توجد فقط فى نيوزيلندا أشجار الكاورى دائمة الخضرة وهى أحد أكبر أشجار الغابات المطيرة على سطح الأرض، وهذه الأشجار العملاقة كانت يوما تغطى مناطق شاسعة من جزيرة "نورث آيلاند"، ولكن كنتيجة لإزالة الغابات على نطاق واسع خلال القرن العشرين تبقى منها القليل فقط. وتغرب الشمس رويدا رويدا أومابير، وهى مستوطنة صغيرة شاطئ البحر عند مدخل ميناء هوكيانجا هاربور التاريخى حيث اجتمعت مجموعة صغيرة من السياح للقيام بجولة سير ليلية فريدة لمشاهدة تاين ماهوتا وهى أكبر شجرة كاورى يعرف أنها باقية فى عصرنا هذا.

يوقف المرشد بيل ماثيوس السيارة بعد قيادتها لدقائق قليلة على طول طريق ستيت هاى واى 12 الذى يكتظ نهارا بالسياح المتجهين إلى تاين ماهوتا فى غابة وايبوا ولكن الطريق الآن هادئ وغير مزدحم على نحو مستغرب.

وأشعة القمر فقط هى التى تخترق الأشجار المتشابكة لتضئ أرض الغابة بينما صوت الطائر الغريب يكسر الصمت التام.

وفجأة، يرفع بيل صوته متوسلا إلى إله الغابات أن يحمى مجموعة السائحين.

ويقول: "لأشجار الكاورى أهمية روحية كبيرة لنا نحن الماوريون (السكان الأصليون لنيوزيلندا). نعتبر الأشجار الأب المؤسس لكل أنواع الحياة ونحن نكن كل الاحترام للطبيعة ". وما أن يقطع بيل خطوة حتى يلقى الضوء على بعض جمال الطبيعة.

ويقول: " الجميع على دراية بالسرخس الفضى. وعلى أى حال هو النبات الوطنى لنيوزيلندا "، وهو ممسك بورقة مبللة متلألئة.

ويتابع " يوجد على الأفرع وميض فضى من الأسفل وهو لما يطلق عليها اسم السرخس الفضى ".

وفجأة، تظهر تاين ماهوتا- أو إله الغابة كما يعرف أيضا- سامقة فوق مجموعة السياح حيث يبلغ ارتفاعها 51 مترا.

ويوضح بيل: " يبلغ قطر تاين ماهوتا 8ر13 مترا وتشغل مساحة 244 مترا مربعا. ويقدر انها ترجع إلى أكثر من ألفى عام لذا فعمرها تقريبايعود إلى ميلاد السيد المسيح ". ? وكانت تاين ماهوتا قوية وضخمة بالفعل عندما اكتشف القبطان توماس كوك نورث آيلاند فى عام 1769. واستخدم المستكشف خشب الكاورى المستقيم والمتين لإصلاح أجزاء من قاربه، وتوافد المزيد والمزيد من صناع السفن لان جذوع الشجر تلائم على نحو مثالى سفن الابحار ولكن الخشب الحبيبى استخدم أيضا فى صناعة الأثاث.

ولم تعان الأشجار على يد الحطابين فحسب، ولكنها صارت أيضا ضحية لما يطلق عليه الحفر بحثا عن صمغ الكاورى وهو صمغ أحفورى يستخدم على الأغلب للطلاء باهظ الثمن قبل تطوير بدائل اصطناعية.

وعلى الصعيد الأخر، استخدم الماوريون الصمغ لتلوين أوشامهم وكذلك كنوع من العلكة التى كان يتم تمريرها من فم إلى آخر.

ويوضح بيل: " يتم العثور على أغلب الصمغ فى شبكة الجذور للأشجار الميتة ويتم استخراجها بالحفر بعناية. وفيما بعد يجرى نزع اللحاء من على جذوع الأشجار الحية التى تنزف بشكل كامل الصمغ وبالتالى تموت".