كشفت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، الإثنين، أن صناع أنظمة المراقبة يقدمون للحكومات في جميع أنحاء العالم التكنولوجيا، التي تتمتع بالقدرة على تتبع تحركات أي شخص يحمل الهاتف المحمول، سواء كانوا قريبا على بعد عدة مبان، أو بعيدا أو في قارة أخرى.
وكشفت الصحيفة عن عرض أنظمة مراقبة يمكنها أن تتبع سراً أين يذهب مستخدمو الهواتف المحمولة فى جميع أنحاء العالم للبيع، وقالت الصحيفة إن تلك التقنية تعمل باستخدام حقيقة أساسية في كل شبكات الهواتف الخلوية، وهى أنها يجب أن تحتفظ بسجلات تفصيلية ومحدثة لحظيا عن أماكن مستخدميها لاستقبال المكالمات والخدمات الأخرى، وتجمع أنظمة المراقبة تلك السجلات سراً لوضع خريطة تحركات الأفراد على مدار أيام وأسابيع وربما فترات أطول، حسبما أفاد مجموعة من الخبراء فى تكنولوجيا المراقبة، إلى جانب وثائق شركة تسويق تلك التقنية.
وأوضحت الصحيفة أن أقوى أجهزة الاستخبارات فى العالم، مثل وكالة الأمن القومى الأمريكية ونظيرتها البريطانية، استخدمت منذ فترات طويلة بيانات الهواتف المحولة لتعقب الأهداف حول العالم، إلا أن الخبراء يقولون إن هذه الأنظمة الجديدة تسمح للحكومات الأقل تقدماً من الناحية التكنولوجية لتعقب الأشخاص فى أى دولة، بما فى ذلك الولايات المتحدة، بسهولة ودقة.
ويقوم مستخدمو هذه التكنولوجيا بكتابة رقم الهاتف على بوابة الحاسب الكمبيوتر التى تجمع فيما بعد بيانات من قواعد بيانات المكان التى يحتفظ بها حاملو الهواتف الخلوية، كما أظهرت الوثائق، وبهذه الطريقة، فإن نظام المراقبة يعلم أي برج خلوى يستخدمه الهاتف الهدف في الوقت الراهن، ويكشف عن مكانه، سواء كان على بعد مبانٍ قليلة في منطقة حضرية أو أميال قليلة في منطقة قروية.
وقالت «واشنطن بوست» إنه لم يتضح ، حتى الأن، أيا من الحكومات التي حصلت على أنظمة التعقب هذه، إلا أن أحد المسئولين في تلك الصناعة، تحدث دون الكشف عن هويته، قال إن عشرات من الدول قد اشترت أو استأجرت هذه التكنولوجيا في السنوات الأخيرة، وهذا الانتشار السريع يسلط الضوء على كيفية ازدهار صناعة المراقبة التي تحقق مليارات الدولارات، قد جعلت تكنولوجيا التجسس متاحة في جميع أنحاء العالم.
ونقلت الصحيفة عن نائب مدير منظمة الخصوصية الدولية فى لندن، إريك كينج، قوله «إن أي ديكتاتور لديه ما يكفى من الأموال لشراء النظام يمكن أن يتجسس على الناس فى أي مكان في العالم، محذرا من انتهاكات التي تنتجها تكنولوجيا المراقبة، واصفا الأمر بأنه «مشكلة بالغة».
ويقول خبراء الأمن إن القراصنة والعصابات الإجرامية المتقدمة والدول التي تواجه عقوبات يمكنها أيضاً استخدام تكنولوجيا التعقب التي تعمل في منطقة «رمادية» من الناحية القانونية، فمن غير القانوني في عدة دول تعقب الأشخاص دون إذن قضائي، إلا أنه لا يوجد معيار قانوني دولي واضح لتعقب الأشخاص سراً في دول أخرى، كما لا يوجد كيان عالمي لديه سلطة مراقبة الانتهاكات المحتملة.
وأضافت الصحيفة أن ردا على أسئلة سبق أن وجهتها للجنة الاتصالات الاتحادية الأمريكية أعلنت اللجنة إنها ستحقق في احتمال إساءة استخدام تكنولوجيا التعقب التي تقوم بجمع بيانات من القنوات الناقلة لقواعد البيانات، وأضافت أن الولايات المتحدة تشدد القيود على تصدير بعض أنواع تكنولوجيا المراقبة، ولكن مع تعدد الموردين في الخارج، هناك قيود عملية على بيع أو استخدام هذه النظم دوليا.
من جانبه، قال المستشار العلمي السابق للبيت الأبيض، جون فيا: «إن كانت تلك التكنلوجيا متاحة من الناحية الفنية، فلماذا لا يمكن لأي شخص القيام بذلك في أي مكان؟»، وأضاف: « يساورني القلق بشأن الحكومات الأجنبية، كما ساورني قلق أكبر من غير الحكومات».
وحسب الصحيفة، أصبحت تكنولوجيا تتبع المواقع جزءا شائعا بشكل متزايد من الحياة العصرية، فالتطبيقات، التي تساعدك على التنقل عبر المدينة أو البحث عن أقرب مقهى تطلب منك معرفة موقعك، والكثير من الناس يحتاجون إلى مراقبة أطفالهم المراهقين أو الأزواج، من خلال تتبع التطبيقات على الهواتف الذكية، ولكن هذه الأشكال من التتبع تتطلب الموافقة، فخدمات الهاتف المحمول تقدم هذه الخدمة إن رغب المستخدمون فيها.
وقالت «واشنطن بوست» إن مراقبة الأنظمة المخصصة للخدمات الاستخباراتية أو الشرطية مع ذلك تعتبر صعبة إن لم تكن مستحيلة التتبع، إذ يقدم بائعو أنظمة المراقبة الخاصة للأجهزة الحكومية العديد من الأنظمة التكنولوجية بما فيها الأنظمة التي تجمع الإشارات الخلوية من الأجهزة القريبة وغيرها التي تستخدم برامج تخدع الهواتف المحمولة في الكشف عن مواقعها، كما أن الحكومات لديها القدرة أن تجبر الشبكات الهاتفية على تقديم بيانات تتبع عن عملائها في الداخل، إلا أن أنظمة التتبع القادرة على الوصول إلى قواعد بيانات موقع الناقل لا تستطيع السماح لأي حكومة أن تتبع الناس خارج الحدود بدون أن يكون ناقل أو مقدم الخدمة على علم بذلك.