النشاط : هو حياة النفس … كما هو حياة الجسم

جورج ميريديث

عندما كنت في الثامنة عشر من عمري كنت أحب أن أكل ما أحب من الطعام وكان وزني أكثر بكثير مما هو طبيعي ، كنت أكل في أوقات كثيرة فعندما أحزن أكل وعندما أكون سعيد تزداد شهيتي وهكذا أصبح الأكل عمل مميز عندي وكان لابد أن أدخل عالم قاسي أو ما يدعى (الرجيم) ، حتى أدركت وقرأت أنه إذا أردت تحسين جسدك فأنت لا تحتاج لهذا النظام القاسي ولا الحرمان من الأكل، فقط أنت تحتاج أن تحرك جسدك بمقدار أكبر مما تأكل ، كانت العبارة بمثابة المنارة التي جعلتني أضع يدي على سر الذي لا يعرفه الكثير، ومن بعدها بدأت أمارس الرياضة ، كانت في أول الأمر لحظات عادية لكنها أصبحت من أجمل اللحظات التي مرت عليّ فقد بدأت فوائد الرياضة تنهال عليّ وبعد ثلاث سنوات أصبح جسدي أكثر حيوية وتناسق رغم أني لم أصل إلى هذا الجسد المثالي ، لكني متأكد أني سوف أصل إليه في يوم من الأيام لأني أستمتع تماماً بالرياضة.
إن الفكرة الأساسية في الرياضة هو أن تستمتع بها وتراها بطريقة جديدة ، فنحن هنا لا نريد أن ننظر إلى الرياضة على أنها هذا الشيء المتعب والمرهق الذي نفعله لننقص من أوزاننا،ولكن نريد أن نراها هذه الحيوية التي تمد حياتنا بكل الطاقة وتقوي أجسادنا، نريد أن ندرك أنها من ضمن احتياجنا الضرورية في الحياة وأنها لست مجرد شيء مكمل أو فرعي في حياتنا لكي ننقص من أوزننا فقط ، وهذه النظرة الجديدة مهمة لنحقق فكرة الرياضة في حياتنا، وإذا تأملنا في فكرة الرياضة وما تقدمه لنا لوجدنا أنها أكثر بكثير من أفعال نفعلها في هذا الكون بل هي فائدة كبيرة وفكرة رائعة، إن الرياضة تعطينا :

  1. الثقة في النفس :ويكفي هذا المطلب : فقد أثبتت الأبحاث أن الأشخاص الرياضيين أكثر ثقة من غيرهم الغير رياضيين، وهذا لتعرضهم لمواقف يومياً يتخذون فيها قرار قاطع بالإضافة إلى أن الإقبال على التدريب يعطي ثقة للجسد لخوض تحديات الحياة بسهولة، يقول استشاري الطب النفسيد.حسان المالح : “للرياضة فوائد كثيرة منها :استعادةالثقة بالنفسحيث تضمن تفريغ كثير من مشاعر العدوانية والسلبية التي يؤدي كبتها أو تراكمها إلى الإضطرابات النفسية والجسمية المتنوعة” .
  2. تتحسن الصحة الجسدية ، وهذا واضح جداً فالرياضة عنوان الحيوية والنشاط وتجعل الصحة العامة للجسد أكثر تحسناً ، كما أن الرياضة تقينا من كثير من الأمراض،ولم أتعجب عندما بدأت في دراسة علاج أمراض السكر وبعض الأمراض المزمنة ووجدت أن العلاج الأساسي هو الرياضة وتنظيم عادات الأكل ثم بعدها يأتي دور الدواء إذا فشل الأول، فبين يدينا علاج قوي لكثير من الأمراض لكن طبعاً بعد استشارة الطبيب المختص.
  3. التمتع بالصداقة وزيادة العلاقات الحميمة، وكثير من الناس يغفل عن هذه الفائدة التي تقدمها لنا الرياضة، فالرياضة تعمل على تخفيف حدة الغضب في جسم الإنسان وتعمل على زيادة هرمون الإندروفون الموجود فيالجهاز العصبي للإنسان والذي له تأثير مشابه للمورفين، وهو من “أقوىالمسكنات ومضادات الألم”. والذي يعمل بدورة على تخفيف الألم وإسعاد البشر ، لذلك سوف تجد معظم الرياضيين يتمتعون بروح الهدوء وعدم الغضب سريعاً.كما أنتحريك العضلات وشدها وارتخائها يؤدي إلى التخلص من التوتر العضلي والتوتر العصبي وكذلك النفسي، وهنا يكتسب الإنسان الهدوء اللازم لتعامل بشكل جيد مع أي إنسان والذي بدوره يعمل على زيادة الصداقة والعلاقات الحميمة بين البشر.
  4. تزيد من مستوى التركيز في العمل والدراسة، وهذا ناتج من أن العقل السليم في الجسم السليم، فعقل الإنسان مثل أي عضو من أعضاء جسم الإنسان عندما يتحسن الجسد يتحسن معه ويزداد حيوية ونشاط، وهذا واضح في بعض الطلاب الذين تتحسن ذاكرتهم عند ممارسة الرياضة، والتفسير العلمي بسيط جداً فعندما يمارس الإنسان الرياضة تتحسن الدورة الدموية لديه ويصل الدم إلى معظم أعضاء الجسد بكثرة ومن هذه الأعضاء العقل البشري.
  5. طاعة الله عز وجل، فعندما تحافظ على هذا الجسد الذي خلقه الله لك وسخر كل شيء فيه لخدمتك وتحقيق مطالبك عليك أن تشكر الله على هذه النعمة ، وهذا يتحقق بأخذ نية كبيرة عندما تبدأ بممارسة الرياضة ، والأخذ في الاعتبار أن هذا العمل المسمى رياضة طاعة لله وهنا سوف يأجرك الله على هذا العمل بإذنه عز وجل، في صحيح البخاري عنسلمة بن الأكوع قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلونبالسوق، فقال: « ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً، ارموا وأنا معبني فلان ». قال: فأمسك أحد الفريقين بأيديهم فقال رسول الله صلى الله عليهوسلم: « ما لكم لا ترمون؟ » قالوا: كيف نرمي وأنت معهم؟، فقال: « ارمواوأنا معكم كلكم»

ثبت أن أفضل أنواع الرياضة على الإطلاق على حد قول الباحث نديم المصريفي كتابه “الرياضة والغذاء خير من الطبيب والدواء” رياضة السير،والسباحة، ثلاث مرات أسبوعيا ولمدة 20 دقيقة ). ولا ننسي اهتمامنا بالتغذية الصحية. لأنه في حالة تدهور الصحة سنشعر بالإعياء.

ولنبدأ الآن في فهم فكرة الرياضة الفعالة : هل تتوقع أن الراحة فقط هي التي تؤثر على أجسادنا، إن أجسادنا تحتاج أن تعمل، وبالذات العضلات منها لأن العضو الذي لا يعمل يضمر، فتخيل انك طوال الوقت تسترخي دون أي مجهود عضلي هل تتوقع أن يكون لديك فعالية في حياتك ، من الممكن لكن على المدى البعيد سوف يبدأ الجسم بالشكوى وتجد نفسك تريد أن ترتاح أكثر إلى أن تتوقف فجأة عن العمل لأنك أصبحت لا تستطيع التركيز وأصبح جسدك يزيد أضعاف عما هو عليه ، لذلك فالصحة الجيدة تعمل على إمداد عقولنا بالأكسجين اللازم وتعمل على تنشيطه وهذا يساعدك على التركيز في أي عمل، ولكن كثيراً منا لم يتعود على فعل الرياضة ولم يدرك أهمية هذا الشيء في حياته عامة ، لهذا علينا أن نبدأ في ممارسة الرياضة بطريقة تدريجية حتى نصل إلى ما نريد. مبادئ التمارين الرياضية :


