِيَة؟ لَكِنْ لَايَجُوزُ اَنْ يُفْلِتَ مِنَ الْاِقَامَةِ الْجَبْرِيَّةِ فِي بَلَدِهِ مَعَ وَضْعِهِ تَحْتَ رَقَابَةٍ صَارِمَةٍ وَمُرَاقَبَةِ تَحَرُّكَاتِهِ عَنْ كَثَب وَمِنْ دُونِ مُضَايَقَتِهِ اِلَى اَنْ تَصِلَ اِلَى الْحَقِيقَةِ فِي بَرَاءَتِهِ اَوْ اِدَانَتِهِ) وَاَمَّا اِذَا كَانَ لَدَيْكَ اَخِي مِنَ الْاَمْوَالِ الطَّائِلَة؟ فَيَجِبُ عَلَيْكَ هُنَا اَنْ تَتَّخِذَ خَزْنَةً لَهَا وَكَامِيرَاتِ مُرَاقَبَة وَجَرَسَ اِنْذَار؟ وَرُبَّمَا لَاتَسْتَفِيدُ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ كُلّهِ؟ لِاَنَّ السَّارِقَ قَدْ يَاْتِي مُقَنَّعاً؟ فَمَرْحَباً بِكَامِيرَاتِ الْمُرَاقَبَةِ صَوْتاً وَصُورَةً مَعَ جَرَسِ الْاِنْذَار وَاَهْلاً وَسَهْلاً؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الطَّرِيقَ الْآمِنَ الْوَحِيدَ مِنْ اَجْلِ حِفظِ اَمْوَالِكَ اَخِي هُوَ فِي اِيدَاعِهَا فِي الْبُنُوك وَهَذَا هُوَ رَاْيِي الشَّخْصِي؟ فَاِذَا كَانَ للسَّادَةِ الْعُلَمَاءِ رَاْيٌ آخَرُ فَلْيَتَفَضَّلُوا بِهِ مَشْكُورِين؟ وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ اَنْ نُعْفِيَ سَارِقَ الْخَزْنَةِ مِنْ عُقُوبَةِ الْقَطْعِ فِي دَوْلَةٍ اِسْلَامِيَّةٍ تُقِيمُ حُدُودَ اللهِ اِذَا اَصَابَ جَمِيعَ الشُّرُوطِ الْمَطْلُوبَة؟ لَكِنْ اِذَا اَرَدْتَّ اِعْفَاءَهُ اَخِي وَاَنْ تَجْعَلَهُ يَنْجُو مِنْ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ اِلَى عُقُوبَةٍ تَعْزِيرِيَّةٍ اَخَفّ؟ فَلَا يُوجَدُ اَمَامَكَ اَخِي اِلَّا خَيَارٌ وَاحِدٌ لَاثَانِيَ لَهُ؟ وَهُوَ اَنْ تَتَّهِمَهُ بِاَنَّهُ اَخَذَ مِنْكَ اَمْوَالَكَ قَبْلَ اَنْ يَصِلَ الْاَمْرُ اِلَى الْقَضَاء؟ وَاِيَّاكَ اَنْ تَتَّهِمَهُ بِلَهْجَةِ سَرَقَ مِنِّي لِاَنَّهَا تُوجِبُ قَطْعَ يَدِهِ؟ لِاَنَّكَ اَخِي لَاتَسْتَطِيعُ اَنْ تَتَرَاجَعَ عَنْ اَقْوَالِكَ الَّتِي ذَكَرْتَهَا اَمَامَ الشَّرِطَةِ وَالنِّيَابَةِ الْعَامَّةِ اَوْ تُغَيِّرَهَا اَمَامَ الْقَضَاء؟ اِيَّاكَ اَخِي فِي الدَّوْلَةِ الْاِسْلَامِيَّةِ الَّتِي تُقِيمُ حُدُودَ الله؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ وُجُودَ قِسْمِ الشَّرِطَةِ وَالنِّيَابَةِ الْعَامَّةِ فِيهِ فَائِدَةٌ كُبْرَى فِي الْمُجْتَمَعِ الْاِسْلَامِي بِشَرْط؟ اَنْ يُوجَدَ فِي نَفْسِ الْقِسْمِ مُحَامِي حَاضِر دَائِماً لِلدِّفَاعِ عَنِ الْمُتَّهَم يَضَعُ الْعُقْدَةَ فِي مِنْشَارِ ضَابِط مُحَقّق حَاضِر دَائِماً مِنْ اَجْلِ اِدَانَةِ الْمُتَّهَم؟ وَلَابُدَّ مِنْ وَضْعِ الْعُقْدَةِ اَيْضاً فِي مِنْشَارِ الْمُحَامِي الَّذِي يَنْشُرُ بِمِنْشَارِهِ الْاَدِلَّةَ الدَّامِغَةَ الَّتِي يُدْلِي بِهَا وَكِيلُ النِّيَابَة؟ فَرُبَّمَا يَكُونُ الْمُتَّهَمُ مُذْنِباً حَقّاً؟ وَرُبَّمَا يَكُونُ بَرِيئاً؟ وَلِذَلِكَ كَانَ لَابُدَّ اَيْضاً من شَخْص ثَالِث مُغَرْبِل وُجُودُهُ ضَرُورِيٌّ جِدّاً؟ وَهُوَ مَايُسَمَّى بِالتَّحَرِّي؟ وَيَكُونُ حَاضِراَ دَائِماً اَيْضاً مِنْ اَجْلِ اَنْ يُغَرْبِلَ الدِّفَاعَ وَيُغَرْبِلَ الْاِدَانَةَ مَعاً وَيُدَوْزِنُهُمَا فِي عَقْلِهِ مِنْ اَجْلِ التَّحَرِّي وَالْبَحْثِ وَمُحَاوَلَةِ الْوُصُولِ اِلَى الْحَقِيقَة؟ وَلَايَكُونُ حَسْمُ الْقَضِيَّةِ اِلَّا فِي الْمَحْكَمَةِ عِنْدَ الْقَضَاء بِالذَّنْبِ اَوْ بِالْبَرَاءَة؟نَعَمْ اَخِي اِيَّاكَ اَنْ تَتَّهِمَ السَّارِقَ بِقَوْلِكَ لِلشَّرِطَةِ وَالنِّيَابَةِ سَرَقَ مِنِّي؟ بَلْ قُلْ اَخَذَ مِنِّي اَمْوَالِي؟ لِاَنَّكَ اِذَا اتَّهَمْتَهُ بِقَوْلِكَ اَنَّهُ سَرَقَ مِنْكَ؟ فَلَا اَمَلَ فِي نَجَاتِهِ مِنْ عُقُوبَةِ قَطْعِ يَدِهِ اَبَداً اِذَا تَوَافَرَتِ الشُّرُوطُ الْمَطْلُوبَةُ وَوَصَلَ الْاَمْرُ اِلَى الْقَضَاءِ وَلَاشَفَاعَةَ فِي حُدُودِ اللِه بَدَلِيلِ حَدِيثِ صَفْوَان كَمَا سَيَاْتِي؟ وَقَدْ كَرَّرْتُ هَذَا الْكَلَامَ كَثِيراً لِاَهَمِّيَّتِهِ وَسَاَعُودُ لِتَكْرِيرِهِ وَالتَّاْكِيدِ عَلَيْه؟ نَعَمْ اَخِي مِثَال آخَر؟ فَمَثَلاً لَوْ اَنَّ اِنْسَاناً مَا دَخَلَ بُسْتَاناً وَقَدْ اُحِيطَ هَذَا الْبُسْتَانُ بِالْجُدْرَانِ؟ فَسَرَقَ الثّمَارَ الْمَوْجُودَةَ فِي الْبُسْتَانِ الْمُحَاطِ بِالْاَسْوَارِ مِنَ الْجُدْرَان؟ فَهَلْ نَعْتَبِرُ هَذَا الْاِنْسَانَ سَارِقاً اَوْ لَيْسَ بِسَارِق يَااَخِي؟ طَبْعاً اِنَّهُ سَارِقٌ يَسْتَحِقُّ الْقَطْعَ اِذَا تَوَافَرَتْ جَمِيعُ الشُّرُوطِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْحِرْزَ الْوَاقِي اَوِ الْحَامِي لِلْبُسْتَانِ هُنَا مِنَ السَّرِقَة هُوَ الْجُدْرَانُ الَّتِي تُحِيطُ بِهِ؟ اَمَّا لَوْ اَخَذَ مِنَ الثَّمَرِ الْمُتَدَلّي خَارِجَ الْجُدْرَانِ فَلَا يُعْتَبَرُ سَارِقاً؟ فَانْظُرْ اَخِي اِلَى الدِّقَّةِ الْفِقْهِيَّةِ الْكَبِيرَةِ فِي هَذِهِ الْاُمُور مِنْ فُقَهَاءِ اَهْلِ السُّنَّةِ رَحِمَهُمُ الله؟ نَعَمْ اَخِي لَابُدَّ اَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمَسْرُوقُ اَوِ الشَّيْءُ الْمَسْرُوقُ مَوْجُوداً فِي حِرْزٍ اَوْ مَكَانٍ يَقِيهِ وَيَحْفَظُهُ وَيَحْمِيهِ وَيُنَاسِبُهُ حَتَّى يَسْتَحِقَّ السَّارِقُ الْقَطْعَ؟ فَلَوْ اَنَّكَ اَخِي تَرَكْتَ مَالَكَ فِي الشَّارِعِ مَثَلاً؟ فَجَاءَ اِنْسَانٌ مَا فَاَخَذَهُ؟ فَاِنَّهُ قَدْ ارْتَكَبَ ذَنْباً عَظِيماً وَنَحْنُ لَانُنْكِرُ ذَلِكَ؟ لَكِنْ هَلْ يُعْتَبَرُ سَارِقاً؟ بِمَعْنَى هَلْ تُطَبَّقُ عَلَيْهِ عُقُوبَةُ السَّرِقَة؟ طَبْعاً لَا يَااَخِي؟ لِاَنَّهُ كَمَا يَقُولُ عَوَامُّ النَّاس اَلرِّزْقُ الْفَالِتُ اَوِ الدَّاشِرُ الَّذِي يَسْتَهْتِرُ صَاحِبُهُ فِي حِفْظِهِ يُعَلّمُ النَّاسَ عَلَى السَّرِقَة؟ فَالْمَلَامَةُ لَاتَقَعُ بِالدَّرَجَةِ الْاُولَى عَلَى مَنْ اَخَذَ الْمَالَ بِقَدْرِ مَا تَقَعُ عَلَى مَنْ اَطْلَقَ الْمَالَ وَاَفْلَتَهُ مِنْ دُونِ رَقِيبٍ وَلَاحَسِيبٍ؟ نَعَمْ اَخِي فَالْمَفْرُوضُ بِكَ اَنْ تَحْفَظَ مَالَكَ وَاَنْ تَضْبِطَهُ؟ فَاِذَا فَرَّطْتَّ فِي حِفْظِهِ فَاَخَذَهُ اِنْسَانٌ مَا؟ فَلَايُسَمَّى سَارِقاً؟ نَعَمْ اَخِي وَاَضْرِبُ لَكَ مَثَلاً آخَرَ حَتَّى تَفْهَمَ جَيِّداً مَاهُوَ حِرْزُ الْمِثْلِ الْمَطْلُوبُ شَرْعاً مِنْ اَجْلِ قَطْعِ يَدِ السَّارِق؟ نَعَمْ اَخِي اَنْتَ الْآنَ تَنَامُ فِي الْمَسْجِد؟ وَتَضَعُ رِدَاءً اَوْعَبَاءَة اَوْ مَشْلَح اَوْ شَيْئاً مَا تَحْتَ رَاْسِك؟ فَجَاءَ اِنْسَانٌ فَاسْتَلَّهُ مِنْ تَحْتِ رَاْسِك؟ فَاسْتَيْقَظْتَ فَقَبَضْتَّ عَلَيْه؟ فَهَلْ هَذَا يُعْتَبَرُ سَارِقاً اَوْ غَيْرَ سَارِقٍ يَااَخِي؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي بَلْ يُعْتَبَرُ سَارِقاً (اِلَّا اِذَا كَانَ مَازِحاً) لِمَاذَا؟ لِاَنَّ تَوَسَّدَكَ بِهَذِهِ الْعَبَاءَةِ الَّتِي تَنَامُ عَلَيْهَا يُعْتَبَرُ بِمَثَابَةِ الْحِرْزِ الْوَاقِي لَهَا مِنَ السَّرِقَة؟ لِاَنَّكَ قَابِضٌ عَلَيْهَا بِرَاْسِكَ وَكَتِفِكَ وَرَقَبَتِكَ وَاَنْتَ نَائِم؟ وَاَمَّا لَوْ وَضَعْتَ هَذِهِ الْعَبَاءَةَ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ ذَهَبْتَ مِنْ اَجْلِ الْوُضُوءِ اِلَى مَكَانِ الْوُضُوء؟ فَجَاءَ اِنْسَانٌ مَا فَاَخَذَهَا؟ فَمَا هُوَ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ هُنَا؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي طَبْعاً لَقَدِ ارْتَكَبَ حَرَاماً عَظِيماً (اِلَّا اِذَا كَانَ مَازِحاً؟ لَكِنْ لَايَجُوزُ الْمُزَاحُ شَرْعاً بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ الْمُؤْذِيَة؟ لِاَنَّ مَنْ لَوَّعَ اِنْسَاناً وَلَوْ عَلَى حِذَائِهِ لَوَّعَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَة) وَلَكِنْ لَاتُطَبَّقُ عَلَيْهِ عُقُوبَةُ السَّرِقَةِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْمَسْجِدَ لَمْ يُبْنَ لِحِفْظِ الْاَشْيَاء؟ فَاَنْتَ اَخِي اِذَا كُنْتَ تَمْلِكُ شَيْئاً مَا غَالِياً عَلَيْكَ؟ فَيَنْبَغِي عَلَيْكَ اَنْ تَجْعَلَهُ قَرِيباً مِنْكَ وَاَلَّا تَبْتَعِدَ عَنْهُ؟ وَاِلَّا فَلَا تَلُومَنَّ اِلَّا نَفْسَك؟ نَعَمْ اَخِي وَاَضْرِبُ لَكَ مِثَالاً آخَر؟ فَلَوْ كُنْتَ اَخِي مَثَلاً مُسَافِراً تَجْلِسُ فِي الشَّارِعِ اَوْ فِي مَكَانٍ لِاسْتِرَاحَةِ الْمُسَافِرِينَ وَمَعَكَ حَقِيبَةٌ كَبِيرَةٌ تَضَعُهَا وَتَحْضُنُهَا بَيْنَ ذِرَاعَيْكَ عَلَى صَدْرِكَ اَوْ بَيْنَ رِجْلَيْكَ بِالْقُوَّةِ لِاَنَّ فِيهَا اَغْرَاضاً وَاَمْوَالاً وَمُجَوْهَرَاتٍ تَخُصُّك؟ وَفَجْاَةً اَصَابَتْكَ سِنَةٌ مِنَ النَّوْمِ اَوِ النُّعَاسِ اَوْ مِنَ الْغَفْلَةِ وَعَدَمِ الِانْتِبَاهِ وَالتَّرْكِيزِ رَغْماً عَنْكَ؟ فَجَاءَ اِنْسَانٌ مَا فَسَرَقَهَا رَغْماً عَنْكَ وَلَمْ تَسْتَطِعْ مُقَاوَمَتَهُ وَذَهَبَ يَجْرِي بِهَا؟ وَلَكِنَّكَ لَحِقْتَهُ فَاَدْرَكْتَهُ وَقَبَضْتَّ عَلَيْهِ وَسَلَّمْتَهُ اِلَى الشَّرِطَةِ ثُمَّ سَلَّمَتْهُ الشَّرِطَةُ اَوِ النِّيَابَةُ الْعَامَّةُ اِلَى مَحْكَمَةٍ شَرْعِيَّةٍ تُقِيمُ حُدُودَ الله؟ فَهَلْ يَعْتَبِرُ الْقَاضِي هَذَا الْاِنْسَانَ غَيْرَ سَارِقٍ اَمْ هُوَ سَارِقٌ يَااَخِي؟ طَبْعاً يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي شَرْعاً اَنْ يَعْتَبِرَهُ سَارِقاً وَيُقِيمَ عَلَيْهِ حَدَّ الله؟ وَلَايَنْجُو مِنْ عُقُوبَةِ الْقَطْعِ اِلَّا اِذَا كَانَ اتِّهَامُكَ لَهُ اَخِي مُنْذُ الْبِدَايَةِ؟ وَاَقُولُ مُنْذُ الْبِدَايَةِ وَاُشَدِّدُ وَاُرَكِّزُ عَلَى هَذِهِ النُّقْطَة؟ نَعَمْ اَخِي اِلَّا اِذَا كَانَ اتِّهَامُكَ لَهُ مُنْذُ الْبِدَايَةِ بِصِيغَةِ اَخَذَ مِنِّي مَالِي وَلَيْسَتْ سَرَقَ مِنِّي مَالِي؟ فَاِذَا ذَكَرْتَ اَمَامَ النِّيَابَةِ وَالشُّرْطَةِ اتِّهَامَكَ لَهُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ وَهِيَ قَوْلُكَ سَرَقَ مِنِّي؟ فَلَا يَنْجُو مِنْ عُقُوبَةِ الْقَطْعِ اِذَا تَوَافَرَتِ الشُّرُوطُ الْمَطْلُوبَةُ مِنْ بِدَايَةِ هَذِهِ الْمُشَارَكَةِ اِلَى نِهَايَتِهَا؟ وَاَرْجُو اَلَّا اَكُونَ قَدْ نَسِيتُ مِنْهَا شَيْئاً؟ فَاِذَا نَسِيتُ مِنْهَا شَيْئاً فَبِاِمْكَانِكَ اَخِي اَنْ تَسْاَلَ الْعُلَمَاءَ لِيُجِيبُوكَ( وَاَنَا بِدَوْرِي اَيْضاً سَاَسْاَلُهُمْ؟ وَاَرْجُو مِنَ السَّادَةِ الْعُلَمَاءِ اَنْ يُجِيبُونِي عَنْ مَسْاَلَةٍ مُشْكِلَةٍ لَااَسْتَطِيعُ اَنْ اُفْتِيَ فِيهَا اِلَّا بِالتَّشَاوُرِ مَعَهُمْ؟ مَاذَا لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْحَقِيبَةِ يَسْتَطِيعُ اَنْ يُقَاوِمَ النُّعَاسَ وَالنَّوْمَ رَيْثَمَا يَصِلُ اِلَى بَرِّ الْاَمَان؟ وَلَكِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ اسْتَسْلَمَ لِلنَّوْم فَهَلْ يُعْتَبَرُ مُسْتَهْتِراً؟ فَاِذَا جَاءَ السَّارِقُ وَاسْتَلَّ الْحَقِيبَةَ مِنْ بَيْنِ ذِرَاعَيْهِ اَوْ رِجْلَيْهِ فَهَلْ يُقْطَعُ اِذَا تَوَافَرَتِ الشُّرُوط؟ وَاَمَّا الْمَسْاَلَةُ الْمُشْكِلَةُ الثَّانِيَة؟ مَاذَا لَوْ كَانَ حَاضِناً لِلْحَقِيبَةِ بَيْنَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ اسْتَسْلَمَ لِلنَّوْمِ مُسْتَهْتِراً ثُمَّ اَفْلَتَتِ الْحَقِيبَةُ مِنْهُ شَيْئاً فَشَيْئاً اِلَى اَنْ سَقَطَتْ عَلَى الْاَرْضِ وَلَمْ يَشْعُرْ بِهَا وَمَا زَالَ نَائِماً فَجَاءَ اِنْسَانٌ مَا فَاَخَذَهَا؟ هَلْ يُعْتَبَرُ هَذَا الْاِنْسَانُ سَارِقاً يَسْتَحِقُّ الْقَطْعَ وَشُكْراً؟ اِنْتَهَى سُؤَالِي هُنَا وَاَعُودُ الْآنَ اِلَى اِكْمَالِ بَقِيَّةِ الْمُشَارَكَةِ الَّتِي لَاعَلَاقَةَ لَهَا بِكَلَامِي هُنَا حَتَّى لَايَخْتَلِطَ الْكَلَامُ عَلَى اَحَد)
