الوقت يقترب من النفاد، وبعد 48 ساعة سيتم الإعلان عن الحجم الحقيقى للمشكلة المالية الأمريكية التى يعانى منها حاليا، العالم، حيث يحبس الملايين أنفاسهم انتظارا ليوم 17 أكتوبر الحالى وهو الموعد الذى تم تحديده للاقتصاد الأمريكى، إما أن يحتفظ بكونه أكبر الاقتصاديات العالمية، أو أن ينهار وتدخل أمريكا ومختلف دول العالم أزمة اقتصادية جديدة، كما حدث فى عام 2008، هذا الموعد الذى حددته وزارة الخزانة الأمريكية موعدا لاستنفاذها تدابيرها المؤقتة، بشأن تبنى أو رفض موضوع رفع سقف الدين.

17 أكتوبر إما أن يسمح للاقتصاد الأمريكى بالخروج من عنق الزجاجة، أو أن تتخلى واشنطن عن السداد مسببة وضعا كارثيا للدول النامية التى ستدخل فى منحدر مالى حالى خاصة تلك الدول التى يرتبط اقتصادها ارتباطا مباشرا بالاقتصاد الأمريكى، فموضوع سقف الدين العام يعتبر مسألة دولية تمس اقتصاديات معظم الدول، ويبلغ حاليا 7,16 تريليون دولار، وهو قريب من حجم الناتج المحلى، إلا أنه لا يفى بتسديد الالتزامات المالية المترتبة على واشنطن، وبالتالى تتعرض للتخلف عن السداد إذا لم يتم رفع سقف الدين العام.

ورفع سقف الدين العام يواجه تصفية حسابات بين إدارة أوباما الديمقراطية وبين خصومه الجمهوريين وخاصة اعتراضهم على برنامج الرعاية الصحية أو ما يعرف بـ"أوباما كير" حيث وضع مجلس النواب الذى يسيطر عليه الجمهوريون الميزانية رهينة فى مقابل رفض إقرار برنامج الرعاية الصحية فى الموازنة الجديدة، حيث تعتبر هى سبب الأزمة الرئيسى، ونتيجة فشل الكونجرس فى إقرار الموازنة الجديدة توقفت جزء من نشاطات الحكومة الاتحادية.

واتهم الرئيس الأمريكى باراك اوباما خصومه الجمهوريين فى الكونجرس بشن حملة إيديولوجية تسببت بشلل جزئى لإدارات الدولة ورفض الجمهوريون فى مجلس النواب التصويت على ميزانية لا تلغى تمويل إصلاح الضمان الصحى الذى يعتبر أحد دعائم البرنامج الاجتماعى للرئيس أوباما.

تعطيل الدولة الفيدرالية للولايات المتحدة بسبب شلل ميزانيتها يضع الإدارة ألأمريكية على حافة الهاوية لما يعنيه من وقف عدد من مؤسسات الدولة، نتيجة لعجزها عن تمويل أنشطتها وصرف مرتبات لموظفى الدولة الذين توقف قطاع كبير منهم عن أداء عملهم فى إجازة غير مدفوعة الأجر، وهو ما سيضر بالاقتصاد الأمريكى بشكل كبير.

والشلل الذى بدأ فى أجهزة الدولة بالولايات المتحدة منذ اكثر من أسبوع جراء عدم توافق الكونجرس على قانون للموازنة هو الأول منذ 17 عاما، وأكد أوباما أن هذا الشلل كان يمكن تفاديه إذا سمح مجلس النواب بتمرير الموازنة، مؤكدا أنهم أصابوا الحكومة بالشلل باسم حملة إيديولوجية لمنع الأمريكيين من الحصول على العلاج بتكلفة معقولة.

ويسمح قانون التأمين الصحى الجديد الذى يتبناه أوباما بتغطية 46 مليون مواطن أمريكى بخدمة صحية مدعومة التكاليف وهو قانون يرفضه الجمهوريون، حيث يرون أنه عودة لنظام الاشتراكية، وأن له أضرارا على صورة أمريكا الرأس مالية وعلى الاستثمارات الأمريكية.

وتواجه الحكومة الأمريكية مأزقا كبيرا قد يؤدى بها إلى منحدر مالى وتسونامى اقتصادى يتيح بالاقتصاديات الصغيرة، والبديل هو إفلاس الحكومة الأمريكية، وهو ما لم يتحمله الاقتصاد العالمى، وإذا فشلت الحكومة الفيدرالية فى رفع سقف الدين فإن العالم سيواجه أزمة اقتصادية تزيد فى حدتها عن تلك التى حدثت فى سبتمبر عام 2008 والتى اعتبرت وقتئذ الأسوأ من نوعها منذ زمن الكساد الكبير فى عام 1929 حيث بدأت الأزمة أولا بالولايات المتحدة، ثم امتدت لدول العالم لتشمل الدول الأوروبية والأسيوية والخليجية وسائر الدول النامية.

وستلقى هذه الأزمة بظلالها على قيمة الدولار الأمريكى خاصة انه غير مغطى بالذهب منذ حرب الخليج ويؤدى ذلك إلى تخفيض التصنيف الائتمانى وفقدان ثقة العالم فى الاقتصاد الأمريكى كما سيكون له تأثير سلبى على البترول وستنخفض أسعاره، وبالتالى تتأثر إيرادات الدول العربية، نتيجة انخفاض سعر الدولار وسعر البترول.

وأكاديميا هناك 3 أسباب رئيسية لإفلاس الدولة الأول منها هو عدم قدرتها على دفع ديونها كليا أو جزئيا ويحدث ذلك فى نهاية سنوات طويلة من الاستدانة والعجز فى الميزانية وهو ما ينطبق على حال أمريكا إذا عجزت عن إقرار الموازنة، والثانى يتمثل فى تعاظم الديون أو انخفاض الضرائب، بسبب البطالة أو تشريع قوانين جديدة تخيف الأسواق المالية، فتنسحب رؤوس الأموال أو انهيار الدولة بسبب خسارتها فى الحرب أو انقسامها إلى عدة دول، أو تغير الحكومة كما فى حالات الثورات.