تبدو أسطورة قارة أطلانتيس المفقودة أشبه بشبح أفلت من كتب الفلسفة ليحتل مخيلة العلماء فهجسوا بها. و«رأوها» كلما عثروا على أطلال تحت المياه، وعلى مدار قرون طويلة، عثر العلماء على «اطلانتيس» في مياه البحار قبالة السويد وفلسطين وتركيا وكريت وقرطاجة التونسية، والمكسيك واسبانيا واليابان والقطب المتجمد الشمالي، وايرلندا والبرازيل وصولا إلى قارة «انتاركتيكا» وغيرها.

وقد ظلت الاسطورة حبيسة محاورات أفلاطون منذ ان كتبها عام 335 ق. م، حتى عام 1940 ومنذ ذلك التاريخ انتظر العالم ظهور اطلنطس بفارغ الصبر وما زال ينتظر ظهورها أو على الأقل تأكيد وجودها يوما ما في التاريخ الانساني، وبدأت فرق بحثية يصعب حصر عددها في البحث عنها، وكل فريق يخرج ليقول ان الأدلة تؤكد ان ما اكتشفوه هو «اطلانتيس»، الا ان التأكيد على هذه الافتراضات ما زال مفقودا مع القارة المفقودة حتى الآن، وبشكل عام ينقسم العلماء في قضية «اطلانتيس» على أنفسهم إلى قسمين، قسم يرى انها حقيقة تاريخية ولا بد للكشوفات والأبحاث ان تبرزها يوما ما، وقسم آخر يعتبرها مجرد قصة رمزية، لتذكر الناس بالبعد عن الجشع والطمع والانانية وكل الصفات الذميمة التي اتصف بها سكان «اطلانتيس» في نهاية حياتهم حسب قول أفلاطون.

والسؤال الأكبر الذي يطرح نفسه، على الدوام في هذه القضية: كيف تمكنت حضارة انسانية عظيمة مثل «اطلانتيس» ان تبلغ درجة متقدمة جدا من التطور والرقي؟ وكيف يُمكن لاعداد كبيرة من البشر قد قاربت على الاكتمال بوعيها ان تخطئ وتعود إلى نقطة الصفر؟

من خلال هذه الحلقة « 51» من «سلسلة أسرار الحياة الغامضة» سنسلط الضوء على تاريخ هذه القارة المفقودة حسب ما ذكره أفلاطون في محاوراته، وكذلك بعض الاكتشافات التي قيل انها للجزيرة العملاقة، إلى جانب نظريات وأقوال العلماء.
فقد ألهبت هذه القارة خيال الكثيرين من الكُتاب ومنتجي الأفلام لإنتاج عدد ضخم من منتجات الخيال العلمي التي تدور حول هذا الموضوع، وتحدثت عنها أقاصيص الشعوب القديمة وحضاراته وأفاضت بوصفها مؤلفات كلاسيكية وأفلام وثائقية حديثة، وتناقلت ذكرها شعوب عدة، وبحثت العلوم الأكاديمية في مدى دقة وجودها.
جزيرة أطلس أو أطلانتس أو أتلانتس، أو الاتلانتيد، قارة افتراضية تميل إلى الأسطورة أو انها ما زالت غير مكتشفة إلى الآن ولم يثبت وجودها حتى اليوم بدليل قاطع، إلا ان هناك بعض الأدلة التي يعتقد العلماء والباحثون انها تؤكد ان هذه القارة كانت موجودة يوما ما، وانه من الممكن للأيام ان تكشف عن موقعها المؤكد.

ذكرها أفلاطون «الفيلسوف» في محاورتين مسجلتين له، طيمايوس وكريتياس وتحكي عن ما حدثه جده صولون عن رحلته إلى مصر ولقائه مع الكهنة هناك وحديثهم عن القارة الاطلسية التي حكمت العالم يوما من الأيام ثم اختفت.

يصفها أفلاطون كجزيرة تقع ما وراء اعمدة هرقل، كانت قوة بحرية حققت انتصارات على اجزاء كثيرة من أوروبا الغربية وافريقيا سنة 9000 قبل الميلاد.

