بسم الله الرحمن الرحيم
قال الامام الحافظ ابن منده ( توفي سنة 395 هجرية) في كتابه الايمان :
ذكر اختلاف أقاويل الناس في الإيمان ما هو ؟
فقالت طائفة من المرجئة الإيمان فعل القلب دون اللسان
وقالت طائفة منهم الإيمان فعل اللسان دون القلب وهم أهل الغلو في الإرجاء .
وقال جمهور أهل الإرجاء الإيمان هو فعل القلب واللسان جميعا .
وقالت الخوارج الإيمان فعل الطاعات المفترضة كلها بالقلب واللسان وسائر الجوارح .
وقال آخرون الإيمان فعل القلب واللسان مع اجتناب الكبائر .
وقال أهل الجماعة الإيمان هي الطاعات كلها بالقلب واللسان وسائر الجوارح غير أن له أصلا وفرعا ،
فأصله المعرفة بالله والتصديق له وبه وبما جاء من عنده بالقلب واللسان مع الخضوع له والحب له والخوف منه والتعظيم له مع ترك التكبر والاستنكاف والمعاندة فإذا أتى بهذا الأصل فقد دخل في الإيمان ولزمه اسمه وأحكامه ولا يكون مستكملا له حتى يأتي بفرعه وفرعه المفترض عليه أو الفرائض واجتناب المحارم وقد جاء الخبر عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال الإيمان بضع وسبعون أو ستون شعبة أفضلها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ،
فجعل الإيمان شعبا بعضها باللسان والشفتين وبعضها بالقلب وبعضها بسائر الجوارح .

فشهادة أن لا إله إلا الله فعل اللسان تقول شهدت أشهد شهادة .
والشهادة فعله بالقلب واللسان لا اختلاف بين المسلمين في ذلك ،
والحياء في القلب ،
وإماطة الأذى عن الطريق فعل سائر الجوارح .
(( قلت في صحيح مسلم باب الْأَمْرِ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرَائِعِ الدِّينِ ،
عن ابن عباس رضي الله عنهما :
إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ الْوَفْدُ أَوْ مَنْ الْقَوْمُ قَالُوا رَبِيعَةُ قَالَ مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ أَوْ بِالْوَفْدِ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا النَّدَامَى قَالَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَأْتِيكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ وَإِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الْحَيَّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ وَإِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلَّا فِي شَهْرِ الْحَرَامِ فَمُرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ نُخْبِرْ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ قَالَ فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ قَالَ أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ ؟
قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ


قَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسًا مِنْ الْمَغْنَمِ وَنَهَاهُمْ عَنْ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ
وبوب البخاري له في صحيحه فقال :

باب قول النبي صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس ، وهو قول وفعل ويزيد وينقص .
{ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ }
{ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى }
{ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى }

{ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ }
وَقَوْلُهُ

{ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا }

وَقَوْلُهُ

{ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا }
وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ

{ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا }

وَقَوْلُهُ تَعَالَى

{ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا }

وَالْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ مِنْ الْإِيمَانِ

قال ابن حجر في شرح البخاري :

قول البخاري (وهو ) أي الإيمان .

( قول وفعل ويزيد وينقص ) وهو اللفظ الوارد عن السلف الذين أطلقوا ذلك .


ثم شرح ابن حجر لفظ القول فقال المراد به النطق بالشهادتين ،
وأما العمل فالمراد به ما هو يشمل ويعم من عمل القلب والجوارح ليدخل الاعتقاد والعبادات .


ومراد من أدخل ذلك في تعريف الإيمان ومن نفاه إنما هو بالنظر إلى ما عند الله تعالى ،

فَالسَّلَف قَالُوا هُوَ اِعْتِقَاد بِالْقَلْبِ ، وَنُطْق بِاللِّسَانِ ، وَعَمَل بِالْأَرْكَانِ وَأَرَادُوا بِذَلِكَ أَنَّ الْأَعْمَال شَرْط فِي كَمَالِهِ . وَمِنْ هُنَا نَشَأَ ثَمَّ الْقَوْل بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْص كَمَا سَيَأْتِي .
ثم قال :







وَقَدْ نَقَلَ مُحَمَّد بْن نَصْر الْمَرْوَزِيّ فِي كِتَابه " تَعْظِيم قَدْر الصَّلَاة " عَنْ جَمَاعَة مِنْ الْأَئِمَّة نَحْو ذَلِكَ ، وَمَا نُقِلَ عَنْ السَّلَف صَرَّحَ بِهِ عَبْد الرَّزَّاق فِي مُصَنَّفه عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَمَالِك بْن أَنَس وَالْأَوْزَاعِيّ وَابْن جُرَيْجٍ وَمَعْمَر وَغَيْرهمْ ، وَهَؤُلَاءِ فُقَهَاء الْأَمْصَار فِي عَصْرهمْ .

وَكَذَا نَقَلَهُ أَبُو الْقَاسِم اللَّالِكَائِيّ فِي " كِتَاب السُّنَّة " عَنْ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْةِ وَأَبِي عُبَيْد وَغَيْرهمْ مِنْ الْأَئِمَّة ،

وَرَوَى بِسَنَدِهِ الصَّحِيح عَنْ الْبُخَارِيّ قَالَ : لَقِيت أَكْثَر مِنْ أَلْف رَجُل مِنْ الْعُلَمَاء بِالْأَمْصَارِ فَمَا رَأَيْت أَحَدًا مِنْهُمْ يَخْتَلِف فِي أَنَّ الْإِيمَان قَوْل وَعَمَل ، وَيَزِيد وَيَنْقُص .


وروى الخلال في كتاب السنة ،
أخبرنا أبو بكر المروذي وعبدالملك الميموني وأبو داود السجستاني وحرب بن إسماعيل الكرماني ويوسف بن موسى ومحمد بن أحمد بن واصل والحسن بن محمد كلهم يقول
إنه سمع أحمد بن حنبل قال :

الإيمان قول وعمل يزيد وينقص .

وقال الخلال : أخبرنا الميموني قال ثنا أبو الحسن سريج بن النعمان قال ثنا عبدالله بن نافع قال كان مالك يقول الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ويكره ذكر جبريل وميكائيل وحق في الكلام // إسناده صحيح
وقال الخلال :
* ذكر بدء الإيمان كيف كان والرد على المرجئة لأنه نزلت الفرائض بعد قول لا إله إلا الله ،

* أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال سألت أبا عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل قلت إذا قال الرجل لا إله إلا الله فهو مؤمن قال كذا كان بدء الإيمان ثم نزلت الفرائض الصلاة والزكاة وصوم رمضان وحج البيت // إسناده صحيح