النتائج 1 إلى 1 من 1
الموضوع: انصروا الله ينصركم الله
- 14-09-2014, 09:29 PM #1
انصروا الله ينصركم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعلموا أنكم إن قعدتم عن نصرة دينكم، وخذلتم سنة نبيكم، ولم تهتموا بأمر المسلمين فلن تضروا إلا أنفسكم، ولقد تخلفت قبلكم أمم وأفراد، فلم يضروا إلا أنفسهم، ولم يضروا الله شيئاً، تخلفت قوم نوح وعاد وثمود وقروناً بين ذلك كثيراً، فهل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزاً، فالعز يزول والمجد يضيع بسبب خذلان الدين وأهله، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه، ولا يجعل الله عبداًَ أسرع إليه كعبد أبطأ عنه، بل لا يزال العبد يتأخر حتى يؤخره الله.
لقد كانت الريادة والرفادة والسقاية والحجابة والسدانة في أهل مكة، فلما دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وحده بارزوه العداء، وسعوا في التخلص منه ومن أتباعه وأصحابه؛ (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَو يَقْتُلُوكَ أَو يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) " سورة الأنفال: 30 "، فتحول عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهاجر هو وأصحابه إلى المدينة، فشرف أهلها بنصرتهم لدين الله وصار لهم ذكر وخير، فهم الذين آووا ونصروا، حبهم إيمان وبغضهم نفاق، بهم قام الإسلام وبه قاموا، والناس شعار والأنصار دثار، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار.
أواخرهم كأوائلهم، فإن الدجال عندما يخرج في آخر الزمان وينتهي إلى المدينة وهو محرم عليه أن يدخلها، فينتهي إلى بعض أسباخ المدينة، وترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات يخرج إلى الدجال منها كل كافر ومنافق، ويخرج إليه شاب هو خير الناس أومن خير الناس يقول له: أنت الدجال الذي أخبرنا عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيلتفت الدجال إلى أتباعه ويقول لهم أرأيتم لو قتلته ثم أحييته أكنتم تؤمنون بي، فيقولون له: نعم، فيشقه نصفين، ثم يقول له قم، فيقوم الشاب متهلل الوجه فرحان، يقول للدجال: "والله ما ازددت فيك بصيرة، أنت الدجال الذي أخبرنا عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه، رواه البخاري وغيره. فهذا الشاب يثبت في مواجهة الدجال، ثم جريان الخوارق على يدي الدجال، وما بين خلق أدم حتى قيام الساعة فتنة أعظم أو أشد من الدجال، وما تقدم من تقدم إلا بنصرته لدين الله وقيامه بشريعة الرحمن وما تأخر من تأخر إلا بخذلانه للإسلام وأهله.
إن إتباع السنة النبوية نصرة لدين الله، أي نصرة. لقد كان الأفاضل فيما مضى يعدون مخالفة السنة هلكة. اختلف ابن عباس مع البعض فقال لهم: أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون: قال أبو بكر وعمر يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، فكيف إذا سمع ابن عباس من يقول: ليس لنا علاقة بعصور الظلام، ( يقصدون أيام النبوة والخلافة). أو من يقول: لم يعد الإسلام يصلح للتعامل مع الحضارة الحديثة. أومن يصادم السنة ويوقر الملاحدة أعظم من توقيره لهدى نبيه صلى الله عليه وسلم؟!
أشار أبولبابة بن عبد المنذر، يوم بنى قريظة، لهم إشارة مفهمة أنكم لو نزلتم على حكم سعد بن معاذ، فهو الذبح. يقول أبولبابة: فما قلتها حتى علمت أنى خنت الله ورسوله ونزل قوله تعالى: "( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ )" سورة الأنفال: 27 ". فماذا يكون الشأن والحال لو استبدل دينه بغيره ونادى بالحرية الإباحية والديمقراطية اللواطية ؟!
ولما كان يوم بدر سمع ابن مسعود رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا ينقلب أحد من المشركين إلا بفداء أو ضرب عنق، فقال ابن مسعود – رضي الله عنه – يا رسول الله إلا ابني بيضاء وكان قد علم منهما ميلاً للدخول في الإسلام. يقول ابن مسعود: فما قلتها حتى خشيت أن يتنزل على حجارة من السماء. وكانت أم المؤمنين عائشة – رضى الله عنها – لا تذكر خروجها يوم الجمل إلا وتبكى حتى تبل خمارها وتكثر عتق الرقاب لأجل ذلك..... والحكايات في هذا المعنى كثيرة، والسبب معلوم، والسنن لا تعرف المحاباة ولا المجاملات، قال تعالى: (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) " سورة محمد: 38 " وقال: ( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُو) سورة المدثر: 31.
