بسم الله الرحمن الرحيم

على الرغم من وضوح مسؤولية تربية الأطفال عند الوالدين والمربين،وضوح الشمس في رابعة النهار إلا أننا كثيرا ما نسمع ونشاهد ونقرأ عن بعض إنحرافات الأبناء داخل المجتمع ، وهي ناتجة عن اساليب تربوية خاطئة ،بعضها صادر عن الامبالاة ، والتساهل والغفلة ،وبعضها صادر عن ممارسات تسلطية وعن غير ذلك من الأسباب
والخطورة أن هذه الإنحرافات تأتي في الوقت الذي تحتاج فيه الأمة إلى كل طاقاتها لتكون جيلا قويا ملتزما بتعاليم ربه ، وسنة نبيه ن مبدعا ، سخيا، قادرا على العطاء في كافة المجالات ،يعيد للأمة المجد ويواجه تعقيدات العصر وتحدياته المختلفة بكل حكمة وقوة ودراية .
ولقد وضع لنا رسول الله الكريم قاعدة أساسية مفادها أن الإبن يشب على دين والديه وهما المؤثران القويان عليه ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "" ما من مولود يولد إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه""

وذكر بن القيم رحمه الله أن أهل العلم قالوا "" إن الله سبحانه وتعالى يسأل الولد عن والده فمن أهل تعليم ولده ما ينفعه فقد أساء غاية الإساءة ..
لذا أيتها الأم أيها الأب طفلكما صفحة بيضاء يمكن أن تنقشا عليها ما تشاءان
ففطرته محايدة لم تتنتبش بصورة كما يقول إبن مسكويه في ""تهذيب الأخلاق "" عن نفوس الأطفال في مرحلة المهد إنها ساذجة لم تنتبش بصورة وكما ردد ""جون لوك بعد 13 قرنا من الزمن بإن عقل الطفل
صفحة بيضاء تنقشه الخبرة والتعلم"
ولأن الطفولة مرحلة نمو من أخطر مراحل حياة الإنسان وأكبرها أثرا في النفس لكونها مرحلة البناء الفعلي للشخصية ، ومن هذاالمنطلق فهذه 5 مهارات لتعديل سلوك الطفل وفق فكر ومنهج الخطاب الاسلامي الذي إنتهجه سلفنا الصالح في أولادهم لنعد مشروع الرجل والقائد وهذا ليس بالغريب عن إسلامنا
المهارة الأولى

1- مهارة التعريض

يعد اسلوب التعريض من الأساليب التربوية المهمة لتغيير السلوك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"" ما بال أقوام قالو كذا وكذا ولكن أصلي وأنام ، وأصوم وأفطر ، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ""
من فوائد هذه المهارة
1- يحفظ شخصية الطفل عند غخوانه وأصحابه وجيرانه ، فلا يقل شأنه ومرتبته بينهم وهذه فائدة تربوية تفيد عدم إصابة الطفل بالإحباط الذي تترتب علي أمراض نفسية قد تكون معقدة
2-يزيد من روابط المحبة والثقة بين الوالدين والطفل يحس بالطمأنينة إذا عالج والداه الخطأ دون أن يذكراه أمام الناس أو إخوانه أو أصدقاءه ، مما يؤدي إلى إستعداده النفسي والفكري لتصحيح خطئه .
3- يعد ل سلوكات سلبية موجودة في أطفال آخرين ربما يكون أصدقاء الطفل المقصود فمثلا عندما تقول الأم مابال الأطفال يغتابون الجيران فلعل هناك أطفالا آخرين من إخوته أو أصحابه واقعين في الغيبة من غير الذين تقدهم فينتبه هؤلاء وكذلك المقصودون إلى خطئهم فيعالجونه ، يعرضون عن سلوك غير مرغوب فيه
ولهذا فهي مهارة تعطي الفرصة للطفل ليراجع سلوكه ويصحح خطأه


المهارة الثانية

2- مهارة التوجيه المباشر


هاهو القدوة العظمى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يستخدم مهارة التوجيه المباشر لتغيير السلوك غير المرغوب فيه عند الولد
عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهماقال:
""كنت غلاما في حجر الرسول صلى الله عليه وسلم أي تحت رعايته ، وكانت يدي تطيش في الصحفة أي تتحرك هنا وهناك في إناء الطعام فقال لي رسول الله صلى الله عله وسلم :
"" يا غلام سم الله ، وكل بيمينك وكل مما يليك""
ومن خلال هذا الحديث نوصي الأم عند تصحيح الخطأ بما يلي


جالسي طفلك وحاوريه إذا أردت أن يتقبل النصيحة
فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يجالس الصغار ويأكل معهم وهذا يدل على قوة الإمتزاج بين الصغير والكبير فيستطيع أن يفتح الحوار والنقاش ويصحح أخطاءه ولهذا ما أحرى أن تجلس الأم وكذا الأب مع أولادهما أثناء الطعام حتى يشعر الأبناء بأهمية الوالدين فيتقبلو ا كل ما يمليانه من توجهات سلوكية وإيمانية وتربوية.