و«اطلانتس» عبارة عن قارة مفقودة وُلدت بعد الحضارة الفرعونية يعتقد انها غرقت في يوم 11 يناير عام1820 قبل الميلاد.

قيل انها كانت على اتصال مع الحضارة الفرعونية، لذلك يوجد على بعض المعابد المصرية القديمة بضع كلمات بطريقة غريبة في الكتابة، وأيضا يوجد رسم عليه طائرة نفاثة ويركبها رجلان اثنان، الأول رجل فرعوني يُقال انه رمسيس الثاني، والثاني رجل يلبس لبسا غريبا ويقال انه من الاطلسيين، وللملاحظة، فهناك فيلم اسمه «اطلنتس» اقتبسوا فيه شكل الطائرة الموجودة في المعبد.
امتازت هذه الحضارة – حسب ما جاء من معلومات تاريخية- بامتلاكها لتقنيات عالية في التحكم بالطاقة وامتلاكها ايضا قنابل نووية والتي بسببها دمرت الحضارة بعد الحرب بينها وبين حضارة «راما» التي كانت تقع في جنوب شرق آسيا بالقرب من بحر اليابان.

وكما في وصف أفلاطون لها، فإنها تقع خلف «اعمدة هرقل» أي مضيق جبل طارق حيث هناك ينحصر المضيق بين جبال عالية تعرف باسم «جبال أطلس» في شمال المغرب، وجنوب اسبانيا، وهي المساحة التي احتلها الانكليز للسيطرة على المضيق منذ زمن.

ويذكر أفلاطون، ان الجزيرة كانت تضم حضارة في غاية التطور لكنها دمرت عن بكرة ابيها في يوم وليلة وابتلعتها مياه البحر إلى غير رجعة.

معظم الموسعات العلمية تعرف قارة أطلانتس استنادا إلى ما ذكر في كتابي «تيماوس Timaeus» و«Criteaus» لأفلاطون الذي تحدث بشكل مطوّل عن وجود هذه القارة المفقودة.

وعلى سبيل المثال تذكر موسوعة «انكارتا» الحديثة ان المحيط الأطلسي «الأطلنطي» وجبال اطلس في شمال المغرب، اشتقت اسماؤها من اسم اطلس، ملك تلك القارة المفقودة، وقد ارتكز افلاطون في قوله على معلومات نقلت من كهنة مصر الفرعونية إلى الرحالة والمشرع اليوناني «صولون» -جد افلاطون- عند زيارته لمصر القديمة.
أما وردود ذكر «اطلنتس» لأول مرة فكان في محاورات افلاطون حوالي عام 335 ق.م، حيث جاء في محاورته «تيماوس» يحكي «كريتياس» على لسان افلاطون ان الكهنة المصريين استقبلوا «صولون» في معابدهم، وهذه حقيقة تاريخية مؤكدة لدى علماء التاريخ الفرعوني، ثم يشير الى انهم اخبروا «صولون» عن قصة قديمة تحويها سجلاتهم تقول: انه كانت هناك امبراطورية عظيمة تعرف باسم اطلنتس تحتل قارة هائلة خلف اعمدة «هرقل» وانها كانت اكبر من شمال افريقيا وآسيا الصغرى «تركيا» مجتمعين وخلفها سلسلة من الجزر تربط بينها وبين قارة ضخمة اخرى.
وصف «كريتياس» اطلنتس بانها جنة الله سبحانه وتعالى في الارض، ففيها تنمو كل النباتات والخضروات والفواكه، وتحيا كل الحيوانات والطيور، وتتفجر فيها ينابيع المياه الحارة والباردة، وكل شيء فيها نظيف وجميل، وشعبها من أرقى الشعوب واعظمها.

الى جانب احتوائها على خبرات هندسية وعلمية تفوق بعشرات المرات ما يمكن تخيله في عصر افلاطون، حيث يصف «كريتياس» اقامتهم لشبكة من قنوات الري، والجسور، وارصفة الموانئ التي ترسو عندها سفنهم واساطيلهم التجارية الضخمة.
يقول افلاطون انه منذ حوالي عشرة آلاف سنة، وبالتحديد عام 9564 ق.م، كان يوجد جزيرة في المحيط الاطلسي «الاطلنطس» خاضعة لسيطرة بوسيدون «POSidon» اي اله البحر، حيث رزق وزوجته الالهة «cleito» بعشرة ذكور، وهكذا انقسمت الجزيرة والحكم بين عشرة ملوك.

