تجيب عن هذه الفتوى لجنة الفتوى بدار الافتاء المصرية :

قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الأنعام: 151]، وقال –سبحانه وتعالى-: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، وعن ثابت بن الضحاك قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

- تعريف الانتحار: الانتحار: هو قتل الإنسان نفسه.

- حكم الانتحار:

الانتحار حرام شرعا؛ لما ثبت في كتاب الله وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإجماع المسلمين على حرمة الانتحار، فالمنتحر وقع في كبيرة من عظائم

الذنوب وكبائرها؛ إلا أنه مع وقوعه في هذه الكبيرة لا يخرج عن الملة، ويظل على إسلامه.

-تغسيل المنتحر وتكفينه والصلاة عليه:

يفترض على المسلمين -فرضًا كفائيا- تغسيل وتكفين المنتحر ودفنه في مقابر المسلمين، وذلك لأنه مسلم داخله في عموم أحكام موتى المسلمين، وقد قال شمس الدين الرملي في "نهاية المحتاج" (2/441): [(وغسله) أي الميت (وتكفينه والصلاة عليه) وحمله (ودفنه فروض كفاية) إجماعا؛ للأمر به في الأخبار الصحيحة، سواء في ذلك قاتل نفسه وغيره].

- بم يكون الانتحار؟

الانتحار قد يكون بطريق الإيجاب: بإزهاق النفس بالفعل، كاستعمال السيف أو الرمح أو البندقية، أو أكل السم، أو إلقاء نفسه من شاهق، أو في النار ليحترق، أو في الماء ليغرق، وغير ذلك من الوسائل، فهو انتحار بطريق الإيجاب.

ويكون الانتحار بطريق السلب: بإزهاق النفس بالترك، كالامتناع من الأكل والشرب، وترك علاج الجرح الموثوق ببرئه، أو عدم الحركة في الماء، أو في النار أو عدم التخلص من السبع الذي يمكن النجاة منه، فهو انتحار بطريق السلب.

- حكم الانتحار لتوقي الشرور:

لا يجوز الانتحار لتوقي الشرور، كالاغتصاب والتعذيب مثلا، فلا يجوز للفتاة أن تنتحر خوفا من أن تغتصب، وعليها مقاومة الغاصب حتى لو وصل الأمر إلى قتله، وإن قتلها هو فهي شهيدة؛ لموتها وهي تدافع عن عرضها، وكذلك غيرها -ممن يتعرض للمهانة والتعذيب- له مقاومة التعذيب والمهانة، ولكن لا يجوز لهؤلاء الانتحار بدعوى أن الانتحار أشرف له من قبول الأسر والتعذيب، فالمسلم مأمور بالصبر على البلاء، ومقاومة الظلم قدر استطاعته، وغير مأمور بالانتحار وقتل النفس خروجا من البلاء، والله تعالى أعلى وأعلم.