أعلنت هيئة مراقبة السلوكيات المالية البريطانية (FCA) رسميا عن انضمامها إلى قائمة متزايدة من هيئات الرقابة الدولية التي تتولي التحقيق في بعض الاتهامات التي جرى تداولها مؤخرا بخصوص حدوث تلاعب في أسواق تجارة العملات. الهيئة البريطانية ذكرت في بيان مقتضب على موقعها الرسمي أنها تقوم بإجراء تحقيقات شاملة حول ما أثير مؤخرا عن وجود تلاعب في أسعار الصرف في سوق الفوركس.
الخيوط الأولي لهذه القضية تكشفت في تقرير نشرته وكالة بلومبرج الإخبارية في الثاني عشر من يونيو حزيران الماضي وذكرت خلاله أن FCA تجرى تحقيقات حول احتمالية حدوث تلاعب في أسعار صرف العملات من قبل بعض متداولي الفوركس.
السلطات السويسرية كانت قد أكدت في الرابع من أكتوبر تشرين أول الماضي إنها بصدد إجراء تحقيقات حول هذه المسألة. القضية المثارة قد توجه ضربة لمصداقية تجارة الفوركس خارج المقصورة والتي تحاول جاهدة المنافسة مع فئات الأصول الأخرى لتوطيد مكانتها كأحد الأدوات المالية القابلة للتداول بشكل نزيه وشفاف.
هيئة مراقبة السلوكيات المالية البريطانية أصدرت بيان اليوم ذكرت فيه :"يمكننا التأكيد أننا بصدد إجراء تحقيقات بالتوازي مع العديد من هيئات الرقابة الأخرى بخصوص عدد من الشركات المرتبطة بمجال تبادل العملات الأجنبية أو ما يعرف بسوق الفوركس. وفى هذا السياق فنحن نقوم بجمع المعلومات عبر مجموعة واسعة من المصادر بما في ذلك بعض المشاركين في السوق. ونؤكد على أن تحقيقاتنا لا تزال في مرحلة مبكرة وان الأمر سيستغرق بعض الوقت قبل تأكيد ما إذا كان قد حدث أي تلاعب يستلزم اتخاذ إجراءات قانونية حاسمة."
وتأتي هذه القضية بعد فترة من تورط بعض البنوك الكبرى فيما يسمي بفضيحة التلاعب بأسعار الليبور. الجناة المحتمل تورطهم في هذه القضية قد يواجهون بإجراءات قانونية قوية على اعتبار أن التلاعب المذكور سيكون على الأرجح قد تسبب في خسائر مالية كبيرة لعدد من عملاء البنوك.
هيئة الرقابة البريطانية أبدت تقديرها لحساسية القضية وأوضحت قائلة:"لن نقوم بالتعليق أكثر من ذلك على تحقيقاتنا الحالية."

التلاعب في أسعار الصرف من قبل الوكلاء يعتبر وفق كافة القوانين جريمة خطيرة وعادة ما تأخذ سلطات الرقابة المالية والتنظيمية هذا الأمر على محمل الجد. احد الأمثلة على ذلك كانت في يونيو حزيران من هذا العام حين ذكر موقع فوركس ماجنتيس لابحاث السوق في احد تقاريره أن سلطة النقد في سنغافورة اتهمت 133 متداول بالتلاعب في بعض المؤشرات المالية التي أثرت بشكل رئيسي على متداولي الفوركس. الأنشطة غير المعتادة تولد الشكوك وفقا للمعلومات التي أفصحت عليها بلومبرج فان الفترة الأخيرة ربما تكون قد شهدت ممارسة من هذا النوع على نطاق واسع, فخلال 20 دقيقة في احد أيام الجمعة من شهر يونيو حزيران الماضي ارتفعت قيمة الدولار الأمريكي أمام الدولار الكندي بنسبة 0.57% ما مثل اكبر حركة للزوج خلال الشهر, قبل أن يتراجع بعد اقل من ساعة مقلصا هذه المكاسب بنحو الثلثين. نفس السيناريو حدث أيضا قبل الساعة الرابعة مساءا في لندن خلال يوم التداول الأخير من هذا الشهر قبل أن يتبعه أيضا انعكاس سريع. بلومبرج أشارت إلى أن هذا النمط من التحركات المشبوهة ظهر لنحو 31 مرة على 14 زوج عملة خلال العامين الماضيين .

التأثير الضار والمكلف لمثل هذه السلوكيات يمكن تحديده بشكل عملي. جيمس كوكرين، مدير الدراسات الإحصائية لدى شركة انفيستمنت تكنولوجي جروب التي تتخذ من نيويورك مقرا لها علق على هذا الموضوع في مقابلة مع موقع فوركس ماجنتيس قائلا “يمكن أن تؤدي تشوهات بسيطة في أسعار صرف العملات الأجنبية إلى تحمل المستثمرون لتكلفة باهظة تصل إلى ملايين الدولارات في العام, هذه الخسائر تستقطع من عوائد المدخرين والمتقاعدين.“ وأضاف كوكرين والذي عمل سابقا كأحد مندوبي مبيعات الفوركس لدى دويتشه بنك وعمل أيضا في وقت سابق لدى طومسون رويترز” من الأمور التي تتجاهلها عادة كافة الهيئات التنظيمية هو أن نشهد تحول بعض المنتجات التي بدأت كأداة معيارية بسيطة إلى شيء كبير بشكل لا يصدق. عدد من الأمثلة التي وردت على لسان المتحدثين في هذا الصدد, هو انه إذا أراد مستثمر تحويل مليار دولار كندي (950 مليون دولار) إلى العملة الأمريكية في 28 يونيو حزيران فانه سوف يتلقي مبلغ يقل 5.4 مليون دولار عما كان يمكن الحصول عليه على منصة طومسون رويترز بدلا من سعر السوق الفورية بعشرين دقيقة قبل الرابعة مساءا -