وهذا الحكم من التقاليد التي التزم بها شعب الـ«Guanche» الاسباني الاصل في جزر «كناري» وشعب «المايا» في المكسيك ولعل ابرز ماسرده افلاطون عن شعب اطلانتس، تطورهم في الهندسة والري، حيث كانوا يبنون ثلاث حلقات دائرية الشكل تلف المعابد والمباني، الى جانب سهول مستطيلة الشكل وشبكات ري متقدمة.
ويذكر افلاطون ان تلك القارة كانت مقسمة الى ممالك، بها آلاف الولايات، وكانت هذه القارة غنية جدا وسكانها اغنياء غناء فاحشا. وان سبب غنى هذه القارة يعود الى وفرة ثرواتها الطبيعية التي كانت تتمتع بها من اراض خصبة وكبارٍ ضخمة، والارصفة والموانئ التي كانت تحمل اسطولا من المراكب الضخمة المحملة بالبضائع التجارية وتنقلها للدول المجاورة مما اتاح اقامة علاقات تجارية بالدول المحيطة ودول عبر البحار.

اشتهر شعب اطلانتس- حسب افلاطون- بالنبل والكرم وحسن الاخلاق، الا انهم وللاسف لم يكتفوا بمالديهم وطغت عليهم المادة والطمع وحب الامتلاك وخصوصا انهم وجهوا جيشهم شرقا لاقليم البحر المتوسط يقتحمون شمال افريقيا وجنوب اوروبا حتى حدود اليونان.

وكان جيش القارة المفقودة يجهز لضرب كل من مصر واليونان حتى نهض الجيش اليوناني واعادهم إلى جبل طارق وهزمهم هزيمة ساحقة ولكن كان من الصعب ان يتذوق اليونانون طعم الانتصار بسبب الكارثة الساحقة التي حدثت لجيشهم الذي ابتلعته الارض ولم يعد لهم اثر بين يوم وليلة، وتسبب في غرق قارة اطلانتس بأكملها في اعماق البحر وقد كانت هذه المأساة بسب كارثة طبيعية حيث ضربها زلزال عنيف تسبب في غرق القارة بأكملها وابادتها وهي القارة التي قيل عنها انها اشبه بالفردوس على الأرض.

ذكر افلاطون في وصف هذه القارة 40.000 كلمة مليئة بالتفاصيل المدهشة يقول انها كانت مدينة واسعة تتشكل من ممرات مسالك مائية بنيت بأحجار بيضاء وحمراء وسوداء وكان الناس يقدمون الثيران كقرابين وكانت الفيلة ترعى في الأرض كما كانت موجودة قبل الميلاد بـ9000 سنة.

تعامل الباحثون مع محاور افلاطون بصفتها رواية مثالية لوصف المدينة الفاضلة «يوتوبيا» وانها مجرد خيال لا أكثر ثم دس العلماء انفهم في الأمر.
والسبب الذي جعل العلماء يفكرون في قصة اطلانتس هو ان فكرة وجود قارة وسيطة تربط ما بين افريقيا وأميركا الجنوبية كانت تثير اهتمام العلماء الذين كانوا يتساءلون دوما عن سر وجود تشابه حضاري مابين العالمين القديم والجديد، ويبحثون عن سبب علمي ومنطقي لوجود نفس النباتات والحيوانات في قارتين تفصلهما مساحة مائية هائلة.

