يخلق من الشبه (مليون) .!

يحيى باجنيد



أنا مثلك يا صاحبي ، تفتنني العبارة الجميلة .. منسوجة بمغزل روح تشف وترف..
كأنّ حروفها مغموسة في الطّيب ، يضوع أريجها اللطيف فيبهج النفس بسلاسته وخفته.!
هي الكلمة الحلوة (المدوْزنة) ، تعشقها العين والأُذن ، مسموعة أو مقروءة ..
أتذوقها .. وأجد حلاوتها على لساني ..
أعيد قراءتها مرة بعد أخرى فلا أمَلّ التكرار..
تسكنني فأستشعر خفق جوانحها، ونبض شرايينها ..
تعايشني، على الرحب والسعة .. محمولة على كفوف الراحة .. تسامرني في الصحو حتى تنام وترقص على أهداب جفونها الأحلام.!
تهشّ لها النفس وتبش ..
تنبسط وتتمدد مع حروفها ..
تتنقل بين رشاقة (الحركة) ودفء (السكون) فتتسع بحجم الكون .!
* * *
الكلمة الجميلة ليست حكرًاعلى الكاتب والشاعر والناشر ..
إنها الترجمة الفورية لإحساسك أنت باللحظة، تأتي لتعبر عنك ، على صورة إنسان هو أنت، تشبهني .. تشبهه .. تشبهها ، إلى الحد الذي يصح فيه أن يقال : (يخلق من الشّبه مليون) .!
يسكننا يا صاحبي (موسيقار)، لا علاقة له بالنوتة ..
إنه يلامس بحسِّه انسياب نهر الكلام على (المقام) ..
يبحر إليه ، ويعوم على عمومه ..
يمتزج به ويأخذ شكله ولونه :
" أنا ماني بطيرٍ صاده القنّاص بالتلويح
أنا طيرٍ على الغيمة يحوم ولونها لونه " .!
ومهما حلّق وجداننا في أجواء البوح ، فهو لا ينفصل عن عالم نحبه ..
يدور حول فلكه بأقماره ومجرّاته ..
ينجذب إليه ، موافقًا للحال في الميل والاعتدال .!
* * *
* آخر السطور :
" قصيدي إنْ كانْ ما بكّى
السَّحاب ولا استثار الشِّيحْ
يمين الله لا َطبِّعْ
بنات الفكر من دونه ..
أنا أعشق بكل احساس
لكن مستحيل آصيح
أنا لي هامةٍ عيّت
تطيع الذّل .. مجنونه " .!