"النقد البناء"



كل شخص منا لديه وجهات نظر, آراء, أفكار, وقناعات شخصية يتبناها يؤمن بها تبعاً لنظرته الخاصة التى تختلف فى الواقع عن نظرة الآخرين,أسهل شىء توجيه النقد, إظهار الأخطاء والسلبيات, بينما أصعب شىء أن نجد من ينقد بصورة إيجابية, فالنقد البناء عملة نادرة يحتاجه الكثير, ولا يجيده إلا القليل.

ليس من الحكمة أن ننتقد كل شىء دون وجود مبرر منطقى, أو نبدى رأياً ومشورة دون أن يطلب منا, فالنقد سلاح ذو حدين, لذا كثير من الناس يتجنبون توجيه النقد للآخرين, خوفاً من أن يتسبب فى إحراجهم, وإذا سُئلوا عن رأيهم يتبعون سياسة اللف والدوران, حتى لا يقولوا رأياً قد يؤذى مشاعر الآخرين, إلى جانب أن النقد يرتبط بمدى العلاقة التى تربط الناقد والمنتقد, البعض يتقبله بصدر رحب, يثق أن الغرض منه مصلحته, بينما البعض الآخر يرفضه, بل ويعتبره تدخلاً وتجريحاً يُسىء إليه, فإن كان الشخص لا يقبل النقد من الأفضل عدم انتقاده.

النقد البناء يجب أن يقوم على قدر كبير من الاحترام, التواضع, اللباقة والذكاء الاجتماعى, يتسم بأقل قدر من المشاعر السلبية وأكبر قدر من المشاعر الإيجابية, أن يكون واضحاً ومحدداً, إظهار التعاطف مع الشخص, ذكر مميزاته الأخرى حتى لا يؤدى لإحباطه, مهم جداً التركيز على السلوك الخاطئ وليس على الشخص نفسه, عدم توجيه النقد بصورة علنية, فمن الذكاء ألا تظهر بمظهر الناقد دائماً وإلا ستفقد مصداقيتك, تجنب إظهار أنك أكثر معرفة أو نفوذاً أو سلطة, توقع رد فعل الشخص الذى توجه له النقد, وماذا ستفعل بعد توجيه النقد لتحتفظ بعلاقتك القوية الطيبة مع من توجهه له.

النقد الإيجابى ليس مقصوداً به المدح والمجاملة, بل ذكر السلبيات والإيجابيات بطريقة تدفع الإنسان إلى الأفضل, مراعاة اللباقة, الذكاء, حسن اختيار الكلمات, الأسلوب غير المباشر, إعطاء رأى إيجابى, صادق, مقنع, مراعاة مشاعر من أوجه إليه النقد دون تجريح أو تقليل من شأنه.

كى يكون النقد بناء, لابد أن نضع فى اعتبارنا أن الغرض هو مساعدة الآخرين ولفت نظرهم إلى أخطائهم وليس إظهارهم بأنهم على خطأ, احتمال أن يكون من يوجه النقد على خطأ ومن ينقده على صواب, وأن ننتقى كلماتنا, أن يكون لدينا قدر كبير من التواضع واحترام الآخرين, نضع أهداف من وراء النقد, نحرص ألا نشعر من ننتقده باليأس والأحباط, بل يكون الهدف دفعه لتحسين سلوكه كى يًغيره, يطوره ويرتقى به.