تغول الولايات المتحدة الأمريكية وتقدمها الهائل فى تكنولوجيا المعلومات، شجعها على اختراق الخصوصيات فى الداخل والخارج والتنصت على أفراد شعبها وشخصيات بعينها فى شعوب تقع على الجانب الآخر من الأطلنطى، والتجسس علم له قواعده وأصوله التى تدرس، وينقسم إلى نوعين الداخلى منهما، والذى لا يتم إلا بأمر قضائى، والخارجى الذى تنظمه المواثيق والاتفاقيات الدولية المحددة لمعاييره وضرورات استخدامه.

قيام الولايات المتحدة الأمريكية بمراقبة جماعية على خصوصيات داخلية وخارجية، أثارت ذوبعة فى الشارع الأمريكى الذى تجمع فى مظاهرات أمام البيت الأبيض، رافضا ما وصفوه باختراق خصوصياتهم، مشيدًا بدور محلل المعلومات إدوارد سنودن الذى عمل فى وكالة الأمن القومى وسرب معلومات عن مراقبة الحكومة الأمريكية للهواتف عبر الإنترنت، وزعزعة الثقة بين الولايات المتحدة وحلفائها من الأوربيين بعد نشر العديد من وسائل الإعلام لملامح فضيحة الإدارة الأمريكية بانكشاف تجسسها على 35 زعيما حول العالم، من بينهم حلفاؤها من خلال رصد هواتفهم الخاصة.

الإعلام الألمانى مستمر فى نشر مزاعم بشأن تنصت الولايات المتحدة على هاتف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل منذ عام 2002، حسبما أفادت مجلة "دير شبيجل"، وحسمت ميركل هذا الأمر المثير للجدل برسالة حاسمة تلقاها الرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى حوصر من أقرب حلفائه، قائلة عن التجسس على بلدها أو حكومتها هو أمر غير مقبول، وجاء رد أوباما باردا ليؤكد شكوك القادة الأوربيين وشعوب أوروبا حول قيام وكالة الأمن القومى بالتجسس على هواتفها المحمولة عبر الإنترنت.

فيما الوقت ذاته، أعلن دبلوماسيون أمميون أن ألمانيا والبرازيل يعملان على استصدار قرار من الأمم المتحدة حول حماية الحريات الفردية فى غمرة المعلومات التى كشفت عن برنامج التجسس الدولى للولايات المتحدة، لكن القرار الذى سيرفع إلى لجنة حقوق الإنسان فى الجمعية العامة للأمم المتحدة لن يشير تحديدا إلى الولايات المتحدة، وتأمل الدولتان أن تشير المادة السابعة عشر فى القانون الحالى إلى موضوع الإنترنت، حيث إن تلك المادة تنص فقط على تعرض أى شخص لتدخل تعسفى أو غير قانونى فى حياته الخاصة وعائلته ومنزله أو بريده بما يمس كرامته أو سمعته.

وكانت المعلومات الأخيرة قد أشارت إلى تجسس الولايات المتحدة على المستشارة الألمانية ميركل والرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، وفى الوقت الذى اعترفت فيه مستشارة الرئيس الأمريكى للأمن الداخلى بأن عمليات المراقبة الأمريكية "التنصت" مشروعة مما دفع كل من فرنسا وألمانيا بإطلاق مبادرة مشتركة مدعومة من الدول الأوروبية، تستهدف وضع قواعد لمنع عمليات التجسس، وانضمت دول أخرى لهذه المبادرة حيث تم وصف ما كشفه سنودن حول تجسس أمريكا على حلفائها بأنه كان مفيدا، وأدى إلى مزيد من الفاعلية لأجهزة المخابرات ولمزيد من الحماية للحياة الخاصة للمواطنين.