التوتر والنرفزة والعصبية الزائدة، الإحساس بالصداع والدوخة والميل للغثيان، الكسل والخمول وعدم القدرة على الحركة أو العمل، الإحساس بالهبوط وعدم القدرة على الإنتاج، وغيرها من الأعراض والشكاوى الكثيرة التى يرددها الناس عن فترة الصيام وخلال نهار رمضان، فما السبب فى تلك المشاعر والانفعالات؟

يقول الدكتور أحمد هارون، مستشار العلاج النفسى، كيف يمكن للبعض أن يشكو من عدم القدرة على التركيز أو العمل، فى حين أن التاريخ ملىء بالعديد من الانتصارات، ومنها غزوة بدر، ونصر أكتوبر العظيم.

ويضيف هارون، صحيح أن الامتناع عن الطعام والشراب فترة الصيام قد يؤثر على الجهاز العصبى ولكن بشكل إيجابى وليس سلبيا، حيث أثبتت الأبحاث العلمية أن عدم امتلاء المعدة بالطعام يجعل الدم غير متمركز فى منطقة البطن لتسهيل الهضم، بل إنه يسير فى كافة أرجاء الجسم بسهولة، ويتدفق من القلب إلى المخ والأطراف والوصلات العصبية بشكل أفضل، وهو ما أكدت عليه أغلب الدراسات والأبحاث الغربية.

وإن صحت هذه الشكاوى عند بعض الناس (الأكولين) بطبيعتهم فالمفروض أنها سرعان ما تتلاشى تدريجياً إذا ما نجحوا فى تحويل أفكارهم عن الجوع والإحساس به والعطش ومعاناته، فالفكرة كفيلة بتحريك غدة! أما بالنسبة لحالات التوتر العصبى والغضب والنرفزة المصحوبة بالحركة الزائدة التى قد تصل أحياناً لمرحلة الهياج والتى تحدث لبعض الصائمين، ويفسرونها بسبب الجوع والعطش وانخفاض نسبة الجلوكوز فى الدم، فالحقيقة غير ذلك.

ويؤكد هارون أن الصيام يضفى حالة من الهدوء وعدم الانفعال على الصائم، إلا أن ظاهرة العصبية الشديدة لدى بعض الصائمين مرتبطة بممارستهم بعض العادات الخاطئة قبل صيامهم، مثل الإفراط فى التدخين أو تناول الكافيين فى الشاى والقهوة وغيرها، أو تعاطى الأقراص المنومة أو المهدئة، ولعل ذلك ما يجعلهم يشعرون بالتوتر الحركى والانفعال الزائد والغضب أحياناً.

وتابع هارون، لعل حكمة الصيام فى هذا الشهر العظيم هى تحريك إرادة هؤلاء ممن يمارسون تلك العادات السيئة فى الإقلاع عن عاداتهم بعد التعود على تخفيفها خلال شهر الصيام، فكيف لمدخن استطاع الإقلاع عن تدخينه طيلة فترة صيامه التى تجاوزت الست عشرة ساعة نجده يوهم نفسه وغيره بعدم قدرته على الإقلاع عن التدخين؟!