يجب تصحيح الخطأ مباشرة وأثناء إستمراريته
قبل أن يتحول إلى عادة مكتسبة عند ئذ من الصعب معالجته، لهذا نلاحظ أن رسولنا الكريم بدأ بمباشرة علاج الخطأ أثناء إستمراريته ، وهذه لفتة تربوية يجب أن تستفيد منها الأم.

إبدئي كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم

بمخاطبة الولد بصيغة محببة إلى نفسه فيكون ذالك أدعى لإنتباهه وإستجابته للنصيحة " يا غلام"
للاسف الشيد يخطئ الكثير من الآباءوالأمهات في وقتنا الحاضر عندما يرون سلوكا غير سوي من أولادهم فإنهم يغضبون أشد الغضب وينادونهم بإقبح الأسماء وهذ بلا شك يؤدي إلى نفور الأبناءمن تقبل النصائح





عالجي المشكلة من أساسها كما عالجها الرسول الكريم
طيشان يد الولد عمر الصغير بالإناء حيث جعل التصحيح منذ البداية الأولى ، وهي الجلوس للأكل ، بل قال يا غلام سم الله : وكل بيمينك وكل مما يليك "" على الأمهات والآباءأن يعالجوا المشكلة من جذورها ، فليس هناك فائدة في أخذ السجائر من يد الولد أو حرمانه من مصروفه حتى لا يشتريها طالما هو مستمر مع أصدقاءه الذين تعلم منهم التدخين ، ولن يلاحظ الوالدان إستجابته إلا إذا قضوا على أساس المشكلة ومنعوه من مصاحبة أصدقاءه السيئين .

إستخدمي الترتيب الموضوعي والعلمي

عند العلاج كما إستخدمه عليه السلاة والسلام "" يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك "" لكون الترتيب الصحيح في حل المشكلة يساعد على الإتقان الصحيح لتصحيح الخطأ
أولا: التسمية
ثانيا: الأكل باليمين
ثالثا: الأكل مما يلي

هيئي طفلك نفسيا وفكريا لتلقي ما يوجه إليه

فهاهو رسول الله عليه الصلاة والسلام ، هيأ الغلام وربط قلبه بخالقه عند إبتداء الأكل فقال "" يا غلام سم الله "وهذا توجيه فكر لفكر الصغار لحب الله وإشعارهم بأنه هو الذي رزقهم الطعام ولولا رزقه لهلكنا من الجوع والعطش ، وهكذا يزداد حب الأطفال لله تبارك وتعالى وعندما يحبونه يكون لديهم الإستعداد النفسي والفكري لتلقي ما يأمر به الله سبحانه وتعالى.




المهـــــــــــــــارة الثالثة



3- مهـــــــارة التوبيـــــــــخ



يعتبر التوبيخ من المهارات التربوية المهمة لتعديل السلوك لو أستخدم

استخداما صحيحا مناسبا .




مثال ذلك : سامي طفل في العاشرة من عمره وسكب كوبا من الحليب دون أن يقصد وهو جالس مع والديه حول مائدة الإفطار
فصرخت الأم في وجهه قائلة : أعتقد أنك في سن تجعلك تعرف كيف تمسك بالكأس، كم مرة قلت لك أن تأخذ حذرك لكنك كالعادة لكنك لا تسمع الكلام، ثم علق الأب غاضبا : لن يفعل لأنه غبي وسيبقى غبيا طول حياته.
لقد سكب سامي قليلا من الحليب ،لكن هجوم والديه غير المتعمد كان قاسيا على شخصيته : فسبب له ألما نفسيا سيظل أثره يفعل فعلته في نفسه زمنا طويلا ، وقد يفقد الكثير من ثقته بنفسه كم أنه لن يجعله راغبا في تحسين سلوكه وكان من المفروض أن يتعامل هاذين الوالدين مع طفلهما بأن يوجها لومهما للتصرف الخاطئ الذي إرتكبه سامي لا لسامي نفسه


