ﻓﻲ ﺣﺠﺮﺓ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻓﻮﻕ ﺳﻄﺢ ﺃﺣﺪ
ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻝ... ﻋﺎﺷﺖ ﺍﻷﺭﻣﻠﺔ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮﺓ ﻣﻊ
ﻃﻔﻠﻬﺎ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﺣﻴﺎﺓ ﻣﺘﻮﺍﺿﻌﺔ ،ﻓﻲ
ﻇﺮﻭﻑ ﺻﻌﺒﺔ ... . .
ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻤﻴﺰ
ﺑﻨﻌﻤﺔ ﺍﻟﺮﺿﺎ
ﻭ ﺗﻤﻠﻚ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻛﻨﺰ ﻻ ﻳﻔﻨﻰ،
ﻟﻜﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺰﻋﺞ ﺍﻷﻡ ﻫﻮ ﺳﻘﻮﻁ
ﺍﻷﻣﻄﺎﺭ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ!!!...
ﻓﺎﻟﻐﺮﻓﺔ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺟﺪﺭﺍﻥ , ﻭ ﺑﻬﺎ
ﺑﺎﺏ ﺧﺸﺒﻲ , ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺳﻘﻒ . . !
ﻭ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺃﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﺍﺕ
ﻣﻨﺬ ﻭﻻﺩﺗﻪ...
ﻟﻢ ﺗﺘﻌﺮﺽ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺇﻻ ﻟﺰﺧﺎﺕ
ﻗﻠﻴﻠﺔ
ﻭ ﺿﻌﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻄﺮ ,
ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﺗﺠﻤﻌﺖ ﺍﻟﻐﻴﻮﻡ ﻭ ﺍﻣﺘﻸﺕ
ﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎﻟﺴﺤﺐ ﺍﻟﺪﺍﻛﻨﺔ . . . . .
ﻭ ﻣﻊ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻫﻄﻞ ﺍﻟﻤﻄﺮ
ﺑﻐﺰﺍﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻛﻠﻬﺎ ،
ﻓﺎﺣﺘﻤﻰ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺯﻟﻬﻢ ،
ﺃﻣﺎ ﺍﻷﺭﻣﻠﺔ ﻭ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻓﻜﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ
ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻣﻮﻗﻒ ﻋﺼﻴﺐ !! !
ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻪ ﻧﻈﺮﺓ ﺣﺎﺋﺮﺓ ﻭ
ﺍﻧﺪﺱّ ﻓﻲ ﺃﺣﻀﺎﻧﻬﺎ ،،
ﻟﻜﻦ ﺟﺴﺪ ﺍﻷﻡ ﻣﻊ ﺛﻴﺎﺑﻬﺎ ﻛﺎﻥ ﻏﺎﺭﻗًﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﺒﻠﻞ . .
ﺃﺳﺮﻋﺖ ﺍﻷﻡ ﺇﻟﻰ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﻓﺨﻠﻌﺘﻪ ﻭ
ﺃﺳﻨﺪﺗﻪ ﻣﺎﺋﻼً ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ ﺟﺪﺭﺍﻥ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ،
ﻭﺧﺒﺄﺕ ﻃﻔﻠﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺴﻨﺪ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺠﺪﺍﺭ ﻟﺘﺤﺠﺐ ﻋﻨﻪ ﺳﻴﻞ ﺍﻟﻤﻄﺮ
ﺍﻟﻤﻨﻬﻤﺮ....
ﻓﻨﻈﺮ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻪ ﻓﻲ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺑﺮﻳﺌﺔ
ﻭ ﻗﺪ ﻋﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻪ ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺍﻟﺮﺿﺎ...
ﻭ ﻗﺎﻝ ﻷﻣﻪ":ﻣﺎﺫﺍ ﻳﺎ ﺗﺮﻯ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺑﺎﺏ ﺣﻴﻦ
ﻳﺴﻘﻂ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻤﻄﺮ ؟" !!
