تصدر عن دار "جداول" فى العاصمة اللبنانية بيروت، خلال الأسبوع المقبل، رواية "شمس الحصَّادين"، للروائى عبد الستار حتيتة، الذى أصدر من قبل ثلاث روايات ومجموعة قصصية. ومن المقرر أن تشارك الرواية الجديدة ضمن مطبوعات الدار فى معرض بيروت الدولى للكتاب فى شهر ديسمبر، وتدور أحداث الرواية حول انهيار سلطة إحدى القبائل بسبب العديد من المتغيرات الاقتصادية والثقافية من خلال الشخصية المحورية فى الرواية للشاب "سنوسى". وتغطى الأحداث الفترة الزمنية التى أعقبت انسحاب جيوش دول الحلفاء والمحور التى كانت تتقاتل فى الحرب العالمية الثانية فى صحراء مصر الغربية، وتأثير هذه الحرب على المجتمع المحلى ومن فيه من قبائل بدوية.

وقال الناشر عن الرواية إنها "رواية الأزمنة الصعبة والهوامش المعقدة، فبطلها "سنوسى" راعى الغنم الشاب لا يملك سوى بداهة العقل وفطرة الروح وعفوية مزماره البدائى لمواجهة عالم القبيلة الراسخ، بسطوته ومكائده وحروبه الصغيرة.

وأضاف أن الرواية تدور "فى فضاء شاسع على أطراف الصحراء الغربية المصرية، حيث لا تزال أشلاء الحرب العالمية الثانية تعتصر الأخضر واليابس.. فى هذه البقعة الخشنة المقفرة يطارد البطل حلمه، يعيشه على سجيته بقوة الحب وإرادة الأمل فى أن تبزغ شمس أخرى، أكثر عدلا ودفئا".
وأوضح أن الرواية "أحالت هذه المنطقة البكر إلى أيقونة سردية شيقة، وكشفت بأناقة اللغة والمخيلة عن مشهد حى يضيف لحياتنا متعة القراءة وطزاجة المعرفة".

الفصل العشرين من الرواية..
============================
20
فى هذا الوقت من الليل العاصف الخالى من القمر والنجوم، أخذته قدماه إلى الوادى مع أنه كان فى الحقيقة يتمنى أن تقوده إلى الشارع الأسفلتى شمالا، كما حدث فى هجَّته الأولى قبل أسبوعين.. بيد أن قدميه اعتادتا الانزلاق جنوبا بعيدا عن منحدر جنينة الزيتون ومقلب الشاحنات القديمة..
يهرب من الأنين ومن البيوت الصماء ومن كوة خصه.. يهرب من نجية التى كان يتمنى منها أن تتسلل وتأتى إلى الخص بالعشاء وبكلمات تطيب خاطره. هى رأت مع أمها كيف ضربه أبوها على وجهه. ما كان ينبغى عليها أن تلتزم الصمت. لكن ماذا عساها أن تفعل.. تهزه الريح.. تطير ثوبه يمنة ويسرة.. يشعر بغصة فى حلقه وانقباض يكاد يوقف قلبه.. يتذكر ما رآه من وجه أرملة عبد الباسط وقد أصبحت حليقة الرأس..
يهبط المنحدر تاركا وراءه الهضبة الراقدة التى يسفى عليها التراب سَفْياً.. ينظر من هناك.. ها هى أنوار المصابيح الكهربائية المعلقة فى الأعمدة المبعثرة فى الأرجاء لا يكاد شعاعها يضيء من كثرة الغبار والرماد والقش. ينزل إلى قعر الوادى.. ليس إلا السواد وخشخشة الأعشاب الناشفة بين القبور. يتوجه إلى مقره الأثير الذى نسى مزماره على رخامته. لكنه تبين من خلال الظلام شيئا يتحرك فوق القبر. ذكر اسم الله وتقدم نحوه وهو يسأله عما يفعل فى هذا الوقت من الليل:
- "انت من؟.. من انت؟.. انت عسكري؟.. إيش تدير هنا فى هالليل؟".
يظن أنه من الجنود المصريين الذين بنوا لهم معسكرات صغيرة من الحجارة فى الأشهر الأخيرة ناحية البحر. لكن شكل الجندى كان مختلفا.. له مظهر رجل واثق من نفسه يعرفه ويدرك حالة زعله وحزنه.. يجيبه:
- "يا سنوسى انت تدور على زمارتك.. هى هنا.. أنا لقيتها وقلت أنك جاى تاخذها.. انظر.. الليل ظلام مثل الكون.. الكون فى الحقيقة أسود، ولولا الشمس ما شاف الناس بعضهم. لكن أنت تشوفنى الحين مثل نور.. تعال.. أيش داروا معاك.. عبد الكافى ضربك، صحيح؟".
يتقدم ناحيته مبهورا، كأنه لم يره من قبل.. يتطلع لشواهد القبور التى كانت ظاهرة أمام عينيه كأن القمر ظهر فجأة فأضاء ما حوله.. تتراجع الريح ويختفى الغبار.. يحل بدلا منهما نسيم مشبع بعطور الأعشاب البرية. لا.. لم يكن ليل ولم يكن قمر. الوادى يعيش نهارا حالما تشع عليه أنوار هينة من فوق الوادى.. ينظر سنوسى ويقول إنه وقت كالفجر أو كالمساء، لأن الطيور كانت ترفرف وتصوصو حوله. يجلس بجوار بوهلر ويسأله:
- "انت تعرف اسمي؟".
فيرد الجندي:
- "أى والله يا سنوسى، نا صاحبك القديم بوهلر.. أى والله.. نا عارفك، من يوم ما بكيت فى الوادى بعد غياب نجية عن الرعى معاك لحد هالوقت.. كل كم يوم نتكلموا وانت تعزفلى على زمارتك.. الليلة انت تغيرت.. الليلة تجفل منى.. كيف تنظر لى كأنك ما تعرفنى وما تعرف اسمى ولا حكايتى.. فى كل مرة نقول لك نا مَنْ، وانت تقولى خللى زمايلك العساكر الموتى ما يثيروا التراب على القرية.. ونا، كيما هو الحال فى كل مرة، نقول لك إن هذا ما بيدى.. المشكلة كبيرة، وانت ما تشوف منها غير حكاية نجيّة.. وفى كل مرة نقولك اسمى، لكن تضحك على وتقول إنك ناسي".
ويقول سنوسى وهو يلتقط مزماره من فوق القبر ويجلس بجوار الجندى المقيد فى السلاسل:
- "أيش اسوى يا بوهلر يا خوى.. تعبت وما عاد نعرف إن كان هذا نهار ولا ليل.. وان كنت نا سنوسى ولا ما سنوسى.. تعبت والله يا خوى.. نا عارفك، لكنى لازم نسأل السؤال.. والحين نا نجاوب.. انت بوهلر.. قاعد هنا من بعد ما خلصت الحرب من يجى ثلاثين ولا أربعين سنة وانت تعرف بوى زيدان من أيام ما كان يدوْر على حصانه وراكم.. كان يخدعكم.. انت حكيت لى.. تعرف؟ والله حيركم!".
يختفى أهل الهضبة من رأس سنوسى.. يتطلع للقبور المصفوفة طولا وعرضا بين جنبات الوادى تحت ضوء القمر.. لا.. لم يكن ليل ولم يكن قمر.. نعم. الآن ينساب فَوَاح الأعشاب والطيور المزركشة تصوصو فوق نباتات العليق ورؤوس الأقحوان والورود الحمراء والبيضاء والبنفسجية.
