معنى الأمل
قال الرسول صلى الله عليه وسلم ،لصحابته قصة رجل قتل تسعة وتسعين نفساً،وأراد أن يتوب إلى الله،تعالى،فسأل أحد العباد الزهاد، هل تجوز لي التوبة، فأجابه ذلك العابد،لا،فاغتاظ الرجل وقتله وأكمل به المائة، وبعد أن قتله زادت حيرته وندمه، فسأل عالـما صالحاً،هل لي من توبة،فقال له،نعم تجوز لك التوبة،ولكن عليك أن تترك القرية التي تقيم فيها لسوء أهلها وتذهب إلى قرية أخرى أهلها صالحون،لكي تعبد الله معهم،فخرج الرجل مهاجرًا من قريته إلى القرية الصالحة،عسى الله أن يتقبل توبته، لكنه مات في الطريق، ولم يصل إلى القرية الصالحة،فنزلت ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، واختلفوا فيما بينهم أيهم يأخذه،فأوحى الله إليهم أن يقيسوا المسافة التي مات عندها الرجل، فإن كان قريبًا إلى القرية الصالحة كتب في سجلات ملائكة الرحمة، وإلا فهو من نصيب ملائكة العذاب،ثم أوحى الله،سبحانه،إلى الأرض التي بينه وبين القرية الصالحة أن تقَاربي، وإلى الأخرى أن تَبَاعَدِي، فكان الرجل من نصيب ملائكة الرحمة، وقبل الله توبته،لأنه هاجر راجيًا رحمته سبحانه، وطامعًا في مغفرته ورحمته،القصة مأخوذة من حديث متفق عليه،
ما هو الأمل،الأمل هو انشراح النفس في وقت الضيق والأزمات، بحيث ينتظر المرء الفرج واليسر لما أصابه، والأمل يدفع الإنسان إلى إنجاز ما فشل فـيه من قبل، ولا يمل حتى ينجح في تحقيقه،

الأمل عند الأنبياء
،كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على هداية قومه، ولم ييأس يوماً من تحقيق ذلك وكان دائماً يدعو ربه أن يهديهم، ويشرح صدورهم للإسلام،وقد جاءه جبريل،عليه السلام،بعد رحلة الطائف الشاقة، وقال له،لقد بعثني ربي إليك لتأمرني بأمرك، إن شئتَ أطبقتُ عليهم الأخشبيْن (اسم جبلين)فقال صلى الله عليه وسلم(بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا)متفق عليه،وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم واثقًا في نصر الله له، وبدا ذلك واضحًا في رده على أبي بكر الصديق، أثناء وجودهما في الغار ومطاردة المشركين لهما، فقال له بكل ثقة وإيمان(لا تحزن إن الله معنا)التوبة،

أمل يعقوب عليه السلام،
ابتلى الله،سبحانه،نبيه يعقوب،عليه السلام، بفقد ولديه،فحزن عليهما حزنًا شديدًا حتى فقد بصره،لكن يعقوب، عليه السلام،ظل صابراً بقضاء الله، ولم ييأس من رجوع ولديه، وازداد أمله ورجاؤه في الله،سبحانه،أن يُعيدهما إليه،وطلب يعقوب ،عليه السلام،من أبنائه الآخرين أن يبحثوا عنهما دون يأس أو قنوط، لأن الأمل بيد الله، فقال لهم(يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)يوسف، وحقق الله أمل يعقوب ورجاءه،وردَّ عليه بصره وولديه،

أمل موسى عليه السلام
،ظهر الأمل والثقة في نصر الله بصورة جليَّة في موقف نبي الله موسى،عليه السلام،مع قومه، حين طاردهم فرعون وجنوده، فظنوا أن فرعون سيدركهم،وشعروا باليأس حينما وجدوا فرعون على مقربة منهم،وليس أمامهم سوى البحر، فقالوا لموسى(إنا لمدركون)الشعراء،فقال لهم نبي الله موسى،عليه السلام،في ثقة ويقين(قال كلا إن معي ربي سيهدين)الشعراء،فأمره الله،سبحانه،أن يضرب بعصاه البحر، فانشق نصفين،ومشى موسى وقومه،وعبروا البحر في أمان، ثم عاد البحر مرة أخرى كما كان، فغرق فرعون وجنوده، ونجا موسى ومن آمن معه،


