يحتفل العالم يوم 22 مارس الجارى باليوم العالمى للمياه 2014 تحت شعار "المياه والطاقة"، حيث يهدف إلى ترابط المياه والطاقة ترابطا وثيقا، فتوليد الطاقة ونقلها يتطلبان استخدام الموارد المائية وبخاصة مصادر الطاقة الكهرومائية والطاقة النووية والحرارية، وتستخدم 8 ٪ من الطاقة العالمية فى ضخ المياه ومعالجتها ونقلها إلى المستهلكين.

وفى عام 2014، أولت الأمم المتحدة اهتماما بالعلاقة بين المياه والطاقة ولاسيما عدم المساواة، وبخاصة فى ما يتصل ’’بالمليار الأفقر من الناس الذين يعيشون فى الأحياء الفقيرة والمناطق الريفية المعدمة، وممن لا يحصلون على مياه الشرب المأمونة، والصرف الصحى الملائم، والغذاء الكافى، وخدمات الطاقة.

ويهدف موضوع هذا العام إلى تسهيل تطوير السياسات والأطر الشاملة - التى تربط بين الوزارات والقطاعات - لتمهيد الطريق للوصول إلى أمن الطاقة واستخدام المياه استخداما مستداما فى الاقتصاد الأخضر، كما سيولى اهتماما خاصا لتحديد أفضل الممارسات التى باستطاعتها جعل الصناعة الخضراء الموفرة للمياه والطاقة جزءا من واقعنا.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت فى ديسمبر عام 1992، اعتبار يوم 22 مارس من كل عام بوصفه اليوم الدولى للمياه، وذلك للاحتفال به ابتداء من عام 1993، وفقا لتوصيات مؤتمر الأمم المتحدة المعنى بالبيئة والتنمية بوصفها وسيلة لجذب الانتباه إلى أهمية المياه العذبة والدعوة إلى الإدارة المستدامة لموارد المياه العذبة.

وأشارت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو بمناسبة هذا اليوم إلى أن المياه أمر أساسى فى الحياة، وهو القاسم المشترك بين جميع تحديات التنمية المستدامة فنحن بحاجة إلى الماء لإنتاج الغذاء والطاقة كما أن تحسين فرص الحصول على المياه العذبة قد تمكن الملايين من الفتيات للذهاب إلى المدرسة بدلا من المشى كيلومترات لجلب المياه، بالإضافة إلى تحسين صحة الأمهات والحد من وفيات الأطفال والحفاظ على البيئة .

وقالت "إننا بحاجة إلى فهم أفضل للتفاعلات المعقدة بين الموارد التى تكون مترابطة بشكل وثيق، مثل المياه والغذاء والطاقة، وعلينا أن نعترف أنه من المستحيل لإدارة هذه الموارد على نحو مستدام إذا كنا نعاملهم فى عزلة، حيث إن إنتاج الطاقة له آثار على كمية ونوعية المياه المتاحة، وأن اختيار قطاع واحد من هذه الموارد يكون له انعكاسات على الآخر للأفضل أو للأسوأ .

وأضافت بوكوفا أن تقرير تنمية المياه فى العالم الذى سيصدر فى الاحتفال باليوم العالمى للمياه يؤكد على سبيل المثال، أن الناس الذين يفتقرون إلى الكهرباء وأولئك الذين يفتقرون إلى الماء يصل إلى 4 مليارات شخص حول العالم وهذا ليس مجرد صدفة، بل مطلوب المياه لإنتاج الطاقة، والطاقة مطلوبة لتعقيم ونقل المياه، وكلاهما ضرورى لرفاهية الإنسان والتنمية المستدامة. حيث أن الاستدامة تعتمد على قدرتنا على فهم كل هذه الاتصالات وتطوير سياسات أكثر ذات الصلة التى تتخذ نهجا متكاملا لموارد مترابطة .