وفي الوقت نفسه كانت هناك تلك الظواهر الحضارية المدهشة التي يجدها العلماء وسط اماكن لم تشتهر ابدا بالحضارة مع وجود اساطير متشابهة في تلك الاماكن تشير إلى ان الالهة جاءت من حضارة أخرى وضعت كل هذا وجاء وجود اطلانتس ليضع تفسيرا لكل هذا الغموض.كان وجود قارة متقدمة في هذا الزمن القديم يريح عقول الجميع ويفترض وجود شعب متطور بنى حضارته في قلب الارض ونشر اجزاء منها في كل القارات، ولكن اين الدليل على وجود اطلانطس ذات يوم؟

يقول البعض: ان قصة افلاطون مازالت تتأرجح مابين الخيال ونصف الخيال والحقيقة.فليس هناك تأكيد لهذه القصة عند المصريين القدماء أنفسهم ، ولايوجد دليل على ان اثينا كانت يوما بهذه القوة التي تمكنها من التصدي لحضارة متطورة كحضارة أطلانطس. وفي نفس الوقت هناك من العلماء من يؤكد وجود اطلانطس ويشير الى ان افلاطون أخطأ في التاريخ والزمن فحسب وحجتهم في هذا هي كشف حقيقة وجود مدينة «طروادة» الشهيرة.
وطروادة هذه مدينة أسطورية ذكرها الشاعر الاغريقي الشهير “هوميروس “ في ملحمتيه الشهيرتين “الالياذة “ و”الأوديسا” حوالي عام 850 ق. م ، أي قبل افلاطون بخمسة قرون ، وظل الدارسون يعتقدون ان طروادة مجرد خيال من بنات افكار هوميروس حتى جاء الالماني “هنريش شوليمان” عام 1871 م لينتشل طروادة من التراب في “هيسارليك” في شمال غرب تركيا.وبعدهذا تم اكتشاف “قصر التيه” الذي جاء ذكره في اسطورة وحش “المينوتور” الشهيرة وتم اكتشاف ان التيه فعلا حقيقة عام 1900م. فلماذا لاينطبق هذا على اطلانطس مادامت طروادة وقصر التيه كانتا اسطورتين وعثر عليهما مكتشفون ، فلماذا لايعثر ثالث على اطلانطس التي تعد اسطورة ايضا.

من هذا المنطلق بدأت عشرات المحاولات لاثبات وجود اطلانطس وراح العلماء يبحثون عن اماكن أخرى بخلاف المحيط الاطلسي يمكن ان تكون المهد الحقيقي لاطلانطس ، فاشار احد العلماء الى ان اطلانطس هي نفسها قارة امريكا، واكد اخر ان الجزر البريطانية هي جزء من قارة اطلانطس في حين اقترح البعض الاخر وجودها في السويد او المحيط الهندي أو حتى القطب الشمالي. ثم جاءت نبوءة “كايس” لتضع قاعدة جديدة للقضية كلها.

في عام 1940 أعلن الوسيط الروحي الشهير “إدجار كايس” واحدة من أشهر نبوءاته عبر تاريخه الطويل ، إذ قال انه ومن خلال وساطة روحية قوية يتوقع ان يبرز جزء من قارة أطلانطس الغارقة بالقرب من جزر «---» مابين عامي 1968 و 1969 م ولقد أتهم عديدون كايس بالشعوذة والنصب عندما أعلن هذه النبوءة. وفى احد الايام صرخ الطيار المدني بهذه العبارة... قارة “أطلانطس”.. وهو يقود طائرته فوق جزر البهاما عام 1968 عندما شاهد مع زميله جزيرة صغيرة تبرز من المحيط ، بالقرب من جزيرة ( بيمن ) واسرع يلتقط الة التصوير الخاصة به ويملأ فيلمها بصور لذلك الجزء من القارة المفقودة التي الهبت الخيال طويلا.وكان لظهور ذلك الجزء في نفس الزمان والمكان الذين حددهما كايس في نبوءته وقع الصاعقة على الجميع مؤيدين ومعارضين إذ كان في رأي الجميع الدليل الوحيد الملموس على وجود أطلنطس.
وبعد ظهور جزيرة كايس الصغيرة والمباني أو الاطلال الاثرية فوقها قرر باحث وأديب وغواص شهير يدعى “تشارلز بير ليتز” ان يبحث عن اطلانطس في نفس الموقع وبدا بحثه بالفعل ليلتقط عددا من الصور لاطلال واضحة في قاع المحيط ومكعبات صخرية ضخمة ذات زوايا قائمة مقدارها تسعين درجة بالضبط مما ينفي احتمال صنعها بوساطة الطبيعة وعوامل التعرية وحدها.ولم يكن هذا وحده ماتم العثور عليه في تلك المنطقة من المحيط. فقد عثر الباحثون بالقرب من سواحل فنزويلا على سور طوله أكثر من مائة وعشرين كيلومترا في اعماق المحيط، وعثر السوفيت شمال كوبا على عشرة افدنة من اطلال المباني القديمة في قاع المحيط.
وشاهدت ماسحة محيطات فرنسية درجات سلم منحوتة في القاع بالقرب من بورتوريكو وعلى الرغم من هذا فالجدل لايزال قائما حول حقيقة اطلانطس،والنظريات لم تنته.