أمل أيوب عليه السلام،
ابتلى الله،سبحانه،نبيه أيوب،عليه السلام،في نفسه وماله وولده إلا أنه لم يفقد أمله في أن يرفع الله الضر عنه، وكان دائم الدعاء لله،يقول تعالى(وأيوب إذ نادى ربه إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)الأنبياء،فلم يُخيب الله أمله، فحقق رجاءه، وشفاه الله وعافاه، وعوَّضه عما فقده،
الأمل والعمل، الأمل في الله ورجاء مغفرته يقترن دائماً بالعمل لا بالكسل والتمني، قال تعالى(فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا)الكهف،فلا يقول الإنسان،إن عندي أملا في الله، وأُحسن الظن بالله، ثم بعد ذلك نراه لا يؤدي ما عليه تجاه الله من فروض وأوامر، ولا ينتهي عما نهى الله عنه، والذي يفعل ذلك إنما هو مخادع يضحك على نفسه،روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال(حسن الظن من حسن العبادة)رواه أبوداود ،وأحمد،

فضل الأمل،
الأمل يدفع الإنسان دائمًا إلى العمل، ولولا الأمل لامتنع الإنسان عن مواصلة الحياة ومجابهة مصائبها وشدائدها، ولولاه لسيطر اليأس على قلبه، وأصبح يحرص على الموت، ولذلك قيل، اليأس سلم القبر، والأمل نور الحياة،وقيل،لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس،

وقال الشاعر،
لا خير في اليأس، كُلُّ الخير في الأمل أَصْلُ الشجـاعـةِ والإقدام ِفي الرَّجُـلِ والمسلم لا ييأس من رحمة الله، لأن الأمل في عفو الله هو الذي يدفع إلى التوبة واتباع صراط الله المستقيم، وقد حث الله،عز وجل،على ذلك، ونهى عن اليأس والقنوط من رحمته ومغفرته، فقال تعالى(قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم)الزمر، وإذا فعل المسلم ذنبًا فهو يسارع بالتوبة الصادقة إلى ربه، وكله أمل في عفو الله عنه وقَبُول توبته. والأمل طاقة يودعها الله في قلوب البشر،لتحثهم على تعمير الكون، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم(إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة (نخلة صغيرة)، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسَها فليْغرسْها)أحمد،

وقال حكيم،
لولا الأمل ما بنى بانٍ بنيانًا، ولا غرس غارس شجرًا. ولولا الأمل لما تحققت كل الإنجازات التي وصلت إليها البشرية، وذلك لأن المخترع لم يتمكن من تحقيق إنجازه من أول مرة في أغلب الأحيان، وإنما حاول تحقيقه مرة بعد مرة دون يأس أو ملل، ولذلك قيل،الأمل يُنَمِّي الطموح والإرادة، واليأس يقتلهما،
فليحرص المسلم على الأمل في كل جوانب حياته، ولْيتمسك به تمسكه بالحياة، ولا يستسلم لليأس والقنوط أبداً،
فالإنسان يصبر على ضيق العيش في الدنيا على أمل أن يفرج الله همومه، ويوسع عليه، ولولا ذلك لضاق الإنسان بمعيشته، يقول الله،سبحانه(ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)يوسف،


اللهم أجعـل شـمس الأمل تشـرق في قلب كل مهموم وحزين
وأجعلنا ممن قالوا،الحمد لله،دائماً على كل شيء
ربي إسعد قلوباً ضآقت فليس من يسعدهآ سوآك.