صدر حديثًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة، كتاب الناقد الدكتور جمال محمد عطا «تشكيل صورة الموت فى شعر أمل دنقل» فى 377 صفحة من القطع الوسط، والكتاب هو إضافة حقيقية لمكتبة الدراسات النقدية والمنشغلين على الحقل الجمالى، وأيضًا استكمال للجوانب الفنيِّة فى شعر أمل دنقل، من خلال تتبع ورصد لظاهرة الموت فى شعره بكافة تنويعاته؛ الموت الطبيعى / الكونى والموت الأيديولوجى. وقد رأى الناقد أن العدمية التى سيطرت على شعر أمل دنقل مبعثها الركام الثقافى الذى نهل منه أمل خاصة تلك الفلسفات الوجودية النيتشوية، فكان الموت بالنسبة للشاعر بمثابة الحياة والتحديق فيها. علاوة إلى عدم انفصال الشاعر عن واقعه المحيط، وما أحدثه من خللة فى المفاهيم بسبب الهزائم المتوالية، وسقوط الشعارات الزائفة وتقويض الأحلام. فقد كشف الشعور العدمى الذى بدأ منه أمل دنقل عن الجانب الآخر للحياة المناقضة ليجعل منه همزة الوصل فى معاودة الاتصال بمصادر الحياة المظلمة.
جاء الكتاب فى ثلاثة فصول، كان كل فصل بمثابة قراءة واعية لتراث أمل الشعرى وربطه بمنتجه الثقافى الذى كان عاملاً مهمًا فى إكساب شعر أمل هذا الزخم الشعرى، وجمال التشكيل, فجاء الفصل الأول بعنوان: مصادر تشكيل الموت فى شعر أمل دنقل، وناقش فيه روافد شعر أمل ومصادره المتنوعة ما بين مثيولوجيا فرعونية وبابلية ويونانية وعربية، وفلسفات غربية، وأدب شعبى، أما الفصل الثاني, فكان بمثابة وقوف حقيقى على (أنماط الموت وآليات مقاومته فى شعر أمل دنقل) وفيه كشف الناقد عن تعدُّد أنماط الموت وفى المقابل أظهر الآليات التى استخدمها أمل لمقاومته، كما تجلت بصورة واضحة فى ديوانه الأخير «أوراق الغرفة 8»، أما الفصل الأخير، فكان بمثابة اختبار للأدوات الفنية التى أسهمت فى إبراز صورة الموت جماليًا، ومنه انتهى إلى أن الأشكال الفنية من (المجاز / الإيقاع / الشكل الطباعى / اللغة) جاءت متوائمة مع القضايا الفكرية التى طرحها شعر أمل. وختم الناقد دراسته ببلوجرافيا تناول فيها أهم الأعمال التى تحدثت عن أمل، وفيها تجاوز الباحث ما أُعِدَّ سابقًا وخاصة التى كتبتها زوجة الشَّاعر عبلة الروينى.
الدراسة فى أصلها هى أطروحة الماجستير التى ناقشها الباحث فى كلية الآداب جامعة القاهرة(2003) تحت إشراف الأستاذ الدكتور سيد البحراوى والأستاذ الدكتور محمود رجب. وقد حصلت على جائزة عبد المحسن طه بدر التى تمنحها كلية الآداب لأفضل دراسة نقدية فى الأدب الحديث.
بقى أن نشير أن المؤلف حصل على جائزة الشارقة للإبداع فرع النقد فى عام 2009، عن دراسته (رحلة المعنى فى الشعر العربى من سلطة الشكل إلى مساءلة السلطة) كما سيصدر قريبًا له عن المجلس الأعلى للثقافة كتاب (الأيديولوجى والجمالى دراسة فى تشكيل المعنى وآليات القراءة)، ويأتى فى إطار قراءات الناقد التى تركز على الجمالى الذى ينتجه الشكل فى تعبيره عن المضمون، فى علاقة تبادلية مفادها أن ثراء المضامين ينتج أشكالاً ثرية.