فهناك نظريات تقول ان سكان اطلانطس قد اتوا من كوكب آخر في سفينة فضائية ضخمة استقرت على سطح المحيط الاطلسي وانهم انتشروا في الارض وصنعوا كل مايثير دهشتنا في كهوف “ تيسلي “ بليبيا ، وبطارية “ بغداد “ وحضارة مصر ، وانهم كانوا عمالقة زرق البشرة (وهناك اشارة الى هذا في بعض الروايات بالفعل) ثم شن الاثينيون حربا عليهم فنسفوا الجيش الاثيني بقنبلة ذرية أو مايشبه هذا وبعدها رحلوا وتركوا خلفهم كل هذه الاثار.وعلى الرغم من غرابة هذه النظرية فانها تجد من يؤيدها وبكل حماس ، مشيرا الى ان كل الالهة والملوك وصفوا في كل العصور تقريبا بانهم من اصحاب الدم «الازرق» او الدم النبيل، حتى اللون الازرق اطلقوا عليه اسم اللون الملكي.

وهناك نظرية أخرى للبروفيسير «فروست» تربط بين اطلانطس وجزيرة «كريت» التي حملت يوما حضارة عظيمة ومبهرة تشابهت في كثير من وجوهها مع حضارة اطلانطس فكل من الحضارتين نشات في جزيرة وكلتاهما لقيت نهاية مفاجئة.

كما ان هناك مراسم صيد الثيران والميناء العظيم والحمامات الضخمة والملاعب الرياضية وكل الاشياء الاخرى التي عثر عليها في كريت وذكرها افلاطون في المحاورة. ويؤيد البروفيسير “ لوتش “ في كتابه ( نهاية اطلانطس ) هذا ، ويؤكد ان اختفاء اطلانطس مجازي وليس حقيقي ، وانها لم تغرق في قاع المحيط وانما تعرضت لكارثة أودت بها مثل كارثة بركان “ كراكاتوا “ عندما ثار ودمر جزيرة كاملة. وكل النظريات التي ظهرت تفتقر الى الدليل العلمي القوي.

خاصة وان اكتشاف مدينة غارقة في هذا العالم الكبير الواسع و الغريب ليس بالأمر السهل، لكن المستكشف “ روبرت سارماست “ يدعي أنه اكتشف جزيرة “ أطلانتس “ Atlantis المفقودة منذ القدم في قاع البحر المتوسط.

وقد عرضت قناة “ديسكوفري” حلقة عن “اكتشاف” علماء آثار اوروبيين لـ”اتلانتس” في مياه بحر ايجة، قبالة مدينة “سيتزريوني”، التي عُثر عليها مدفونة تحت ركام بركاني كثيف. ورأوا ان ثورة بركان في ذلك الموقع أدت الى نتيجة مزدوجة: دفن “اتلانتس” تحت مياه البحر ودفن المدينة الايجية المذكورة تحت الحمم البركانية وغبارها. وعرضت القناة شريطاً يُظهر رسوماً على جدران تلك المدينة، تتشابه مع رسوم افلاطون عن “اتلانتس”!

ونشرت صحيفة “انتيكويتي”، المتخصصة بالمكتشفات الأثارية، دراسة لباحث الماني من جامعة ويبيرتال، اسمه راينار كون، “تؤكد” العثور على “اتلانتس” قبالة المرفأ الاسباني “كاديز”، حيث عثر على اثار لمعبدين يونانيين مدفونين تحت البحر.

