هو من ضمن مجموعة الطمأنينة والاستقرار وتشمل الأسماء الحسنى التالية: المؤمن، الشافي، المسعِّر المؤمن ورد في القرآن الكريم مرة واحدة (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿23﴾ الحشر) ولم يرد في السنة بسند صحيح الشافي والمسعّر لم يردا في القرآن الكريم وإنما وردا في السنّة النبوية. المعنى الشرعي المؤمن: الذي منح الأمن والأمان لعباده في الدنيا والآخرة. قال الغزالي: المؤمن الذي يُعزى إليه الأمن والأمان بإفادته أسبابه وسدّه طرق المخاوف. وقال ابن القيم: المؤمن في أحد التفسيرين: المصدِّق الذي يُصدّق الصادقين بما يقيم لهم من شواهد صدقهم فهو الذي صدّق رسله وأنبياءه فيما بلّغوا عنه وشهد لهم بأنهم صادقون بالدلائل التي دلّ بها على صدقهم. وقال في موضع آخر: والخائف إذا صدق في اللجئ إليه وجده مؤمِّنًا من الخوف. وقال القرطبي: المؤمن المصدِّق لرسله بإظهار معجزاته عليهم ومصدِّق المؤمنين ما وعدهم به من الثواب ومصدِّق الكافرين ما أوعدهم من العقاب. وقيل: المؤمن الذي يؤمِّن أولياءه من عذابه ويؤمِّن عباده من ظلمه، يقال: آمنه من الأمان الذي هو ضد الخوف. الشافي: الذي يشفي عباده من الأسقام. قال ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى (وإذا مرضت فهو يشفين (80) الشعراء) يقول: وإذا سقم جسدي واعتلّ فهو يبرئهويعافيه. وقال الحليمي: الشافي الذي يشفي الصدور من الشُبَه والشكوك ومن الحسد والغلول ويشفي الأبدان من الأمراض والآفات لا يقدر على ذلك غيره. المسعٍّر: الذي يرخّص الأسعار ويُغليها وفق تدبيره. قال المناوي: المسعِّر الذي يرفع سعر الأقوات ويضعها فليس ذلك إلا إليه وما تولاه بنفسه ولم يكله إلى عباده لا دخل لهم فيه. وقال القرطبي: المسعِّر مقلِّلب السعر ورافعه وخافضه وفق تقديره وتدبيره. الفروق بين الأسماء المؤمن، الشافي، المسعٍّ: أجمع الحكماء على أن عوامل الألم والشقاء التي تهدد سعادة البشر واستقرار مجتمعاتهم تتمثل في الثالوث المرعب (الخوف، المرض، الجوع) ولذا أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذا الثالوث المؤلم وأن من عافاه الله منه ف:انما ملك الدنيا برمّتها فقال صلى الله عليه وسلم: من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها. وقد ذكّر الله سبحانه وتعالى عباده وامتنّ عليهم بنعمة الأمن ورغد العيش وأنها من موجبات طاعته واتباع دينه فقال سبحانه وتعالى (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴿4﴾ قريش) ونحسب أن هذه الأسماء الثلاثة (المؤمن، الشافي، المسعِّر) قد ارتبطت معانيها بالمقومات الأساسية للمجتمعات المستقرة السعيدة، والله أعلم. الآثار الاعتقادية والعملية للإيمان بهذه الأسماء: الأثر العلمي الاعتقادي الله سبحانه وتعالى المؤمن الذي يؤمّن عباده من الخوف ويدفع عنهم كل خطر ويلقي في قلوبهم الطمأنينة والسكينة وهو سبحانه الشافي من المرض مرض القلوب كالشًبَه والشكوك والشهوات والحسد والحقد ومرض الأبدان من الأسقام والآفات وهو المسعِّر الذي يزيد سعر السلع ويغليها ويرفع من قيمتها أو يرخصها ويضعها ويخفض من قيمتها وفق تدبيره ومشيئته وحكمته. الأثر العملي 1. محبة الله عز وجل والتعلق به وحده وإجلاله وكثرة ذكره وشكره واللجوء إليه وحده سبحانه في تحقيق أمن الأوطان وشفاء الأبدان ورخص الأسعار ورغد العيش. 