ما أجملها من آية ، وما أجمل الارتياح الذي سيقع في قلب كل من يتدبرها ، في أحلك الأوقات والظروف. ففي هذه الآية بشارة لأهل الإيمان بأن للكرب نهاية مهما طال أمده. فالأنكسار والنجاح, والأدبار والأقبال اطوار تتعاقب وتنسجم مع احوال البشر المادية والنفسية . وقد بثت هذه الآية الأمل في نفوس الصحابة رضوان الله عليهم حيث رأوا في تكرارها توكيداً لوعود الله عز وجل بتحسن الأحوال .
وَكَذَا رَوَاهُ مِنْ حَدِيث عَوْف الأعْرَابِيّ وَيُونُس بْن عُبَيْد عَنْ الْحَسَن مُرْسَلا وَقَالَ سَعِيد عَنْ قَتَادَة ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَّرَ أَصْحَابه بِهَذِهِ الأيَة . فَقَالَ” لَنْ يَغْلِب عُسْر يُسْرَيْنِ ” وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ الْعُسْر مُعَرَّف فِي الْحَالَيْنِ فَهُوَ مُفْرَد وَالْيُسْر مُنَكَّر فَتَعَدَّدَ وَلِهَذَا قَالَ ” لَنْ يَغْلِب عُسْر يُسْرَيْنِ” يَعْنِي قَوْله ” فَإِنَّ مَعَ الْعُسْر يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْر يُسْرًا ” فَالْعُسْر الاوَّل عَيْن الثَّانِي وَالْيُسْر تَعَدُّد

.إن الناظر إلى “سورة الشرح” نظرة سريعة، لا يرى فيها إلا استفهام يفيد الإثبات، بمنة الله سبحانه وتعالى على رسوله الكريم بشرح صدره ورفع ذكره، فأغلب القراء لهذه السورة يمرون عليها كخبر من السماء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعتقد أن موضوعها قد أصبح تاريخاً وذكرى عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن المتأني المتدبر لهذه السورة يرى أن الأمر أعمق من ذلك بكثير. إن قصر “سورة الشرح” لا يعني إلا إنها مكتنزة بكنوز من الإرشاد والتوجيه التي يُريد الله أن تكون على كل لسان، وأن تكون حاضرة في قلوبنا في كل لحظة من لحظات الحياة، وخير مثال على ذلك أن الفاتحة هي (أم الكتاب)، وأن سورة الإخلاص تعادل (ثلث القرآن). سورة الشرح تشير الي إن سُنَّة الله الماضية وحكمته القاضية تقضي بأن العسر بعده يُسْر؛ فبعد الجوع شبع، وإثر التعب راحة، وعقب السقم شفاء، وخاتمة الشدة رخاء، ونهاية الفقر غنى، والنهار يخلف الليل، والنور يطوي الظلام.