التاريخ مرآة أيّ عصرٍ، فهو يحتفظ بالأحداث و التّفاصيل للأجيال القادمة، ولكنّه في أحيانٍ كثيرةٍ قد يضمّ أكاذيبَ تمّ تأليفُها لغايةٍ محدّدةٍ قد يكون من المستحيل معرفتها، ورُغم أنّ الصّدق شعارٌ ومبدأٌ يحترمه الجميعُ ويرفعه الكثيرون،ولكن هل كلّ ما نسمعه أو نقرأه اليوم صحيح ولا شكّ فيه؟ وهل سيأتي يومٌ نكتشف فيه أنّ ما عاصرناه من أحداثٍ يشمل الكثير من الأكاذيب؟! من سجلّات التّاريخ نتعرّفُ معًا على بعضٍ من أكبرِ الأكاذيبِ في العالم والّتي ربما اعتقدْت أنت أيضًا مثلي أنّها صحيحة ولا مجالَ للشكّ فيها!
حصان طروادة

هل تصدّق أنّ حصانَ طروادةَ الشّهير هو مجرّد كذبةٍ؟! انتظر قليلًا قبلَ أنْ يختلط عليك الأمر فنحن هنا نتحدّث عن حصان طروادة الإغريقيّ، وليس حصان طروادة المعاصر الذي قد يؤذي حاسوبك!
لنعد قليلًا ونتذكّر قصّة هذه الحربِ البشعةِ الّتي كانت بدايتُها قصّةَ حبٍ، حيث كانت مدينة طروادة تحت إمرة الأمير هيكتور والأمير بارس والذي كان سببًا رئيسيًّا في الحرب بخطفِه هيلين ملكة أسبرطة وزوجة مينلاوس شقيق أجاممنون بن أتريوس. حاصرَ الإغريقُ طروادة عشرَ سنواتٍ ولكنّهم لم يتمكّنوا من الدّخول إليها فقرّروا اللّجوء إلى الحيلة، وذلك ببناءِ حصانٍ خشبيٍّ عملاقَ وقالوا أنّه هديّةٌ إلى الإلهة مينيرفا، ولكنّه في حقيقة الأمر كان مملوءًا بأعتى المقاتلين الإغريقيّين. وبعد مغادرة باقي الجنودِ خرجَ الطّرواديّون محتفلين وأدخلوا الحصان داخلَ المدينةِ، وعندَ حلولِ الظّلامِ خرجَ المسّاحون من جسمِ الحصانِ ففتحوا بوّابات المدينةِ ليسمحوا لإخوانهم الإغريق الذين عادوا بالدخول إليها، فقاموا بقتل الطرواديّين وسبي نسائهم وإحراق طروادة وبالتّالي نهاية الملحمة الّتي تناولها التّراث الأدبيّ الإغريقيّ في الإلياذة وغيرها .
ليسَ هُناكَ دليلٌ واحدٌ على صحّةِ هذه الأسطورةِ ولا توجدُ براهين تؤكّدُ وجودَ ذلكَ الحصانِ مِن عدمِ وجودهِ، وما تمّ تدوينهُ في التّراثِ الأدبيّ اليونانيّ ليسَ دليلًا على حقيقتها، لأنّهُ دُوِّنَ بعدَ حدوثها بوقتٍ طويلٍ.
أزمة الصواريخ الكوبيّة

منَ الأكيدِ أنّكَ قرأتَ عن هذهِ الأزمةِ أو شاهدّتها في أحدِ المُسلسلاتِ أو الأفلامِ الأمريكيّة، ولكنّ المفاجأةَ هي أنّ الصّواريخَ في هذهِ الأزمةِ كانت مجرّد كذبة! لم تكُن هناكَ صواريخٌ نوويّة جاهزةٌ للانفجار! لنتذكّر هذهِ الحادثةِ الّتي تعودُ إلى أيّامِ الحربِ الباردةِ بين أمريكا والاتحاد السّوفيتي الّذي كانَ يُهدّدُ أميركا عن طريقِ زرعِ الصّواريخَ الذريةِ على أبوابها في جزيرة كوبا، حينها حبسَ العالمُ أنفاسهُ لمدّةِ أربعينَ يومًا قبلَ أنْ تحلّ الأزمةُ وتتحاشى البشريّةُ حربًا ذَريةً طاحنة .
السؤال: لو لم يتوصّل البَلدان إلى حلّ توافقيّ هل كانَ خروشوف سيطلق الصّواريخَ و يدمّر الكرةَ الأرضيّة؟ لا أعتقد أنّ عاقلًا يصدّق هذا الأمر.
كريستوفر كولومبوس كاذب!!