  1. الالتزام : مهما حدث حافظ على الوقت الذي خصصته لتمارس هذه الرياضة .
  2. البداية المتصاعدة : نتعرض في بداية ممارستنا للرياضة لكثير من التحديات وتأتينا أفكار سلبية في ترك الرياضة ، والفكرة تعتمد على أن نبدأ بالتدريج وبشكل بسيط جداً في ممارسة الرياضة ونتدرج حتى تبدأ عقولنا وأجسادنا بالتكيف على هذه العادة الجديدة.
  3. العمل في الوقت النشط وبين الأعمال خلال اليوم : وهو مبدأ يعتمد على انك تبدأ بفعل التمارين الرياضية كلما أردت وبالذات في وقت راحتك بين الأعمال الكبيرة اليومية فمثلاً أنت تذاكر وبدأت بالانتهاء من مادة ما وسوف تبدأ بالمادة الأخرى من الممكن أن تبدأ بفعل بعض التمارين الرياضية في هذا الوقت مع الانتباه لعدم الإجهاد الزائد.
  4. التغذية الصحية : كما تؤثر الرياضة في عقولنا وأجسادنا كذلك أيضاً الغذاء الذي نأكله ونوعيته يؤثروا فينا، لذلك كان يجب عليك أن تعد نفسك غذائياً لأن العقل يحرق المواد بالأكسجين ويحولها إلى طاقة ، فما هي تلك المواد التي يحرقها إنها الغذاء ، ويفضل العقل في الحرق تحديداً سكر الجلوكوز بل يعتبره المصدر الأساسي للطاقة في أجسادنا أما عضلاتنا فهي تفضل البروتين للعمل حتى يتم بناءها، لذلك عزيزي القارئ يجب أن يكون غذائنا في توازن بين الكربوهيدرات (الجلوكوز) وبين البروتين ، بالإضافة إلى قليل من الدهون التي تمدنا ببعض الفيتامينات المذابة فيها.

ونأتي إلى أهم مشاكل العصر التي يخاف منها الكثير وهي السمنة وأتباع النظام الغذائي أو ما يسمى (رجيم)،إن فكرة أنك ترى نفسك تمتلك وزن زائد بطريقة كبيرة وأنك لن تخسر أي وزن أبداً فهذه فكرة قديمة جداً فكل شيء حولك في تطور وقد فعلها الكثير من قبلك ومهما كان هذا الوزن الذائد الذي تمتلك فأنت تفعل كل ما عليك لتكون أكثر حيوية وليس لتفقد هذا الوزن لأن فقده شيء طبيعياً وجائزة بسيطة لتمتعك بممارسة الرياضة، لذلك كثير ممن يبدؤون بنظام غذائي قاسي ويأخذ في التركيز على أجسادهم وشكلها وهل وصل إلى الشكل المناسب أم لا ؟، إن هذا يعتبر شيء من الاستهزاء بعقولنا البشرية فنحن نكتسب هذه الأوزان في سنوات ونريد أن نخسرها في دقائق أو أيام معدودة ، ويبدأ عقلنا اللاواعي بالعمل ضدنا بطريقة غير مباشرة ، فعند البداية في نظام غذائي فجائي يشعر العقل بأن هناك خلل في نظام الغذاء ويبدأ بترجمة هذا الفعل بأن الظروف الخارجية غير ملائمة (مثلاً هناك مجاعة) وتكون استجابته بأنه يعمل على زيادة معدل امتصاص الأمعاء والخلايا للأكل فبدل أن يكون معدل الامتصاص الطبيعي يتراوح بين 30 إلى 50% من الطعام يصل الامتصاص في هذه المرحلة إلى 90% من الأكل المهضوم، ويشتكي كثير من البشر لماذا لا تنقص أوزانا عندما نقوم بنظام غذائي ، لأننا ببساطة نضع أجسادنا وعقولنا تحت ضغط لا يتحملاه ، والحل بسيط جداً فعلينا أن نغير فقط أسلوبنا ونبدأ ببداية متدرجة في تكوين نظام أكل مناسب ،لذلك فأنا انصح دائماً في البداية المتدرجة في هذه العملية فقليل دائم خير من كثير منقطع..
وبدايةً نبدأ الآن بوضع النظام الغذائي الذي نحب ولا تحرم نفسك مما تريد وهذا طبعاً في البداية ثم بعدها سوف تجد أنك تختار الأكلات التي تعطيك الرشاقة والطاقة لكن الفكرة في التقليل من الكمية المأكولة، فمثلاً أنت تأكل ثلاث أطباق من الأرز يومياً في هذا الأسبوع سوف تأكل طبقين فقط مع الرياضة طبعاً ولا تنظر إلى جسدك أبداً فقط تقبل نفسك كما هي وتأكد أن غايتك ليست إنقاص وزنك وإنما تحسين حياتك كلها والتمتع بالحيوية والنشاط مهما كان شكل جسدك، ومن هذه اللحظة تمتع بالتفاؤل والأمل وتأكد أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا وهنا فقط سوف تشعر بأن حياتك أجمل وأكثر حيوية، ومن الممكن بداية الطريق في بدايته أن نواجهه بعض الصعوبة لكننا سوف نحاول بكافة الطرق تخطي هذه الصعوبات، وحتى لو لم نصل إلى ما نريد سوف نحاول مرة أخرى وأخرى حتى نحصل على تلك الحيوية ، وطالما نحن سوف نعيش حياة واحدة فلماذا لا نحياها بحيوية ونشاط ، وعندما تصل إلى هذه الحيوية سوف تجد نفسك طبيعياً رائع وقوي وتتمتع بصحة جيدة ورشاقة ممتازة ، المهم في البداية هو مبدأ بسيط جداً يعتمد على فكرة البداية البسيطة المتزايدة ففي أول المشوار سوف تبدأ بالتمارين الرياضية البسيطة وأجملها على الإطلاق وابسطها الجري ،وابدأ الآن بإتباع هذه الأفكار البسيطة في بدايتك بتمرين الجري :

