بسم الله الرحمن الرحيم

حتي تكون عند ربك مرضيا
لما أثني الله عز وجل علي اسماعيل قال :
[ واذكر في الكتاب اسماعيل انه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا *

وكان يأمرأهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا ]
مريم (54 , 55 )
فهل تريد أن تكون عند ربك مرضيا ؟
ان رضا الله عز وجل مطلوب مدرك
ورضا الناس مطلوب لا يدرك
قال سهل بن أبي سهل الحنفي _ شيخ الشافعية بخراسان _ :

اذا كان رضا الخلق عسورا لا يدرك ,
كان رضا الله ميسورا لا يترك ,
انا نحتاج الي اخوان العشرة لوقت العسرة 0
فالخلق ان قصرت في حقهم غضبوا
وان أسأت لم يغفروا
وان زللت لم ينسوا !
قال ابن حزم رحمه الله :

وأنا أعلمك أن بعض من خالصني المودة , وأصفاني اياها غاية
الصفاء في حال الشدة والرخاء , والسعة والضيق ,

والغضب والرضا تغير علي أقبح
تغير بعد اثني عشر عاما متصلة في غاية الصفاء ,

ولسبب لطيف جدا ما قدرت قط أنه
يؤثر مثله في أحد من الناس , وما صلح لي بعدها ,

ولقد أهمني ذلك سنين كثيرة
هما شديدا 0 اهـــ 0
ان اجتهدت في طلب رضاهم عدّوك طيّبا مسكينا !
أو ظنوك تريد منهم مصلحة لنفسك !
وان أرادوا منك شيئا لم يعذروك
وان طلبوا منك حاجة وجب عليك تلبيتها
والا كنت الذي لا ينفع فيه !
قال ابن القيم رحمه الله :
غالب الخلق انما يريدون قضاء حاجاتهم منك ,

وان أضرّ ذلك بدينك ودنياك , فهم انما
غرضهم قضاء حوائجهم ولو بمضرّتك ,

والرب تبارك وتعالي انما يريدك لك , ويريد
الاحسان اليك لك لا لمنفعته , ويريد دفع الضرر عنك ,

فكيف تعلق أملك ورجاءك وخوفك
بغيره ؟ ا هـــ 0
أما ربك سبحانه وتعالي فيريد منك أيسر من هذا
يريدك لك _ كما قاله العالم الرباني _
يريدك لنفسك 00 لنفعك 00 لحاجاتك
يريد منك _ حتي ريرضي عنك _ أن تعبدوه ولا تشرك به شيئا
يقول الله لأهون أهل النار عذابا :

لو أنّ لكن ما في الأرض من شيء كنت تفتدي به ؟
فيقول : نعم 0 فيقول : فقد سألتك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم ,
أن لا تشرك بي , فأبيت الا الشرك 0

رواه البخاري ومسلم 0
يريد منك كلمات معدودات في كل يوم فيرضي عنك
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :

من قال اذا أصبح واذا أمسي : رضيت بالله ربا ,
وبالاسلام دينا , وبمحمد رسولا , الا كان حقا علي الله أن يرضيه يوم القيامة
رواه الامام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والنسائي في الكبري 0
وأهون من ذلك أن تشرب شربة من الماء فتحمد ربّك عليها

أو تأكل أكلة فتحمد الله عليها
فيرضي عنك ملك الملوك وديّان يوم الدّين
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :

ان الله ليرضي عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها
أو يشرب الشربة فيحمده عليها 0 رواه مسلم 0
ثم تأمل الخصال التي ذكرها الله عز وجل في صفات

اسماعيل عليه الصلاة والسلام
فأول صفة ذكرها أنه صادق الوعد , يفي بوعده مع ربّه ومع الناس 0
وتأمل كيف قدّم هذه الصّفة علي اقامة الصلاة والزكاة والأمر بهما ؟
كما قدم الله عز وجل في صفات المؤمنين الاعراض عن اللغو علي

اقامة الزكاة وعلي حفظ الفروج
[ قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو
معرضون * والذين هم للزكاة فاعلون * والذين هم لفروجهم حافظون ]

المؤمنون ( 5:1)
مما يدلّ علي أهمية هذه المعاني الجميلة والأخلاق الفاضلة في شريعة الاسلام 0

فاطلب رضا من اذا رضي أثابك وأرضاك

الحمد لله علي نعمة الاسلام وكفي بها نعمة