لعلك تعرف هذا النوع من الناس. إنه زميل في العمل يبدو وكأنه تحيط به غمامة من السلبية، ومبعث سعادته يكون في التسبب في مشاكل للآخرين وإثارة غضبهم. مثل هؤلاء يثيرون أجواء من التوتر في أي موقف. ويسعون إلى نفث سمومهم على من حولهم، ومن الصعب أن تتفاداهم تماما، مثل المستأسدين في أماكن العمل، الذين يتحدون طبيعة الأمور.



التعامل مع مثل هؤلاء الأشخاص الذين يحبون إلحاق الضرر بالآخرين، وكيفية التعامل مع المستأسدين، كان مثار مناقشة هذا الأسبوع لشخصيات مؤثرة على موقع (لنكد-إن) الاجتماعي للأعمال، وفيما يلي رأي اثنين منهم.

ترافيس برادبري، رئيس مؤسسة"تالنت-سمارت"

يتسبب هؤلاء الأشخاص الذين يسعون إلى إلحاق الأذى بالآخرين في الشقاق، والأسوأ من ذلك ما يشيعونه من توتر في جو العمل، حسبما يقول برادبري في عموده "كيف يتعامل الناجحون مع من يسعون لإلحاق الأذى بالآخرين".

ويضيف أن "التوتر يمثل تهديدا كبيرا لنجاحك، وحينما يصبح التوتر خارجا عن السيطرة، فإن قدرتك على التفكير وأداءك سيتأثران".

وأظهر البحث الذي أجرته شركة برادبري بأن "90 في المئة من الأشخاص الذين يحققون أفضل أداء في العمل بارعون في ضبط مشاعرهم في أوقات التوتر، (يبقون) هادئين ومسيطرين على مشاعرهم".

وأضاف برادبري أن "واحدة من أعظم الخصال التي يتمتع بها هؤلاء، هي قدرتهم على تحييد الناس من يسعون إلى أذى الآخرين. أصحاب الأداء الفائق لديهم استراتيجيات متطورة للتأقلم يستخدمونها لإبعاد الضارين"، بحسب قوله.

ويعرض برادبري اثنتي عشرة استراتيجية من بين أكثر الاستراتيجيات فاعلية مما يستخدمه أصحاب الأداء الفائق للتعامل مع من يسعون إلى إلحاق الأذى بغيرهم في مكان العمل. من بينها ما يلي:

"ضع حدوداً (وخاصة مع المتذمرين). غالباً ما يشعر الكثيرون بوجود ضغط عليهم عند استماعهم للمتذمرين، لأنهم لا يريدون أن يظهروا وكأنهم قساة القلوب، أو وقحون. لكن هناك خيطا رفعيا يفصل بين من يمنحك أذناً مصغية، والتورط في دوامة سلبيتهم العاطفية".

ويضيف برادبري "يمكنك أن تتفادى ذلك النوع فقط بوضع حدود في تعاملك معهم، وأن تبقى بمنأى عنهم عند الضرورة. وهناك طريقة رائعة لوضع الحدود في التعامل، وهي أن تسأل المتذمرين كيف يفكرون في حل المشلكة، فإما أن يهدأوا، وإما أن يعيدوا توجيه المناقشة في اتجاه آخر مثمر".

وكتب برادبري: "عليك أن تترفع. يثير الأشخاص الذين يسعون إلى إلحاق الأذى بالآخرين غضبك بشدة لأن سلوكهم غير عقلاني على الإطلاق. لا يخطيء أحدنا في هذا، فتصرفاتهم تجافي المنطق حقاً، مما يفرض السؤال التالي: لماذا تسمح لنفسك بأن تتجاوب معهم بشكل عاطفي والدخول في هذه المشكلة؟ كلما أصبح الشخص بعيدا عن العقلانية وأكثر ارتكابا للأخطاء، أصبح من الضروري أن تنأى بنفسك عن شراكه، أن تنأى بنفسك عنهم عاطفياً، وأن تتعامل مع ردود فعلك وكأنها تجربة علمية".