فالصور التي التقطتها الاقمار الصناعية لجنوب اسبانيا ذكر أنها هي اطلانتطس المفقودة حيث وجد إن الأرض هناك تطابق الوصف الذي كتبه أفلاطون في مدينته الفاضلة وان هذا الجزء قد تعرض للدمار نتيجة للفيضانات بين عامي 800 و500 قبل الميلاد. فالصور الفضائية للمنطقة المحلية المعروفة باسم ماريزما دو هينوخس بالقرب من مدينة كاديز توضح بنائين مستطيلين في الطين وأجزاء من حلقات ربما كانت تحيط بهما في السابق. خاصة وان أفلاطون كتب عن جزيرة تحيط بها أبنية دائرية، بعضها من الطين والبعض الأخر من الماء.

وما تظهره الصور هو نفس ما وصفه أفلاطون. وكانوا – العلماء – يعتقدون- إن الأبنية المستطيلة ربما تكون بقايا المعبد “الفضي” المخصص لاله البحر بوسيدون والمعبد “الذهبي” المخصص لبوسيدون وكيليتو كما جاء في كتاب أفلاطون. وفسروا كبر حجم الجزيرة والحلقات المحيطة بها عما جاء في كتاب افلاطون بتفسيرين :الاحتمال الأول هو تقليل افلاطون لحجم اطلانطس والثاني هو ان وحدة القياس التي كانت مستخدمة زمن افلاطون كان أكبر 20 % من المقاييس الحالية.وإذا كان الاحتمال الثاني هو الصحيح، فإن أحد المستطيلين الموجودين في “الجزيرة” يطابق تماما المقاييس التي ذكرها افلاطون لمعبد بوسيدون.

وكان أول من انتبه لهذه الصور هو فيرنر فيكبولت، وهو يعمل كمحاضر وأحد المهتمين بأطلنتس، وقام بدراسة صور لكل البحر المتوسط بحثا عن أي علامة على المدينة التي وصفها أفلاطون، وقال فيكبولت: “هذا هو المكان الوحيد الذي ينطبق عليه وصف أفلاطون”.

وأضاف فيكبولت إنه ربما خلط الإغريق بين معنى كلمة مصرية تشير إلى الشاطئ وأخرى تعني الجزيرة خلال نقل قصة أطلنتس.

ويقول توني ولكنسون وهو خبير في الاستشعار عن بعد في جامعة أدنبره الإسكتلندية إن من الممكن أن يحدث خطأ في تفسير الصور الملتقطة باستخدام الأقمار الصناعية.

وأضاف: “نحن نستخدم التصوير بالأقمار الصناعية للتعرف على الآثار على الأرض ثم التأكد منها في الموقع نفسه. ومن ثم نقوم بتفسير ما نراه. ونحن في حاجة إلى توقيت زمني مقرب، وإلا فإنك تتعامل مع تراكيب. لكن الصور مثيرة للاهتمام”.

وقام الكثيرون بالمغامرات من أجل البحث عن المدينة التي تتمتع بجمال طبيعي وثروة كبيرة.

وربطت إحدى النظريات الحديثة بين أطلنتس وإحدى المناطق الواقعة في مضيق جبل طارق وغرقت في البحر منذ 11 ألف عام.

ويقول دكتور راينر إن السهل الذي ذكره أفلاطون ربما يكون السهل الممتد من الساحل الجنوبي لإسبانيا إلى الشمال حتى يصل إلى مدينة أشبيلية. أما الجبال العالية فربما تكون سييرا مورينا وسييرا نيفادا.

ويضيف: “ذكر أفلاطون إن أطلانطس كانت بالنحاس. يوجد نحاس في المناجم التي تقع في جبال سييرا مورينا”.

ولاحظ دكتور راينر إن الحرب بين أطلانطس والدول التي تقع غرب البحر الأبيض المتوسط تتشابه مع الهجمات على مصر وقبرص والتي وقعت خلال القرن 12 قبل الميلاد من قبل من أطلق عليهم قراصنة البحر.ولذلك فهو يعتقد أن سكان أطلنتس وقراصنة البحر هم نفس الأشخاص.ويعني هذا إن المدينة كانت موجودة خلال العصر الحديدي أو العصر البرونزي.