2. تحقيق الإيمان بالله وحده والتوكل عليه واللجوء إليه في كشف الكربات فهو السبيل الوحيد للأمن والشفاء ورغد العيش وقد وعد سبحانه بالخير والسعادة والأمن الشامل لكل البشر إن هم آمنوا به سبحانه وتعالى وخضعوا لشريعته وأحكامه. قال تعالى محذِرًا من الشرك وعلاقته بالأمن (الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴿82﴾ الأنعام) وقال سبحانه داعيًا الناس إلى الاستشفاء بكلامه (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴿82﴾ الإسراء) وقال تعالى في الإيمان وأنه السبيل إلى العيش الرغيد (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴿96﴾ الأعراف) 3. الصبر على ما يقدّره الله عز وجل على عبده المؤمن من الأمراض والمخاوف والفقر والغلاء والمصائب والنظر إليها على أنها في ذاتها شفاء لأمراض في القلب قد تفتك به لو استمرت فيه فيأتي المكروه أو المصيبة ليكونا سببًا في التخلص منها. وبذا يكون المرض ذاته شفاء! وليس الشفاء بالضرورة هو المعافاة من المرض وفي ذلك يقول ابن القيم وهو يعدد حِكَم الله عز وجل في المصائب: السابع: أن يعلم أن هذه المصيبة هي دواء نافع ساقه إليه الطبيب العليم بمصلحته الرحيم به فليصبر على تجرّعه ولا يتقيأه بتسخّطه وشكواه فيذهب نفعه باطلًا. 4. سلامة القلب نحو عباد الله تعالى وتأمينهم من العدوان والعمل على إذهاب أمراض قلوبهم وأجسادهم حسب العلم والقدرة والسماحة في التعامل معهم في البيع والشراء وعدم ظلمهم وأكل حقوقهم فالمتعبِّد باسمه سبحانه المؤمن يتصف بصفة السلامة ويكفّ شرّه وأذاه عن الناس بحيث يأمنونه قال صلى الله عليه وسلم: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من آمنه الناس على دمائهم وأموالهم. والمتعبِّد باسمه سبحانه الشافي يسعى إلى إيصال الخير وكشف الكربات وقضاء الحاجات وأن يكون سببًا في إذهاب الأمراض القلبية والجسدية حسب العلم والقدرة قال صلى الله عليه وسلم من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل. والمتعبِّد باسمه سبحانه المسعِّر يتقي الله في معاملاته فلا يستغل الناس في زيادة الأسعار أو يخفي الأقوات سعيًا للتفرد والاحتكار بل يكون حريصًا على نفعهم صبورًأ على ديونهم مراعيًا لحاجتهم سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى قال صلى الله عليه وسلم: رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى. مقاصد الدعاء التي يناسبها تمجيد الله عز وجل بهذه الأسماء: المؤمن، الشافي، المسعِّر من أسماء الله الحسنى الدالة على صفات الأمن والشفاء والتسعير ولارتباط هذه المعاني العظيمة بعوامل استقرار حياة البشر في الأمن والصحة والاقتصاد كان من المناسب دعاء الله سبحانه وتعالى والثناء عليه بهذه الأسماء في جميع حاجات العباد التي تناسب تلك المعاني. قال تعالى (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴿112﴾ النحل) وقال تعالى منكرًا على كفار قريش عذرهم الموهوم في عدم اتباع الحق ومقررًأ سبحانه أن الأمن لا يكون إلا في جواره وأن الخوف لا يكون إلا في البعد عن هداه (وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿57﴾ القصص) ومن السنّة دعاؤه صلى الله عليه وسلم: اللهم استر عورتي وآمن روعتي واقض عني دَيْني. وكان صلى الله عليه وسلم يُعوّذ بعض أصحابه فيمسح بيمينه ويقول: أذهِب البأس رب الناس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقمًا.اسم الله الشافي