مجتــــمع النفـــــايات



الشــاحنــة قــادمــة لتفــرغ محتــواهــا ،،،كــل العــالــم يستعـــد للإنقــضــاض
علــى المصــيدة ،،، العالــم كلّــه يعــرف مــوعــد قــدوم الشــاحنــة ،،، يعــرف ســائقهـا ،،،
لــونـهــا ،،، ولِمــا لا وهــذا العالــم بالــذات يقتـات مــن الــِزبــالـــة منـذ أعــوام ،،،كـــــل
التفــاصيــل الخـا صـة بالمفــرغــة العمــوميـة معــروفــة لــدى رُوادهــا ،،، حتـى ألآيـــام
التــي يكــون فيهــا الصيــد وفيــرا أو هــزيــلا معــروفــــة ،،،

المفــرغـة العموميــة تــوسعـت مسـاحتهــا ، أضحــت تتعــدى الهكتــاريـن ،،،
كــل شبــر منهــا عــرف ويعــرف قتــالا مريــرا بيــن كــل مــن الكــلاب والقــــطــط
الجــائعـــة ،،،

تقــف الشـاحنـة حيـث أرادت،،، تفــرغ حمــولتهـا ،،، كـومة أكيــاس سـوداء
تتنـاثــر هنــا وهنــاك ،،، تعـود مــن حيـث أتـت ،هــاربــة مــن المكــان وقــذارتـــه ،،،
مـــن الروائـــح الكــريهــة التي تنبـعــث ،،،و مــن الآدخـنــة السّـــامــة التي تفــــرزهــا
مختلـــف الحــرائــق المشتعلــــة هنــا وهنــاك بفعــل فاعــل ،،، لتعلــــن مــوعــد بدايــــة
الإقتتـــــال بيــن أهــالي المدينـــة ،،،

سكـان المدية كثيــرون ،،، كـلاب بجميـع ألآنـواع ،،، قطط مــن كـل الفئـات
والآحجــام ،،، الجميـع يحتكـم لقـانون الغــاب الســائـد في مجتمعهــم ،،، تتقــدم الكــلاب
لتنهــش ألآكيــاس خصــوصـا منهــا المــربوطــة وتفــرغ محتــواهــا ،،،بسـرعـة خـارقـة
للعـادة يتــم إخـراج محتـواهـا الـى العلــن ، والإنقـضاض علــى كـل ما جـادت بـه موائــد
الآغنيــاء ،،، القــطط المسكينـة منشغلــة بألإقـتـتـال فيمــا بينهــا علـى اللّآشــيء ،،،

قــد يطـول الوقــت المخصص للكلاب أو يقصـر ، فهــي تأكـل على راحتهـا،،،
مـن حيــن الـى آخــر تبـرز بعـض التكشيــرات عــن ألآنيـاب ولكنهـا لا تـدعـو الـى القلــق ،
ولا تحــدث إلاّ نـادرا ،،،فالمـائـدة معبـأة بمخـتـلف المأكــولات وتكــفي لجميـع النُـزلاء ،،،
عنـدمـا تمتـلئ البطـون وتجـاويـفهـا وتتـوقـف حاسـة الشّـم عـن أداء دورهـا ، يبــدأ الضيوف
فـي الإنسحاب تدريجيـا والإستلقـاء هنـا وهنـاك ، فاسحيـن بذلـك المجال للقـطط بالـتـقـدم،،،

تبــدأ مســرحيـة جــديـدة تشبـه الــى حــدّ كبيــر المسـرحيــة الفارطــة ،،،
الفــرق بينهمــا في حـدّة ألإقــتتـال مــن جهــة وفي كميـة الوجبـة ونوعيـتهـا مــن جهــة
أخــرى ،،، كلّمــا عُـثــر علــى فُتــات مـا ، إلاّ ويكثـــر المُــواء والشجـار ،،،قطــة رمــاديــة
تسيطــر على الوضـع ،،، هـي سمينــة وقـويـة البنيــة ،،، قطــة ســوداء نحيفـــــة تأخــــذ
نصيبهــا مــن الإفتــراس ،،، هـي مـتعبـة ومــرهـقــة { بالآمــس فـقــط فـقــدت صـغارهـــا
إثــر تسمّــم غــذائـيّ تعــرضـت لــه كـل العائلــة } ،،،

قطّــة بيضـاء هي ألآخــرى هزيلـة تقــف وجِلــة عــن بعــد ،،، تـنـتظــرأن
يخـلو لهـا الجـو ،،،القطـة الرّمـاديـة ومثـيـلاتـهـا يلتهمـنّ كـل شـيـئ ،،،يـتــرك المـائــدة
شبــه مقفــرة ،،،بعـدمـا صقلـوا العظـام صقـلا ،،، وتفنـنـوا في ألتــقـاط كـل الفضـلات
التي تركتـهـا الكــلاب ،،،تنـســحب هــذه الآخيــرة ليــأتــي دور كـل مــن القــطـتـيــن ،،،
المـائــدة مُسـحـت عــن آخــرهــا ،،، تقــدمتـا بحــذر نحــو المكــان ،،، لاأكـــل ولا حتّــــى
فُـتــات على الإطـلاق ،،،نظـرتـا الى بعضـهمـا البـعـض في حيـرة وقــلـق ،ثــم إنصرفتــا
بـبطــون خاويــة ،،،
عليهمـا آنتظـار الشـاحنـة القـادمة في الغـد ، إذا أرادتـا أن تـسـدّ رمقهمــا،،،