لا يكفي أن تكون مديرا ذكيا حتى تكسب قلوب مرؤوسيك أو رؤسائك، أو تتفوق في العمل، بل لا بد أن تتحلى بما يسمى ب«الذكاء الوجداني» حتى تؤثر في الآخرين وتحسن التعامل معهم، وتحقق أهدافك.


أستاذ علم النفس بجامعة الكويت د. عثمان الخضر، الخبير في هذا النوع من الذكاء، قال في اتصال هاتفي أجريته معه إن «النجاح في الأداء الوظيفي وفي الحياة الخاصة والعامة للفرد يعتمد على ذكائه الوجداني بنسبة 80 في المائة بينما يعتمد على الذكاء العقلي (IQ) بنسبة 20 في المائة فقط». ويضيف د. الخضر صاحب الكتاب الشهير «الذكاء الوجداني» أن الذكاء الذي يقصده في كتابه هو ما يسمى عند البعض بالذكاء الاجتماعي، والانفعالي، والعاطفي، وذكاء المشاعر. ويقول إن الذكاء الوجداني أمر مهم في حياة الموظف، فهو يختلف عن الذكاء الفعلي المعروف، إذ الأخير يعني «مجموعة من القدرات العقلية التي تمكن الفرد من اكتساب المعرفة والتعلم وحل المشكلات». أما الذكاء الوجداني فهو «حسن إدراك لانفعالات الإنسان بدقة وتقييمها والتعبير عنها والقدرة على توليد الانفعالات المناسبة تجاهها». كما يعني أيضا «المقدرة على معرفة جوانب القوة والضعف في شخصيتنا وسلوكنا وطريقة تفكيرنا وقدرتنا على إدارة انفعالاتنا بصورة سليمة».

بمعنى آخر، يتمتع الذكي اجتماعيا أو وجدانيا بمهارات أساسية، منها أنه «يتحكم في ردود أفعاله ويحسن التعامل مع ضغوطات الحياة». وأشار د. الخضر إلى دراسة مهمة، أعدها أشهر المتخصصين في الذكاء الوجداني وهو د. دانيال غولمان، وأجريت على 181 وظيفة في 121 شركة بمختلف أنحاء العالم لقياس «المهارات المهمة للنجاح في العمل» وقسمت الدراسة المهارات إلى: معرفية، وفنية Technical، ومهارة وجدانية (إنسانية)، فتبين أن 76% من العوامل التي تعد مهمة للنجاح في العمل، هي مهارات وجدانية، أي أن أهميتها بلغت ضعفي المهارات العقلية والفنية. ويضيف د. الخضر، الذي حصل قبل أيام على جائزة الدولة التشجيعية عن بحثه «الكفاءات القيادية»، أن دراسة أخرى أجراها الباحث ريتشارد بوياتزس على ألفي مدير إدارة وسطى ومديرين تنفيذيين ومشرفين في عدة منظمات أظهرت أن هناك «16 قدرة يمكن أن تميز بين الأداء المتميز لهؤلاء، كان من بينها 14 هي مهارات وجدانية».
وذكر د. الخضر أن العديد من الدراسات وجدت أن «الأفراد مرتفعو الذكاء الوجداني أكثر نجاحا في حياتهم المهنية، وأعلى أداء وظيفيا وشعورا بضغوط العمل ويشعرون بدرجة أقل بالحاجة للأمن الوظيفي، ولديهم مهارات قيادية أعلى، كما لديهم مقدرة أعلى على تحقيق التوازن بين متطلبات البيت والعمل، وذلك قياسا بالأقل ذكاء وجدانيا»1، كما وجد أن الذكاء الوجداني ييسر عملية التغيير التنظيمي ويزيد من أداء فريق العمل والأداء الإداري»2.

فإذا كانت كل هذه المنفعة في الذكاء الوجداني، هل يمكن للفرد تعلمه ليحقق نجاحات في علاقاته وفي تحقيق أهدافه؟ يجيب د. الخضر قائلا إن «المهارات الوجدانية يمكن تطويرها، فهي مكتسبة أكثر من كونها وراثية، أما الذكاء العقلي فتتحكم فيه العوامل الوراثية بصورة أكبر. ولذلك يمكننا تطوير ذكائنا الوجداني (الاجتماعي) فينا وفي موظفينا وفي أبنائنا من خلال: حضور الدورات التدريبية، والجلسات الإرشادية، التي تساعد على اكتشاف الفرد لذاته ومن ثم يحسن مراقبة سلوكياته ومشاعره الداخلية بصورة عميقة. ودعا د. الخضر الشركات العربية إلى تطبيق اختبارات تقيم مستويات الذكاء المذكور لدى المتقدمين الجدد للوظيفة وللموظفين الحاليين على نحو دوري ليكونوا أكثر تفاعلا وتأثيرا في العمل.