وأوضحت أن التحدى الأكبر هو ارتفاع الطلب على المياه والطاقة وخاصة فى الاقتصادات الناشئة، حيث الزراعة والصناعة والمدن التى تتطور بوتيرة هائلة، ويجب علينا أن نجد السبل لضمان الحصول على نوعية وكمية المياه والطاقة الكافية بطريقة مستدامة، كما أن الاستدامة تتطلب تحسين التعاون بين جميع الجهات المعنية بالمياه من صناع القرار والعلماء والشركات من القطاعين العام والخاص، الذى كثيرا ما تتجاهل بعضها البعض بينما فى الواقع أنها تعتمد على بعضها البعض .

وأكدت بوكوفا أن السنة الدولية للتعاون فى مجال المياه عام 2013 وضعت المعالم الهامة لمبادرة يان الياسون نائب الأمين العام للأمم المتحدة والتى تدعو إلى توفير المرافق الصحية، تحسين إدارة النفايات البشرية ومياه الصرف الصحى لما له من عواقب مدمرة وبخاصة على الأطفال، ومفتاح حل هذه المشكلة هو توافر الطاقة وخاصة أن المياه تكفى جميع العالم، ولكن ما زلنا نفتقر إلى أفضل الأحكام والشجاعة الجماعية لصياغة حلول توافقية عادلة، تكون مبنية على نتائج البحوث والبيانات الموثوقة .

ونوهت بوكوفا بأن المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة ( اليونسكو) ستواصل تخصيص الموارد لهذه القضية، ولا سيما من خلال البرنامج الهيدرولوجى الدولى الموجود لدينا، ومعهد التعليم فى مجال المياه فى دلفت، كما أن لدينا مراكز متخصصة فى الماء، وإجراء البحوث والبيانات من البرنامج العالمى لتقييم المياه وهى كلها طرق لبناء القدرات وتبادل الممارسات الجيدة، ونحن نعمل معا لدمج أفضل الطرق الايجابية بين المياه والصرف الصحى والعلاقة بين المياه والطاقة لتحقيق التنمية المستدامة .

ويشير تقرير الأمم المتحدة الجديد عن تنمية الموارد المائية فى العالم إلى أن الموارد المائية تتعرض لضغوط متزايدة على الصعيد العالمى بسبب الارتفاع السريع فى الطلب وتغير المناخ فى الوقت الذى يزداد فيه الطلب على المياه فى شتى أنحاء العالم، ويرجح أن يحد تغير المناخ من مدى توافر المياه العذبة فى الكثير من المناطق وهذا ما يحذر منه التقرير الأحدث للأمم المتحدة عن تنمية الموارد المائية فى العالم الذى يتناول موضوع "إدارة المياه فى ظروف صعبة ومحفوفة بالمخاطر".

ويتوقع هذا التقرير أن تؤدى الضغوط المرتبطة بالمياه إلى تفاقم أوجه التفاوت الاقتصادى بين بعض البلدان، وكذلك بين عدد من القطاعات أو المناطق داخل البلدان، ومن المرجح أن يتحمل الفقراء جزءاً كبيراً من هذا العبء.

وقال التقرير إن الطلب على الموارد المائية يشهد ارتفاعاً هائلاً فى جميع القطاعات الرئيسية المستخدمة للمياه وهى الزراعة وإنتاج الطاقة وعمليات الإنتاج الصناعى والاستهلاك البشرى، كما يستلزم الإنتاج الزراعى والحيوانى قدراً كبيراً من المياه، وتستأثر الأنشطة الزراعية وحدها بنسبة 70% من مجموع الموارد المائية المستخدمة فى أنشطة البلديات وأنشطة قطاعى الزراعة والصناعة (بما فى ذلك قطاع الطاقة) مجتمعةً ويؤدى الطلب المتزايد على المنتجات الحيوانية بوجه خاص إلى ارتفاع الطلب على المياه.