مُكتشفُ العالمِ الجديدِ، هذا ما نعرفُه جميعًا حول هذا الرّجل، ولكن هل فعلًا قد اكتشف شيئًا؟
هناكَ الكثيرُ منَ المفاهيمِ الخاطئةِ حولَ كولومبوس وقد يكونُ أشهرها أنّه اكتشف الأمريكتين.
يبدو أنّه رجلٌ مخادعٌ وكاذبٌ لم يكتشفْ لا أمريكا ولا غيرها، لأنّ هذا الشرفَ يعودُ إلى المستكشفِ نورس ليف أريكسون وقبلهُ الهنود الحمرِ! وأغلبُ ما دُوِّنَ عنهُ مجرّدُ أكاذيبَ اخترعها هو بنفسه، وبالتّالي هو رجلٌ مهمّ في التّاريخ ولكنّه كاذب.
سبب المجاعة الكبرى في آيرلندا

بينَ عامِ 1845 و1852، ماتَ أكثرُ من مليون مواطنٍ إيرلنديّ بسببِ المجاعةِ، فما هو السّبب؟
السّببُ كانَ آفةً زراعيّةً تُسمّى باللّفحةِ المتأخّرةِ والّتي أتلفت محاصيلَ البطاطس، فهل هذا صحيح؟
لا طبعًا، فالمؤرّخونَ يؤكّدونَ أنّ هذهِ الكِذبةِ قد غطّت على الدّورِ الإنجليزيّ في هذهِ الكارثةِ، حيثُ أنّ إنجلترا كانت تُرغمُ المزارعينَ على تصديرِ إنتاجهم منَ البطاطس، أي أنّ إنجلترا هي السّببُ في موتِ هذا العددِ الكبير منَ الإيرلنديينَ وهجرةِ آلافٍ آخرين.
العبيد لم يبنوا الأهرامات

حتّى الأهراماتُ والحضارةُ المصريّةُ لم تسلم منَ الأكاذيب! لا تقلق فالأهراماتُ قد بُنيَت في عهدِ الفراعنة، هذهِ ليستِ الكذبة، ولكنّ الكذبةَ هيَ أنّ الأهراماتِ قد بناها العبيد.
أليسَ هذا ما تعلَمناهُ في كتب التّاريخ؟ كيفَ لنا أن نّمسحَ معلومةً عمرها آلاف السّنين؟
ليسَ لديكَ خيارٌ آخر، فقد تمّ اكتشافُ مقابرَ بناةِ الأهراماتِ في عام 2010 في “الفناءِ الخلفيّ” لأهراماِت الجيزةِ ويبدو من طريقةِ دفنهم وقربهم من الآثارِ أنّهم كانوا يتقاضونَ أجرًا مقابلَ عملهم، أي أنّهم لم يكونوا عبيدًا .
فشل أينشتاين في الرياضيات

إذا كنتَ تبرّرُ فشلكَ في الرّياضيّاتِ بكونِ العالمِ الكبيرِ أينشتاين قد فشلَ فيها أيضًا فربّما عليكَ التّفكيرُ في تبريرٍ آخر لأن هذا الأمر كذبة كبيرة وقد أنكرها أينشتاين بنفسه .
و الحقيقة أنّ ألبرت أينشتاين كان مُتميّزًا جدًّا في علم الرّياضيّات في المدرسةِ، وكانَ يُجيدُ حسابَ التّفاضلِ والتّكاملِ قبلَ أن يُتِمّ الخامس عشر. كانَ لديهِ ولعٌ بحلّ المسائل المعقّدة في الرّياضيّات التّطبيقيّة، وليس هذا فقط بل كانت له طريقته الخاصّة في بَرهنةِ قوانين فيثاغورس !
الأكاذيبُ كثيرةٌ من حولنا، فهي جزءٌ من التّاريخ كما نرى، لكنّ عواقبها لا تقدّر وحتمًا ليست مقتصرةً على فترةٍ زمنيّةٍ محدّدة، خاصّة أنّ هناك أكاذيب تسبّبت في مقتل الآلاف من البشرِ إن لم نقلِ الملايين كما هو الحال في المجاعة الإيرلندية. فكيف يمكن أنْ نعرفَ إنْ كانت الأحداث صحيحةً في ظل وجود أناس مستعدّين لتغيير الحقائق وإظهارها بوجهٍ ومعنى آخر؟!