فى كل مكان حول القبور الرخامية اللامعة المصفوفة كانت رائحة ذكية تملأ الأرجاء.. نسيم مشبع بعطر الشيح والريحان.. أينما يمد سنوسى بصره تتفتح أمامه الآفاق الزاهية المبهرجة، لدرجة أن الكلام مع بوهلر أصبح يمضى رخوا بين صديقين يعرفان بعضهما بعضا منذ بداية الزمان.. يعرف كل منهما ما يفكر فيه الآخر دون عناء.. ومع ذلك كان يحلو لهما إعادة الأسئلة نفسها والأجوبة المعتادة دون كلل ولا ملل.. يقول سنوسى وهو يمسح بكفه على رؤوس الورود الملونة النابتة جوار حافة القبر الذى يجلس فوقه مع صاحبه:
- "قل لى يا بوهلر يا خوى.. كيف عرفت بوى.. كيف كان.. قلت حيركم.. حيركم كيف؟".
فيجيبه بوهلر وهو يتفحص مزمار سنوسي:
- "انظر.. الارض اللى تراها حواليك.. أيش تسميها؟.. تسميها قعر الوادى. صح.. قول صح. والأرض اللى فوق الهضبة أيش تسميها؟ تسميها النجع أو القرية.. صح.. قول صح.. هذا الوادى وهذى الهضبة عليهم لعنة من قديم الزمان. الانجليز كانوا يعرفوا هذا من الكتب القديمة.. يقولوا هذى الصحرا كان فيها عفاريت من يوم نزول آدم للارض.. كانت هنا غابات وأنهار.. كان فيه حيوانات ضخمة وثعابين كبيرة وطويلة وعقارب صفرا وسودا مثل هذي".
يشير الجندى للثعالب والغزلان والفئران والزواحف الجالسة حولهما تستمع لما يقولان. ويضيف بوهلر:
- "لكن الواحدة منهم كانت من قبل فى حجم شجرة الزيتون واكبر منها.. يعنى الغزالة هذى كانت قد الفيل، لكن العالم تغير. الغابات مشت والأشجار والأنهار كلها مشت ورا البحر، عندنا، وبقت هنا الصحرا والعجاج والشياطين".
يدير بوهلر المزمار بين أصابعه الطويلة البيضاء التى تشبه أصابع الشمع.. أصابع ليس لها كف وليست مربوطة بذراع ولا بجسم محدد المعالم.. نور يشع من وجهه مثل نور مصباح الكيروسين.. وجه مثل زجاجة مصباح يغطيها السخام من أعلى ومن أسفل. لكنه سخام أقل من أى مرة سابقة.. واصل بوهلر حديثه:
- "أى نعم يا سنوسى.. أنا قلت هذا للهر فسترفيلة.. تعرف الهر فسترفيلة.. قلت له الانجليز يعرفوا أن الهضبة والوادى فيهم لعنة، وعشان هذى الحقيقة عسكر الإنجليز ناحية البحر.. ورا جناين الزيتون، وكثر عددهم.. ونحن عسكرنا فى أرض البلوزة.. ورا الوادى والهضبة.. ونقص عددنا.. المهم يا سنوسى، حين جا زيدان، بوك، عشان يشتغل فى المعسكر، ما اطمنت له، لكن الهر فسترفيلة ما سمع كلامي".
أعناق الورود تستطيل وتميل نحو رأسى الشابين الغارقين فى وهج من نور وهما يتناجيان فوق القبر، بينما تتجمع الفراشات والطيور حولهما، وهى تزاحم باقى الحيوانات، كأنها تستمع إلى ما يقولانه.
وعلى غير العادة اقتربت منهما الجرابيع أيضا رغم أنها تكون عادة مذعورة من الأغراب.. ينظر إليها سنوسى متعجبا وبمضى الوقت يزداد عددها.. تقف فى دائرة كبيرة منتظمة حول القبر.. كل جربوع بلونه الرمادى، يمضغ أطراف النباتات الندية أمامه ويلف ذيله الطويل خلفه مرتكزا على رجليه الخلفيتين ويفرك أصابع يديه القصيرتين على صدره بينما أذناه تتحركان لفرز كل صوت وكل همسة وكل تنهيدة تصدر من فوق القبر ومن جوانبه.
ينظر سنوسى للمخلوقات كأنه اعتاد وجود الخلق هكذا، أو هكذا ينبغى أن يكون. ينظر ويعود فيقاطع بوهلر متعجبا حيث بدا له أنها المرة الأولى التى يسمع فيها أن والده عمل فى معسكر الألمان. يقول له:
- "كيف يا بوهلر يا خوى تقول إن بوى اشتغل عندكم فى المعسكر؟.. المعسكر كان فى ارضنا.. ارض البلوزة هذى أرض عيت شفيع وأرض قبيلة الحصادين كلها.. كانوا يحرثوها كل سنة.. هو كان يحاربكم عشان هالارض.. وقتل منكم عساكر ما لهم حد ولا آخر، وكلهم مدفونين هنا معاك".
ينظر وهو يكلمه إلى السلسلة الحديدية المربوطة فى رجله والمغروسة فى الأرض تحت رخام القبر.. سلسة تبدو جديدة وتلمع تحت نور الوادى. يضحك الجندى، ولا يتوقف عند ملاحظات صاحبه الراعى ويستمر يحكى عن زيدان:
- "فى هذيك السنة يا سنوسى يا خوى.. جا زيدان يتوسل، وقال للهر فسترفيلة، يا هر فسترفيلة حربكم مع الانجليز خربت بيوتنا وارضنا وزرعنا وموتت غنمنا. وان كان نحن مضرورين لازم ننصروا واحد منكم عشان نخلصوا من هالحرب. وقال له الهر فسترفيلة، وأيش تريد يا ولد بيت عيت شفيع الغضيب؟.. إن كان عبد الكافى كبيركم طوى خيام النجع وخذ رجال قبيلة الحصادين وساب الهضبة وهجّ للقطارة.. أيش يمكن تدير انت؟. وهنا صرخ زيدان ناحية بوابة المعسكر، فجاء مية رجل من أبناء عمومته على خيولهم، وقال كل هذول الرجال فى خدمتكم يا سيادة الهر فسترفيلة.. أأمرنا نعمل مكان جنودكم فى المطابخ وفى تنظيف المعدات وفى خياطة خيام المعسكر المقطوعة، وهم، الجنود، يمشوا يحاربوا ويغيروا على الانجليز من ورا الهضبة. وبهذا نحن نزيد عددكم بعد ما رجالكم اللى بعثهم هتلر غرقوا فى البحر".
يقول بوهلر إن الكلام أعجب فسترفيلة، فاطمأن لزيدان، وفكر فى أن يستعين به وبأبناء عمومته من بيت شفيع فى استطلاع مواقع الانجليز خلف الهضبة جهة البحر وفى أماكن أبعد تصل حتى مشارف الإسكندرية.. وجعله كذلك آمرا على خدام المعسكر من أبناء قبيلة الحصادين الذين لم يكن لديهم استعداد للمغامرات الخطرة التى يطلبها الألمان.. يأتون على خيولهم فى الصباح الباكر وينتهون من عملهم عصرا، ويمضون إلى حيث يختفون فى الصحراء جنوبا.
لكن هذا لم يستمر طويلا. بدأت قطع السلاح الخفيفة تختفى من المعسكر الذى أصبح يعانى من نقص فى الوقود أيضا. لم يكن فى استطاعة آليات الهر فسترفيلة أن تتحرك بعيدا عن موقعها فى أرض البلوزة، بينما كان الإنجليز يدكون المعسكر ويقتربون من الإطباق على وحدات الألمان المنتشرة على طول القاطع الجنوبى غربا.
ومع صدور أوامر هتلر الصريحة بعدم الانسحاب انصب اهتمام الهر قائد المعسكر على حماية رجاله بزرع جميع الأراضى التى يمكن أن يأتى منها الإنجليز بالألغام..
وفى شهور الصيف الحارقة التى لا يطيقها فسترفيلة كانت أصوات المدفعية الإنجليزية ومن معهم من قوات استرالية وهندية لا تتوقف عن ضرب الألمان ومن جاء لنجدتهم من الإيطاليين.
