النتائج 1 إلى 1 من 1
الموضوع: بذكر الله تطمئن القلوب
- 26-07-2014, 01:41 PM #1
بذكر الله تطمئن القلوب
الأســوةُ الـحـسـنـة
إنّ الأسـوةَ الحـسـنة للذاكرين الله كثيراً، هو الرسول صلى الله عليه وسلّم، يقول تعالى: «لَـقَـدْ كَـانَ لَـكُـمْ فـي رَسُـولِ اللّـهِ أُسْـوَةٌ حَـسَـنَةٌ لِـمَـنْ كَـانَ يَرْجُـو اللّـهَ وَالـيَوْمَ الآخِـرَ وذَكَـرَ اللّـهَ كَـثيراً» [الأحزاب 21 ]، فالرسُولُ صلى الله عليه وسلّم هو أكْثَرُ الناسِ ذِكْراً للّهِ على الإطلاق.
الصـلاة وذكـر اسـم الله
لَقَدْ رَبَطَ القرآنُ الكريمُ مَـا بَيْنَ ذِكْرِ اللهِ الدائِمِ وبَيْنَ الصَلاةِ: «وذَكَـرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَـلـى» [الأعلى 15]، وذِكْـرُ اللهِ يَكونُ في جميعِ الأوْقاتِ والأَحْوالِ: «يَذْكُـرونَ اللَّـهَ قِـيامَـاً وقُعُـوداً وعَـلـى جُـنُوبِهِـمْ» [آل عمران 191]، «والـذاكِـرينَ اللَّـهَ كَـثيراً والـذاكِـراتِ» [الأحزاب 35]، «وأقِمِ الـصَـلاةَ لِـذِكْـري» [طه 14]، فَـذِكْرُ اللهِ والتَسْبيحُ هُما قَضِيَّتانِ بالِغَتـَا الأهَميّةِ في حَياةِ الإنْسَانِ، فَهُمَا يَقومانِ بِتَنْظيمِ الطَـاقَةِ التي اكْتَسَبَها الجِسْمُ أثْناءَ الصَـلاةِ، ويَبْعَثانِ الراحَةَ والطُمَأنينَةَ في النَفْسِ :
«ألاَ بِذِكْـرِ اللَّـهِ تَطْـمَـئِـنُّ الـقُـلُـوبُ» [الرعد 28]، مِمّـا يُقَوّي المَنَـاعَةَ ضِـدَّ الأمْراضِ ويَمْنَعُ الجَراثيمَ الكَامِنَةَ في الجِسْمِ مِنَ النَشَاطِ والتَسَبّبِ بالأمْراضِ، وهيَ الجَـراثيمُ التي تَنْفُثُ سُـمُومَهَا في عُقَـدِ جِسْمِ الإنْسَـانِ مُسَـبّبَةً لَـهُ المَرَضَ، لِـذَلِكَ : «وإذا مَـرِضْـتُ فَـهُـو يَشْـفينِ» [الشعراء 80]، أي: أصْبَحَ عندي خَلَلٌ في الطاقَـةِ وهو تعريفُ المَـرَض، فهـو يشفين، أي: يُعيـدُ لي تَنْظيمَ الطاقَـة كَوْنَهُ المَصْدَرَ الوَحيدَ للطـاقَةِ في الوُجُودِ، لأنّـهُ:
لا قُـوّةَ إلاّ باللـهِ، ونُلاحِظُ أنّ أيّوبَ عليهِ السلامَ حِينَ مَرَضِهِ، قَدْ اعْتَبَرَ أنَّ كُلَّ الضَرَرِ في أنْ يَتَوَقَّفَ لِسَانُهُ عَنِ التَسْبيحِ [وَسِـيلَةُ تَنْظيمِ الطـاقَةِ]، فَلْمْ يُخاطِبْ رَبّهُ إلاّ حينَما وَصَلَ المَرَضُ إلى لِسَانِهِ الذي يُسَبِّحُ «وأَيُّوبَ إذْ نَادى رَبَّهُ أَنّي مَـسَّـنيَ الـضُـرُّ وأنْتَ أَرْحَـمُ الـراحِـمِـينَ» [الأنبياء 83]..