ﻟﻘﺪ ﺃﺣﺲ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺃﻧﻪ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﻃﺒﻘﺔ ﺍﻷﺛﺮﻳﺎﺀ . .
ﻓﻔﻲ ﺑﻴﺘﻬﻢ ﺑﺎﺏ !!!!!!
ﻣﺎ ﺃﺟﻤﻞ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﺑﺎﻟﺤﺎﻝ . . .ﻭ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﺀ
ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ ،،
ﺇﻧﻪ ﻣﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭ ﻫﺪﻭﺀ ﺍﻟﺒﺎﻝ
ﻭﻭﻗﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻤﺮﺍﺭﺓ ﻭ ﺍﻟﺘﻤﺮﺩ ﻭ
ﺍﻟﺤﻘﺪ ،
"ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺭﺿﺎﻙ ﻭ ﺍﻟﺠﻨﺔ.. ﻭ ﻧﻌﻮﺫ
ﺑﻚ ﻣﻦ ﺳﺨﻄﻚ ﻭ ﺍﻟﻨﺎﺭ ” ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺁﻣﻴﻦ...
ﻣﺎﺫﺍ ﻟﻮ ﺃﻥ ﺃﺣﺪﻧﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﻫﺬﻩ
ﺍﻷﻡ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮﺓ ﺍﻟﺸﺎﻛﺮﺓ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﺓ
ﻭﺍﻟﻤﺤﺘﺴﺒﺔ ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﺑﻦ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ
ﺍﻟﺸﺎﻛﺮ ،،
ﻓﻼ ﻳﺴﻌﻨﺎ ﺇﻻّ ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﻟﻚ ﻳﺎﺭﺏ ﺑﻤﻞﺀ
ﺃﻓﻮﺍﻫﻨﺎ ﻟﻚ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻭ ﻟﻚ ﺍﻟﺸﻜﺮ،ﻻ ﻧﺤﺼﻲ
ﺛﻨﺎﺀﺍ ﻋﻠﻴﻚ،ﺃﻧﺖ ﻛﻤﺎ ﺃﺛﻨﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ ،
ﺃﻛﺮﻣﺘﻨﺎ ﺑﻨﻌﻢ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻻﺗﻌﺪ ﻭﻻ ﺗﺤﺼﻰ ،
ﻭﻟﻢ ﻧﻘﻢ ﺑﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﺤﻤﺪ، ﻭﻻ ﺑﻮﺍﺟﺐ
ﺍﻟﺸﻜﺮ ،ﺣﻘﺎ ﺃﺳﺮﻓﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ
ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻭﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻭﻟﻢ ﻧﺴﺘﻐﻔﺮﻙ ﻭﻟﻢ
ﻧﺘﻮﺏ ﺇﻟﻴﻚ ، ﻭﺟﺎﻫﺮﻧﺎ ﺑﻤﻌﺎﺻﻴﻨﺎ ﻟﻴﻞ ﻧﻬﺎﺭ
ﻭﻟﻢ ﻧﺨﺎﻑ ﻣﻦ ﺟﺒﺮﻭﺗﻚ ،ﻭﻋﻘﺎﺑﻚ ، ﻭﻻ
ﻣﻦ ﻧﺎﺭﻙ،
ﻓﻠﻨﻌﻠﻨﻬﺎ ﻳﺎ ﺇﺧﻮﺍﻧﻲ ،ﺗﻮﺑﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﻥ ،ﻣﻊ
ﺇﺻﺮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻻ ﻧﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻣﺮﺓ
ﺃﺧﺮﻯ ، ﻭﺃﻥ ﻧﻜﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻓﻰ ﻛﻞ
ﻭﻗﺖ ﻭﺣﻴﻦ ،، ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻊﻱﻧﻨﺎ ﻋﻠﻰ
ﺫﻟﻚ .
ﻻ ﺗﻨﺴﻮﻧﺎ ﻣﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺩﻋﺎﺋﻜﻢ.