«ساعة اليد والسجق وأكياس الشاي والمناديل الورقية والمناشف الصحية» أشياء لا نستغني عنها في حياتنا اليومية، ولا نعرف أسباب وتوقيت اختراعها، لا نعرف أنها ضمن اختراعات وابتكارات كثيرة كانت الحرب العالمية الأولى سببًا في وجودها.

يُقال في أحد الأمثال المشهورة «الحاجة أُم الاختراع»، ولعلّ أشدُ أوقات الحاجة هي أوقات الحروب، وخلال الحرب العالمية الأُولى مرت الدول المنخرطة في الحرب بأوقات صعبة وتحديات فرضت على شعوبها أن تعمل بلا راحة لخدمة وطنها وكانت النتيجة في النهاية ما نستمتع به اليوم من تقنيات متقدمة وتكنولوجيا.
في الواقع الجيوش ووزارات الدفاع في أي دولة تحظى دائماً بأفضل مراكز الأبحاث والتطوير والتمويل، لذا نلاحظ أن الكثير من التقنيات الحديثة منبعها في الأصل من مراكز أبحاث الجيوش، التي ما إن تطمئن أنها لم تعد بحاجة لهذه التقنيات أو أنها توصلت لما هو أفضل منها تتركها للمدنيين، وفي هذا الإطار عرض موقع «وندرفل إنجنيرينج» الأمريكي، أهم 10 اختراعات وابتكارات كانت نتيجة من نتائج الحرب العالمية الأولى.


1- الاتصال بالطيارين

لم يكن بإمكان الطيارين قبل الحرب العالمية الأولى أن يتواصلوا مع بعضهم البعض أو مع أي أحد على الأرض، وكان المسؤولون عن حركة الطيران يعتمدون على الإشارة والصراخ لتسهيل عملية الإقلاع والهبوط، وفي ذلك الوقت كانت موجات الراديو، التي نستخدمها في معظم وسائل الاتصالات حاليا، قد اكتشفت فعلياً ومُستخدمة في بعض التطبيقات، لكن كان يلزمها بعض التطوير ليصبح استخدامها في الاتصالات العسكرية ممكناً، وبالفعل، تمكن الطيارون في عام 1916، من التواصل لاسلكياً مع بعضهم البعض ومع رفقائهم على الأرض.
2- أكياس الشاي

من الابتكارات التي رأت النور مصادفة أثناء الحرب أيضاً، أكياس الشاي، عدما كان أحد تجار الشاي الأمريكيين يبيعُ الشاي في أكياس صغيرة، وبشكل مباشر أو غير مباشر تم وضع أحد هذه الأكياس في الماء وأصبحت منذ ذلك الوقت أكثر من مجرد وسيلة لتوصيل الشاي، وفيما بعد قامت شركة ألمانية باستغلال الفكرة في بيع الشاي وأطلقت عليها «قنابل الشاي».
3- المعدن المقاوم للصدأ «ستانليس ستيل»

يعتبر «ستانليس ستيل» أحد أهم المعادن المستخدمة في العصر الحديث ويتميز بمقاومته للصدأ والقوة.
وواجه الجيش البريطاني مشكلة مع بنادقه في عام 1913، لأن الأجزاء المعدنية للبندقية كانت تتعرض للتشوّه والانحناء بعد إطلاق النار، لذا طلب من المهندس البريطاني الشهير، هاري بيريلي، أن يجد حلاً لهذه المشكلة، وبدأ «هاري» تجاربه بإضافة الكروم إلى الفولاذ، لكن سرعان ما تخلى عن هذه الفكرة وبحث عن غيرها ثم بعد فترة اكتشف أن المعادن التي تركها في معمله لم تتعرض للصدأ، وهذه كانت نشأة ذلك المعدن.
4- السحّاب «السوستة»

