النتائج 1 إلى 1 من 1
الموضوع: رواية المتاهة الرمادية .
- 04-10-2013, 11:48 PM #1
رواية المتاهة الرمادية .
رواية المتاهة الرمادية .تسلط الرواية الضوء على ظاهرة تتعلق بالتركيب النفسي الإنساني و هي السبب في كثير من المشكلات و المصائب و ربما الحروب.الا و هي ( إغلاق الواقع ) .و يقصد بهذا المصطلح ان الأنسان يدرك جزء معين فقط من الواقع او الموقف الذي يتعرض له و لا يرى بقية عناصر الواقع او مكوناته , و بعبارة اخرى ان الانسان يرى الحياة بمنظور معين لا يستطيع ادراك الواقع خارج اطاره .و لو بحثنا في اسباب ذلك لوجدنا عدة امور منها :اولا تركيب و طبيعة العقل الانساني :عقل الأنسان لا يمكنه التركيز في اكثر من امر في وقت واحد , فالعقل البشري مصمم كي يدرك معطيات لا تزيد عن السبعة و يقوم بتجاهل الباقي , فعلى سبيل المثال و انا اكتب هذه السطور هناك عدة اشارات تصل الى اجهزة الأحساس لدي لكن عقلي يقوم بتجاهل اكثرها و لا استطيع ادراكها الا عندما اركز عليها , فأنا الان اقوم بالتركيز على ما يعرض لي في الشاشة و افكر في انتقاء الكلمات التي اكتبها , هناك احاسيس لا ألاحظها الا عندما احاول التركيز عليها فعلى سبيل المثال :هناك الم اسفل ظهري نتيجة للجلوس المتواصل على الكمبيوتر ,احساس ضغط جسدي على الكرسي , هناك نسمة هواء تنساب من باب الغرفة المفتوح جزئيا, مروحة الكمبيوتر تصدر صوت خافت, رائحة كعك قادمة من المطبخ, صوت السيارات في الخارج . هناك هاتف يرن في الغرفة المجاورة .كل هذه الأحساسات يقوم العقل بتجاهلها لينقل لي الإحساسات التي اركز عليها او الإحساسات القوية او المزعجة – كصوت اخي الذي يتحدث في الهاتف هذه اللحظة .ثانيا خدع الدفاع النفسي :يساهم العقل الباطن بشكل كبير في مسألة ( إغلاق الواقع ) و ذلك عن طريق خدع الدفاع النفسي. لكن لنقم اولا بتعريف خدع الدفاع النفسي :عمليات لاشعورية ترمي إلى تخفيف التوتر النفسي المؤلم وحالات الضيق و القلق التي تنشأ عن استمرار حالة الإحباط مدة طويلة بسبب عجز المرء عن التغلب على العوائق التي تعترض إشباع دوافعه.
و اكثر حيل الدفاع النفسي استخداما الإنكار و التبرير.فمثال الإنكار: طفلة توفي والدها لكنها تنكر ذلك و تعيش على يقين ان والدها ما يزال حيا ..و مثال التبرير: ان يبرر شخصا فشله في الإقلاع عن التدخين بأنه يتعرض لضغوط شديدة في العمل مما يجبره على التدخين.و في حديثنا عن حيل الدفاع النفسي يجب ان نؤكد على حقيقتين :أنها تعمل بطريقة لا شعورية فلا يدرك الإنسان حدوثها بل يعتقد انها امر طبيعي و التصرف السليم لهذا الموقف.أنها تشوه الواقع وتزيفه و تقلب الحقائق مما يجعلنا لا نرى الواقع كما هو بل ما يمليه علينا هذا التشويه .و هذا التشويه للأسف تنبني عليه آرائنا و أحكامنا بل و تصرفاتنا مع الآخرين و التي لا تتناسب في كثير من الأحيان مع الواقع و الحقيقة لكننا مؤمنين تمام الأيمان انها صحيحة و اننا على حق. و من ناحية اخرى يرى الآخرين انهم على حق لأنهم ايضا تحت تأثير تشوية و تزييف ( الا شعور ). و من هنا يتضح ان المشكلات الكبرى و التي تبدو بدون حل إطلاقا في كثير من الأحيان سببها بسيط و هو ان كل طرف ينظر الى المشكلة من زاويته الخاصة فيؤمن إيمان جازم بأنه على حق .و مفهوم ( إغلاق الواقع ) يقودنا أيضا الى تفسير نوع معين من الجرائم , و هي ( الجرائم النبيلة ), اناس مدفوعين بنية خالصة و هدف نبيل لكنهم يرتكبون ابشع الجرائم في طريقهم الى أهدافهم السامية - تحت مبدأ ( الغاية النبيلة تبرر الوسيلة) , و قد جسد الكاتب هذا النوع من البشر في شخصية الجنرال هايروكي , و الذي دفعه حبه لبلاده و دفاعه عن شعبه بأن يقوم بقتل كل من يظن مجرد ظن انه يتعامل مع العدو كما انه كان مجرما سفاحا في معاركه ..و هو في كل ذلك يؤمن كل الأيمان ان ما دامت نواياه نبيلة و نيته خالصة فكل ما يفعله في سبيلها لا يهم ,, و مهما فعل سيبقى ابد الدهر يرى نفسه ذلك النبيل صاحب المبادئ الذي يسرق كي يطعم الفقراء .