فيجب أن يكون المؤمن بين حالتين: [الصـلاة وذكْر اسم الله] لقولـه تعالى: «فإذا قضيتُمُ الصلاة، فاذكروا الله قياماً وقُعوداً وعلى جُنوبكم، فإذا اطمـأنَنْتُـمْ فأقيمـوا الصـلاةَ» [النساء 103]، وعَلاقَةُ الذِكْرِ مُتَبادَلَةٌ بَيْنَ العبْدِ والرَبِّ سُبْحَانَهُ، وهَذا مِنْ كَرَمِ اللهِ وفَضْلِهِ على الناس:
«فَاذْكُـروني أذْكُـرْكُـمْ» [البقرة 152]، والمُسَبِّحُ: هُو الإنْسَانُ دَائِمُ التَسْبيحِ، ولَيْسَ المُسَبِّحُ في أوْقَاتٍ مُحَدَّدَةِ، فَـيُونُسَ عليه السلام كَانَ مِنَ المُسَبِّحينَ وهَذَا كَانَ سَبَبُ نَجَاتِهِ: «فَلَـوْلاَ أَنْه كَـانَ مِـنَ الـمُـسَـبِّحِـينَ لَلَـبِثَ فـي بَطْـنِهِ إلـى يَوْمِ يُبْعَـثُونَ» [الصافات 143]، والمَلائِكَةُ الكِرام هُم أيْضاً مُسَـبِّحُونَ أيْ : دائِمُو التَسْبيحِ: «وإنّا لَـنَـحْـنُ الـمُـسَـبِّحُـونَ» [الصافات 166]، لأنَّهُمْ: «يُسَـبِّحُـونَ اللّـيْلَ والـنَهَـارَ لاَ يَفْتَرونَ» [الأنبياء 20]، إذاً: بالصَـلاةِ والتسـبيحِ يكونُ الحَـلُّ الأمْثَـلُ لِكُلِّ مَشَـاكِلِ الإنْسَـانِ الصحيّةِ والنَفسيّةِ.
الغـدوةُ والـرَوحـة
بَعْدَ طُلوعِ الشَمْسِ وانتِشَـارِ الضَـوْءِ، يَحينُ وَقْتُ «الغُـدُو» أو طَـرَفِ النَهارِ، وهنا يَحينُ وَقْتُ ذِكْرِ اللّـهِ في النَفْسِ أو الصَوتِ الخافِتِ أيْ: دونَ الجهْرِ مِنَ القوْلِ، خَوْفاً مِنَ الوقُوعِ في المعاصي والأعمالِ غَيْرِ الصَالِحَةِ «غيرِ النافِعَةِ للناسِ والمجتَمَعِ»، فَفي هذا الوَقْتِ أي بدايَةِ النَهَارِ، يَسْتَعِدُّ الإنسانُ لِدُخولِ الُمجتَمَعِ..
وبِدايَـةِ الجانِبِ العَمَـليِّ مِنْ حياتِـهِ، بَعْدَ أنْ أدّى الجانبَ التَعَبُّديّ مِنْها في الليل وصلاة الصبْح: «واذْكُرْ رَبّكَ في نَفْسِـكَ تَضَـرُّعَـاً وخِـيْفَـةً ودُونَ الجَـهْـرِ مِـنَ الـقَوْلِ بالـغُـدو والآصَـالِ وَلاَ تَـكُـنْ مِـنَ الـغَـافِلـينَ» [الأعراف 205]، أي المطلوبُ ذكْر الله في بدايَةَ النهَارِ وبينَ العصرِ والمغرب..
