أغلبنا يعتبر اللامبالاة أمرا مذموما، ولكن قد يختلف الأمر إذا عرفنا مميزاتها، حيث يمكن لهذه الصفة أن تصبح جزءا من قدرة صاحبها على تخطى مشكلات الحياة أو التحايل عليها، وهذا ما أكده الدكتور محمود سالم أخصائى الأمراض النفسية، مشيرا إلى أن اللامبالاة أو بالمعنى الدارج "التنفيض" لكل شىء، يؤدى بالفعل لحالة نفسية هادئة بالتدريج، ويأخذ بيديك بعيدا عن شاطىء الشيخوخة المرتقب.

وأكد "د.محمود" قائلا "التنفيض وتكبير المخ" كما يقولون ليس كله شر، فهو بالفعل يؤثر بالسلب على من هم حول الشخص الذى لا يبالى للحياة، ولكنه قد يؤثر بالإيجاب، كما تشير التجارب الفعلية والنماذج التى نراها ونعالجها يوميا بأنفسنا، فاللامبالاة صحية فى أحيان كثيرة لهؤلاء، تحافظ عليهم بمنأى عن كل ما يذبذب ثباتهم وشعورهم بالهدوء النفسى، وركون تفكيرهم، وهو ما يجعلهم أقل عرضة للمضاعفات السيئة للصدمات، والمفاجآت غير السارة، وهموم الحياة التى لا تنضب، ومشكلات وكوارث ومؤرقات الحياة اليومية.

ويضيف عدم التأثر بالمواقف الصعبة يقيك من مشكلات صحية ونفسية كثيرة، بل إن أغلب أسباب الأمراض العضوية على الإطلاق هى نفسية وعصبية فى بدايتها، ولذا تجد الشخص الذى يعيش حياته بهدوء ويقابل المشكلات بنوع من عدم الاهتمام الزائد، ولا يعير للهموم وزنا ولا يفكر فيها، أكثر قدرة على التعاطى مع الحياة بمؤرقاتها، كما تؤكد الحالات أن هذا الشخص لا يشيخ سريعا ويظل محافظا على شبابه ظاهريا وباطنيا، فتظهر عليه علامات الشباب الدائم وعدم الكبر ولا الخرف لأنه لم يستهلك عقله أو صحته فى التفكير فى هموم تزيده عمرا ومرضا، بل استغرقه فى التخلص من تلك الهموم وطردها وعدم المثول لها.

ويوضح أخصائى الأمراض النفسية، أن هذه السياسة فى التفكير قد تفيد صاحبها وتجعله بمرور الوقت غير آبه بأية أزمات قد يشتعل أمامها غيره، ولكنه فى نفس الوقت إذا أدمن هذه السياسة، وجعلها أسلوبا حياتيا، أصبح شخصا مزعجا لمن حوله ومن هم مسؤلين منه، ومن هو مسئول منهم، كما قد يصل إلى مرحلة من إدمان الهدوء والركون النفسى حتى يصبح متبلدا لا يحركه أمرا ولا حدثا، والإنسان مجموعة من العواطف والمشاعر التى تترتب عليها المشاعر، لذا عليه أن يظل محافظا على هذه السمة دون إفراط أو تفريط متعمد.