أخبرنا سبحانه أنه من تولى عن نصرة دينه وإقامة شريعته فإن الله سيستبدل به من هو خير لها منه وأشد منه وأقوم سبيلاً كما قال تعالى: إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ " سورة النساء: 133 " وقال: "( إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيد ٍوَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيز " ( سورة فاطر: 16 – 17 " أي بممتنع ولا صعب. وقال: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ) " سورة المائدة: 54 " (أي يرجع عن الحق إلى الباطل وقيل نزلت في الولاة من قريش أوفي أهل الردة أيام أبى بكر فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) كأبي بكر وأصحابه وأهل القادسية وأهل اليمن وأهل المدينة : ( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) ". لا يردهم عما هم فيه من طاعة الله وإقامة الحد وقتال أعدائه والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لا يردهم عن ذلك راد ولا يصدهم عنه صاد ولا يحيك فيهم لوم لائم ولا عذل عاذل: ( ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء ) " سورة المائدة: 54 " أي من اتصف بهذه الصفات فإنما هو من فضل الله عليه وتوفيقه له) :وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ. إلى أن قال: وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) " سورة المائدة: 56 ". كما قال تعالى: (كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ). وقال: ( لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَو كَانُوا آبَاءهُمْ أَو أَبْنَاءهُمْ أَو إِخْوَانَهُمْ أَو عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )" سورة المجادلة: 21- 22 ". فكل من رضى بولاية الله ورسوله والمؤمنين فهو مفلح في الدنيا والآخرة ومنصور في الدنيا والآخرة .
إن المنصور من نصره الله؛ لأنه سعى في نصرة دين الله بالنفس والنفيس والغالي والرخيص، وكان شأنه في ذلك كشأن الأوس والخزرج الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على أن لا يشركوا بالله شيئاً ولا يسرقوا ولا يزنوا ولا يقتلوا أولادهم ولا يأتوا ببهتان يفترونه بين أيديهم وأرجلهم، ولا يعصونه في معروف، فإن وفوا فلهم الجنة، وإن غشوا من ذلك شيئاً فأمرهم إلى الله عز وجل، إن شاء غفر وإن شاء عذب. وهذه هي بيعة العقبة الأولى، بايع عليها اثنا عشر رجلاً منهم عشرة من الخزرج، واثنان من الأوس، ثم كانت بيعة العقبة الثانية وقت الحج في العام الذي يلي البيعة الأولى وهي التي حضرها العباس؛ ليستوثق لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما اجتمعوا عرفهم العباس بان ابن أخيه لم يزل في منعة من قومه حيث لم يمكنوا منه أحداً ممن أظهر له العداوة والبغضاء وتحملوا من ذلك أعظم الشدة، ثم قال لهم: إن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإلا فدعوه بين عشيرته فإنه لبمكان عظيم. فعند ذلك قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ لنفسك ولربك ما أحببت، فقال: أشترط لربى أن تعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئاً، ولنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم متى قدمت عليكم، فقال له أبوالهيثم بن التيهان: يا رسول الله إن بيننا وبين الرجال ( اليهود ) عهوداً وإنَّا قاطعوها، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا ؟ فتبسم عليه الصلاة والسلام وقال: بل الدم الدم والهدم الهدم أي إن طالبتم بدم طالبت به وإن أهدرتموه أهدرته. وقد بايع هذه البيعة ثلاثة وسبعون رجلاً منهم اثنان وستون من الخزرج وأحد عشر من الأوس ومعهم امرأتان. ثم تخير النبي صلى الله عليه وسلم اثني عشر نقيباً لكل عشيرة منهم واحد وقال لهم: أنتم كفلاء على قومكم ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم، وأنا كفيل على قومي.
ولما رجع الأنصار إلى المدينة ظهر بينهم الإسلام، وازداد أذى المشركين للمسلمين بمكة فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة وتتابع المهاجرون فراراً بدينهم ليتمكنوا من عبادة الله الذي امتزج حبه بلحمهم ودمهم حتى صاروا لا يعبأون بمفارقة أوطانهم والابتعاد عن آبائهم وأبنائهم ما دام في ذلك رضا الله ورسوله، ولحقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأبو بكر بعد أن اضطره المشركون لترك أحب بلاد الله إلى الله وأحب بلاد الله لنفسه الشريفة.
وفي المدينة قامت أعظم نصرة لدين الله وأعظم أخوة عرفتها الدنيا، أخوة بين المهاجرين والأنصار وبين الأوس والخزرج وقام نظام التآخي بين كل اثنين، هذه الأخوة أساسها المنهج الإيماني والتعظيم لشرع الله، وقد كانت من أعظم أسباب تحقيق النصر على المشركين. قال الله: (هُو الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَو أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) " سورة الأنفال: 62 – 63 " ووفي الأنصار ببيعتهم وكانوا رجالاً، قال تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا ) " سورة الأحزاب: 23 " وتحقق الوعد الصادق بنصرة الله لعباده المؤمنين.
ستعود الخلافة على منهاج النبوة وفي الحديث: "لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس" رواه مسلم. وفي لفظ " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ولا تزال عصابة من المسلمين يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة " رواه مسلم.
فلا تضر نفسك ولا تؤخرها والحق بالركب فقد انطلق، وقد سمعت عتاب من تخلف عن قتال الروم في غزوة تبوك، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) " سورة التوبة: 38 – 39 ". وكان ذلك في عام شديد الحر بعد أن طاب الثمر، فنزلت القوارع القرآنية تزهدهم في الدنيا وترغبهم في الآخرة وتحثهم على الجهاد في سبيل الله، وتوضح لهم أنهم إن لم ينصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله ناصره ومؤيده وكافيه وحافظه كما تولى نصره عام الهجرة، لما هم المشركون بقتله أو حبسه أو نفيه فخرج منهم صحبة صديقه وصاحبه أبى بكر، وفي ذلك يقول تعالى: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( " سورة التوبة 40 "