,,القتل والتدمير تحت اسم الاسلام والجهاد,,


للشيطان مدخلين على المسلمين ينفذ منهما الى اغوائهم واضلالهم، احدهما: انه اذا كان المسلم من اهل التفريط والمعاصي، زين له المعاصي والشهوات ليبقى بعيداً عن طاعة الله ورسوله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: حُفّت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات رواه البخاري ومسلم.

والثاني: انه اذا كان المسلم من اهل الطاعة والعبادة زين له الافراط والغلو في الدين ليفسد عليه دينه، قال صلى الله عليه وسلم: اياكم والغلو في الدين، فانما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين حديث صحيح، اخرجه النسائي وغيره، وهو من احاديث حجة الوداع.

ومن مكائد الشيطان لهؤلاء المفرطين الغالين انه يزين لهم اتباع الهوى وركوب رؤوسهم وسوء الفهم في الدين، ويزهدهم في الرجوع الى اهل العلم، لئلا يبصروهم ويرشدوهم الى الصواب، وليبقوا في غيهم وضلالهم، قال الله عز وجل ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ، وفي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها: ان النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية، فقال: اذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاولئك الذين سمى الله فاحذروهم ، وقال صلى الله عليه وسلم من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين رواه البخاري ومسلم، وهو يدل بمنطوقه على ان من علامة ارادة الله الخير بالعبد ان يفقهه في الدين، ويدل بمفهومه على ان من لم يُرد الله به خيراً لم يحصل له الفقه في الدين، بل يُبتلى بسوء الفهم في الدين.

ومما يدل على خطورة الغلو في الدين والانحراف عن الحق ومجانبة ما كان عليه اهل السنة والجماعة قوله صلى الله عليه وسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه: ان اخوف ما اخاف عليكم رجل قرأ القرآن، حتى اذا رُئيت بهجته عليه وكان ردءاً للاسلام، انسلخ منه ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك، قلت: يا نبي الله! ايهما اولى بالشرك: الرامي او المرمي؟ قال: بل الرامي رواه البخاري.
ويذكر ان الشيطان يدخل الى اهل العبادة لافساد دينهم من باب الافراط والغلو في الدين، وان طريق السلامة من الفتن هو الرجوع الى اهل العلم والاختصاص.

بعد هذا اقول: ما اشبه الليلة بالبارحة! فان ما يحصل من التفجير والتدمير والتقتيل في شتى المدن العربية اليوم وما نسمعه من دعوات بين فينة واخرى لاثارة الفتن والعبث بأمن البلدان العربية، ما هو الا نتيجة لاغواء الشيطان وتزيينه الافراط والغلو لمن حصل منهم ذلك، وهذا الذي حصل من اقبح ما يكون في الاجرام والافساد في الارض، واقبح منه ان يزين الشيطان لمن قام به انه من الجهاد، وبأي عقل ودين يكون جهاداً قتل النفس وتقتيل المسلمين والمعاهدين وترويع الآمنين وترميل النساء وتيتيم الاطفال وتدمير المباني على من فيها؟!.

وبهذا قال الله عز وجل من اجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل انه من قتل نفساً بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن احياها فكأنما احيا الناس وقال الله تعالى ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله الا بالحق ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اول ما يُقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء رواه البخاري ومسلم، وقد اكد صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع حرمة دماء المسلمين واموالهم واعراضهم بتشبيهها بحرمة الزمان والمكان، فعن ابي بكرة رضي الله عنه قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر، قال: اتدرون أي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله اعلم، فسكت حتى ظننا انه سيسميه بغير اسمه، قال: اليست بالبلدة الحرام؟ قلنا: بلى! قال: فان دماءكم واموالكم واعراضكم عليكم عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا الى يوم تلقون ربكم، الا هل بلغت؟ قالوا: نعم! قال: اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ اوعى من سامع، فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض رواه البخاري ومسلم. وعن ابي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات رواه البخاري ومسلم.

وعليه فمن الواجب ان لا نكون فرسة للشيطان، يجمع لنا بين خزي الدنيا وعذاب الآخرة، وان نتقي الله في المسلمين من الشيوخ والكهول والشباب، وفي المسلمات من الامهات والبنات والاخوات والعمات والخالات، وفي الشيوخ الرُكع والاطفال الرُضع، وفي الدماء المعصومة والاموال المحترمة: فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة، افيقوا من سباتكم وانتبهوا من غفلتكم، ولا تكونوا مطية للشيطان للافساد في الارض.

ونسأل الله عز وجل ان يحفظ علينا امننا واستقرارنا في هذا البلد المبارك وجميع بلاد المسلمين، وان يُفقّه المسلمين بدينهم، وان يحفظهم من مضلات الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.