مع بداية العام الدراسي تنشغل الأسرة بالمستوى التعليمي لأبنائها والبحث عن التفوق، وهو بالتأكيد مطلب مشروع للجميع، لكن الأهم من المطلب في حد ذاته، هو البحث عن الآلية المناسبة لتطبيقه التي تضمن عدم حدوث أي نتائج عكسية نتيجة التطبيقات الخاطئة التي قد ترتكبها الأسرة عن غير وعي أو قصد.

يقول الدكتور أيمن عبد الكريم أستاذ علم نفس التعليم: من الضروري أن تتعلم الأسرة كيفية توجيه الأبناء بالقدر الذي يجعلها تضمن جوا نفسيا مشجعا بحيث لا ينفر الطفل من الضغط عليه لتحقيق التقدم الذي ترجوه لمستقبله وحياته المقبلة.

دور الاهل

ويشير إلى أن مشكلة التعثر الدراسي للطلاب فى المراحل التعليمية المختلفة ، وما يستتبع ذلك من قلق أولياء الأمور تجاه تلك المشكلة الخطيرة، عزا خبراء التربية بالعكوف على مجموعة من الخطوات التي تستطيع الأسرة عن طريقها التغلب على هذه المشكلة بحيث تستطيع النهوض بمستوى أبنائها التعليمي بصورة جيدة مع الأخذ في الاعتبار أن الأهل جزء أصيل لا يتجزأ من المشكلة، فقد يساهم معظمهم عن غير قصد منه في تعميقها، فما بين العقاب الخاطئ والحرمان من الترفيه وغياب القدوة داخل المنزل والمشاحنات المتكررة بين الوالدين، نجد الطفل غير قادر على الاستيعاب أو الإبداع بما يعد سببا في التأخر الدراسي للأبناء، حيث توجد العديد من المفاهيم الخاطئة والسلوكيات غير السليمة النابعة من الوالدين تجاه الأبناء.

تأخر دراسي زائف

وحول الأسباب المؤدية إلى التأخر الدراسي يقول عبد الكريم : هو تأخر زائف غير عادي يرجع لأسباب غير منطقية أحيانا ويمكن علاجه، بما يعتبره علماء النفس والاجتماع والتربية مشكلة متعددة الأبعاد من الناحية النفسية والتربوية والاجتماعية . حيث إن تخلف بعض التلاميذ دراسياً وعجزهم عن مسايرة أقرانهم تحصيلياً قد يثير لديهم العديد من الاضطرابات النفسية ومظاهر السلوك غير السوي، هذا بالإضافة إلى أن تخلف التلميذ دراسياً يثير القلق لدى الوالدين، كذلك ينعكس أثره اجتماعياً في صورة ميزانيات تهدر دون عائد يذكر . وإذا كان التخلف الدراسي مشكلة بصفة عامة ، فهو مشكلة أساسية في المرحلة الابتدائية بصفة خاصة . ذلك لأنها المرحلة الأولى من مراحل التعليم الأساسي.

عقاب خاطئ

وفيما أسماه بالعقاب الخاطئ يشير إلى أنه في أغلب الأحوال ما تقلق الأمهات عند تأخر أبنائهن دراسيا خلال المرحلة الابتدائية وتتكرر مرات الرسوب لديهم فى مادة معينة أو ألا تكون لدى الطفل القدرة على الإملاء والكتابة فتقوم بالتوجه لأحد المراكز المتخصصة لإجراء اختبارات نفسية لقياس قدراته العقلية والسلوكية دون أن تنتبه إلى أنه لا يعاني من مشاكل صحية أو نفسية لكن هناك مشكلات أسرية يجب علاجها أولا قبل إلقاء التبعة على الطفل الذي يتأخر الطفل دراسيا عندما يعيش في أسرة تكثر بها المشاحنات ويقل فيها التواصل بين الأبوين والطفل من ناحية والمدرسة من ناحية أخرى ومن ثم يفقد الطفل الحنان ويفتقر كثيرا إلى الاحتواء. ومن هنا لابد أن يعرف الأهل كيفية التعامل مع أبنائهم بطريقة سليمة حتى لا يصبحوا سببا في تأخرهم الدراسي فلا يعامله الأب بعنف مستمر أو تضربه الأم لحثه على المذاكرة، بل العقاب يجب أن يكون على قدر الخطأ الذي ارتكبه الطفل.

التكامل بين الابوين

وعن وسائل التعليم السليمة والتي يكون للأهل دور مهم فيها يوضح أنه لا ينبغي أن يتم إجبارالطفل على الكتابة خلال مرحلة الحضانة ولكن التعليم من خلال اللعب مثل تكوين مكعبات والرسم والتلوين وأيضا يجب تعليمه النظام كأن يرتب الألعاب بعد الانتهاء من اللعب ويتناول الطعام بطريقة متوازنة، مشيرا إلى أن التعامل بالإجبار مع الطفل الحساس يفقده الرغبة فى الذهاب للحضانة فضلا عن إصابته بما يشبه بالاكتئاب فيؤثر ذلك على نفسيته بصورة سلبية ويكره الذهاب للمدرسة ومن هنا تأتي أهمية التكامل فيما بين الأبوين، ومن خلال التعامل معه بعيدا عن الإجبار على المذاكرة أو حتى تناول الطعام.

وقت للترفيه

وينصح أستاذ علم نفس التعليم الآباء والأمهات بأن يعطوا أطفالهم الفرصة للترفيه بجانب المذاكرة لكن من خلال وقت محدد، والخروج أسبوعيا بصحبة الأهل، فهذا يجعل لديهم قدرة أكبر على التحصيل الدراسي. مع التشجيع على المذاكرة باستخدام الرسم والتلوين واستخدام طريقة المكافأة عندما ينتهي من الواجبات على ألا تكون مكافأة مادية لكن تعبر عن شيء إيجابي مثل قراءة كتاب أو قصة معه أو ممارسة رياضة. لافتا إلى أن اعتبار الوالدين قدوة تلعب دورا مهما في حب الطفل للدراسة حيث يقلد الأطفال أبويهم في كل شيء ومن هنا على الأهل الانتباه إلى تصرفاتهم وسلوكياتهم التي تعد تربية وتعليما للأبناء دون قصد منهم حيث دورهم لا يقل أهمية عن دور المدرسة بل يفوقها فالأسرة هي عماد المجتمع إن صلحت صلح المجتمع وإن فسدت انهارت ثوابته وقيمه.