وأيضـاً مطلوب ذكر اسم الله والتسبيح في الليل: «ومِـنْ آنَاءِ اللـيْلِ فَـسَـبِّحْ وأطْـرافَ الـنَهَـارِ» [طه 130]، وفي هذا الوقْتِ بالذاتِ أي شروقُ الشمْسِ، سَخَّرَ اللهُ سبْحانَهُ الجِبالَ كَيْ تُسَبِّحَ مَعَ نَبِيِّهِ داوودَ عليْهِ السلام: «إنَّا سَـخَّـرْنا الـجِـبَالَ مَـعَـهُ يُسَـبِّحْـنَ بالـعَـشِـيِّ والإشْـراقِ» [ص 18]، وبِذَلِكَ أوْصى اللهُ نبيَّهُ زَكَريّا: «وسَـبِّحْ بالـعَـشِـيِّ والإبْكَارِ» [آل عمران 41]، وبِهَا أوْصى أيْضَاً رَسولَهُ صلى الله عليه وسلّم:
«وسَـبِّحْ بِحَـمْـدِ رَبِّكَ بالـعَـشِـيِّ والإبْكَـارِ» [غافر 55] ، «فَسُـبْحَـانَ اللـهِ حِـينَ تُمْـسُـونَ وحِـيْنَ تُصْــبِحُـونَ» [الروم 17]، وفي الحَديثِ الشَريفِ، قالَ صلى الله عليه وسلم: «.. واسْتَعينوا بالغُدْوَةِ والرَوْحَـةِ وشَـيْءٍ مِنَ الدُلْجَـةِ» [رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه]، أي: أوّل النهـار والعصْـر والليل.
ذكـر اسم الله وتبدّلات الضوء
وفَتَراتُ التَسْبيحٍ وذِكْرٍ اللّـهِ، مُرْتَبِطَةٌ بالتغيّراتِ الضوئيّةِ، كَون التسـبيح وذِكْـرِ اللهِ هُما لِتَنْظيمِ الطَاقَةِ والوِقايَةِ مِنَ الأمْراضِ : «وسَـبِّـحْ بِـحَـمْـدِ رَبِّـكَ قَبْلَ طُـلُـوعِ الـشَـمْـسِ وقَـبْـلَ غُـروبِها» [طه 130]، «وسَـبِّحْ بِـحَـمْـدِ رَبِّـكَ قَبْلَ طُـلُـوعِ الـشَـمْـسِ وقَـبْـلَ الـغُـروبِ» [ق 39]، «واذْكُـرْ رَبَّكَ كَـثـيراً وسَـبِّحْ بالـعَـشِّي والإبْكَـارِ» [آل عمران 41]، «وسَـبِّحْ بِحَـمْـدِ رَبِّـكَ بالـعَـشِّـي والإبْكَارِ» [غافر 55]..
«فَسُـبْـحَـانَ اللَّهِ حِـينَ تُـمْـسُـونَ وحِـيـنَ تُـصْـبِـحُـونَ ولَـهُ الـحَـمْـدُ في الـسَـمَـاواتِ والأرْضِ وعَـشـيّاً وحِـيـنَ تَـظْـهَـرونَ» [الروم 17]، «فَخَـرَجَ عَـلـى قَـوْمِـهِ مِـنَ الـمـحْـرابِ فَأوْحَـى إلَـيْهِـمْ أَنْ سَـبِّحـوا بُـكْـرَةً وعَـشِّـيَّـاً» [مريم 9]، «واذْكُـرِ اسْـمَ ربِّكَ بُكْـرَةً وأَصِـيلاً» [الإنسان 25]، «ومِـنَ اللـَيْلِ فَسَـبِّحْـهُ وإدْبَارَ الـنُجُـومِ» [الطور 49]، «ومِـنَ اللَّـيْلِ فَسَـبِّحْـهُ وإدْبَارَ الـسُـجُـودِ» [ق 40]، «وسَـبِّحْ بِحَـمْـدِ رَبِّـكَ حِـيْنَ تَقُومُ» [الطور 48]، والتسبيحُ وذكر اسم الله تعالى منْ أهمّ أسباب التوكّل على الله: «وتَوَكَّـلْ عَـلـى الـحَـيِّ الـذي لاَ يَمُـوتُ وسَـبِّحْ بِحَـمْـدِهِ»[الفرقان 58].