يقول سقراط : " الرجل الصادق دائماً عبارة عن طفل " ، وهي كلمات تجعلني أشعر بأن سقراط يشتاق ليكون صادقاً بكل شيء أي أن يكون طفلاً حسب تعريفه هو. تأملت قليلاً في هذه المقولة ووجدت نفسي أشتاق لكثير من طفولتي وأعتقد أن كثيرين يشتاقون لبعض الصفات التي يخسرها الإنسان عندما يغادر مرحلة طفولته.



من أجمل ما يميز الأطفال مثلاً قدرتهم على فصل الأحداث والمشاعر بشكل غريب جداً ، فالطفل مثلاً يكون عائداً من المدرسة بعد أن تم ضربه من صديق له وحالما يدخل البيت ويلتقي باخوته، يبدأ باللعب من دون أي شعور بالأسى حتى يعود منفرداً ويذكر ما جرى ولكنه إن عاد للعب ينسى ، هذه القدرة على فصل المشاعر مميزة للغاية ونحتاج لها خصوصاً في عالمنا العربي.

فقد شاء الله لنا أن نعيش في فترة غير مستقرة حول عالمنا العربي ، ومن جمالنا كعرب أن الدم فينا واحد ونشعر بما يجري في أي بقعة في الأرض وهو ما جعلنا نعيش دوماً بقلق على أخوتنا سواء في فلسطين أو لبنان أو العراق ومؤخراً كانت الأحداث في مصر وتونس التي أراد الشعب فيها انتزاع حريته ...عدم قدرتنا على الفصل بين الأحداث هذه تجعلنا نعيش طوال اليوم بقلق ويفقد الطعام مذاقه والنكتة ابتسامتها ونقول في النهاية : " هذا واجبنا" وهو فعلاً كذلك ... لكن لو كنا أطفالاً لنجحنا في المزاوجة بين الحياة والقلق.



مما نشتاق له من طفولتنا رفضنا الظلم بشكل صارخ غير عاقل وانتقاد الخطأ ، فدائماً اتأمل بالأطفال حولي من أبناء أقاربي وكيف ينتقدون تصرفاً خاطئاً اقوم به من دون وعي ، ويعجبني فيهم رفضهم الحكم الظالم بحقهم لكنهم يقبلون الحكم العادل ولو كانوا المحكوم عليهم... آه كم أتمنى العودة لتلك الفضيلة!.



الأحلام كذلك جزء مهم من بناء الطفولة وهي أمر يشتاق له الكثيرون ممن تخلوا عن أحلامهم مع مضيهم في الحياة ومواجهتهم مشاكلها ، وصفة التوق لتكون أفضل هي صفة مهمة لدى الأطفال وجميعنا يتمنى أن يستعيدها، وأخذ الكلام كما هو من دون وسوسة وشك حول ما وراءه أيضاً من أجمل الصفات التي تجعل الطفل يضحك وتخفي عن وجوهنا الابتسامة ويضاف إليها الثقة بأن القلق من المستقبل لن يغيره وهذا ما نتمنى أن نعود إليه ؛ بحيث نثق بالمستقبل ونعيش اليوم ونبذل الجهد فيه ونتمنى مستقبلاً أفضل من دون القلق والموت خوفاً.