الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالانشغال العملي بموضوع المهدي ومبايعته كثيرا ما كان مدعاة إلى الزلل والخطأ، فأدعياء المهدية كثر في القديم والحديث، وقد ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء: عنحفص بن غياث أنه قال لسفيان الثوري : يا أبا عبدالله ! إن الناس قد أكثروا في المهدي، فما تقول فيه ؟ قال : إن مر على بابك . فلا تكن فيه في شيء حتى يجتمع الناس عليه.اهـ

فهذا هو المسلك الرشيد والفهم السديد في هذه المسألة، فإن من أعظم علامة المهدي: اجتماع الناس على مبايعته. وإذا كان كذلك فوجه السؤال عن إذن الوالدين لمبايعته عند ظهوره وجه ضعيف. وعلى افتراض ممانعة الوالدين لمبايعته فالنصوص الشرعية القاضية بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم وعدم الخروج عليها تحكم بحرمة طاعة الوالدين في هذه الحال، فإنه لا طاعة لأحد في مخالفة الشريعة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وصححه الألباني.

ويتأكد هذا إذا صح الأمر النبوي بخصوص مبايعة المهدي عند ظهوره، فعن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم، ثم ذكر شيئا لا أحفظه، فقال فإذا رأيتموه فبايعوه، ولو حبوا على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي. رواه ابن ماجه والحاكم وصححه على شرط الشيخين ولم يتعقبه الذهبي . والبزاروقال : اخترنا هذا الحديث لصحته وجلالة ثوبان وإسناده إسناد صحيح . وقال ابن كثير في النهاية : إسناده قوي صحيح اهـ . وقال البوصيري في مصباح الزجاجة : هذا إسناد صحيح رجاله ثقات اهـ. وقد سبق لنا بيان معنى البيعة المذكورة في

وختاما ننبه السائل الكريم على أنه لا يصح تفسير أحاديث الفتن وأشراط الساعة بالواقع والأشخاص دون بينة وبرهان . وننصح السائل الكريم أن يراجع كتاب الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم : المهدي وفقه أشراط الساعة. خاصة فصل : ظاهرة العبث بأشراط الساعة . فصل : ضوابط التعامل مع الفتن وأشراط الساعة .