ويتوقع أيضاً أن يزداد الطلب العالمى على المواد الغذائية بنسبة 70% بحلول عام 2050، . ويفيد التقرير بأن التحدى الرئيسى الذى يواجهه العالم اليوم لا يتمثل فى زيادة إنتاج المواد الغذائية بنسبة 70% فى غضون 40 سنة، بل يتمثل فى تمكين الناس من استهلاك نسبة إضافية من المواد الغذائية قدرها 70% وتشير أدق التقديرات المتوافرة إلى أن الاستهلاك العالمى للمياه فى مجال الزارعة (بما فى ذلك الزراعة البعلية والزراعة المعتمدة على الري) سيرتفع بنسبة تناهز 19% بحلول عام 2050، ولكن قد تكون هذه النسبة أعلى من ذلك بكثير إذا تعذر تحسين غلة المحاصيل وفعالية الإنتاج الزراعى تحسيناً كبيراً.

وستسجل نسبة كبيرة من الزيادة المتوقعة فى أنشطة الرى فى المناطق التى تعانى أساساً من ندرة المياه، ويتضح بذلك أن الإدارة المسئولة للمياه المستخدمة فى الزراعة من شأنها أن تسهم إسهاماً كبيراً فى ضمان الأمن المائى على الصعيد العالمى فى المستقبل.

وتستخدم المياه فى جميع عمليات إنتاج الطاقة والكهرباء (بصرف النظر عن المصدر)، ومنها استخراج المواد الخام، والتبريد فى العمليات التى تستخدم الطاقة الحرارية، وعمليات التنظيف للتخلص من الشوائب، وزراعة المحاصيل لإنتاج الوقود البيولوجى، وتشغيل التربينات لتوليد الكهرباء بقوة المياه. ويوجد فى العالم اليوم أكثر من مليار شخص يفتقرون إلى الكهرباء وغيرها من مصادر الطاقةالنظيفة.

ومن المتوقع أن يرتفع الاستهلاك العالمى للطاقة بنسبة تناهز 50% بحلول عام 2035 نتيجةً للنمو السكانى وازدياد الأنشطة الاقتصادية، مع الإشارة إلى أن نسبة 84% من هذا الارتفاع ستسجل فى البلدان غير التابعة لمنظمة التعاون والتنمية فى الميدان الاقتصاد، وتشكل الموارد المائية جزءاً لا يتجزأ من الكثير من العمليات الصناعية، وسيؤدى ازدياد الأنشطة الاقتصادية إلى ارتفاع الطلب على المياه للاستخدامات الصناعية. ويدل مصطلح "المياه الافتراضية أو ما يسمى "المياه الخفية" على كمية المياه المستخدمة لإنتاج سلعة أو تقديم خدمة معينة، وبالتالى، فإن المليارات من أطنان المواد الغذائية وغيرها من المنتجات التى يتم تبادلها عالمياً تجعل البلدان تسهم عن غير قصد فى الاتجار بالموارد المائية.

وفيما يخص الاستهلاك البشرى، يتمثل المصدر الرئيسى للطلب على المياه فى سكان المناطق الحضرية الذين يحتاجون إلى المياه للشرب ولأغراض الصرف الصحى والتصريف، ويتوقع أن يرتفع عدد سكان المناطق الحضرية فى العالم إلى 6,3 مليار نسمة فى عام 2050، مقابل 3,4 مليار فى عام 2009. ويمثل هذا العدد النمو السكانى وصافى الهجرة من الريف إلى المدن على حد سواء، ويفتقر اليوم عدد هائل من سكان المناطق الحضرية إلى الموارد المائية.