نَعَمْ اَخِي يُعْتَبَرُ هَذَا الْاِنْسَانُ سَارِقاً يَسْتَحِقُّ الْقَطْعَ؟ لِاَنَّكَ اَخِي وَضَعْتَ الْحَقِيبَةَ وَاحْتَضَنْتَهَا بَيْنَ رِجْلَيْكَ بِالْقُوَّةِ مِنْ اَجْلِ حِفْظِهَا؟ فَكَانَتْ رِجْلَاكَ بِمَثَابَةِ الْحِرْزِ فِي الْمَكَانِ الْوَاقِي الْمُحَافِظِ عَلَى اَمْوَالِك؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّهُ يَسْتَحِقُّ عُقُوبَةَ الْقَطْعِ لِعَدَمِ وُجُودِ مَكَانٍ تَحْفَظُ فِيهِ اموالك وَاَغْرَاضَكَ الشَّخْصِيَّةَ اِلَّا فِي هَذِهِ الْحَقِيبَةِ وَبَيْنَ رِجْلَيْكَ؟ فَقَدْ تَكُونُ تَاجِراً مُضْطَّرَّاً اِلَى اِحْضَارِ هَذِهِ الْاَمْوَالِ مَعَكَ وَسَحْبِهَا مِنَ الْبُنُوكِ مِنْ اَجْلِ تَدَاوُلِهَا وَالتِّجَارَةِ بِهَا؟ فَيَاْتِي اِنْسَانٌ مَا وَيَسْرِقُهَا؟ فَلَا تَقَعُ الْمَلَامَةُ عَلَيْكَ اَخِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؟ لِاَنَّكَ لَمْ تُقَصِّرْ فِي الْحِفَاظِ عَلَيْهَا؟ وَاِنَّمَا تَقَعُ عَلَى السَّارِقِ الْمُعْتَدِي؟ وَاَمَّا لَوْ قَصَّرْتَ اَخِي فِي الْحِفَاظِ عَلَيْهَا وَتَرَكْتَ الْحَقِيبَةَ اَوِ الشَّنْتَةَ وَذَهَبْتَ اِلَى مَكَانٍ مَا لِقَضَاءِ حَاجَتِكَ وَلَمْ تَتْرُكْهَا فِي مُسْتَوْدَعِ الْاَمَانَاتِ؟ فَجَاءَ اِنْسَانٌ مَا فَاَخَذَهَا؟ فَهَذَا الْاِنْسَانُ قَدِ ارْتَكَبَ حَرَاماً كَبِيراً؟ لَكِنْ لَايُعْتَبَرُ سَارِقاً فِي الشَّرِيعَةِ الْاِسْلَامِيَّةِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الشَّرِيعَةَ الْاِسْلَامِيَّةَ لَهَا قَوِاعِدُ شَرْعِيَّة وَمِنْهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام [اِدْرَؤُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ مَااسْتَطَعْتُمْ(بِمَعْنَى اَنْ نَحْمِيَ النَّاسَ مِنْ عُقُوبَاتِ هَذِهِ الْحُدُودِ مَااسْتَطَعْنَا اِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً وَذَلِكَ لَايَكُونُ اِلَّا بِالشُّبُهَات(وَالشُّبْهَةُ هُنَا اَخِي تَقَعُ عَلَيْكَ قَبْلَ اَنْ تَقَعَ عَلَى الَّذِي اَخَذَ مِنْكَ اَمْوَالَكَ وَهِيَ اسْتِهْتَارُكَ وَتَقْصِيرُكَ فِي حِفْظِ اَغْرَاضِكَ وَاَمْوَالِك؟ فَلَايُمْكِنُنَا بِحَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ اَنْ نُقَدِّمَ طَعَاماً لَذِيذاً مِنَ اللَّحْمِ اِلَى قِطّ جَائِع ثُمَّ نَمْنَعَهُ مِنْ اَكْلِهِ بِسُهُولَة؟ وَقَدْ يَنْجَحُ ذَلِكَ التَّرْوِيضُ مَعَ كَلْبِ الصَّيْدِ وَقَدْ لَايَنْجَح؟ وَلِذَلِكَ لَايُمْكِنُنَا اَيْضاً اَنْ نُعْفِيَ مِنَ الْعُقُوبَةِ التَّعْزِيرِيَّةِ امْرَاَةً مُسْتَهْتِرَةً خَرَجَتْ فِي الشَّارِعُ وَهِيَ شِبْهُ عَارِيَةٍ لِتَعْرِضَ لَحْمَهَا الرَّخِيصَ اَمَامَ النَّاسِ ثُمَّ نُعَاقِبَ جَائِعاً جِنْسِيّاً قَامَ بِاغْتِصَابِهَا بِحَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله؟ فَاِذَا اَفْلَتَتْ مِنَ الْعُقُوبَةِ التَّعْزِيرِيَّةِ؟ فَاِنَّهُ ظُلْمٌ كَبِيرٌ لِمَنْ قَامَ بِاغْتِصَابِهَا اَنْ تَقَعَ عَلَيْهِ عُقُوبَةُ الْحَدِّ وَحْدَهُ فَقَطْ؟ لِاَنَّهَا هِيَ مَنْ قَامَ بِاِغْوَائِهِ وَاِغْرَائِهِ عَلَى اغْتِصَابِهَا وَلَوْ بِغَيْرِ اِرَادَتِهَا كَمَا تَزْعُم؟ لِاَنَّهَا حِينَمَا تَرَكَتْ لَحْمَهَا فَالِتاً دَاشِراً لِمَنْ هَبَّ وَدَبَّ مِنَ النَّاسِ وَلَمْ تَقُمْ بِحِفْظِهِ فِي حِرْزٍ وَاقِي مِنَ الْحِجَابِ الشَّرْعِي؟ فَاِنَّ اللَّحْمَ الدَّاشِرَ اَوِ الْفَالِتَ لِاَعْيُنِ النَّاسِ دُونَ حَسِيبٍ وَلَارَقِيبٍ عَلَيْهِ مِنْهَا وَلَا مِنْ وَلِيِّ اَمْرِهَا وَلَا مِنْ دَوْلَتِهَا يُعَلّمُ النَّاسَ عَلَى السَّرِقَة؟ وَرُبَّما يَسْرِقُونَ مِنْهَا شَرَفَهَا وَكَرَامَتَهَا وَعِرْضَهَا وَغِشَاءَ بِكَارَتِهَا وَهَذِهِ وَاحِدَةٌ مِنْ اَنْوَاعِ السَّرِقَةِ الْمَعْنَوِيَّة؟ فَهَذَا يُؤَكِّدُ اَنَّ شَرَفَهَا وَكَرَامَتَهَا وَعِرْضَهَا وَلَحْمَهَا رَخِيصٌ عِنْدَهَا وَلَيْسَ لَهُ قِيمَة؟ فَعَفْواً اُخْتِي لَا تَسْتَغْرِبِي اَنْ يَكُونَ رَخِيصاً اَيْضاً فِي اَعْيُنِ النَّاس؟ لِاَنَّكِ سَافِلَة وَقِحَة قَذِرَة مُنْحَطَّة وَغْدَة حَقِيرَة؟ فَكَمَا اَنَّ الْقَاضِي لَهُ الظَّاهِرُ فِيمَا يُقَدَّمُ اِلَيْهِ مِنَ الْاَدِلَّةِ وَيَحْكُمُ بِمُوجِبِهَا؟ وَكَمَا اَنَّ رَسُولَ اللهِ لَهُ الظَّاهِرُ اَيْضاً فِيمَا يَقُولُهُ الْمُنَافِقُونَ مِنْ هَذَا الْاِيمَانِ الْمَزْعُومِ بِاَنَّهُ رَسُولُ الله؟ فَكَذَلِكَ اَيْضاً هَذَا الزَّانِي الَّذِي قَامَ بِاغْتِصَابِهَا؟ لَهُ الظَّاهِرُ اَيْضاً فِيمَا ظَهَرَ مِنْ لَحْمِهَا الرَّخِيصِ؟ وَلَيْسَ مُلْزَماً اَنْ يَشُقَّ عَنْ قَلْبِهَا اِنْ كَانَ لَهَا رَغْبَة فِي الزِّنَى اَوْ لَيْسَ لَهَا هَذِهِ الرَّغْبَة؟ وَلِذَلِكَ هِيَ عَاهِرَةٌ فِي كُلِّ الْاَحْوَال؟ وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{اَلزَّانِي لَايَنْكِحُ اِلَّا زَانِيَة(أيْ عَاهِرَةً مِثْلَهُ لَهَا رَغْبَةٌ فِي الزِّنَى؟ بِدَلِيلِ جَسَدِهَا شِبْهِ الْعَارِي وَتَبَرُّجِهَا الَّذِي يُوحِي بِمُقَدِّمَاتِ الزِّنَى الَّتِي تُسَاعِدُهُ بِهَا الْحَقِيرَة عَلَى التَّحَرُّشِ بِهَا؟ لِاَنَّ هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ مِنْ جَسَدِهَا شِبْهِ الْعَارِي وَتَبَرُّجِهَا تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْاُولَى؟ هِيَ بِمَثَابَةِ الْمُقَبِّلَاتِ الَّتِي تُعْطَى قَبْلَ الطَّعَامِ؟ مِنْ اَجْلِ فَتْحِ شَهِيَّةٍ اِلَى الزِّنَى كَانَتْ مُغْلَقَة تَمَاماً وَلَمْ تَكُنْ لَهَا قَابِلِيَّةٌ وَلَاجَاذِبِيَّة؟ بَلْ كَانَ لَهَا صَدُّ نَفْسٍ عَنِ الطَّعَام؟ فَاِذَا بِالْعَاهِرَةِ تَفْتَحُهَا بِسُعَارٍ جِنْسِيٍّ وَتَحْرِيضٍ لَامَثِيلَ لَهُ؟ مِنْ اَجْلِ مُحَاوَلَةِ اِشْبَاعِ الْجُوعِ الْجِنْسِيِّ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ الْعَاهِرَيْنِ؟ وَهَيْهَاتَ هَيْهَاتَ اِلَى ذَلِكَ سَبِيلَا اِلَّا بِالْحَلَالِ كَمَا اَمَرَ الله؟ وَالَّذِي بِهِ يَكُونُ الْاِشْبَاعُ الْجِنْسِيُّ وَالرُّوحِيُّ مَعاً؟ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْحَنَّانِ الْمَنَّانِ عَلَى الْخَلْقِ وَعَلَى الزَّوْجَيْنِ سُبْحَانَه{وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَة(نَعَمْ اَخِي وَاَمَّا اِنْ كَانَتْ تَحْفَظُ جَسَدَهَا فِي حِرْزٍ وَاقِي مِنَ الْحِجَابِ الشَّرْعِي الَّذِي اَمَرَ اللهُ بِهِ ثُمَّ جَاءَ اِنْسَانٌ وَاعْتَدَى عَلَى عِرْضِهَا وَسَرَقَ مِنْهَا شَرَفَهَا وَكَرَامَتَهَا وَغِشَاءَ بِكَارَتِهَا؟ فَاِنَّهُ يَسْتَحِقُّ عُقُوبَةَ الْحَدِّ هُنَا بِجَدَارَةٍ لَامُتَنَاهِيَةٍ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْحِجَابَ الشَّرْعِيَّ هُوَ عَلَامَةٌ كَبْرَى عَلَى عَدَمِ رَغْبَتِهَا فِي الزِّنَى وَاِنْ كَانَتْ تُرِيدُهُ لِنَفْسِهَا؟ لَكِنَّهَا لَاتُرِيدُهُ لِلنَّاسِ جَمِيعاً؟ بِدَلِيلِ اَنَّهَا غَيْرُ مُصِرَّةٍ عَلَيْهِ بِسَبَبِ حِجَابِهَا؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الَّتِي تَفْرِضُ الْجِلْبَابَ الشَّرْعِيَّ عَلَى الْمَرْاَة{ذَلِكَ اَدْنَى(أيْ ذَلِكَ الْحِجَابُ مِنَ الْجِلْبَابِ اَقْرَبُ اِلَى{اَنْ يُعْرَفْنَ(بِاَنَّهُنَّ حَرَائِرُ أيْ شَرِيفَات عَفِيفَات لَيْسَ لَدَيْهِنَّ الرَّغْبَةُ فِي الزِّنى وَلَا فِي الْاِصْرَارِ عَلَيْهِ؟ وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{فَلَا يُؤْذَيْن( نَعَمْ اَخِي وَقَدْ بَعَثَ اِلَيَّ اَحَدُ الْاِخْوَةِ بِرِسَالَةٍ يَقُولُ فِيهَا؟ هُنَاكَ مِنَ الْمُتَحَجِّبَاتِ مَنْ تَفْعَلُ الْفَاحِشَة؟ فَمَا هِيَ فَائِدَةُ حِجَابِهَا؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي هُنَاكَ مِنَ الْمُتَبَرِّجَاتِ شِبْهِ الْعَارِيَاتِ مَنْ لَاتَفْعَلُ الْفَاحِشَة وَهِيَ شَرِيفَةُ وَعَفِيفَة؟ فَمَا هِيَ فَائِدَةُ شَرَفِهَا وَعَفَافِهَا هُنَا؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ هِيَ فِي مِيزَانِ اللهِ كَمَنْ يَبِيعُ الْمُخَدِّرَاتِ اِلَى النَّاسِ وَلَكِنَّهُ لَايَتَعَاطَاهَا وَلَايَشْرَبُهَا وَلَايَشُمُّهَا وَلَايَحْقِنُ نَفْسَهُ بِهَا؟ لِاَنَّهَا تُحَافِظُ عَلَى شَرَفِهَا وَلَاتُحَافِظُ عَلَى شَرَفِ النَّاس؟ بَلْ تَبِيعُ شَرَفَ النَّاسِ بِعَرْضِهَا لَلَحْمِهَا الرَّخِيصِ اَمَامَهُمْ؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ مَثَلَهَا عِنْدَ اللهِ{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ اِذْ قَالَ لِلْاِنْسَانِ اكْفُرْ؟ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ اِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ؟ اِنِّي اَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِين؟ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمْا اَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا؟ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِين( فَهَذِهِ الشَّيْطَانَة لِسَانُ حَالِهَا يَقُولُ لِلنَّاس؟ اُكْفُرُوا اَيُّهَا النَّاسُ كَمَا اَنَا كَفَرْتُ بِنِعْمَةِ اللهِ الَّتِي اَنْعَمَهَا عَلَيَّ فِي قَوْلِهِ{يَابَنِي آدَمَ قَدْ اَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشَا؟وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْر{يَابَنِي آدَمَ لَايَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا اَخْرَجَ اَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ؟ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمْا سَوْآتِهِمَا(بَلْ اِنَّ هَذِهِ الشَّيْطَانَةَ السَّافِلَةَ حَلَّتْ مَحَلَّ الشَّيْطَان وَاَصْبَحَتْ تَلْعَبُ دَوْرَ الشَّيْطَانِ فِي فِتْنَةِ النَّاسِ الَّتِي نَهَى اللهُ عَنْهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِيَنْزِعُوا عَنْهُمْ لِبَاسَ الايمان والتقوى والْحِشْمَةِ وَالْحَيَاءِ وَالْخَجَلِ مِنَ اللهِ كَمَا نَزَعَتْهُ هِيَ؟ وَلِيَقُومُوا بِتَقْلِيدِهَا بَعْدَ اَنْ نَقَلَتْ اِلَيْهِمْ هَذِهِ الْعَدْوَى الشَّيْطَانِيَّة؟ وَهَذَا الْكَلَامُ يَنْطَبِقُ اَيْضاً عَلَى تِلْكَ السَّافِلَة الَّتِي تَضَعُ الْخِمَارَ عَلَى رَاْسِهَا ثُمَّ تَمْشِي بِلِبَاسِ الرِّجَالِ اَمَامَ النَّاسِ وَهُوَ الْبِنْطَال؟ لِاَنَّ الْبِنْطَالَ لَيْسَ حِجَاباً شَرْعِيّاً؟ وَاِنَّمَا الْحِجَابُ الشَّرْعِيُّ هُوَ الْجِلْبَاب؟ وَلَذِلِكَ فَهِيَ فِي مِيزَانِ اللِه شَيْطَانَة مُصِرَّة عَلَى الْفَاحِشَةِ وَلَوْ لَمْ تَفْعَلْهَا لِمَاذَا؟ لِاَنَّهَا لَيْسَتْ حَرِيصَةً عَلَى شَرَفِ النَّاسِ بِقَدْرِ حِرْصِهَا عَلَى شَرَفِهَا؟ لِاَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ الَّذِي يَنْبَغِي اَنْ تَكُونَ حَرِيصَةً عَلَى شَرَفِ هَذَا الْجَسَدِ مِنْ مَفْرَقِ رَاْسِهِ اِلَى اَخْمَصِ قَدَمَيْهِ وَلَيْسَ جَسَدَهَا وَحْدَهُ فَقَط؟ لِاَنَّ جَسَدَهَا جُزْءٌ صَغِيرٌ جِدّاً مِنْ جَسَدٍ كَبِيرٍ جِدّاً لِلنَّاسِ بَلْ هُوَ قَزَمٌ صَغِيرٌ جِدّاً مُتَحِدٌ مَعَ جَسَدٍ عِمْلَاقٍ كَبِيرٍ جِدّاً لِلنَّاسِ وَلَيْسَ مُنْفَصِلاً عَنْهُ فِي مِيزَانِ الله؟ وَلِذَلِكَ فَهِيَ مَسْؤُولَةُ عَنْ جَسَدِ الناس اَيْضاً وَلَيْسَتْ مَسْؤُولِيَّتُهَا مَحْصُورَةً اَوْ قَاصِرَةً اَوْ مُقْتَصِرَةً عَلَى جَسَدِهَا فَقَطْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{اِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ اَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا(بِاِغْوَائِهَا وَاِغْرَائِهَا لَهُمْ بِجَسَدِهَا شِبْهِ الْعَارِي{لَهُمْ عَذَابٌ اَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة( وَالْكَلَامُ نَفُسْهُ يَنْطَبِقُ عَلَى مَنْ تَضَعُ الْحِجَابَ عَلَى رَاْسِهَا وَلَاتَضَعُ الْجِلْبَابَ عَلَى جَسَدِهَا لِمَاذَا لِاَنَّ اللهَ اَمَرَ بِالْحِجَابِ عَلَى جَمِيعِ جَسَدِهَا فِي سُورَةِ النُّورِ وَفِي سُورَةِ الْاَحْزَابِ فَاِذَا بِهَا تَقْتَصِرُ بِالْحِجَابِ عَلَى رَاْسِهَا فَقَطْ وَتَخْلَعُ الْجِلْبَابَ عَنْ بَقِيَّةِ جَسَدِهَا فَمَاذَا كَانَتِ النَّتِيجَة اُخْتِي جَاءَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى مُهَدِّداً لَكِ وَمُتَوَعِّداً{اَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ(وَهُوَ غِطَاءُ الرَّاْسِ{ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ(وَهُوَ الْجِلْبَابُ الَّذِي اَنْزَلَهُ اللهُ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ( فَكَيْفَ تَكْفُرْنَ بِنِعْمَةِ اللهِ وَتَتَجَاهَلْنَ اَمْرَهُ فِي قَوْلِهِ{يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنّ{ وَكَيْفَ تُبَدِّلوُنَ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُنَّ فِي الْجِلْبَابِ وَتَلْبَسْنَ عِوَضاً عَنْهَا الْبِنْطَال{اَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ اَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْر{وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مَاجَاءَتْهُ فَاِنَّ اللَهَ شَدِيدُ الْعِقَاب{فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ اِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ اِلَى اَشَدِّ الْعَذَاب( وَاَمَّا الْمُتَحَجِّبَةُ الَّتِي تَفْعَلُ الْفَاحِشَة؟ فَاِنْ كَانَتْ لَاتَفْعَلُهَا عَلَناً؟ فَهِيَ حَرِيصَةٌ عَلَى شَرَفِ النَّاسِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ حَرِيصَةً عَلَى شَرَفِهَا وَحْدَهَا؟ وَاَمَّا الْمُتَبَرِّجَةُ شِبْهُ الْعَارِيَةِ؟ فَاِنَّهَا اَنَانِيَّةٌ لَايَهُمُّهَا اِلَّا شَرَفُهَا فَقَطْ وَلَوْ دَاسَتْ عَلَى شَرَفِ النَّاسِ بِرِجْلَيْهَا؟ فَاِذَا اَرَادَتْ اَنْ تَتُوبَ اِلَى اللهِ؟ فَاِنَّ الْحِجَابَ هُوَ بِدَايَةُ الطَّرِيقِ اِلَى التَّوْبَة؟ وَلَايُمْكِنُهَا اَنْ تَدْخُلَ اِلَى التَّوْبَةِ اِلَّا مِنْ بَابِهِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ يَقُودُهَا شَيْئاً فَشَيْئاً اِلَى مَدْرَسَةِ الْحِجَابِ الْكُبْرَى الَّتِي تَحْصَلُ فِيهَا شَيْئاً فَشَيْئاً عَلَى شَهَادَةٍ جَامِعِيَّةٍ فِيهَا مَرْتَبَةُ الشَّرَفِ وَالدُّكْتُورَاه الْفَخْرِيَّةِ فِي الْحِجَابِ عَمَّا حَرَّمَهُ الله حَتَّى تُصْبِحَ شَيْئاً فَشَيْئاً مُؤَهَّلَةً لِلدُّخُولِ اِلَى جَنَّاتٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْاَرْضُ وَمُسْتَحِقَّةً لَهَا بِجَدَارَة؟ فَعَلْيَهَا فَوْراً وَمُنْذُ الْآن اَنْ تُبَادِرَ اِلَى تَسْجِيلِ نَفْسِهَا فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ الطَّاهِرَة؟ لِاَنَّ اللهَ فَتَحَ اَمَامَ الْمُتَحَجِّبَةِ بَاباً كَبِيراً مِنَ الْاَمَلِ مِنْ اَوَّلِ لَحْظَةٍ تَدْخُلُ فِيهَا اِلَى الصَّفِّ الْاَوَّلِ الْاِبْتِدَائِيِّ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ الطَّاهِرَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَالَّذِينَ اِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً اَوْ ظَلَمُوا اَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ؟ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ اِلَّا اللهُ ؟وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا(وَهَذَا شَرْطٌ ضَرُورِيٌّ جِدّاً عِنْدَ اللهِ مِنْ اَجْلِ قَبُولِ تَوْبَتِهَا؟ وَهُوَ عَدَمُ اِصْرَارِهَا؟ وَاَمَا الْمُتَبَرِّجَةُ فَهِيَ اَنَانِيَّةٌ وَمُصِرَّةٌ عَلَى تَحَدِّي اللهِ وَتَحَدِّي النَّاسِ؟ وَاَمَّا الْمُتَحَجِّبَةُ الَّتِي تَفْعَلُ الْفَاحِشَةَ فَاِنَّهَا لَاتَتَحَدَّى النَّاسَ بِاِغْوَائِهَا لَهُمْ وَاِنَّمَا تَتَحَدَّى اللهَ بِنَفْسِهَا فَقَطْ وَلَاتَتَحَدَّاهُ كَمَا تَتَحَدَّاهُ الْمُتَبَرِّجَةُ بِنَفْسِهَا وَبِالنَّاسِ جَمِيعاً؟ لِاَنَّ خُرُوجَهَا مُتَبَرِّجَة يَجْعَلُهَا فِي مِيزَانِ اللهِ تَتَحَدَّى اللهَ بِتَبَرُّجِهَا وَلَوْ لَمْ تَفْعَلِ الْفَاحِشَة؟ بَلْ تَتَحَدَّى اللهَ اَيْضاً بِالنَّاسِ الَّذِينَ تُوقِعُهُمْ فِي الْفَاحِشَةِ؟ حِينَمَا يَنْظُرُونَ اِلَيْهَا وَيُعْجَبُونَ بِجَمَالِهَا وَفِتْنَتِهَا وَدَلَالِهَا وَاِغْرَائِهَا رَغْماً عَنْهَا وَعَنْهُمْ؟؟ نَعَمْ اَخِي وَكَذَلِكَ اَنْتَ بِاسْتِهْتَارِكَ فِي اَمْوَالِكَ وَاَغْرَاضِكَ قُمْتَ بِاِغْوَائِهِ وَفَتْحِ شَهِيَّتِهِ عَلَى السَّرِقَة؟ نَعَمْ اَخِي وَحَتَّى وَلَوْ لَمْ تُقَصِّرْ فِي حِفْظِ هَذِهِ الْاَمْوَالِ وَالْاَغْرَاضِ فَجَاءَ اِنْسَانٌ مَا فَسَرَقَ مِنْكَ؟ فَاِنَّ رَسُولَ اللهِ يَدْعُوكَ اِلَى الرَّحْمَةِ بِهِ وَلَوْ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ عُقُوبَتِهِ مِنَ الْقَطْعِ اِلَى التَّعْزِير بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ[ادْرَؤُوا( وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقِفَنَّ مَوَاقِفَ التُّهَم(وَكَلِمَةُ فَلَا يَقِفَنَّ بِمَعْنَى فَلَا يَقِفَنَّ هُوَ مَعَ نَفْسِهِ؟ وَلَايَقِفَنَّ اَيْضاً مَعَ غَيْرِهِ مَوَاقِفَ التُّهَمِ؟ وَالْحَدِيثُ وَاضِحٌ وُضُوحَ الشَّمْسِ فِي نَهْيِ رَسُولِ اللهِ عَنْ وُقُوفِكَ اَخِي مَوَاقِفَ التُّهَمِ مَعَ نَفْسِكَ؟ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ وَاضِحاً فِي نَهْيِ رَسُولِ اللهِ عَنْ وُقُوفِكَ مَعَ غَيْرِكَ اَيْضاً مَوَاقِفَ التُّهَم؟ فَمَا هُوَ دَلِيلِي الشَّرْعِي مَعَ غَيْرِكَ اَخِي؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي دَلِيلِي هُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام{اَلْمُسْلِمُونَ كَالْجَسَدِ الْوَاحِد(فَاِذَا وَقَفْتَ مَعَ غَيْرِكَ مَوَاقِفَ التُّهَمِ؟ فَكَاَنَّمَا وَقَفْتَ مَعَ نَفْسِكَ اَيْضاً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَاتَلْمِزُوا اَنْفُسَكُمْ(فَاِذَا لَمَزْتَ غَيْرَكَ اَخِي فَكَاَنَّمَا لَمَزْتَ نَفْسَكَ اَيْضاً؟ وَلِذَلِكَ اَخِي اَرْجُوك لَا تَقُلْ سَرَقَ مِنِّي؟ وَلَكِنْ قُلْ اَخَذَ مِنِّي؟ لِاَنَّ كَلِمَةَ اَخَذَ مِنِّي فِيهَا شُبْهَة كَبِيرَة تُسَاعِدُهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ تُهْمَةِ السَّرِقَة؟ مِمَّا يَجْعَلُهُ يَنْجُو مِنْ قَطْعِ يَدِهِ؟ وَاِنْ كَانَ لَايَنْجُو مِنَ الْعُقُوبَةِ الْاُخْرَى التَّعْزِيرِيَّة الَّتِي تَبْقَى اَرْحَمَ عَلَيْهِ بِكَثِيرٍ مِنْ قَطْعِ يَدِهِ؟ نَعَمْ اَخِي لِاَنَّ أيَّ شُبْهَةٍ فَاِنَّهَا تَكُونُ فِي صَالِحِ الْمُتَّهَم؟ وَحَتَّى فِي الْقَوَانِينِ وَالْقَوَاعِدِ الدُّسْتُورِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ؟ فَاِنَّ الْقَاعِدَةَ الدُّسْتُورِيَّةَ الشَّرْعِيَّةَ تَقُول اَلْاَصْلُ فِي الْاِنْسَانِ اَنْ يَكُونَ بَرِيئاً وَلِذَلِكَ فَاِنَّ كُلَّ مُتَّهَمٍ بَرِيءٌ حَتَّى تَثْبُتَ اِدَانَتُه لِمَاذا؟ لِاَنَّ الْاَصْلَ فِي الْاِنْسَانِ هُوَ بَرَاءَةُ الذّمَّة بِمَعْنَى اَنَّ الْاَصْلَ فِي الْاِنْسَانَ اَنَّ ذِمَّتَهُ بَرِيئَة فَلَا تُلَطَّخُ ذِمَّتُهُ اِلَّا بِاِقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى خِيَانَتِهِ وَلِذَلِكَ يَقُولُ رَسُولُ اللهِ عليه الصلاة والسلام[اِدْرَؤُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ مَااسْتَطَعْتُمْ(بِمَعْنَى اَنَّ رَسُولَ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَقُولُ لَكَ اَخِي اِذَا اَخَذَ مِنْكَ اِنْسَانٌ مَا شَيْئاً مَا فَلَا تَقُلْ سَرَقَ مِنِّي وَلَكِنْ قُلْ اَخَذَ مِنِّي حَتَّى لَايُقَامَ عَلَيْهِ حَدُّ السَّرِقَةِ فَتَجَعَلُهُ بِذَلِكَ يَخْسَرُ عُضْواً مِنْ اَعْضَائِهِ عَزِيزاً عَلَيْهِ وَهُوَ يَدُهُ العزيزة الغالية عليه؟ نَعَمْ اَخِي وَاَعُودُ وَاُؤَكِّدُ عَلَيْكَ لِلْمَرَّة الْمِلْيُون لَاتَقُلْ اَمَامَ النِّيَابَةِ الْعَامَّةِ وَلَا اَمَامَ الْقَاضِي بِحَقِّ مَنْ سَرَقَكَ اَنَّهُ سَرَقَ مِنْكَ وَلَكِنْ قُلْ اَخَذَ مِنِّي حَتَّى يَنْجُوَ مِنْ عُقُوبَةِ السَّرِقَةِ وَهِيَ قُطْعُ يَدِهِ وَلَااَقُولُ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ عِنْدِي بَلْ يُرْوَى اَنَّ صَفْوَانَ بْنَ اُمَيَّةَ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ؟ وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ؟ هَلْ هُوَ مَسْجِدٌ فِي مَكَّةَ اَوِ الْمَدِينَة؟ نَعَمْ اَخِي وَكَانَ صَفْوَانُ هَذَا نَائِماً يَضَعُ عَبَاءَتَهُ تَحْتَ رَاْسِهِ؟ فَجَاءَ اَعْرَابِيٌّ فَاسْتَلَّ الْعَبَاءَةَ مِنْ تَحْتِ رَاْسِهِ شَيْئاً فَشَيْئاً دُونَ اَنْ يَشْعُرَ صَفْوَانُ بِذَلِك؟ وَلَكِنَّ صَفْوَانَ فَجْاَةً اِسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ وَقَبَضَ عَلَيْهِ وَاَحْضَرَ مَعَهُ شُهُوداً اِلَى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَرِقَةِ هَذَا الْاَعْرَابِي وَقَالَ يَارَسُولَ الله هَذَا سَرَقَ مِنِّي كَذَا وَكَذَا؟ فَاَمَرَ رَسُولُ اللهِ بِاِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى هَذَا الْاَعْرَابِي السَّارِق؟ فَقَالَ صَفْوَانُ يَارَسُولَ الله وَاللهِ مَااَرَدْتُّ اَنْ يُعَاقَب؟ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام لَوْ عَفَوْتَ عَنْهُ قَبْلَ اَنْ تَاْتِيَنِي (وَلَكِنْ مَاذَا يَنْفَعُ النَّدَمُ يَاصَفْوَان وَقَدِ اتَّهَمْتَهُ بِالسَّرِقَةِ؟ فَهَلَّا قُلْتَ اَخَذَ مِنِّي وَلَمْ تَقُلْ سَرَقَ مِنِّي؟ فَاَمَرَ رَسُولُ اللهِ بِهَذَا الْاَعْرَابِيِّ فَقُطِعَتْ يَدُهُ؟ نَعَمْ اَخِي وَالْمَعْنَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ اَنَّ رَسُولَ اللهِ يَاْمُرُكَ اَنْ تَشْفَعَ لِهَذَا الْاِنْسَانِ وَاَنْ تَبْحَثَ عَمَّنْ يَكْفُلُهُ وَيَتَوَاسَطُ وَيَشْفَعُ لَهُ عِنْدَكَ حَتَّى لَايَعُودَ اِلَى السَّرِقَةِ مَرَّةً اُخْرَى قَبْلَ اَنْ يَصِلَ اِلَى الْقَضَاءِ مَقْبُوضاً عَلَيْهِ وَمُكَبَّلاً فِي يَدَيْهِ وَمَوْضُوعاً فِي قَفَصِ الِاتِّهَام؟ وَاَمَّا اِذَا وَصَلَ الْاَمْرُ اِلَى الْقَضَاءِ؟ فَلَعَنَ اللهُ الشَّافِعَ وَالْمُشَفَّعَ اَوِ الْمَشْفُوعَ لَهُ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْقَاضِي مَاْمُورٌ اَنْ يُطَبِّقَ حُكْمَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ فَاِذَا بَلَغَ الْاَمْرُ اِلَى الْقَضَاءِ؟ فَلَا شَفَاعَةَ فِي حُدُودِ اللهِ؟ لِاَنَّ الْعُقُوبَةَ فِي حَقِّ هَذَا السَّارِقِ لَيْسَتْ مِنْ حَقِّ الْمَسْرُوقِ وَحْدَهُ فَقَطْ وَلَكِنَّهَا مِنْ حَقِّ اللهِ اَيْضاً؟ نَعَمْ اَخِي وَحَقُّ اللهِ هُوَ قَطْعُ يَدِ السَّارِقِ وَالسَّارِقَة؟ وَاَمَّا حَقُّ الْعَبْدِ الْمَسْرُوقِ فَهُوَ اَنْ يَسْتَرِدَّ مَا سُرِقَ مِنْهُ وَلَهُ الْحَقُّ اَيْضاً اَنْ يَتَجَاوَزَ وَيَعْفُوَ عَنْ حَقّهِ دُونَ اَنْ يَسْتَرِدَّهُ لَكِنْ هَلْ يَسْتَطِيعُ اَنْ يَتَجَاوَزَ وَيَعْفُوَ عَنْ حَقِّ اللهِ فِي الْقَطْعِ؟ طَبْعاً لَا يَااَخِي لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ لَمْ يُنِبْهُ عَنْهُ؟ بِمَعْنَى اَنَّهُ سُبْحَانَهُ مَاجَعَلَهُ نَائِباً عَنْهُ فِي التَّنَازُلِ عَنْ حَقّهِ؟ لِاَنَّ اللهَ لَمْ يَتَنَازَلْ عَنْ حَقّهِ لِاَحَدٍ فِي حُدُودِهِ؟ وَلَمْ يَسْمَحْ لِاَحَدٍ اَيْضاً اَنْ يُفَرِّطَ فِيهَا اِذَا تَحَقَّقَتْ شُرُوطُ اِقَامَتِهَا؟ حَتَّى وَلَوْ كَانَ رَسُولَ الله فَاِنَّ اللهَ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ اَيْضاً؟ نَعَمْ اَخِي وَلَاغَرَابَةَ فِي ذَلِكَ؟ فَقَدْ اَعْطَى سُبْحَانَهُ جَمِيعَ النَّاسِ حُرِّيَّةَ الِاخْتِيَارِ فِي تَوْحِيدِهِ اَوْ فِي الْاِشْرَاكِ بِهِ؟ لَكِنْ هَلْ تَنَازَلَ سُبْحَانَهُ مَعَ ذَلِكَ عَنْ حَقّهِ فِي الْوَحْدَانِيَّةِ لِاَحَدٍ مِنَ النَّاس؟ طَبْعاً لَا يَااَخِي وَلَايَقُولُ بِذَلِكَ اِلَّا الَّذِينَ يَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَالَايَعْلَمُون؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ جَهَنَّمَ الْاَبَدِيَّة حَاضِرَةٌ لِمَنْ فَرَّطَ فِي حَقِّ اللهِ فِي وَحْدَانِيَّتِهِ وَلْم يُبْقِ فِي قَلْبِهِ ذَرَّةً مِنَ الْاِيمَانِ بِهَا؟ وَلِذَلِكَ اَيْضاً فَاِنَّ الْجَنَّةَ الْاَبَدِيَّةَ الَّتِي عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْاَرْضُ حَاضِرَةٌ اَيْضاً لِمَنْ اَعْطَى اللهَ وَلَوْ جُزْءاً مِنْ حَقّهِ فِي تَوْحِيدِهِ سُبْحَانَه؟ بِدَلِيلِ حَدِيثٍ صَحِيحٍ يَنْجُو فِيهِ مِنْ اَبَدِيَّةِ الْعَذَابِ فِي جَهَنَّمَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنَ الْاِيمَانِ بِلَا اِلَهَ اِلَّا الله لِمَاذَا؟ لِاَنَّ هَذِهِ الذَّرَّةَ مِنَ الْاِيمَانِ بِوَحْدَانِيَّةِ اللهِ هِيَ بِمَثَابَةِ الشُّبْهَةِ الَّتِي تَشْفَعُ لَهُ عِنْدَ اللهِ وَتَجْعَلُهُ يَنْجُو مِنْ اَبَدِيَّةِ الْعَذَابِ فِي جَهَنَّمَ فَيَنْجُو بِذَلِكَ مِنْ قَطْعِ رَحْمَةِ اللهِ عَنْهُ وَيَنْجُو مِن ِانْقِطَاعِهَا كَمَا يَنْجُو السَّارِقُ مِنَ الْقَطْعِ وَاِنْ كَانَ صَاحِبُ الذَّرَّةِ لَايَنْجُو مِنَ الْعُقُوبَةِ التَّعْزِيرِيَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ الطَّوِيلَةِ جِدّاً فِي جَهَنَّم؟ فَاِيَّاكُمْ اَيُّهَا الشِّيعَةُ وَالنُّصَيْرِيُّونَ مِنْ قَوْمِي وَاِيَّاكُمْ يَاغَيْرَ الْمُسْلِمِينَ اَنْ تُفَوِّتُوا هَذِهِ الْفُرْصَةَ علَيْكُمْ وَتَجْعَلُوهَا تُفْلِتُ مِنْ بَيْنِ اَيْدِيكُمْ اِلَى الْاَبَد وَاَبْشِرُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ(لَكِنْ عَلَيْكُمْ اَنْ تَتَّخِذُوا اَقْصَى دَرَجَاتِ الِاسْتِنْفَارِ وَالْحَذَرِ مِنْ خَطَرِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ(فَقَدْ تَكُونُ هَذِهِ الْآيَة هِيَ الضَّرْبَةُ الْقَاضِيَةُ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ اِلَى الْاَبَد وَاللهُ اَعْلَم؟ نَعَمْ اَخِي وَنَاْتِي الْآنَ اِلَى الشَّرْطِ الثَّالِثِ الَّذِي يَجْعَلُ السَّارِقَ مُسْتَحِقّاً لِقَطْعِ يَدِهِ؟ وَاِلَّا فَاِنَّهُ يَسْتَحِقُّ عُقُوبَةً تَعْزِيرِيَّةً فَقَطْ يُقَدِّرُهَا الْقَاضِي؟ وَهُوَ اَلَّا يَكُونَ مِنَ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ لِلسَّارِقِ فِيهِ شَيْءٌ يَمْلِكُهُ وَلَوْ كَانَ قَلِيلاً؟ وَاَضْرِبُ لَكَ مَثَلاً اَخِي حَتَّى تَفْهَمَ الْمَقْصُودَ مِنْ كَلَامِي؟ فَمَثَلاً اَنَا وَاَنْتَ شَرِيكَانِ فِي مَالٍ فِيمَا بَيْنَنَا نُتَاجِرُ بِهِ وَنَرْبَح؟ فَسَرَقَ اَحَدُنَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ هَذَا دُونَ عِلْمِ الْآخَر؟ وَلَكِنَّ الْآخَرَ اكْتَشَفَ ذَلِكَ لَاحِقاً؟ فَكَذَّلكَ هُنَا اَخِي لَايُقَامُ الْحَدُّ مِنَ الْقَطْعِ عَلَى السَّارِقِ لِمَاذَا؟ بِسَبَبِ وُجُودِ شُبْهَةِ التَّمْلُّك؟ لِاَنَّ الْاَمْوَالَ اِذَا كَانَتْ مُخْتَلَطَة فَلَايُمْكِنُ تَحْدِيدُ الْمُلْكِيَّةِ لِشَخْصٍ دُونَ الْآخَرِ اِلَّا بَعْدَ تَصْفِيَةِ الشَّرَاكَةِ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَفَضِّهَا؟ وَلَذَلِكَ لَايَجُوزُ لِلْقَاضِي هُنَا اَنْ يُقْيمَ حَدَّ الْقَطْعِ عَلَى السَّارِقِ؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّ السَّارِقَ هُنَا يُعْتَبَرُ خَائِناً يَسْتَحِقُّ عُقُوبَةً تَعْزِيرِيَّةً لَاتَصِلُ اِلَى الْحَدِّ؟ فَانْظُرْ اَخِي اِلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ التَّعْجِيزِيَّةِ الصَّعْبَةِ مِنْ اَجْلِ اِقَامَةِ الْحُدُودِ رَحْمَةً مِنَ اللهِ بِالنَّاسِ جَمِيعاً وَلَوْ اَخْطَؤُوا؟ حَتَّى وَلَوْ بَقِيَتْ هَذِهِ الْحُدُودُ حِبْراً عَلَى وَرَقِ الْقُرْآنِ فَلَا نَلْجَاُ اِلَيْهَا اِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ الْقُصْوَى؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَاِذَا تَحَقَّقَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ وَاُقِيمَتِ الْحُدُودُ؟ فَاِنَّ رَحْمَةَ اللهِ تَبْقَى قَائِمَةً اَيْضاً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاة(وَلَكِنَّ هَذَا الْكَلَامَ يَحْتَاجُ اِلَى مَنْ يَفْهَمُهُ جَيِّداً لِيُدْرِكَ حِكْمَةَ اللهِ مِنْ اِقَامَةِ هَذِهِ الْحُدُود؟ وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{يَااُولِي الْاَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون}نَعَمْ اَخِي وَنَاْتِي الْآنَ اِلَى الشَّرْطِ الرَّابِعِ الَّذِي يَجْعَلُ السَّارِقَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ لِحَدِّ اللِه فِي الْقَطْعِ وَاِنَّمَا يَسْتَحِقُّ عُقُوبَةً تَعْزِيرِيَّةً يُقَدِّرُهَا الْقَاضِي؟وَهُوَ اَنْ يَكُونَ السَّارِقُ مُحْتَاجاً حَاجَةً شَدِيدَةً اِلَى الْمَالِ الْمَسْرُوق؟ نَعَمْ اَخِي بَعْضُ النَّاسِ الْجَاهِلِينَ يَقُولُونَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ اَنَّهُ اَلْغَى حَدَّ السَّرِقَة؟ وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ اَنْتُمْ كَاذِبُون فَلَا عُمَر وَلَااَكْبَر مِنْ عُمَر يَسْتَطِيعُ اَنْ يُلْغِيَ حَدَّ اللهِ سُبْحَانَه؟ لَكِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ اَوْقَفَهُ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الشُّرُوطَ لَمْ تَتَوَفَّرْ فِي عَهْدِهِ كَامِلَةً مِنْ اَجْلِ الْقَطْعِ لِيَدِ السَّارِقِ وَالسَّارِقَة؟ بِسَبَبِ مَايُسَمَّى بِعَامِ الرَّمَادَة؟ وَهُوَ عَامٌ حَصَلَتْ فِيهِ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ شِدَّةِ الْقَحْطِ وَالْجَدْبِ وَالْاَرْضِ الْيَابِسَةِ وَالسَّمَاءِ الْجَافَّةِ الَّتِي لَمْ تُمْطِرْ وَالْفَقْرِ الْمُدْقِعِ الشَّدِيدِ الَّذِي حَصَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الْعَام؟ فَرُبَّمَا هَذَا الَّذِي سَرَقَ فِي عَهْدِهِ سَرَقَ مِنْ اَجْلِ حَاجَتِهِ وَسَدِّ جَوْعَتِهِ الشَّدِيدَةِ وَجُوعِ زَوْجَتِهِ وَاَوْلَادِهِ اَيْضاً؟ وَلِذَلِكَ كَانَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبِ بْنِ اَبِي بَلْتَعَةَ غِلْمَانٌ فِتْيَانٌ بِمَعْنَى عَبِيد مَمْلُوكِين؟ فَسَرَقُوا مِنْهُ؟ فَاُلْقِيَ الْقَبْضُ عَلَيْهِمْ فِي عَهْدِ عُمَر؟ فَقَالُوا يَااَمِيرَ الْمُؤْمِنِين؟ مَاسَرَقْنَا اِلَّا لِحَاجَتِنَا؟ لِاَنَّ سَيِّدَنَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ يُجِيعُنَا وَلَايُطْعِمُنَا(وَاَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا هُوَ حَاطِبُ بْنُ اَبِي بَلْتَعَة؟ وَهُوَ الَّذِي فَشَا سِرّاً مِنْ اَسْرَارِ الرَّسُولِ الْعَسْكَرِيَّة ثُمَّ نَدِمَ وَتَابَ فَتَابَ اللهُ عَلَيْهِ لِاَنَّهُ مِنَ الْبَدْرِيِّينَ الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ الْكُبْرَى الْمُبَارَكَة) فَقَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَن؟ مَاذَا تَقُولُ يَاعَبْدَ الرَّحْمَن؟ فَسَكَتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئاً؟ فَقَاَل لَهُ عُمَر؟ وَاللهِ لَئِنْ سَرَقُوا مَرَّةً ثَانِيَة؟ لَقَطَعْتُ يَدَكَ اَنْتَ؟ نَعَمْ اَخِي وَنَاْتِي الْآنَ اِلَى الشَّرْطِ الْاَخِيرِ الَّذِي يَمْنَعُ الْحَدَّ عَنِ السَّارِقِ وَلَايَقْطَعُ يَدَهُ وَاِنَّمَا يَسْتَحِقُّ عُقُوبَةً تَعْزِيرِيَّةً فَقَطْ يُقَدِّرُهَا الْقَاضِي؟ وَهُوَ اَنْ تَكُونَ السَّرِقَةُ بَيْنَ الْاُصُولِ وَالْفُرُوع؟ بِمَعْنَى اَنَّكَ اَخِي سَرَقْتَ مَثَلاً مِنْ اَبِيكَ اَوْ مِنْ جَدِّكَ اَوْ سَرَقْتَ مِنْ اُمِّكَ اَوْ مِنْ جَدَّتِكَ اِلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَلَوْ عَلَوْا؟ اَوْ اَنَّكَ اَخِي مَثَلاً سَرَقْتَ مِنْ وَلَدِكَ اَوْ مِنْ حَفِيدِكَ وَلَوْ نَزَلُوا؟ وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ اَنَّ هَذِهِ السَّرِقَة هِيَ مُبَاحَة بَيْنَ الْآبَاءِ مِنَ الْاُصُولِ وَبَيْنَ الْاَبْنَاءِ مِنَ الْفُرُوعِ لَا؟ بَلْ اِنَّهَا حَرَامٌ كَبِيرٌ يَسْتَحِقُّ عُقُوبَةً تَعْزِيرِيَّةً يُقَدِّرُهَا الْقَاضِي؟ وَلَكِنَّهَا لَاتُعْتَبَرُ سَرِقَة؟ وَبِالتَّالِي فَاِنَّهَا لَا تُوجِبُ قَطْعَ يَدِ السَّارِقِ لِمَاذَا؟ لِوُجُودِ الشُّبْهَةِ الَّتِي اَمَرَ رَسُولُ اللهِ اَنْ نَدْرَاَ حُدُودَ اللهِ بِسَبَبِهَا؟ لِاَنَّ السَّارِقَ هُنَا لَمْ يَتَجَاوَزْ خُطُوطَهَا الْحَمْرَاء؟ وَلَمْ يَصِلْ اِلَى دَرَجَةٍ جَعَلَتْهُ يُصِيبُهَا؟ وَبِالنَّتِيجَةِ فَاِنَّ الْحَدَّ لَايُصِيبُه؟ نَعَمْ اَخِي وَكَلِمَة اِدْرَؤُا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ؟ هِيَ بِمَعْنَى اَنَّنَا لَايَجُوزُ لَنَا شَرْعاً اَنْ نَسْتَعْمِلَ حَقَّ اللِه فِي اِقَامَةِ هَذِهِ الْحُدُودِ بِشَكْلٍ تَعَسُّفِيٍّ عَلَى مَنْ لَايَسْتَحِقُّهَا؟ لِاَنَّ اللهَ لَايَرْضَى بِذَلِكَ اَبَداً حَتَّى فِي تَعَامُلِنَا مَعَ عَدُوِّنَا؟ فَاِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَايَرْضَى بِذَلِكَ اَبَداً اِلَّا عَلَى ضَوْءِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَاتَعْتَدُوا؟ اِنَّ اللهَ لَايُحِبُّ الْمُعْتَدِين(وَاُقْسِمُ بِاللهِ تَعَالَى اَيُّهَا الْاِخْوَة اَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ هِيَ سَبَبٌ مِنْ اَسْبَابِ دُخُولِ الْاِسْلَامِ اِلَى قَلْبِي ؟ لِاَنَّهَا جَعَلَتْنِي اَعْشَقُ الْاِسْلَامَ؟ اِذْ لَوْ كَانَ الْاِسْلَامُ دِيناً اَرْضِيّاً وَضْعِيّاً غَيْرَ سَمَاوِي؟ لَكَانَ خَالِياً مِنَ الرَّحْمَة؟ وَلَكِنَّ رَحْمَتَهُ لَمْ تَبْخَلْ حَتَّى عَلَى اَعْدَائِه) بَلْ لَايَجُوزُ لَنَا اَنْ نَتَجَاوَزَ بِحُدُودِ اللهِ بِشَكْلٍ تَعَسُّفِيٍّ اَيْضاً عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهَا؟ فَلَايَجُوزُ لَنَا مَثَلاً اَنْ نَتَجَاوَزَ مِقْدَارَ الْجَلْدِ الَّذِي اَمَرَ اللهُ بِهِ اِلَى مَافَوْقَ مِائَةِ جَلْدَة؟ وَلَايَجُوزُ اَيْضاً اَنْ نَتَجَاوَزَ مِقْدَارَ الْقَطْعِ الَّذِي اَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ اِلَى الذّرَاعَيْنِ اَوِ الْكَتِفَيْنِ اَوِ الْمِنْكَبَيْن؟ بَلْ نَقْطَعُ يَدَ السَّارِقِ مِنَ الرُّسْغِ فَقَطْ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى اَطْلَقَ الْكُلَّ وَلَكِنَّهُ مَا اَرَادَ اِلَّا الْبَعْضَ فَقَطْ مِنْ يَدِ السَّارِقِ وَلَمْ يُرِدِ الْكُلَّ فِي قَوْلِهِ{فَاقْطَعُوا اَيْدِيَهُمَا(نَعَمْ اَخِي وَبِالْعَكْسِ فَاِنَّهُ سُبْحَانَهُ اَطْلَقَ الْبَعْضَ مِنْ جَسَدِ الْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ وَهُوَ رَقَبَتُهُ وَلَكِنَّهُ تَعَالَى اَرَادَ الْكُلَّ لِجَسَدِهِ مِنْ اَجْلِ تَحْرِيرِهِ مِنَ الرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَلَد{فَكُّ رَقَبَة} نَعَمْ اَخِي فَهُنَاكَ شُبْهَة كَبِيرَة بَيْنَ الْاُصُولِ وَالْفُرُوعِ تَمْنَعُ الْقَطْعَ عَنِ السَّارِق؟ فَقَدْ يَكُونُ السَّارِقُ الَّذِي سَرَقَ مِنْ وَلَدِهِ مَثَلاً؟ يَعْتَبِرُ اَنَّ مَالَ وَلَدِهِ هُوَ مَالُهُ اَيْضاً؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[اَنْتَ وَمَالُكَ لِاَبِيك(وَقَدْ يَكُونُ السَّارِقُ الَّذِي سَرَقَ مِنْ اَبِيهِ اَوْ مِنْ جَدِّهِ؟ يَعْتَبِرُ مَالَهُمَا مَالاً لَهُ اَيْضاً؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[وَالْوَلَدُ رَاعٍ فِي مَالِ اَبِيهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه(وَلِذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ الْمَنْطِقِيِّ اَنْ نَاْخُذَ السَّارِقَ بِجَرِيرَةِ سَرِقَتِهِ مِنْ مَالِهِ الْخَاصّ؟ نَعَمْ نَسْتَطِيعُ اَنْ نَاْخُذَهُ بِجَرِيرَةِ خِيَانَةِ الْاَمَانَة؟ وَلَكِنَّنَا لَانَسْتَطِيعُ اَنْ نَتَّهِمَهُ بِالسَّرِقَةِ اِذَا اَخَذَ مِنْ مَالِ اَبِيهِ الَّذِي يَعْتَبِرُهُ مَالاً شَخْصِيّاً لَهُ اَيْضاً؟ وَلِذَلِكَ لَايُمْكِنُنَا بِحَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ اَنْ نَقْطَعَ يَدَهُ؟ وَاِنَّمَا نُعَاقِبُهُ عُقُوبَةً تَعْزِيرِيَّةً يُقَدِّرُهَا الْقَاضِي؟ وَلِذَلِكَ لَابُدَّ اَخِي مِنْ دَرْءِ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ مَااسْتَطَعْنَا اِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً؟ وَسَامِحْنِي اَخِي فَقَدْ نَسِيتُ اَهَمَّ قَاعِدَةٍ شَرْعِيَّةٍ فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَة وَهِيَ دَرْءُ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِح بِمَعْنَى اَنَّنَا قَبْلَ اَنْ نُفَكِّرَ فِي اِقَامَةِ حُدُودِ اللهِ عَلَى السَّارِقِ وَغَيْرِهِ وَالَّتِي تَجْلِبُ لَنَا الْمَصْلَحَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاة( فَعَلَيْنَا اَوّلاً وَقَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ اَنْ نُعَالِجَ الْمَفَاسِدَ مِنَ الْاَزَمَاتِ الِاقْتِصَادِيَّةِ وَالرُّكُودِ الِاقْتِصَادِيِّ وَالْبَطَالَةِ وَالْفَقْرِ وَالْجُوعِ وَالْمَرَضِ اَوْ قِلَّةِ الدَّوَاءِ وَالْغِذَاءِ وَاللّبَاسِ وَالتَّشَرُّدِ وَالضَّيَاع ِوَنَمْنَعَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَنِ النَّاسِ قَبْلَ اَنْ نُفَكِّرَ فِي اِقَامَةِ حُدُودِ اللهِ؟ بدليل قول الامام علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه وسلام الله عليه[لو كان الفقر رجلا او تمثل الفقر رجلا لقتلته بسيفي( فماذا ستقول ياامير المؤمنين عن هؤلاء الذين يقفون متفرجين شامتين ولايحركون ساكنا ولديهم من الاموال الهائلة الا يستحق هؤلاء المجرمون القتل ايضا ياامير المؤمنين وقد تمثلوا الفقر بكل صوره واشكاله وجعلوه سيفا مسلطا على رقاب الناس حينما حبسوا حقوق الناس في اموالهم ولم يؤدوها لهم كما امر الله بل صرفوها على هوليوود وبوليوود وسوبر ستار وستار اكاديمي والشرمطة والتعريص والدعارة والاستعباد الجنسي والفني بكل اشكاله ولم يكتفوا بذلك بل رقصوا شامتين على جثث الذين يموتون جوعا في مخيم اليرموك ماذا اقول وقد تقرحت عيني من كثرة البكاء على السوريين والفلسطينيين ولكن لاحياة لمن تنادي فهل يقوم احد من نجوم هوليوود هؤلاء بالتبرع ولو بجزء بسيط من امواله ام ان معبود الجماهير نسي انه لايستطيع استعباد قلوب الفقراء والمساكين لله الذي يحبه ويلقي المحبة له في قلوبهم الا بالاحسان اليهم ماذا دهاك يامعبود الجماهير هل انت من اهل قوله تعالى{واذا قيل لهم انفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا انطعم من لو يشاء الله اطعمه(ووالله الذي لاله الا هو انها كلمة حق يقولها هؤلاء الكفار ولكنهم لايقولونها الا اذا كان الحق معهم واما اذا كان الحق ضدهم وهو قوله تعالى{انفقوا مما رزقكم الله{ قاتلوا في سبيل الله{جاهدوا باموالكم وانفسكم{ترى الذين في قلوبهم مرض ينظرون اليك نظر المغشي عليه من الموت فاولى لهم طاعة وقول معروف{ومغفرة خير من صدقة يتبعها اذى{فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض وتقطعوا ارحامكم اولئك الذين لعنهم الله فاصمهم واعمى ابصارهم{هاانتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فانما يبخل عن نفسه والله الغني وانتم الفقراء وان تتولوا( أي تنصرفوا عن الجهاد باموالكم وانفسكم في سبيل الله{يستبدل قوما غيركم ثم لايكونوا امثالكم{صرف الله قلوبهم بانهم قوم لايفقهون( نعم ايها الاخوة انتم لاتفقهون الى الآن حجم المصيبة التي نحن فيها بسبب انصرافنا عن الجهاد بالمال قبل الانفس لان الذي يجاهد بنفسه فقط قد لايدفع شيئا من جيبه بل ياخذ راتبا شهريا على جهاده ولكن المحظوظ الاكبر سعيد الحظ عند الله هو الذي يجاهد بماله لانه يصبر على فراق امواله بلوعة لامثيل لها ولذلك سيعوضه الله بنعيم مقيم لامثيل له في قلبه وجسده وروحه) نعم اخي فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْحُدُودُ تَجْلِبُ الْمَصْلَحَةَ لَنَا فَاِنَّ هُنَاكَ مَاهُوَ اَوْلَى مِنْهَا وَهُوَ اَنْ نَمْنَعَ الْمَفَاسِدَ اَوّلاً وَعَلَى رَاْسِهَا هَؤُلَاءِ الْمُجْرِمُونَ الَّذِينَ يَذْهَبُونَ بِاَمْوَالِهِمْ اِلَى الْبُنُوكِ فِي الْخَارِجِ وَيَحْرِمُونَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الِاسْتِفَادَةِ مِنْهَا وَلَايَقُومُونَ بِتَجْفِيفِ مَنَابِعِ الْفَقْرِ وَالْبَطَالَةِ وَالرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ الَّتِي تَحْكُمُنَا بِهَا لُقْمَةُ الْعَيْشِ فِي اَيَّامِنَا فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِين؟ بَلْ لَاهَمَّ لَهُمْ اِلَّا صِنَاعَةَ الْمَجْدِ وَالْحَضَارَةِ وَالرَّفَاهِيَةِ وَالنَّعِيمِ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ عَلَى حِسَابِ تَعَاسَةِ الْمُسْلِمِينَ وَبُؤْسِهِمْ وَشَقَائِهِمْ؟ بَلْ رُبَّمَا يُحَارِبُونَهُمْ وَيَسْتَعْبِدُونَهُمْ وَيُذِلُّونَهُمْ فِي لُقْمَةِ عَيْشِهِمْ وَفِي اَعْرَاضِهِمْ اَيْضاً؟ نعم اخي وَقَدِ انْتَهَى عَهْدُ الرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ فِي زَمَانِ السُّلْطَانِ الْعُثْمَانِيِّ مُحَمَّد الْفَاتِح بِفَضْلِ الْاِسْلَامِ الَّذِي قَامَ بِتَجْفِيفِ مَنَابِعِ الرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ بَلْ وَاَنْهَارِهَا وَبِحَارِهَا اَيْضاً بِمَا فَرَضَهُ مِنْ كَفَّارَاتٍ كَثِيرَةٍ فِي الْقُرْآنِ جَعَلَ فِيهَا الْاَوْلَوِيَّةَ لِتَحْرِيرِ رِقَابِ هَؤُلَاءِ الرَّقِيق؟ وَلَكِنْ مَعَ الْاَسَف وَمُنْذُ ذَلِكَ الْحِينِ بَدَاَ عَهْدٌ جَدِيدٌ مِنِ اسْتِعْبَادِ النَّاسِ بِلُقْمَةِ الْعَيْشِ سَاهَمَ فِيهِ الْحَاقِدُونَ عَلَى الْاِسْلَامِ اِلَى دَرَجَةٍ كَبِيرَةٍ مِنْ اَجْلِ دَعْمِ عُلُوِّهِمْ فِي الْاَرْضِ وَاسْتِكْبَارِهِمْ وَفَسَادِهِمْ وَاسْتِعْبَادِهِمْ لِلنَّاسِ؟ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْتَدِي عَبَاءَةَ الْاِسْلَامِ مَعَ الْاَسَفِ الشَّدِيد؟ وَاللهِ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ اَمَا تَخْشَوْنَ الله؟ اَمَا تَتَّقُونَ اللهَ وَخَاصَّةً فِي دُوَلِ الْخَلِيجِ وَالسُّعُودِيَّةِ وَاِيرَان الَّتِي رَزَقَهَا اللُهُ مِنَ الْاَمْوَالِ الْهَائِلَة ماشاء الله لاقوة الا بالله وتبارك الله احسن الخالقين؟ مَاذَا سَتَقُولُونَ لِرَبِّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ اَصْبَحَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ يَبْحَثُ عَمَّنْ يَنْكِحُهُ كَمَا تُنْكَحُ الْمَرْاَة؟ بَلْ وَيَبْحَثُ اَيْضاً عَمَّنْ يَسْتَعْبِدُهُ جِنْسِيّاً بِفَاحِشَةِ اللّوَاطِ بِكُلِّ اَشْكَالِهَا الْمُقْرِفَةِ الْفَمَوِيَّةِ وَالشَّرْجِيَّةِ وَالسَّادِيَّةِ الَّتِي لَا تَخْطُرُ عَلَى بَالِ الشَّيْطَانِ مِنْ اَجْلِ تَاْمِينِ لُقْمَةِ الْعَيْشِ لَهُ وَلِزَوْجَتِهِ وَاَوْلَادِهِ الَّذِينَ يَتَضَوَّرُونَ جُوعاً؟ حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل؟ اِنَّا لِلهِ وَاِنَّا اِلَيْهِ رَاجِعُون؟ شَكَوْنَاكُمْ اِلَى الله؟ وَنُفَوِّضُ اَمْرَنَا اِلَى اللهِ فِيكُمْ وَاللُهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد؟ وَسَامِحْنِي يَااَخِي فَقَدْ ظَلَمَنَا الْمُجْتَمَعُ الْاِنْسَانِيُّ بِرُمَّتِهِ قَبْلَ اَنْ نَظْلِمَ اَنْفُسَنَا وَنَظْلِمَ غَيْرَنَا؟ نَعَمْ اَخِي وَالْخُلَاصَةُ اَنَّهُ اِذَا تَوَفَّرَتْ كُلُّ هَذِهِ الشُّرُوطِ عَلَى اِنْسَانٍ مَا سَارِق؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ اِذَا قُطِعَتْ يَدٌ وَاحِدَة؟ كَانَتْ تَرْبِيَةً لِلْجَمِيعِ؟ حَتَّى لَايَتَجَرَّؤُوا عَلَى السَّرِقَةِ مَرَّةً اُخْرَى؟ وَحَتَّى لَايَتَجَرَّؤُوا اَيْضاً عَلَى مَاهُوَ اَخْطَرُ مِنَ السَّرِقَةِ وَهُوَ الْقَتْلُ بِدَافِعِ السَّرِقَة؟ وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاة(أيْ نَجَاةٌ مِنْ شَرِّ السَّارِقِينَ وَالْقَتَلَةِ الْمُجْرِمِينَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ بِدَافِعِ السَّرِقَة{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون(شَرَّهُمْ؟ فَلَوْ اَدْرَكَ السَّارِقُ قَبْلَ اَنْ يَسْرِقَ اَنَّهُ سَتُقْطَعُ يَدُهُ لَامَحَالَة؟ فَاِنَّهُ يَمْتَنِعُ عَنِ السَّرِقَةِ؟ وَيَقُولُ فِي نَفْسِهِ اَنَا يَدِي غَالِيَة وَعَزِيزَة عَلَيّ؟ وَلَايُمْكِنُنِي اَنْ اَسْتَغْنِيَ عَنْهَا؟ وَسَاَكُونُ بِحَاجَتِهَا وَلَوْ كُنْتُ اَقْضِي حَاجَتِي فِي الْمِرْحَاض؟ نَعَمْ اخي وَلِذَلِكَ يَقُولُ الْفُقَهَاء؟ اَلْيَدُ كَانَتْ مُحْتَرَمَةً حِينَمَا كَانَتْ اَمِينَة؟ فَلَمَّا سَرَقَتْ هَانَتْ فَاسْتَحَقَّتِ الْقَطْعَ؟ وَفِي بَعْضِ اَقْوَالِ الْفُقَهَاء؟ فَلَمَّا خَانَتْ هَانَتْ؟ وَاِنْ كُنْتُ لَااُحَبِّذُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ؟ لِاَنَّهَا لَيْسَتْ دَقِيقَةً فِي الْمَعْنَى؟ لِاَنَّ هُنَاكَ مِنَ الْاَيَادِي الْخَائِنَةِ مَنْ تَنْجُو مِنْ عُقُوبَةِ الْقَطْعِ كَالْمُخْتَلِسِ مَثَلاً؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ مِنَ الصَّوَابِ اَنْ نَقُول؟ فَلَمَّا سَرَقَتْ هَانَتْ؟ لِاَنَّ الْيَدَ السَّارِقَةَ هِيَ الَّتِي تَسْتَحِقُّ الْقَطْعَ؟ وَلَاتَنْجُو اِلَّا بِالشُّبْهَة؟ وَهِيَ قَوْلُكَ اَخِي لِلشُّرْطَة وَالنِّيَابَة وَالْقَاضِي فُلَانٌ اَخَذَ مِنِّي؟ وَلَاتَقُلْ فُلَانٌ سَرَقَ مِنِّي؟ وَاِلَّا فَاِنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ مِنَ الْقَطْعِ اِذَا تَوَافَرَتِ الشُّرُوطُ الْمَطْلُوبَة؟ نَعَمْ اَخِي وَالْخُلَاصَةُ اَنَّ حَدَّ السَّرِقَةِ لَوْ طُبِّقَ بِحَذَافِيرِهِ وَبِشُرُوطِهِ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْاِنْسَانِيَّةِ؟ فَاِنَّهُ مُفِيدٌ جِدّاً فِي التَّخْفِيفِ مِنْ حِدَّةِ الْجَرَائِمِ الَّتِي تَحْصَلُ فِيهَا؟ وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ اَنَّ الْجَرَائِمَ سَتَنْتَهِي مِنَ الْمُجْتَمَعِ نِهَائِيّاً وَاَنَّ الشَّرَّ سَيَخْتَفِي وَيَزُولُ نِهَائِيّاً؟ لَا يَااَخِي لَااُرِيدُ اَنْ اَضْحَكَ عَلَيْكَ وَلَا اَنْ اَغُشَّكَ وَلَا اَنْ اُعْطِيَكَ اَمَلاً كَاذِباً؟ لِاَنَّ اللهَ اَعْطَى حُرِّيَّةَ الِاخْتِيَارِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ لِلنَّاسِ جَمِيعاً؟ وَلَايُمْكِنُ اَنْ تَتَحَقَّقَ هَذِهِ الْحُرِّيَّةُ الَّتِي اَرَادَهَا اللهُ تَعَالَى بِاخْتِفَاءِ الشَّرِّ نِهَائِيّاً وَزَوَالِهِ مِنَ الْاَرْضِ؟ فَلَوْ اَرَادَ اللهُ اَنْ يَقْضِيَ عَلَى الشَّرِّ نِهَائِيّاً؟ لَفَعَلَ ذَلِكَ مُنْذُ الْبِدَايَةِ؟ حِينَمَا خَلَقَ آدَمَ؟ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ؟ وَاِنَّمَا اَمْهَلَ زَعِيمَ الشَّرِّ اِبْلِيسَ اِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون؟ ثُمَّ بَعَثَ الْاَنْبِيَاءَ وَالرُّسُلَ الَّذِينَ نَبَّهُوا النَّاسَ عَلَى خُطُورَةِ هَذَا الشَّرِّ وَعَوَاقِبِهِ الْوَخِيمَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ؟ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ؟ اِنَّا اَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً اَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا{اِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ اِنَّا لُانَضِيعُ اَجْرَ مَنْ اَحْسَنَ عَمَلَا؟ اُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّات} نَعَمْ اَخِي وَيَبْقَى الْاَمَلُ كَبِيراً وَمَعْقُوداً بِهَذَا الْقِصَاصِ الْعَادِلِ؟ وَتَبْقَى الْفَائِدَةُ الْكُبْرَى الَّتِي تَحْصَلُ بِبَرَكَتِهِ؟ وَهِيَ اَنَّ الْجَرَائِمَ تَخِفُّ حِدَّتُهَا؟ فَبَدَلَ اَنْ تَكُونَ بِنِسْبَةِ 99 بِالْمِائَة؟ تُصْبِحُ بِنِسْبَةٍ ضَعِيفَةٍ جِدّاً وَهِيَ وَاحِد فِي الْمِائَة؟ نَعَمْ اَخِي {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاة(بِمَعْنَى اَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْقِصَاصِ الِانْتِقَام؟ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّشَفّي؟ وَاِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ هُوَ الْاِصْلاحُ فِي الْمُجْتَمَعِ الْاِنْسَانِي؟ وَاَحْيَاناً لَايَكُونُ الْاِصْلَاحُ اِلَّا بِالْقِصَاصِ الْعَادِلِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُجْرِمِينَ وَالتَّنْكِيلِ الْعَادِلِ بِهِمْ كَمَا هُمْ اَيْضاً يُنَكِّلُونَ بِالْاَبْرِيَاءِ وَالضُّعَفَاءِ مِنَ النَّاس؟ وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا اَيْدِيَهُمْا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ الله{اِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْاَرْضِ فَسَاداً(بِاِهْلَاكِهِمْ لِلْحَرْثِ وَالنَّسْل؟ وَكَلِمَةُ النَّسْلِ بِمَعْنَى الْاَطْفَالُ وَالْاَبْرِيَاءُ الَّذِينَ يَقْتُلُونَهُمْ؟ وَدَلِيلِي عَلَى اَنَّ الْفَسَادَ الْمَقْصُودَ هُوَ اِجْرَامُهُمْ؟ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى{سَعَى فِي الْاَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ؟ وَاللهُ لَايُحِبُّ الْفَسَاد(وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{اَنْ يُقَتَّلُوا؟ اَوْ يُصَلَّبُوا؟ اَوْ تُقَطَّعَ اَيْدِيهِمْ وَاَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ؟ اَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْاَرْض( فَالْقَتْلُ لِمَنْ قَتَلَ؟ وَالصَّلْبُ لِمَنْ قَتَلَ وَاَخَذَ الْمَال؟ وَتَقْطِيعُ الْاَيْدِي وَالْاَرْجُلِ مِنْ خِلَافٍ لِعَصَابَاتِ السَّرِقَةِ وَ تِجَارَةِ الْمُخَدِّرَاتِ وَقَطْع ِالطّرِيقِ وَغَصْبِ الْمَال؟ وَالنَّفْيُ مِنَ الْاَرْضِ لِمَنْ يُرَوِّعُ النَّاسَ وَيُخِيفُهُمْ مِنْ هَؤُلَاء؟ فَاِذَا لَمْ نَفْعَلْ كَمَا اَمَرَ الله؟ فَاِنَّهُمْ سَوْفَ يُنَكِّلُونَ بِنَا كَمَا كَانَ يَفْعَلُ فِرْعَوْنُ بِبَنِي اِسْرَائِيلَ{يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ اَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ؟ اِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِنَ الْمُسْرِفِين{وَاللهُ لَايُحِبُّ الْمُسْرِفِين(وَكَلِمَة يَسْتَحْيِي لَيْسَتْ بِالْمَعْنَى الْقَاصِر الَّذِي يَفْهَمُهُ الْجُهَّالُ وَهُوَ اَنَّهُ يُبْقِيهِنَّ اَحْيَاء لَا؟ وَاِنَّمَا هِيَ بِمَعْنَى اَنَّهُ يُذِلُّ نِسَاءَهُمْ وَيَهْتِكُ اَعْرَاضَهُنَّ كَمَا يَحْصَلُ فِي اَيَّامِنَا؟؟ نَعَمْ اَخِي اِجْتَمَعَ الْحَاقِدُونَ عَلَى الْاِسْلَامِ فِي الْقَرْنِ الْمَاضِي؟ مِنْ اَجْلِ وَضْعِ حَدٍّ لِلْمَافْيَا مِنْ عِصَابَاتِ الْاِجْرَامِ وَالْمُخَدِّرَاتِ وَالْقَتْلِ وَالسَّرِقَة؟ فَتَكَلَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعُقُوبَةٍ لَمْ تُعْجِبْ اَحَداً مِنْهُمْ وَلَمْ تَشْفِ غَلِيلَهُمْ مِنْ اَجْلِ الْحَدِّ مِنْ نَشَاطِ هَذِهِ الْعِصَابَاتِ وَتَجْفِيفِ مَنَابِعِ تَمْوِيلِهَا وَدَعْمِهَا؟ فَاحْتَارُوا وَقَالُوا مَاالْعَمَلُ الْآن؟ وَظَلُّوا عَلَى هَذِهِ الْحَالِ سَاعَةً كَامِلَة؟ وفَجْاَةً خَطَرَتْ بِبَالِ اَحَدِهِمْ فِكْرَة؟ فَقَالَ لَهُمْ سَاَشْرَحُ لَكُمْ عَنْ عُقُوبَةٍ رَادِعَةٍ رَائِعَةٍ تُلَقِّنُ هَؤُلَاءِ الْمُجْرِمِينَ مِنْ عِصَابَاتِ الْمَافْيَا دَرْساً لَنْ يَنْسَوْهُ فِي حَيَاتِهِمْ؟ فَقَالُوا لَهُ وَمَاهِيَ؟ فَاَخَذَ يَشْرَحُ لَهُمْ هَذِهِ الْعُقُوبَة مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى{اَنْ يُقَتَّلُوا؟ اَوْ يُصَلَّبُوا؟ اَوْ تُقَطَّعَ اَيْدِيهِمْ وَاَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ؟ اَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْاَرْض(نَعَمْ اَخِي فَاِذَا بِالْحَاضِرِينَ لِهَذَا الِاجْتِمَاعِ الطَّارِىءِ يُصَفّقُونَ جَمِيعاً فَرَحاً وَابْتِهَاجاً بِهَذِهِ الْعُقُوبَة؟ وَلَمْ يَبْقَ اَحَدٌ مِنْهُمْ اِلَّا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ وَاحْتَضَنَهُ وَقَبَّلَهُ وَرَفَعُوهُ عَالِياً عَلَى اَكْتَافِهِمْ وَرِقَابِهِمْ وَهُمْ يَطِيرُونَ مِنَ الْفَرَحِ بِهَذِهِ الْعُقُوبَةِ الرَّائِعَةِ الرَّادِعَةِ لِاَمْثَالِ هَذِهِ الْعِصَابَاتِ الْاِرْهَابِيَّةِ الْمُجْرِمَة؟ ثُمَّ اَنْزَلُوهُ وَاَجْلَسُوهُ عَلَى كُرْسِيِّ رَئِيسِ الْمَجْلِسِ الْمُحْتَرَمِ الْمُوَقّر؟ فَنَزَعَ الرَّئِيسُ مِنْ صَدْرِهِ صَلِيباً ذَهَبِيّاً وَقَامَ بِتَقْبِيلِهِ ثُمَّ وَضَعَهُ عَلَى صَدْرِ هَذَا الْاِنْسَانِ وَقَامَ بِتَقْبِيلِهِ وَاحْتِضَانِهِ هُوَ وَالصَّلِيب لِلْمَرَّةِ الثَّانِيَة؟ ثُمَّ خَلَعَ لَهُ لِبَاساً فَخْماً كَانَ يَلْبَسُهُ وَاَلْبَسَهُ اِيَّاهُ وَهُوَ يَقُولُ لَهُ اَنْتَ عَبْقَرِيّ بَلْ اَنْتَ تَسْتَحِقُّ اَنْ تَجْلِسَ فِي الْبَيْتِ الْاَبْيَضِ عَلَى كُرْسِيِّ رَئِيسِ الْبِلَاد؟ لَكِنَّهُمْ فَجْاَةً سَاَلُوه؟ مِنْ اَيْنَ اَتَيْتَ بِهَذِهِ الْعُقُوبَةِ الرَّادِعَةِ الرَّائِعَة؟ فَقَالَ اَتَيْتُ بِهَا مِنْ قُرْآنِ الْمُسْلِمِين؟ نَعَمْ اَخِي فَمَا كَانَ مِنْ رَئِيسِ الْمَجْلِسِ اِلَّا اَنِ انْقَضَّ عَلَى رَقَبَتِهِ وَنَزَعَ الصَّلِيبَ مِنْ عَلَى صَدْرِهِ بِقُوَّةٍ وَعُنْفٍ ثُمَّ دَاسَ عَلَيْهِ بِرِجْلَيْهِ غَيْظاً وَحِقْداً عَلَى الْاِسْلَامِ وَاَهْلِهِ ثُمَّ الْتَقَطَهُ وَضَرَبَ بِهِ عُرْضَ الْحَائِطِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ؟ بَلْ اَقَامَهُ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَفَسَهُ بِرِجْلَيْهِ عَلَى مُؤَخِّرَتِهِ وَقَالَ لَهُ اَمَا وَجَدْتَّ غَيْرَ قُرْآنِ الْمُسْلِمِين؟ نَعَمْ اَخِي اِنَّهُمْ خَنَازِيرُ الصُّلْبَانِ الْخَوَنَةِ الَّذِينَ كَانُوا وَمَازَالُوا مِنْ اَكْبَرِ اَسْبَابِ شَقَاءِ هَذَا الْعَالَمِ وَتَعَاسَتِهِ وَبُؤْسِهِ وَدَمَارِه؟ نَعَمْ اَخِي وَكَمْ مِنَ النَّاسِ الْحَاقِدِينَ والْجَاهِلِينَ الَّذِينَ يَشُنُّونَ عَلَى الْاِسْلَامِ الْهَجَمَاتِ مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ؟ وَمَعَ الْاَسَفِ الشَّدِيدِ فَاِنَّ مِنْهُمْ اَيْضاً مُسْلِمِينَ مَحْسُوبِينَ عَلَى الْاِسْلَام؟ فَلَايُوجَدُ فِي الْاِسْلَامِ بِزَعْمِ هَؤُلَاءِ اِلَّا الْعُقُوبَاتُ الْوَحْشِيَّةُ مِنَ الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ وَالْجَلْدِ وَالصَّلْبِ وَالنَّفْيِ مِنَ الْاَرْضِ اِلَى آخِرِ مَاهُنَالِكَ مِنَ الْاُمُورِ الَّتِي تَتَنَافَى مَعَ الْكَرَامَةِ الْاِنْسَانِيَّةِ فِي زَعْمِهِمْ؟ فَهَؤُلَاءِ اِمَّا اَنْ يَكُونُوا حَاقِدِينَ عَلَى الْاِسْلَامِ؟ وَاِمَّا اَنْ يَكُونُوا جَاهِلِينَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُمْ لَايَنْظُرُونَ بِمِنْظَارِ الْحَقِيقَةِ وَالْعَدْلِ وَالْاِنْصَافِ اِلَى الْاِسْلَامِ الَّذِي وَضَعَ شُرُوطاً صَعْبَةً مِنْ اَجْلِ قَطْعِ يَدِ السَّارِق؟ فَاِذَا تَحَقَّقَتْ هَذِهِ الشُّرُوط؟ فَلَابُدَّ مِنْ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ؟ وَلَاشَفَاعَةَ لَهُ عِنْدَ الْقَاضِي؟ وَلَعَنَ اللهُ الشَّافِعَ وَالْمُشَفَّعَ لَه؟ وَمَعَ ذَلِكَ اَخِي فَاِنَّكَ تَسْتَطِيعُ اَنْ تَجْعَلَ السَّارِقَ يَنْجُو مِنْ هَذَا الْحَدِّ بِكُلِّ سُهُولَةٍ بِشَرْط؟ اَنْ يَكُونَ هُنَاكَ شُبْهَةٌ فِي كَلَامِ مَنْ يَتَّهِمُهُ بِالسَّرِقَةِ عِنْدَ النِّيَابَةِ الْعَامَّةِ قَبْلَ اَنْ تَرْفَعَ اَمْرَهُ اِلَى الْقَضَاء؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ اللَّوْمَ فِي قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ لَايَقَعُ عَلَى دِينِ الْاِسْلَام؟ وَاِنَّمَا يَقَعُ عَلَى مَنْ يَتَّهِمُ السَّارِق؟ فَاِذَا اَرَدْتَّ اَخِي اَنْ تَتَّهِمَ مَنْ سَرَقَكَ؟ فَلَا تَقُلْ سَرَقَ مِنِّي الْمَال؟ وَاِنَّمَا قُلْ اَخَذَ مِنِّي الْمَال؟ وَبِذَلِكَ يَنْجُو السَّارِقُ بِكُلِّ سُهُولَةٍ مِنْ قَطْعِ يَدِهِ حَتَّى وَلَوْ تَوَافَرَتْ جَمِيعُ الشُّرُوطِ الْمَطْلُوبَةِ؟ لِوُجُودِ الشُّبْهَة؟ لِاَنَّ كَلِمَةَ اَخَذَ مِنِّي تَخْتَلِفُ فِي مَعْنَاهَا عَنْ كَلِمَةِ سَرَقَ مِنِّي؟ وَلَكِنَّهُ لَايَنْجُو مِنَ الْعُقُوبَةِ التَّعْزِيرِيَّةِ بِدَلِيلِ حَدِيثِ صَفْوَانَ الَّذِي ذَكَرْنَاه؟ نَعَمْ اَخِي فَهَؤُلَاءِ الْحَاقِدُونَ عَلَى الْاِسْلَام يَنْظُرُونَ اِلَى وَحْشِيَّةِ الْاِسْلَامِ بِزَعْمِهِمْ حِينَمَا اَمَرَ بِقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ؟ وَلَكِنَّهُمْ لَايَنْظُرُونَ اِلَى وَحْشِيَّةِ السَّارِقِ حِينَمَا يَقْطَعُ اَنْفَاسَ ضَحِيَّتِهِ خَنْقاً حَتَّى الْمَوْتِ بِدَافِعِ السَّرِقَة؟ فَاَيْنَ وَحْشِيَّةُ الْاِسْلَامِ عَلَى السَّارِقِ الَّذِي يَبْقَى حَيّاً بَعْدَ الْقَطْعِ؟ وَاَيْنَ وَحْشِيَّةُ الْاِسْلَامِ بِالْمُقَارَنَةِ مَعَ ضَحِيَّةِ السَّارِقِ الَّتِي تَمُوتُ خَنْقاً بَعْدَ قَطْعِ اَنْفَاسِهَا وَبِدَمٍ بِارِدٍ مُسْتَهْتِرٍ لَاهَمَّ لِصَاحِبِهِ اِلَّا اَنْ يَسْرِقَ وَلَوْ عَلَى حِسَابِ اَرْوَاحِ النَّاس؟ نَعَمْ اَخِي وَلَكِنَّهُمْ لَايَنْظُرُونَ اَيْضاً اِلَى السَّارِقِ الَّذِي يَقْطَعُ عُضْواً مِنْ اَعْضَاءِ ضَحِيَّتِهِ وَقَدْ يَقْطَعُ اِحْدَى يَدَيْهَا اَوْ اُذُنَيْهَا مِنْ اَجْلِ السُّرْعَةِ فِي سَرِقَةِ اَسَاوِرِهَا اَوْ قُرْطَيْهَا قَبْلَ اَنْ يَكْتَشِفَ اَحَدٌ اَمْرَهُ وَيَقْبِضَ عَلَيْه؟ نعم اخي وَلَكِنَّهُمْ اَيْضاً لَايَنْظُرُونَ بِمِنْظَارِ الْوَحْشِيَّةِ اِلَّا اِلَى الْاِسْلَامِ صَاحِبِ الْقِصَاصِ الْعَادِل؟ وَلَايَنْظُرُونَ بِمِنْظَارِ الْوَحْشِيَّةِ اَبَداً اِلَى عِصَابَاتِ السَّرِقَةِ الَّتِي تَسْطُوعَلَى الْبُنُوكِ ثُمَّ تَقْتُلُ كَثِيراً مِنْ رِجَالِ الْاَمْنِ وَالشَّرِطَةِ الَّذِينَ يُلَاحِقُونَهَا بِدَمٍ بَارِد؟ نَعَمْ اَخِي لَايُوجَدُ اِلَّا الْوَحْشِيَّةُ فِي دِينِ الْاِسْلَامِ فِي حَدِّ الزِّنَى رَجْماً وَجَلْداً بِزَعْمِهِمْ؟ وَلَكِنَّهُمْ لَايَنْظُرُونَ اِلَى اَنَّ حَدَّ الزِّنَى بَقِيَ حِبْراً عَلَى وَرَقِ الْقُرْآنِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ اِلَّا بِالْاِقْرَارِ وَهُوَ اعْتِرَافُ الزَّانِي عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَى؟ فَكَيْفَ السَّبِيلُ اِلَى الْبَيِّنةِ وَهِيَ اَرْبَعَةٌ مِنَ الشُّهُودِ رَاَوْا بِاُمِّ اَعْيُنِهِمُ الزِّنَى وَالْعَمَلِيَّةَ الْجِنْسِيَّةَ كَالْمِيلِ فِي الْمِكْحَلَة بِمَعْنَى كَلَى كَلَى بِلَهْجَةِ اَهْلِ الشَّام وَهِيَ النِّيَاكَةُ الْمَعْرُوفَةُ اَوِ الْاِيلَاج؟ فَمِنْ اَيْنَ نَسْتَطِيعُ اَنْ نَاْتِيَ بِاَرْبَعَةٍ مِنَ الشُّهُودِ يَااَخِي؟ بَلْ اِنَّ الْاَمْرَ اَدْهَى مِنْ ذَلِكَ وَاَمَرّ؟ فَاِذَا شَهِدَ ثَلَاثَةٌ فَقَطْ عَلَى الْعَمَلِيَّةِ الْجِنْسِيَّة؟ فَعَلَى الْقَاضِي اَنْ يَاْمُرَ فَوْراً بِجَلْدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَدَّ الْقَذْفِ اَوِ الرَّمْيِ اَوِ الِافْتِرَاء وَهُوَ ثَمَانُونَ جَلْدَة؟ بَلْ اِنَّ الْاَمْرَ اَدْهَى مِنْ ذَلِكَ وَاَمَرُّ اَيْضاً؟ فَاِذَا شَهِدَ اَرْبَعَةٌ مِنَ الشُّهُودِ بِاَقْوَالٍ مُتَطَابِقَةٍ لَاَشَكَّ فِيهَا وَلَاشُبْهَة ثُمَّ تَرَاجَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَقَطْ عَنْ اَقْوَالِهِ؟ فَعَلَى الْقَاضِي الشَّرْعِي هُنَا اَنْ يَاْمُرَ بِجَلْدِ الْجَمِيعِ حَتَّى وَلَوْ كَانُوا صَادِقِينَ فِي نَظَرِ النَّاسِ؟ حَتَّى وَلَوْ تَاَكَّدَ الْقَاضِي مِنْ صِدْقِهِمْ؟ فَهُمْ عِنْدَ اللهِ كَاذِبُون بدليل قوله تعالى في سورة النور{لولا جاؤوا عليه باربعة شهداء فاذ لم ياتوا بالشهداء فاولئك عند الله هم الكاذبون(وَلَاغَرَابَةَ فِي ذَلِكَ اَخِي؟ فَاِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالْمُنَافِقِينَ صَادِقُونَ فِي قَوْلِهِمْ فِيمَا سَيَاْتِي مِنَ الْآيَاتِ؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَهُمْ عِنْدَ اللهِ كَاذِبُون{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ(مِنَ الدِّينِ الصَّحِيح{وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْء{وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدَا مَالَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ اَفْوَاهِهِمْ مَا يَقُولُونَ اِلَّا كَذِبَا{اِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ اِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ؟ وَاللهُ يَعْلَمُ اِنَّكَ لَرَسُولُهُ؟ وَاللهُ يَشْهَدُ اِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُون(لِاَنَّهُمْ يَقُولُونَهَا نِفَاقاً وَلَيْسَتْ خَارِجَةً مِنْ صَمِيمِ قُلُوبِهِمْ(لَاحِظْ مَعِي مُلَاحَظَةً مُهِمَّة جِدّاً يَااَخِي؟ وَهِيَ اَنَّ اللهَ طَلَبَ فِي عَقْدِ الزَّوَاجِ شَاهِدَيْنِ فَقَطْ وَاكْتَفَى بِهِمَا مِنْ اَجْلِ اِثْبَاتِ عَقْدِ الزَّوَاجِ وَهُوَ نِصْفُ الدِّينِ عِنْدَ الله؟ لَكِنَّهُ حِينَمَا جَاءَ اِلَى التَّطَاوُلِ عَلَى اَعْرَاضِ النَّاسِ بِالثَّرْثَرَةِ عَلَيْهَا وَاتِّهَامِهَا بِالزِّنَى اَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْفَوَاحِشِ لَمْ يَرْضَ بِاَقَلَّ مِنْ اَرْبَعَةِ شُهُودٍ اَقْوَالُهُمْ مُتَطَابِقَةٌ لَاشَكَّ فِيهَا وَلَاشُبْهَة؟ مِمَّا يَدُلُّ وَبِالدَّلِيلِ الْقَاطِعِ عَلَى اَنَّ صِيَانَةَ اَعْرَاضِ النَّاسِ مِنَ الْهَتْكِ وَلَوْ بِالثَّرْثَرَةِ عَلَيْهَا هُوَ الدِّينُ كُلُّهُ عِنْدَ الله؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام{اَرْبَى الرِّبَا عِنْدَ اللهِ هُوَ التَّطَاوُلُ عَلَى اَعْرَاضِ النَّاس(سَوَاءٌ بِاللِّسَانِ اَوْ بِالِاغْتِصَابِ وَاسْتِعْبَادِ النَّاسِ جِنْسِيّاً وَبِلُقْمَةِ الْعَيْشِ اَيْضاً؟ وَلِذَلِكَ اِنْ كَانَتِ الثَّوْرَةُ السُّورِيَّةُ لَمْ تَخْرُجْ اِلَّا مِنْ اَجْلِ صِيَانَةِ هَذِهِ الْاَعْرَاض فَكَفَى بِهَا مَفْخَرَةً لِدِينِ الْاِسْلَامِ عِنْدَ الله) نَعَمْ اَخِي وَلِذَلِكَ فَاِنَّ حَدَّ الزِّنَى مَاثَبَتَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ وَمَا بَعْدَهُ اِلَّا بِالْاِقْرَار؟ حَتَّى وَلَوْ قَامَ الزَّوْجُ بِالْمُلَاعَنَةِ عَلَى زَوْجَتِهِ؟ فَلَايَسْتَطِيعُ اَنْ يُثْبِتَ عَلَيْهَا شَيْئاً مِنْ خِيَانَتِهَا الزَّوْجِيَّةِ لَهُ اِلَّا بِسُكُوتِهَا الَّذِي يُعْتَبَرُ اِقْرَاراً مِنْهَا لِمَا يُلَاعِنُهَا بِهِ زَوْجُهَا؟ وَاِلَّا فَاِنَّهَا تَسْتَطِيعُ اَنْ تُدَافِعَ عَنْ نَفْسِهَا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ عَلَيْهَا اِنْ كَانَ زَوْجُهَا صَادِقاً فِيمَا يَتَّهِمُهَا بِهِ لَايَقِلُّ شَاْناً عَنْ لَعْنَةِ زَوْجِهَا لِنَفْسِهِ اِنْ كَانَ يَفْتَرِي عَلَيْهَا؟ نَعَمْ اَخِي وَحَتَّى هَذَا الْاِقْرَارُ؟ فَاِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِالْاِكْرَاهِ؟ وَاِنَّمَا كَانَ دَافِعُهُ قُوَّةُ الْاِيمَانِ؟ حِينَمَا يُخْطِىءُ صَاحِبُهُ فَيَعْلَمُ اَنَّهُ اَخْطَا؟ وَلَوْ تَابَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ قَبِلَ اللهُ تَوْبَتَه؟ لَكِنْ لَا؟ لِاَنَّهُ يُرِيدُ اَنْ يُطَبَّقَ عَلَيْهِ حُكْمُ الله؟ لَكِنْ لَا لِاَنَّ ضَرْبَ الْحَبِيبِ زَبِيب؟ وَالْحَبِيبُ هُوَ الله؟ نَعَمْ اَخِي وَلِذَلِكَ جَاءَ مِاعِزٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ يَارَسُولَ اللهِ زَنَيْت؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ؟ لَعَلَّكَ لَمَسْتَ؟ لَعَلَّكَ كَذَا وَكَذَا؟ فَانْصَرِفْ عَنِّي؟ فَقَالَ لَا يَارَسُولَ اللهِ لَقَدْ زَنَيْتُ زِنىً حَقِيقِيّاً؟ فَمَاذَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِك؟ اَعْطَاهُ رَسُولُ اللهِ صَكّاً مِنْ صُكُوكِ الْغُفْرَانِ عَلَى شَرْط؟ اَنْ يَتُوبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الله؟ وَلَكِنَّهُ قَالَ لَهُ انْصَرِفْ عَنِّي؟ وَاِيَّاكَ اَنْ تَشْهَدَ عَلَى نَفْسِكَ اَمَامِي اَرْبَعَ مَرَّاتٍ؟ وَاِلَّا فَلَنْ تَنْجُوَ مِنَ الْمَوْت؟ فَانْصَرَفَ عَنْهُ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ وَثَلَاث؟ ثُمَّ جَاءَ فِي الرَّابِعَةِ وَاعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ؟ فَاَصْبَحَ مَجْمُوعُ اعْتِرَافَاتِهِ عَلَى نَفْسِهِ اَرْبَعَةَ اعْتِرَافَاتٍ اَوْ اِقْرَارَات؟ وَكُلُّ اِقْرَارٍ اَوِ اعْتِرَافٍ هُوَ بِمَثَابَةِ شَاهِدٍ مِنَ الشُّهُودِ الْاَرْبَعَةِ الَّذِينَ اَمَرَ اللهُ بِنَصَابِهِمْ مُكْتَمِلاً عَدَداً وَمُتَطَابِقاً قَوْلاً وَاحِداً لَارُجُوعَ عَنْهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ اَجْلِ اِثْبَاتِ عَمَلِيَّةِ الزِّنَى؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ اَقَامَ عَلَيْهِ الْحَدَّ وَرَجَمَهُ حَتَّى الْمَوْتِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ رَسُولَ اللهِ قَاضِي؟ فَاِذَا وَصَلَ الْاَمْرُ اِلَى الْقَضَاءِ؟ فَلَا شَفَاعَةَ فِي حُدُودِ اللهِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الشَّفَاعَةَ لَاتَكُونُ مَشْرُوعَة اِلَّا قَبْلَ اَنْ يَصِلَ الْاَمْرُ اِلَى الْقَضَاءِ عِنْدَ النِّيَابَةِ الْعَامَّةِ بِقَوْلِهِمْ لِلزَّانِي وَالزَّانِيَةِ تُوبَا بَيْنَكُمَا وَبَيْنَ اللهِ وَلَاتَعُودَا اِلَى ذَلِكَ مَرَّةً اُخْرَى وَاِلَّا سَنُضْطَّرُّ آسِفِينَ اِلَى اَنْ نَفْرِضُ عَلَيْكُمَا حَجْراً صِحِّيّاً بِسَبَبِ اَمْرَاضِ الزِّنَا الْمُعْدِيَة الْقَاتِلَة؟ نَعَمْ اَخِي وَحَتَّى وَلَوْ وَصَلَ الاَمْرُ اِلَى الْقَضَاءِ فِي مَوْضُوعِ الزِّنَى؟ فَاِنَّ الشَّفَاعَةَ تَبْقَى قَائِمَةً بِالشُّبْهَةِ مِنَ اللَّمْسِ وَالتَّقْبِيلِ وَاللَّمَمِ وَمُقَدِّمَاتِ الزِّنَى؟ فَاِذَا اعْتَرَفَ الزَّانِي عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَى الْحَقِيقِي مِنَ الْاِيلَاج؟ فَاِنَّ الشَّفَاعَةَ تَبْقَى قَائِمَةً اَيْضاً بِشَرْط؟ اَلَّا يَتَكَرَّر مِنْهُ ذَلِكَ الِاعْتِرَافُ اَرْبَعَ مَرَّات؟ فَاِذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ؟ اَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ اَرْبَعَةٌ اَقْوَالُهُمْ مُتَطَابِقَةٌ لَاشُبْهَةَ فِيهَا وَلَاشَكّ؟ فَعَلَى الْقَاضِي اَنْ يَاْمُرَ هَؤُلَاءِ الْاَرْبَعَة حَصْراً بِرَجْمِهِ حَتَّى الْمَوْتِ اِنْ سَبَقَ لَهُ الزَّوَاج؟ اَوْ جَلْدِهِ 25 جَلْدَة لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَتَّى يُصْبِحَ الْمَجْمُوعُ مِائَة اِنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ الزَّوَاج؟ وَلَا شَفَاعَةَ فِي حُدُودِ اللهِ اَبَداً لِمَاذَا؟ حَتَّى تَبْقَى هَيْبَةُ الْقَضَاءِ مَحْفُوظَةً فِي اَعْيُنِ النَّاسِ وَلَايَتَجَرَّؤُوا عَلَى حُدُودِ اللهِ وَانْتِهَاكِ مَحَارِمِهِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْفَوْضَى وَالِاسْتِهْتَارَ فِي الْقَضَاء؟ يَجْلُبَانِ مَعَهُمَا فَوْضَى وَاسْتِهْتَاراً اَكْبَرَ عَلَى الْمُجْتَمَعِ الْاِنْسَانِيِّ بِرُمَّتِه؟ فَاِذَا فَسَدَ الْقَضَاء؟ فَسَدَ النَّاسُ جَمِيعاً؟ فَاِذَا تَمَكَّنَ الْاَشْرَارُ مِنَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى اَجْهِزَةِ الْقَضَاء؟ فَعَلَى الدُّنْيَا السَّلَام؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[اَمَّا بَعْدُ؟ فَاِنَّمَا اَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ؟ اَنَّهُمْ كَانُوا اِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوه(وَالشَّرِيفُ هُوَ صَاحِبُ الْمَكَانَةِ وَالْوَجَاهَةِ وَالْقُوَّةِ وَالْمَرْكَزِ الْحَسَّاسِ فِي قَوْمِهِ[وَاِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ اَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ؟ وَاِنِّي وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ؟ لَوْ اَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ؟ لَقَطَعْتُ يَدَهَا(نَعَمْ هَكَذَا كَانَ صَحَابَةُ رَسُولِ اللهِ الَّذِينَ تَكْرَهُونَهُمْ اَيُّهَا الشِّيعَة؟ كَانُوا يَضْرِبُونَ اَنْفُسَهُمْ وَيَبْحَثُونَ عَمَّنْ يَرْجُمُهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ مِنْ اَجْلِ اللهِ وَحْدَهُ لَا مِنْ اَجْلِ ثَارَاتِ الْحُسَيْنِ؟ وَلَا مِنْ اَجْلِ عَاشُورَاءَ؟ وَلَا مِنْ اَجْلِ اَنْ يَفْدُوا خَطَايَا الْبَشَرِ عَلَى الصَّلِيبِ كَمَا يَزْعُمُ النَّصَارَى عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ الله؟ وَاِنَّمَا مِنْ اَجْلِ اَنْ يَفْدُوا خَطَايَا اَنْفُسِهِمْ بِمَزِيدٍ مِنَ التَّقَرُّبِ اِلَى اللهِ الَّذِي وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيْء؟ وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الْمَسِيحُ مَهْمَا كَانَ مُتَسَامِحاً وَرَحِيماً اَنْ يَتَغَلَّبَ بِرَحْمَتِهِ عَلَى رَحْمَةِ اللهِ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ اِلَى دَرَجَةِ اَنَّهُ اسْتَطَاعَ بِرَحْمَتِهِ اَنْ يَفْدِيَ جَمِيعَ خَطَايَا الْبَشَرِ عَلَى الصَّلِيبِ الْمَزْعُوم؟ وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ اِذَا كَانَ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ بِحَاجَةٍ اِلَى رَحْمَةِ اللهِ لَهُ فِي طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَحَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ حَتَّى تَرْقُدَ رُوحُهُ بِسَلَامِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ اَمُوتُ وَيَوْمَ اُبْعَثُ حَيّا} نَعَمْ اَخِي بَقِيَ شَيْءٌ وَاحِدٌ فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَةِ يَجِبُ اَنْ نُنَبِّهَ لَهُ؟ وَهُوَ اَنَّهُ لَمْ تَكُنْ عُقُوبَةُ السَّارِقِ فِي عَهْدِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْقَطْعِ كَمَا فِي شَرِيعَتِنَا الْاِسْلَامِيَّة؟ وَاِنَّمَا كَانَتْ بِالرِّقِّ؟ بِمَعْنَى اَنَّ السَّارِقَ يُصْبِحُ رَقِيقاً عَبْداً مَمْلُوكاً لِمَنْ سَرَقَ مِنْهُ رَغْماً عَنْهُ؟ نَعَمْ اَخِي وَهُنَاكَ شَيْءٌ آخَرُ اَيْضاً؟ وَهُوَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا؟ حِينَمَا جَاءَ اِلَى مَجْلِسِهِ رَجُلٌ؟ وَقَالَ لَهُ يَابْنَ عَمِّ رَسُولِ الله؟ هَلْ لِقَاتِلِ النَّفْسِ تَوْبَة؟ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُول{وَلَايَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ اِلَّا بِالْحَقّ{وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ اَثَامَا؟ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ~ مُهَانَا؟ اِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَاُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّآتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيمَا}ثُمَّ جَاءَ اِلَيْهِ رَجُلٌ آخَر؟ فَقَالَ يَابْنَ عَمِّ رَسُولِ الله؟ هَلْ لِقَاتِلِ النَّفْسِ تَوْبَة؟ فَقَالَ لَهُ لَا لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُول{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَاَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيمَا}فَتَعَجَّبَ الْحَاضِرُونَ وَقُالُوا يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ الله؟ لِمَاذَا فَتَحْتَ بَابَ التَّوْبَةِ فِي وَجْهِ الْاَوَّلِ وَاَغْلَقْتَهُ فِي وَجْهِ الثَّانِي؟ فَقَالَ اِنَّ الْاَوَّلَ جَاءَنِي مُتَلَطّخاً بِدِمَاءِ ضَحِيَّتِهِ الَّتِي قَامَ بِقَتْلِهَا؟ فَخَشِيتُ اِنْ اَغْلَقْتُ بَابَ التَّوْبَةِ فِي وَجْهِهِ؟ اَنْ يَذْهَبَ اِلَى ضَحِيَّةٍ اُخْرَى وَيَقْتُلَهَا؟ وَاَمَّا الثَّانِي فَاِنَّهُ لَمْ يَتَلَطَّخْ بِدِمَاءِ ضَحِيَّتِهِ بَعْدُ؟ فَخَشِيتُ اِنْ فَتَحْتُ لَهُ بَابَ التَّوْبَةِ؟ اَنْ يَطْمَعَ بِرَحْمَةِ اللهِ كما طمع فرعون فِي التَّوْقِيتِ الْخَاطِىءِ مِنْ قوله تعالى{وليستِ التوبة للذين يعملون السيآت حتى اذا حَضَرَ اَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قال اني تبتُ الآن ولا الذين يموتون وهم كفار اُولَئِكَ اَعْتَدْنَا لهم عذابا اليما( وَقَدْ يَاْتِيهِ الْاَجَلُ قَبْلَ اَنْ يَتُوبَ؟ فَيَبُوءُ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ مِنَ اللهِ؟ لِاَنَّهُ سَيَسْتَصْغِرُ حَجْمَ جَرِيمَةِ الْقَتْلِ الَّتِي هُوَ مُقْدِمٌ عَلَيْهَا اَمَامَ رَحْمَةِ اللهِ الَّتِي رُبَّمَا لَنْ تَسَعَهُ وَلَوْ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُول{مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ اَوْ فَسَادٍ فِي الْاَرْضِ فَكَاَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعَا(فَكَيْفَ سَتَسَعُ رَحْمَةُ اللهِ مَنْ لَمْ يَرْحَمِ النَّاسَ جَمِيعاً فِي مِيزَانِ اللهِ حِينَمَا قَامَ بِقَتْلِهِمْ جَمِيعاً بِنَفْسِ وَاحِدَةٍ فَقَطْ قَتَلَهَا؟ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَقَدْ حَرَّمَ اللهُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِهِ وَجَعَلَهُ بَيْنَنَا مُحَرَّماً؟ فَلَوْ كَانَتْ رَحْمَةُ اللهِ تَسَعُهُ مَا جَعَلَ قَتْلَ النَّفْسِ الْوَاحِدَةِ يُعَادِلُ قَتْلَ النَّاسِ جَمِيعاً؟ بَلْ اِنَّ هَدْمَ الْكَعْبَةِ حَجَراً حَجَراً اَهْوَنُ عِنْدَ اللهِ مِنْ قَتْلِ اِنْسَانٍ بَرِيء؟ فَكَيْفَ سَتَسَعُ رَحْمَةُ اللهِ مَن كَانَ{جَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَاَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيمَا(فَقَالُوا يَابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ وَلَكِنَّ رَحْمَتَهُ سَبَقَتْ غَضَبَه؟ فَقَالَ لَهُمْ نَعَمْ وَلَكِنَّ رَحْمَتَهُ لَمْ تَغْلِبْ غَضَبَه؟ فَلَوْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ غَلَبَتْ غَضَبَهُ مَاقَالَ اللهُ تَعَالَى{تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْاَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدَّا؟ اَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدَا؟ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ اَنْ يَتَّخِذَ وَلَدَا( فَكَيْفَ يَكُونُ رَحْمَاناً رَحِيماً سُبْحَانَهُ فِي هَذَا الْمَعْرِضِ الْكَوْنِيِّ مِنَ الزَّلَازِلِ وَالْاَحْدَاثِ الْمُرْعِبَة؟ مِمَّا يَدُلُّ وَبِالدَّلِيلِ الْقَاطِعِ عَلَى اَنَّ رَحْمَتَهُ لَاتَتَغَلَّبُ عَلَى غَضَبِهِ اَحْيَاناً؟ فَاِذَا كَانَ سُبْحَانَهُ رَحْمَاناً رَحِيماً حَلِيماً؟ فَعَلَيْنَا اَنْ نَتَّقِيَ غَضَبَ الْحَلِيمِ رَغْماً عَنِ الْمُتَصَوِّفَةِ وَخُزَعْبَلَاتِهِمْ وَضَلَالَاتِهِمْ وَاَبَاطِيلِهُمُ الَّتِي يُجِيبُونَ فِيهَا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى{يَااَيُّهَا الْاِنْسَانُ مَاغَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيم(فَيَقُولُ الْمُتَصَوِّفَةُ الْجُهَّال غَرَّنَا يَارَبُّ رَحْمَتُكَ؟ وَلَكِنَّهُمْ لَايُكْمِلُونَ بَقِيَّةَ الْآيَة{اَلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَك؟ فِي أيِّ صُورَةٍ مَاشَاءَ رَكَّبَك(وَلِذَلِكَ فَاِنَّ اللهَ يُجِيبُ هَؤُلَاءِ الْمُتَصَوِّفَةَ رَدّاً عَلَى جَوَابِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى{كَلَّا بَلْ تُكَذّبُونَ بِالدِّين؟ وَاِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَاتَفْعَلُون} نَعَمْ اَخِي وَاَمَّا فِي اَيَّامِنَا؟ فَرُبَّمَا لَايَنْفَعُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَاتَنْفَعُ حِكْمَتُهُ مَعَ كَثِيرٍ مِنَ الْمُجْرِمِين؟ وَلِذَلِكَ اَقُولَ لَكَ اَخِي؟ لَنْ يَنْفَعَ التَّعَامُلُ مَعَ كَثِيرٍ مِنَ الْمُجْرِمِينَ فِي اَيَّامِنَا اِلَّا بِقَوْلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؟ اِنَّ اللهَ يَزَعُ بِالسُّلْطَانِ مَالَايَزَعُ بِالْقُرْآن؟ وَلَااَدْرِي اَخِي اِنْ كَانَ لَكَ رَاْيٌ آخَرُ فَلَا تَبْخَلْ بِهِ عَلَيْنَا فِي رُدُودِكَ وَمُشَارَكَاتِكَ الْقَيِّمَةِ فَاَتْحِفْنَا بِهِ وَجَزَاكَ اللهُ خَيْراً وَزَادَكَ اللهُ حِرْصاً عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ فَاِنَّهُ مِنْ اَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ اِلَى الله؟اِنَّهُ نُورُ الْعِلْمِ الَّذِي يَرْضَى عَنْكَ سُبْحَانَهُ بِبَرَكَتِهِ اِلَى دَرَجَةِ اَنَّهُ لَايَسْخَطُ عَلَيْكَ بَعْدَ ذَلِكَ اَبَداً بِشَرْط؟ اَنْ تَصْبِرَ مِنْ اَجْلِ التَّرْكِيزِ عَلَى فَهْمِهِ وَاسْتِيعَابِهِ وَحِفْظِهِ اِلَى اَنْ تَحْصَلَ عَلَى بَرَكَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار}
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته