قال الباحث الأثرى سامح الزهار المتخصص فى الآثار الإسلامية والقبطية، إن المصريين فى عهد الدولة الفاطمية (969-1171م) كانوا يطلقون على عيد الأضحى اسم "عيد النحر" نسبة إلى قيام المسلمين بذبح الأضاحى تيمنا بعتق سيدنا إسماعيل من الذبح عندما أوشك أبيه إبراهيم عليه السلام على ذبحه اختبارا من الله الذى أفداه بكبش عظيم.

وأضاف الزهار أمس الاثنين، أن المصريين اعتادوا على تناول "الفتة" مع لحوم الأضاحى خلال أيام العيد، وترجع أصل وجبة "الفتة" إلى مصر الفرعونية، حيث عرفها المصرى القديم، فقد وضع الخبز المقطع على مرق اللحوم واللبن، مشيراً إلى أن سبب تسميتها بـ"الفتة" يرجع إلى أنها تصنع من فتات الخبز.

وأوضح أن العيدية، التى تمنح للأطفال فى الأعياد، فهى ترجع للعصر المملوكى (1261-1517م)، وكانت تعرف بـ"الجامكية" وهى عبارة عن دنانير ذهبية وفضية كانت تصرف بأوامر سلطانية إلى الجنود خلال أيام العيد فتوضع فى إطباق خاصة مزينة ومزخرفة وبجانبها حلوى.

وأشار الزهار إلى أن الاحتفال بعيد الأضحى فى عهد الدولة الفاطمية كانت له طقوس ورسوم مميزة، فكان يبدأ منذ يوم الوقفة حيث يكون الغالبية من المسلمين صائمين وتبدأ شعائر الاحتفالات عقب أذان المغرب فتجمل الشوارع والطرقات وتعلق الزينة ويخرج الناس يهنئون أصدقائهم وجيرانهم وتوضع الأضاحى أمام المنازل وتجهز المناحر ويبتهل المبتهلون بتكبيرات العيد وحتى صلاة العيد فى الصباح.

ونوه إلى أنه بالنسبة لأول أيام عيد الأضحى فقد كان الخليفة يتجه إلى صلاة العيد وبعد الانتهاء منها يمتطى جواده المزين ويخرج فى موكب مهيب وهو يرتدى ملابس العيد الجديدة ذات اللون الأحمر ويخرج معه الوزير وأكابر الدولة والأساتذة المحنكون فيتجهون إلى "المنحر"، وهو دار النحر الخلافية، حيث تكون فرشت حافتها بأغطية حمراء يتقى بها الدم وكانت تقوم فى ركن خارجى من القصر.

وأكد أن الخليفة كان يشترك بنفسه فى إجراءات النحر، وقد جرت عادة الخليفة الفاطمى على نحر 31 أضحية أول ايام العيد ويحمل الجزارون كل بيده إناء مبسوطا يتلقى به دم الضحية، ثم تقدِم رؤوس الأضاحى إلى الخليفة واحدة فأخرى فيدنو منها وبيده حربة يمسك بها من الرأس ويمسك القاضى بأصل سنانها ويجعله فى عنق الدابة فيطعنها به الخليفة وتجر من بين يديه وهكذا حتى يأتى عليها جميعا وكلما نحر الخليفة رأسا جهر المؤذنون بالتكبير " الله أكبر".

وقال إنه فى اليوم الثانى ينظم نفس الموكب الخلافى إلى المنحر وينحر الخليفة 27 أضحية، وفى اليوم الثالث أيضا يخرج بنفس موكبه المهيب وينحر 23 أضحية، ويجرى توزيع لحم الأضحية خلال هذه الأيام الثلاثة على أرباب الرسوم فى أطباق خاصة للتبرك ويقوم بالتوزيع قاضى القضاة وداعى الدعاة ويخصص نقباء الدعوة وطلبة دار الحكمة (دار العلم) بقسط من اللحوم الموزعة.

وأضاف أنه عند انقضاء رسوم النحر يخلع الخليفة عند العودة إلى القصر على الوزير ثيابه الحمر ومنديلا ملوكيا بغير سمة، وفى موكب حافل من القصر ينطلق الوزير ويشق القاهرة حتى باب زويلة ثم يدخل من باب القنطرة إلى دار الوزارة وبذلك تنتهى رسوم النحر.