و تفيد التقديرات بأن عدد سكان المدن الذين يفتقرون إلى المياه الصالحة للاستعمال وخدمات الصرف الصحى الملائمة قد ارتفع بما يقارب 20 % منذ تاريخ اعتماد الأهداف الإنمائية للألفية ولا يزال ما يقارب من مليار شخص لا ينتفعون بمصادر محسنة لمياه الشرب، كما أن عدد سكان المدن الذين يفتقرون إلى مياه الصنابير قد ارتفع بالمقارنة مع ما كان عليه فى نهاية التسعينات، وإضافةً إلى ذلك، يفتقر 1.4 مليار شخص إلى الكهرباء فى منازلهم ويعانى ما يناهز من مليار نسمة من سوء التغذية. ووصل عدد الأشخاص غير المنتفعين بمرافق ملائمة للصرف الصحى فى العالم إلى 2.6 مليار نسمة فى عام 2010 .

يشار إلى أن 64% من الأشخاص الذين انتفعوا بمرافق ملائمة للصرف الصحى بين عام 1990 وعام 2008، والبالغ عددهم 1.3 مليار نسمة تقريباً يعيشون فى المناطق الحضرية. ومع أن وضع هذه المناطق أفضل من وضع المناطق الريفية من حيث الإمدادات المائية فإنها تعانى لتلبية احتياجات العدد المتزايد من السكان المقيمين فيها، وعلى الرغم من التقدم الذى أحرزه عدد من البلدان والمناطق فى تحقيق بعض الأهداف الإنمائية للألفية المتعلقة بالمياه، فلا يزال ثمة الكثير مما ينبغى فعله ولا سيما فيما يتعلق بتلبية الاحتياجات الخاصة للنساء والأطفال الذين يمثلون أكثر أفراد المجتمع ضعفاً .

وذكر التقرير أنه من المتوقع أن يؤدى تغير المناخ العالمى إلى تفاقم الضغوط الراهنة والمقبلة على الموارد المائية بسبب النمو السكانى واستخدام الأراضى وإلى ازدياد تواتر حالات الجفاف والفيضانات وشدتها وأن يؤثر تغير المناخ على مدى توافر الموارد المائية نتيجةً للتغيرات المرتقبة فى توزيع مياه الأمطار، ورطوبة التربة، وذوبان المثلجات والجليد والثلج، وتدفق الأنهار والمياه الجوفية.

وتمثل الأخطار المتصلة بالمياه 90 % من مجموع الأخطار الطبيعية ويسجل ارتفاع فى تواتر هذه الأخطار وشدتها بوجه عام، وهو أمر تترتب عليه عواقب وخيمة بالنسبة إلى التنمية الاقتصادية.

يشار إلى أن حجم الأضرار الناجمة عن الكوارث الطبيعية التى ضربت عدداً من البلدان النامية بين عام 1990 وعام 2000 بلغ ما يتراوح بين 2 و15% من الناتج المحلى الإجمالى السنوى لهذه البلدان، فعلى سبيل المثال، يرجح أن تصبح منطقتا جنوب آسيا وأفريقيا الجنوبية أكثر المناطق تأثراً بالنقص فى المواد الغذائية الناجم عن تغير المناخ بحلول عام 2030.

ومن المتوقع أن تزداد الضغوط على الموارد المائية فى أوروبا الوسطى والجنوبية وأن يرتفع عدد الأشخاص المتأثرين بهذه المشكلة من 28 إلى 44 مليونا بحلول عام 2070، ويرجح أن يتراجع معدل تدفق المياه فى فصل الصيف بنسبة تصل إلى 80 % فى أوروبا الجنوبية وبعض أجزاء أوروبا الوسطى والشرقية، وقد تتراوح التكاليف اللازمة للتكيف مع الآثار الناجمة عن ارتفاع متوسط درجة الحرارة على سطح الأرض بدرجتين مئويتين بين 70 و100 مليار دولار سنوياً بين عام 2020 وعام 2050.

وتعتبر المستوطنات الحضرية السبب الرئيسى لتلوث المياه المتأتى من مصدر ثابت، وتمثل التكاليف الاقتصادية المرتبطة بتردى نوعية المياه فى عدد من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نسبة تتراوح بين 0,5 و2,5% من الناتج المحلى الإجمالى لهذه البلدان.