"كن على دراية بمشاعرك. إذ إنك لو أردت أن تنأى بنفسك عاطفياً عن أمر، فينبغي أن تظل واعيا. لا يمكنك أن تحفز الآخرين على القيام بما تريده منهم إن لم تدرك أنت متى تفعل ذلك. أحياناً تجد نفسك في أوضاع تحتاج فيها الى إعادة التفكير في الأمر، واختيار أفضل سبيل للتقدم إلى الأمام. أحياناً، يكون من الأفضل أن تبتسم أو تطأطئ رأسك، وأن تمنح نفسك بعض الوقت للتخطيط لخطوتك القادمة"، حسبما كتب برادبري.

لا تركز على المشاكل، بل ركز على الحلول فقط. وقال برادبري: "الموقف الذي تركز فيه انتباهك هو الذي يحدد حالتك العاطفية. عندما تركز على المشاكل التي تواجهك، فإنك بذلك تولد لديك مشاعر سلبية وتوترا ويطول أمد المشكلة. وعندما يتعلق الأمر بمن يسعون إلى إيذاء الآخرين، فإن تركيزك على مدى شذوذ سلوكهم عن المألوف، وصعوبة التعامل معهم، يتيح لهم المجال لأن ينالوا منك. وبدلاً من ذلك، ركّز على كيفية التعامل معهم، فهذا سيجعلك أكثر فاعلية، من خلال وضعك في موقع القيادة".

فيكتوريا بنتشون، مستشارة التفاوض في شركة "شي نيغوشيتس للاستشارة والتدريب"

من أين يحصل المستأسدون على قوتهم؟ هذا يحدث عندما تستجيب لأساليبهم العدوانية بإبداء التنازل، كما تقول بينتشن في عمودها "كيف تتفاوض مع المستأسدين". إذن، ماذا ينبغي عليك أن تفعل، بدلاً من ذلك؟

وتضيف بنتشون: "(المستأسدون) يتهمون، ويهددون، ويزعجون، ويضايقون، ويفضحون، ويرفعون أصواتهم، ويلوحون بقبضاتهم، وأحياناً يتسمون بالعنف. وطالما أن حالتك النفسية والجسدية مطمئنة، فإن عليك أن تفهم أن هذه المضايقات ليست إلا أساليب للتنمر تتسم بالحمق وأنت (فقط) تراقب ما يحدث".

تقول بنتشون إن "أفضل دفاع بوجه أحد الأشخاص المتنمرين في مكان العمل هو تحديد الأساليب التي يستخدمها ومقاومتها بدون تأزيم الوضع أو تصعيد الخلاف. حافظ على هدوء أعصابك، عليك التعامل مع الأساليب التي تهدف إلى إثارة النزاع بنبرة هادئة، وعليك اللجوء إلى ردود عقلانية".

كيف يمكن أن تفعل ذلك تماما؟ في بادئ الأمر، عليك أن تسيطر على الموقف. "إذا بدأ النقاش يخرج عن السيطرة، استخدم واحدة من الجمل التالية مباشرة بنبرة مستوية وهادئة. ومن بين أكثرها تأثيراً: "لنعد إلى هذا الموضوع عندما تكون في حالة أكثر هدوءًا، (أو) سأنهي هذه المناقشة الآن، ولكن إن أردت استكمال المناقشة لاحقاً، وبأسلوب أكثر حضارية، فإنه يسعدني أن نلتقي مجددا"، بحسب بنتشون.

وأضافت: "يجب أن يكون لك رد فعل إذا كان التصرف فظّاً، لكن لا ينبغي عليك أن تهرب من مواجهة الموقف". في المقابل، كن مستعدا لإنهاء المحادثة (أو النقاش) إذا كان ذلك ضرورياً. يجب ألا تنخدع، فأنت تتحكم في نفسك".