  1. ابدأ بمعرفة مستواك الرياضي أولاً في رياضة الجري فمثلاً أنت تستطيع أن تجرى لمدة خمس دقائق فقط وبعدها تبدأ بالتعب .
  2. سوف تبدأ بممارسة الجري بشكل دوري ويفضل يومياً.
  3. في أول أسبوع عليك أن تحافظ فقط على 5 دقائق جرى (إذا كان هذا هو مستواك الطبيعي).
  4. في الأسبوع التالي ابدأ بزيادة معدل الجري إلى ثمان دقائق .
  5. ابدأ بالزيادة التدريجية كل أسبوع حتى تصل إلى نصف ساعة جري يومياً مثلاً ومن الممكن أن تزيد في الأيام بدل الزيادة في الساعات فمثلاً لو كنت تلعب كل ثلاث أيام في الأسبوع أجعلها كل أربعة أيام وهكذا.
  6. حافظ على موعدك في ممارسة رياضة الجري يومياً أو أسبوعياً.(من الممكن أن تذهب إلى إحدى الصالات الرياضية والتي سوف تساعدك على الالتزام ، ومن الممكن أيضاً أن تأخذ أحد أصدقائك الذي يشجعونك وتحبهم معك)
  7. ضع نية كبيرة أثناء التدريب
  8. لا تنظر إلى جسدك لأنك تعلم أنك سوف تتحسن طبيعياً
  9. تخيل نفسك قبل التدريب أنك تتمتع بجسد مثالي وأنك في أحسن حيوية ونشاط.(من الممكن أن تشاهد بعض البرامج الرياضية أو تشتري منها ما شئت)
  10. من الممكن أن تضيف بعض التمارين الأخرى والسهلة مثل تمارين شد الجسم وتمارين الضغط والبطن وهي تمارين سهلة وافعل بها ما شئت من العدد والوقت والاهم هو الالتزام على التمارين في وقتها المحدد ، وأنا انصح بشدة إذا كنت تعاني من أي مرض أو مضاعفات أن تستشير طبيبك قبل البدء في فعل أي من هذه التمارين.

وفي النهاية مهما كان ما تمتلكه من وزن فتأكد أنك تستطيع أن تصل إلى تلك الحيوية والنشاط في حياتك ، ولن تخسر شيء بأن تجرب هذا النظام لتصل إلى ما تريد.