بابتسامة يملؤها الدفء في الشارع وعبارة ترحيب "أهلا ومرحباً " في منتزه عام أو ترديد اسمك في حانة الحي، لا يستغرق الأمر منك كثيرا كي تشعر بالراحة وكأنك في بيتك في مدينة صاخبة.


وفي أكثر عشر مدن حفاوة بضيوفها كما صنفها كوندي ناست في الاستطلاع السنوي لآراء القراء" ريدرز تشويس سيرفاي" تعتبر هذه العبارات الترحيبية وهذه الحفاوة أمورا طبيعية للغاية لدى السكان المحليين الذين يسارعون بالترحيب بالزوار والجيران على حد سواء.


وكان الموقع والتصور السياسي وحجم المكان من العوامل التي أثرت في ردود فعل القراء، وبما أن تقييم مدى حميمية مكان بعينه تختلف وتتباين بطبيعة الحال، فقد توجهنا الى المصدر في المكان ذاته وتحدثنا الى السكان في خمس مدن من المدن العشر التي احتلت موقع الصدارة في الاستطلاع لنتعرف على ما هو شكل الحياة فيها، بحسب بي بي سي.


وسواء كانت الجهة المقصودة ريفية أم حضرية ، كبيرة أم صغيرة، كان القاسم المشترك بينها جميعا هو الناس الذين يعيشون فيها يسعون إلى ترسيخ شعور عام بالسعادة وكرم الضيافة والانفتاح في ما بينهم.


دبلن، ايرلندا




وكما يعرف أي مسافر استمتع بمشهد الغناء الايرلندي الجماعي، فان دبلن موطن لبعض من أكثر الناس حفاوة على وجه البسيطة.


وتقول مارتينا سكيلي وهي مواطنة ايرلندية تعيش في دبلن "اعتقد أن جزءاً مهماً من نهجنا الودي تجاه الآخرين يأتي من قلة ثقة بالنفس، فنحن على الدوام نريد أن نتأكد أن الزوار يحبوننا ويستمتعون بقضاء الوقت معناً".


وتتمتع دبلن وهي من عواصم المدن الصغرى في أوروبا بمعدل جريمة منخفض ويسود فيها إحساس كبير بالأمان، ولذا فإن سكانها يكونون في الغالب أكثر استعدادا لمد يد المساعدة للغرباء، ومع ذلك فإنهم يتحدثون بصوت خفيض في الأماكن العامة ومن هنا سرعان ما يعرفون الأجانب الذين يتحدثون بصوت مرتفع في القطارات والحافلات والمقاهي وهذا مايرون فيه عدم اكتراث بالآخرين على أحسن فرض ووقاحة على أسوأ فرض.

وفي الوقت الذي يمكنك فيه بسهولة العثور على ايرلنديين لطفاء في كل مكان في دبلن تقريبا، فإن الذين يحبون حياة الليل غالباً ما يعيشون وسط المدينة، في حين أن الأسر التي تبحث عن المدارس الراقية تعيش في الغالب في الضواحي. وفي كل الأحوال، فإن معظم الناس يعيشون في منازل وليس في بنايات شاهقة.


وتقول سكيلي " دبلن مدينة منبسطة شاسعة وتنمو أفقياً لا رأسيأً، ولذلك فالشقق أقل شيوعاً منها لدى الجيران الأوربيين".


سيام ريب، كمبوديا





توفر سيام ريب، بما تتمتع به من طقس معتدل طوال العام ، وبمساحتها الصغيرة نسبياً، وبسكانها البوذيين المحبين للسلام، بيئة ودودة ومرحبة. يقول جون ماكدورموت المصور الذي انتقل الى سيام ريب من الولايات المتحدة عام 2004 "هناك احساس حقيقي بالحيوية (في هذا المكان)".

ويضيف بأن مواطني كمبوديا خرجوا من أيام الحرب والفوضى السوداء، وينعمون الآن بالسلام وتتدفق عليهم الأموال وكل شيء بات مثيرا للاهتمام وجديدا".


ويميل سكان هذه المنطقة إلى الهدوء والسكينة، وبعبارة أخرى هذه ليست مدينة للمغتربين الذين ينشدون حياة الليل بل لاؤلئك الذين يريدون الهرب من الصخب والتلوث دون التضحية بالطاقة الخلاقة التي تتوفر غالباً في المراكز الحضرية وهنا يمكن أن تشكل سيام ريب خياراً ممكناً.


يقول ماكديرموت، الذي يعيش في منطقة منعزلة تسمى "وات دامناك"، إنه "بالرغم قربنا من مركز المدينة فإن البقر يأكل العشب على قارعة الطريق وتشعر بالحياة الريفية تماماً مقارنة ببانكوك أو سنغافورة".

ولكن ليست كل الأحياء في سيام ريب هادئة. ويقول كريستيان دي بوير، وهو مغترب من هولندا انتقل إلى سيام ريب قبل ست سنوات، إن وات بو هي "منطقة المستقبل" لما تشتهر به بمجموعة متنوعة من المطاعم والمقاهي والحانات.


أوكلاند، نيوزيلندا




تعتبر اوكلاند، وهي أكبر مدينة في نيوزيلندا، المكان الأكثر حميمية في هذا البلد، وذلك ربما لأن العديد من سكانها من المهاجرين.