مثال آخر: عمر طفل يبلغ من العمر ثماني سنوات سكب كوبا من الحليب على مائدة الإفطاردون أن يقصد.
علقت الأم : بهدوء بعد أن تعلمت أسلوب النقد البناء : لقد سكبت الحليب وعليك الآن تنظيف المائدة ونهضت لتأتي بإسفنجة مبلولة وأعطتها للابن قائلة :
خذ يا عمر الإسفنجة لتمسح الحليب الذي سكبته .
نظر عمر إلى والدته بحب لأنها لم عليه كعادتها وشعر بالأسف لعدم إنتباهه وعاهد نفسه بأن يكون أكثر حذرا في المستقبل وشكرها قائلا :
أنا آسف يأمي وأشكرك
ولم تقل له أمه:
كن أكثر حذرا في المرة القادمة مثلا ،لأنها لم تكن راغبة في إفساد إحساسه بالإمتنان الذي إرتسم واضحا على ملامحه ، تقول هذه الأم للخبير التربوي الذي أرشدها إلى هذه المهارة وهذا الأسلوب في التوبيخ والإنتقاد:
كنت من قبل أنفعل وأغضب على إبني ، ويفلت لساني بتعليقات جارحة تمس شخصيته وتظطرب أعصابي طوال النهار لقد تفاديت اليوم كل هذه المشاعر السلبية في نفسي وأصبحت علاقتي بإبني مريحة وهادئة، ووجدته راغبا في تحسين سلوكه.
لذا دعونا نركز على الفعل لا على الفاعل في الإنتقاد والتوبيخ.
تطبيقات للأمهات :




تطــــــــــبيق1:
أصر إبنك البالغ من العمر 5 سنوات على مشاهدة الرسوم المتحركة بعد السهرة ، كيف تعدلين هذاالسلوك باستعمال أسلوب التوبيخ.


تطـــــــــــــبيق 2:
تأخرت إبنتك البالغة من العمر10 سنوات مع زميلاتها خارج البيت ، كيف ترشدينها باستعمال نفس الأسلوب .المهـــارة الرابعــــة

مهارة المقــــــــاطعة

من المهارات والأساليب التربوية لمعالجة خطأ الطفل مقاطعة الأسرة له ، وهو نموذج عملي مارسه رسولنا عليه الصلاة والسلام :
""ذكر كعب بن مالك حين تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في تبــوك قال : نهى النبي صلى الله عليه وسلـــــــم عن كلامـــــنا ، وذكر خمسين ليلة ""رواه البخاري .

ولهذه المقاطعة فوائد لخصها التربويون فيما يلي :
تُشعر المخطئ بذنبه مباشرة عندما تقاطعه الأسرة ، والإحساس بالذنب يِؤدي به إلى تعديل سلوكه .

تُظهر أهمية الأسرة للفرد

ولا يشعر بها إلا من عايشها ، وقد ذكر كعب بن مالك هذه المقاطعة بالتفصيل ومما قاله " إن الأرض ضاقت علي بما رحبت "، وقد قال صلى الله عليه وسلم" الجماعة رحمة والفرقة عذاب "
تبين قوة الإلتزام وطاعة الأبناء لآبائهم

وهذه بيئة خاصة لأيجاد المقياس الحقيقي لقوة الإلتزام لدى الأسرة
تولد في نفوس أعضاء الأسرة نوعا من الخوف والإلتزام

بأن من يرتكب هذا الخطأ ، أو ما يماثله فإنه سيُقاطع مثلما قوطع هذا وذلك يِدي إلى بث خشية عند أفراد الأسرة أن يقعوا في مثل هذا الخطأ أو ما يماثلهوهذه تربية غير مباشرة لمعالجة الخطأ
المهارة الخامسة والأخيرة

5- مهارة العقاب المنطقي :

ويعني به علماء التربية اللجوء إلى معاقبة الطفل بسلوك آخر منطقي .
ففي بعض الأحيان يجد الأهل أن ترك الولد ليعاقب بفعل النتائج الطبيعية لسلوكه السيء ،قد يعرضه إلى مخاطر تلتحق به وبالتالي لا مفر من إستخدام العقاب المنطقي .
مثلا :لا يغامر الوالد بترك ابنه يقود دراجته في طريق لاحتمال تعرضه للدهس كعقوبة طبيعية لسلوكه هنا يتدخل الأب بعد التنبيه على مخاطر هذا السلوك فيمسك عنه دراجته لفترة من الزمن عقابا له على عدم طاعته لأمر أبيه .
وعندما يتم الأخذ بمبدأ النتيجة المنطقية للسلوك السيء فإنه من الأهمية بما كان تجنب نتيجة تكون شديدة الوقع أو تستمر لمدة طويلة مثالنا على ذلك نتيجة قيادة الطفل في الشارع هي حرمانه من استعمالها لمدة شهرين هذه العقوبة هي قاسية جدا بالنسبة لطفل عمره ثلاثة أعوام

وبهذا تمت المهارات الخمس الخاصة بتعديل سلوك الطفل أرجوا أن أكون قد وفقت في إعطاء لمحة عن معالجة بعض تصرفات الأطفال بطريقة عقلانية وسليمة