ويقول دكتور راينر إنه يأمل في أن يجذب انتباه علماء الآثار من أجل التنقيب في الموقع. ولكن هذا الأمر يواجه بعض الصعوبة حيث أنه يقع داخل منتزه دونا الطبيعي.

وفي ذات المنطقة «اسبانيا» تقريبا اكتشف الجيولوجيون ان جزيرة تحت سطح البحر يمكن ان تكون اساس اسطورة قارة أطلانتس كانت قد تعرضت لزلزال مدمر وأمواج تسونامي الطاغية قبل 1200 عام.

وتقع الجزيرة الآن وتسمى «سبارتيل» على عمق ستين مترا تحت سطح مياه مضيق جبل طارق، الا ان البعض يعتقد انها ربما كانت فوق سطح البحر في غابر العصور.

وتعزز المكتشفات الجديدة فرضية ان الجزيرة ربما كانت مصدر اسطورة قارة اطلانتس المفقودة الغارقة.

وجاء الدليل من مسح لقاع البحر نشرته مجلة «جيولوجيا».

وكان الباحث الفرنسي مارك اندريه غوتشير من جامعة «ويستيرن بريتاني» في «بلوزانيه» في فرنسا قد عثر على رسوبيات ركامية غير مصقولة تتراوح سماكتها ما بين 50 – 120 سنتيمترا يمكن ان تكون متخلفة عن أمواج بحرية مدية هائلة أي ما يعرف بـ«تسونامي».

ويقول د. كوتشير ان الدمار الذي وصفه أفلاطون متناسق مع زلزال مدمر وأمواج تسونامي مشابهة لتلك التي دمرت مدينة لشبونة في البرتغال عام 1755م حيث تسبب الزلزال في أمواج بحرية بلغ ارتفاعها عشرة أمتار.

وقال كوتشير في مجلة «جيولوجيا» ان شكل الرسوبيات يدل على انها ناتجة عن ركاميات تعرضت لهزات تحت بحرية وارجع الباحثون عمر تلك الركاميات إلى 12 الف عام مضت أي تقريبا إلى الفترة التي اشار فيها أفلاطون إلى دمار وغرق قارة اطلانتس.

وكان عالم الجيولوجية الفرنسي «جاك كولينا غيرارد» قد اقترح ان تكون جزيرة «سبارتيل» الواقعة في خليج «قادش» أحد الأمكنة المرشحة كي تكون مصدر أسطورة قارة أطلانتس الضائعة.

وتظهر سجلات الرسوبيات ان الاحداث المشابهة لزلزال لشبونة عام 1755م تقع كل فترة تراوح بين 1500 و2000 سنة في خليج قادش.

غير ان عمليات المسح الطبوغرافي للجزيرة والتي قام بها الدكتور كوتشير أخفقت في الثعور على أي أدوات أو مبان من صنع البشر كما أظهرت ان الجزيرة اصغر بكثير مما كان يعتقد في السابق.

وعليه يرى باحثون ان هذا يجعل احتمال ان تكون تلك الجزيرة قد كانت موطن حضارة بشرية متقدمة أمرا مستبعد، ما يبقى الباب مشرعا أمام بقية الباحثين عن أطلانتس لمواصلة البحث عن هذه القارة الاسطورية.

ويعتقد بعض النقاد ان قصة «اطلانتس» مستوحاة من جزيرة يونانية تدعى «سان توريني» والتي قضت عليها ثورة أحد البراكين لتنتهي الحضارة التي قامت هناك حوالي 1500 قبل الميلاد.

ويقول الخبير «ريتشارد اليس» حتى الآن لم يظهر أي دليل مادي يؤكد حقيقة الاسطورة في حين يشير الاخرون إلى ان أفلاطون أرجع تاريخ وجود المدينة إلى العصر الحجري، وهو الزمن الذي يستحيل فيه وجود مدينة بهذا الشكل.