يقول ايل ارمون جونس الذي هاجر من انجلترا عام 2003 " الناس قد أتوا من جميع أنحاء العالم ويقدرون تماما معنى الهجرة الى مكان والعيش فيه ومن هنا فهو مكان يرحب بالسياح والسكان الجدد".


وأشاد براد كيمر، وهو من سكان نيوزيلندا الأصليين من منطقة غولدن باي في الجزيرة الجنوبية، بالأنشطة التي يمكن ممارستها في الهواء الطلق في المدينة.


ويقول إن "المدينة محاطة بمناظر خلابة وتعج بالعديد من الأنشطة، وهذا ما يجعل الناس أكثر سعادة ومن ثم أكثر وداً وحميمية".


ويوجد في اوكلاند، مقارنة بالأحياء المجاورة، العديد من الأشياء التي يمكن الاختيار في ما بينها، إذ أن الساحل الشمالي على المحيط الهادئ محاط بالمتنزهات ومقصد للعائلات.

وينبغي على هواة السفر لمسافات طويلة التفكير في العيش في غرب اوكلاند حيث من السهل الانطلاق في رحلاتهم والوصول الى الحياة البرية الوفيرة.


اما الذين ينشدون الحياة الحضرية فعليهم التوجه الى غراي لين، بانسونبي، بارنيل أو مت ايدن حيث تعج هذه المناطق بالحانات والمتاجر والمطاعم والتي تضفي جميعها حيوية ونشاطاً على المكان.

واقترح كيرنر ايضاً منطقة كنغزلاند القريبة من الطريق السريع من غراي لين فهي من القرى الصغيرة التي باتت مشهورة وبها الكثير من أماكن اللهو الليلية التي لا تزال تفرض أسعارا معقولة على مرتاديها.


شارلستون، الولايات المتحدة




تتمتع هذه المدينة التي تقع في كارولاينا الجنوبية حيث المحيطات والمسطحات المائية والأنهار عند كل منعطف، ببيئة خارجية هادئة، الأمر الذي يضفي حيوية دائمة على سكانها.


ويقول مايكل شينتوف وهو من اسرائيل ويعيش في المدينة لفترات متقطعة منذ عام 1996 " في بعض المدن يندر اللطف، وعليك ان تعاني من أجل كل شيء، فقليلا ما تجد أحداً يبتسم، ولكن الأمر على العكس تماماً في شارلستون فحتى عندما تذهب الى إدارة المرور تحظى بابتسامة".


تسير الحياة ببطء في شارلستون، شأنها شأن مدن الجنوب الأمريكي، والناس يأخذون وقتهم للجلوس خارج منازلهم والتحدث الى الجيران والخروج لتناول العشاء.


وينتقل الكثيرون من المدن الأمريكية الأكبر إلى شارلستون. ويقول شيمتوف إن هذا الأمر حول المدينة إلى مكان خلاق مع دعم كبير للفنون.


وهؤلاء القادمون الجدد غالباً ما يشترون منازل في حي " ساوث اوف برود " الباهظ والراقي والمعروف بمنازله الفخمة التي يعود تاريخها إلى ما قبل الحرب.

ويقول شيمتوف" الكثير من الناس يبيعون منزلا في مدينة كبيرة ويجدون أن بوسعهم شراء منزل أكبر في شارلستون.

والناس الذين يسعون إلى الإقامة في مكان يكون قريبا من وسط المدينة حيث المطاعم والمحال التجارية، فإنهم قد يفكرون في العيش في اليوتبورو. أما الذين يبحثون عن فناء فسيح ومساحة خارجية أكبر فعليهم البحث عن هامبتون بارك او فاغنر تيراس.


فيكتوريا، كندا




هذه المدينة هي مقصد سياحي شهير بمينائها البحري الذي يعج بالحركة وبالرحلات البحرية وهي عاصمة مقاطعة "بريتش كولومبيا" التي تشتهر بالخدمة الراقية للعملاء وبكرم الضيافة.


ويضرب أل فورتادو وهو كاتب ومدرس يوغا من سكان فيكتوريا الأصليين امثلة عن اللطف في التعامل بالقول: "سعاة البريد في المنطقة ودودون للغاية وغالباً مايبادرونك بتحية الصباح وتتمتع المدينة بروح المدينة الصغيرة والمدينة الكبيرة في آن واحد ".


وفيكتوريا هي مدينة قديمة أيضا، إذ استقر فيها البريطانيون أولا عام 1843 ولا تزال الجذور البريطانية راسخة حتى الآن، "بدءاً من الحانات الانجليزية إلى شاي المساء في امبريس وغير ذلك.

والثقافة الانجليزية لا تزال حية ولها بصماتها على العديد من نواحي الحياة"، بحسب فورتادو.


ورغم ان أشهر الشتاء تجعل المدينة تبدو في حالة ثبات بعض الشيء مع عدم تدفق السياح إليها، فإن الحي الجامعي يتمتع بحياة ليلية مفعمة بالنشاط طوال العام مع وجود مجموعة من النوادي الليلية والحانات.


ويقول فورتادو إن الأحياء المجاورة مثل جيمس باي وفيرنوود تنعم بالنشاط والحركة والموسيقى وهي قريبة من وسط المدينة، أما الذين ينشدون الهدوء والخصوصية والمناظر الطبيعية على المحيط فعليهم بالتفكير في العيش في المناطق المرتفعة حيث تتوفر مشاهد الطبيعة الخلابة.