يُعد السحّاب أحد أهم وأشهر الاختراعات التي لا يمكننا الاستغناء عنها وتكاد ملابسنا لا تخلو منه، ومنذ منتصف القرن الـ19 والناس تستخدم الخطاطيف أو المشابك لغلق ملابسهم عليهم إلى أن توصّل المهاجر الأمريكي من أصل سويدي، جيدوين سندباك، إلى اختراع السحّاب «السوستة»، ليستخدمه الجيش الأمريكي في ملابس الجنود وأحذيتهم في الحرب العالمية الأولى، ثم أصبح متاحاً للاستخدام المدني بعد ذلك.
5- ساعة اليد

قبل الحرب العالمية الأولى، كان الرجال يضعون الساعات في جيوبهم وكانت النساء تربطها بسلسلة حول أيديهن، ومع دخول وقت الحرب أصبح للوقت قيمة وأصبحت الدقائق والثواني ذات تأثير لا يمكن إهماله، خاصة لدى جنود المدفعية والمشاة، لأن هجماتهم تبدأ بالتزامن فيما بينهم لكي لا يصيب أحدهم الآخر، لذا دعت الحاجة لاستخدام الساعات وفي نفس الوقت الحفاظ على حرية اليدين، ومن هنا ظهر ابتكار ساعات اليد واستمر استخدامها بعد الحرب، وكانت تُعبِّر عن الرفاهية والانضباط.
6- السجق النباتي

سجق الصويا المصنوع من فول الصويا، اخترعه كونراد أديننوار، وهو جنرال ألماني كان مسؤولاً عن مدينة كولون، وبعد فرض بريطانيا حصارها على ألمانيا بدأت المجاعات، وعندها فكّر «كونراد» في حل وبدأ في استبدال المواد النادرة وغير الموجودة بمواد أخرى متوفرة لصناعة الطعام، واستبدل القمح بدقيق الأُرز والشعير ودقيق الذرة لصناعة الخبز، واستبدل اللحم بالسجق الذي استخدم فول الصويا لصناعته بدلاً من اللحم، وأطلقوا عليه «سجق السلام» وهي مفارقة عجيبة، إذ اخترع وقت الحرب وليس السلام.
7- التوقيت الصيفي

اقترح بينجامين فرانكلين فكرة تقديم الوقت في الربيع وتأخيره مرة أخرى في الخريف إلا أن أحداً لم يلتفت للاقتراح، حتى بدأت الحرب العالمية الأولى وواجهت ألمانيا نقصاً في مخزون الفحم لديها، فقررت السلطات أنه بدءاً من 30 إبريل 1916 سيتم تقديم التوقيت بمقدار ساعة، وبالتالي تقليل اعتماد المواطنين على الفحم، وبعد ذلك انتشرت الفكرة وبالرغم من هجرها بعد الحرب إلا أن بعض الدول قررت استخدامها مرة أخرى لخدمة أغراض مختلفة.
8- المصباح الشمسي

أُصيب نصف أطفال برلين بمرض كُساح الأطفال في شتاء 1918، الذي يسبب تكلس وتليّن العظام فتظهر مشوهة ومقوسة، وسبب المرض هو نقص «فيتامين د»، وكان الفقر هو العامل الأكبر في انتشار المرض، ولاحظ كارت هيلدكنسكي، أثناء بحثه عن علاج لهذا المرض أن معظم المصابين كانت ألوانهم شاحبة وبدأ تجاربه بوضع 4 مرضى أمام مصابيح الزئبق والكوارتز «أكسيد السيليكون»، التي تطلق أشعة فوق بنفسجية واكتشف أن العظام تصبح أقوى بعد التعرض لذلك الضوء.
واكتشف الباحثون بعد ذلك أن الأشعة فوق البنفسجية تساهم في إطلاق التفاعل الذي يسمح لـ«فيتامين د» ببناء العظام باستخدام الكالسيوم.
9- المناديل الورقية

ظهرت فكرة صناعة المواد الورقية باستخدام السليولوز خلال عام 1920، وبعد عدة تجارب ابتكرت المناديل الورقية.