يروى بوهلر أن الجنود الإيطاليين مذعورون بطبيعتهم ومتطيرون ويتوقعون الهزيمة فى الحرب. وهو ما حدث لفرقة سابراتا التى كانت متمركزة فى وادى الشين على بعد كيلومترات من رأس الهضبة. تفرق جنود تلك الفرقة بين قتلى وجرحى وأسرى تحت ضربات البريطانيين والاستراليين، وفر بعضهم حتى اختفوا جنوبا فى الصحراء ولم يرهم أحد بعد ذلك أبدا..
فى تلك الأيام التى أخذ فيها الضعف يدب فى أوساط جنود المحور، بدأت العلاقة تتوتر بين معسكر الهر فسترفيلة من جهة وزيدان ورجاله من جهة أخرى. صدرت أوامر الهر بتفتيش كل بدوى عند خروجه من بوابة المعسكر، بمن فيهم زيدان نفسه.
يقول بوهلر لصاحبه، وهما فى تلك الجلسة المنيرة على رخامة القبر فى قعر الوادى وسط النباتات والحيوانات المنصتة، إنه فى عصر يوم من الأيام كان القائد الألمانى متوترا بسبب هزائم الوحدات الإيطالية التى فشلت فى الصمود أمام الزحف البريطانى القادم من الإسكندرية، وبسبب نقص الإمدادات وبسبب سيطرة الإنجليز على جميع الموانئ البحرية بما فيها ميناء مرسى مطروح.. يضيف بوهلر أنه فى عصر ذلك اليوم رأى فسترفيلة زيدان يهم بركوب حصانه قرب بوابة المعسكر، ولم يكن قد التقى به منذ عدة أيام، فناداه فى لهجة تضمر الغضب وقلة الحيلة.. أخذ بوهلر يقلده وهو يواصل رواية ما حدث بين قائد المعسكر وزيدان:
- "أنت يا بدوى.. وقف.. انزل.. اريدك"...
ويواصل بوهلر قائلا:
- "طبعا نحن الألمان ما ننتظروا عشان يمتثل الناس لتنفيذ أوامرنا.. الأوامر لا بد تنفذ، فقام الجنود بتطويق زيدان ورموه من فوق حصانه على الأرض، وشدوه والتراب يتطاير من حواليه.. هيأوه واقفا أمام فسترفيلة. فقال له: انت تنقل معلومات عنا للإنجليز.. رجال مخابراتنا العسكرية شافوك مع جنود العدو وعرفوك وبلغونا.. انت تقابلهم فى جنينة الزيتون، هنا.. ومشيت لهم دون علمنا فى وادى الشين. قررنا إعدامك.. خذوه".
فى اليوم نفسه هجمت قبيلة الحصادين، يتقدمهم أبناء بيت شفيع، على المعسكر مستغلين انشغال الألمان بالاشتباك مع الانجليز والأستراليين ناحية البحر، وحرروا زيدان وقتلوا جنودا وسرقوا أسلحة.. منذ ذلك اليوم بدأت الحرب علانية بين معسكر الألمان فى أرض البلوزة ورجال الحصادين، حيث انضم لأبناء بيت شفيع متطوعون كثر قادمون من جنوب القطارة، من رجال بيت عبد الكافى وبيت إسماعيل..
يقول بوهلر:
- "من هذاك اليوم تجرأ البدو وهجموا على معسكراتنا هنا فى العلمين وفى الضبعة وحسمبك ومطروح وبرانى.. كان كل واحد من أبناء بيت شفيع يقود مجموعة من الحصادين فى الصحرا.. بعدها جت موجة كبيرة من هجوم الحلفاء من السما ومن البحر ومن البر من ناحية إسكندرية، وحاصرونا.. ضربوا شاحناتنا ومدافعنا ودباباتنا ونحن نجرى ونجرى ناحية المينا لكن المراكب ما جت.. ونحن ننتظر لكن ما جت".
وبدا وجه الجندى يخبو والسخام يزداد على جانبيه من أعلى ومن أسفل. وبعد قليل سأل فى يأس:
- "سمعت شى يا سنوسى يا خوى عن مراكب جايه ناحية العلمين عشان تاخذنا؟ ولا ما سمعت؟".