أصدرت منشورات القاسمى على هامش مشاركتها فى الدورة الثانية والثلاثين من معرض الشارقة الدولى للكتاب، ثلاثة من مؤلفات الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بلغة الماليالام التى ينطق بها معظم سكان الجنوب الغربى للهند، وتشمل الإصدارات الجديدة: رواية "الشيخ الأبيض"، وكتاب "بيان للمؤرخين الأماجد فى براءة ابن ماجد"، ورواية "الحقد الدفين".

وجاء إصدار المؤلفات بهذه اللغة التى ينطق بها نحو 38 مليون شخص فى العالم، يتركز معظمهم فى ولاية كيرالا بالهند، تلبية لرغبة عدد كبير من الأكاديميين والباحثين والقراء فى الجامعات ومراكز البحوث فى الهند والعالم، ممن ينطقون بهذه اللغة، ويرغبون بالتعرف على الكتابات التاريخية لحاكم الشارقة، التى تتميز باعتماد سموه على الوثائق التاريخية الموثقة بأقلام عربية وأجنبية، وتحرى الدقة فيما تتناوله هذه المصادر من أحداث.

وتتناول رواية "الشيخ الأبيض" التى أصدرها عام 1996، قصة حقيقية وقعت أحداثها فى بداية القرن التاسع عشر، وتحديداً منذ عام 1805، عندما وصل صبى أمريكى فى العاشرة من عمره يدعى جوهانس هيرمان بول، إلى الجزيرة العربية على متن السفينة "ايسكس" القادمة من مدينة سيلم فى الولايات المتحدة، وعاش فى ظفار عند الشيخ محمد بن عقيل، أحد السادة العلويين هناك، والتاجر المعروف فى البحر الأحمر، الذى تبناه وعلّمه اللغة العربية وعلوم البحار وأطلق عليه اسم عبد الله، وعندما كبر خلف والده "بالتبني" فى الحكم، وأصبح شيخاً فى محافظة ظفار، وكان معروفاً بالشجاعة والعدل والتواضع، حتى أطلق عليه الناس هناك لقب "الشيخ الأبيض".

ولكتابة هذه الرواية، لم يكتفِ حاكم الشارقة بما فى يديه من وثائق، بل زار مدينة سيلم فى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث شاهد المبانى القديمة للجزء المتبقى من المدينة التى تعتبر مسقط رأس جوهانس بول، وزار متحف "بيبودى" ومركز الوثائق "ايسكس" فى سيلم، أما فى الشرق فقد بحث عن أحفاد جوهانس بول فى ظفار، فعثر على عبد الخالق بن سالمين بن ربيع، حفيد عبد الله بن محمد بن عقيل، حيث أن والدته هى ابنة "الشيخ الأبيض"، وقد أنجبتها زوجته "بريكون" فى أواخر حياته.

أما كتاب "بيان للمؤرخين الأماجد فى براءة ابن ماجد" فصدر عام 2000، وسعى صاحب السمو حاكم الشارقة من خلاله إلى تصحيح مغالطة تاريخية تقول بأن أحمد بن ماجد، الملقب بـ"أسد البحر"، وعالم البحار المشهور الذى ولد فى النصف الثانى من القرن الخامس عشر الميلادى فى جلفار (رأس الخيمة حالياً)، هو من دل المستكشف البرتغالى فاسكو دا غاما، وسهّل له طريق الوصول إلى الهند من دون المرور على المياه العربية، فكان سبباً فى السيطرة عليها وزوال ملك المسلمين منها ثم احتلال القوى الاستعمارية الفرنسية والبريطانية بعد ذلك لها.

ورغبة من "القاسمى" فى دفع الشبهة عن هذه الشخصية التى ظلمها التاريخ المبنى على وجهة نظر عدائية، والصادر عن نية مبيتة فى التشويه، أصدر هذا الكتاب المستند على إثباتات علمية موثقة، أبرزها مخطوطة يوميات الرحلة الأولى لفاسكو دا غاما إلى الهند، وهى نسخة محفوظة فى المكتبة العامة فى مدينة أوبورتو البرتغالية، ومنها انطلق التحقيق فى "براءة ابن ماجد" مما لصق به من تهم بشأن إرشاد البرتغاليين إلى الهند، وهى قضية ظلت على مدى سنوات محور بحث عكف عليه المؤرخون والباحثون فاختلفوا واتفقوا وتفرقوا، إلى أن أثبت الكتاب "براءة" ابن ماجد مما لحق به من ظلم وافتراء.

فى حين تعالج السيرة التاريخية المعنونة "الحقد الدفين" والتى صدرت عام 2004، حقبة مهمة من تاريخ الإمارات، وتحديداً قصة نضال القواسم وأبناء الإمارات ضد القائد البرتغالى المستعمر ألفونسو البوكيرك. وتدور أحداثها حول قصة رجل حاقد يدعى "البوكيركي"، قاد الحروب الصليبية فى شمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، فى إشارة واضحة إلى الروح العدائية التى طبعت الحملات البرتغالية فى دول الشرق، وكان يحلم بتحويل مجرى نهر النيل من إثيوبيا إلى البحر الأحمر لتصبح مصر صحراء قاحلة.

وبتوالى أحداث السيرة تتبدى الأغراض الحاقدة لهذا الرجل أكثر فأكثر حين يتجه إلى مدن الساحل العربى للجزيرة العربية ثم هرمز على الخليج العربى فيقصف المدن ويدمرها ويقتل البشر، وسط إصرار السكان على المقاومة والتصدى للمستعمر، حتى رحيل "البوكيركي" إلى "جواء" فى الهند، حيث توفى ودفن هناك".

وتشكل هذه الإصدارات الثلاثة إضافة مهمة إلى المكتبة الماليالامية حول تاريخ المنطقة، التى طالما استهوت الباحثين فى الجامعات الهندية، وتمثل فى نفس الوقت نموذجاً للجهد الذى قام به صاحب السمو حاكم الشارقة فى استخدام التاريخ كأداة للدفاع عن تاريخ المنطقة، وكشف محاولات تشويه المجتمعات العربية والإسلامية، وصولاً إلى تأكيد هويتها الحضارية، وعراقها تاريخها الموغل فى القدم.